الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات الأردنية… هل «تكشر» فعلا ؟

تناضل الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات في الاردن للصمود قدر الامكان في موقع النزاهة والاستقلالية الادارية على امل انقاذ ما يمكنها انقاذه من سمعة ومصداقية انتخابات يقال انها مهمة جدا وتنطوي على تأثيرات سياسية يترقبها الجميع.
تضطر الهيئة لإعادة بناء صورتها لإظهار تكشيرتها بين الحين والآخر في وجه الادارة البيروقراطية وبقية المؤسسات في الدولة سواء تلك التي لا تظهر قدرا من التعاون مع الهيئة ومتطلباتها او تلك التي تعتبر الهيئة مجرد مولود جديد ينبغي تعليمه اولا ووضعه على سكة المألوف داخل الدولة عندما يتعلق الامر بملف الانتخابات.
يغضب رئيس الهيئة اليساري الدكتور خالد الكلالدة كثيرين بهذا المعنى.
ويحاول البعض جر الهيئة الى منسوب الدفاع والتبرير واتهامها مسبقا او حتى اخضاعها وتقليم أظفارها بين الحين والآخر رغم ان البند الاول في خطاب التكليف الملكي لحكومة الرئيس الدكتور هاني الملقي له صلة مباشرة بدعم واسناد الهيئة وبصورة حصرية وتوفير السبل الممكنة امام انتخابات نزيهة.
نسمع من الاصدقاء في الهيئة شرحا يحتاجه الجمهور لسلسلة منظومة النزاهة التي تتعلق بإجراءات الانتخابات فعملية التصويت ستتم بحضور المراقبين الاجانب والمحليين والاعلام وبنطاق جديد من الترتيبات المكانية.
اوراق الانتخاب ستتلى امام الجميع وستوثق بمحاضر ورقية لأول مرة يوقع عليها المندوبون وهو اجراء سبق ان طالبت به جماعة الاخوان المسلمين واعتبرته خطوة ايجابية في اظهار شفافية ونزاهة العملية الانتخابية.
ورقة الاقتراع ستتلى من قبل رئيس لجنة الاقتراع امام كل صندوق وستكون واضحة لجميع الموجودين في القاعة عبر كاميرا مع شاشات مخصصة للتوثق من الاسم الذي يقرأه المعنى.
الاجراء الاخير هدفه الرد على من يقولون بان التزوير والعبث يبدأ من عند الشخص الذي يقرأ الاوراق حيث يتلى اسم المرشح المفضل للجهة التي تأمر بالتزوير والاجراء الجديد يعالج هذه الضمانة لأن الكاميرات يفترض ان تكشف الاسم للمندوبين والمراقبين في القاعة بحيث يصبح التزوير او العبث بالأسماء مخاطرة كبرى.
المحاضر التي تعتمدها المحكمة في الطعن ستكون تلك الورقية وليس الالكترونية وكل ناخب سيغمس اصبعه في حبر لا يزول قبل 48 ساعة وعدد الاوراق المسجلة او البيضاء او التي يتم اتلافها ستودع بالصناديق وفقا لكشف يوقع عليه المرشحون انفسهم ثم تودع الصناديق برمتها في مقرات الهيئة المستقلة وسط حراسة امنية وبموجب نظام للتسليم والعد والاحصاء. تلتزم الهيئة حسب الشروحات التي تقدمها للرأي العام بمنع التصويت الأمي وبشطب اي ورقة اقتراع فيها مفتاح للدلالة على امل مواجهة المال السياسي كما تلتزم بالتصويت للقوائم بناء على دفتر ورقي وليس ورقة واحدة وبان لا تسمح باي ناخب بتكرار صوته في اي مكان آخر في المملكة.
تسعى الهيئة ايضا لأقصى اجراءات نزاهة في الفرز والمراجعة والاحصاء على أمل ان تظهر اهتمامها بسمعة العملية الانتخابية وباستقلاليتها الفعلية وهو أمر قد ينجز اجرائيا لكنه من الصعب انجازه سياسيا في تغيير قناعات الناس خصوصا بعد الارتباك الذي ينتجه نظام القوائم النسبية على اساس الدائرة الانتخابية والذي يصفه سياسيون كبار بانه نظام القوائم الوهمية.
القانون الانتخابي لا زال منتجا للإرباك والاحباط والشارع يمتنع عن تصديق رواية نزاهة الانتخابات ليس فقط بسبب العبث فيها وتزويرها في الماضي لكن بسبب الاداء البائس لسلطة مجلس النواب والبرلمان والسمعة السيئة لممثلي الشعب ودورهم السلبي بالنسبة لغالبية المواطنين.
يعتبر العالمون ببواطن الامور ان تحييد البرمجة الالكترونية ووضع آلية جديدة لتلاوة ورقة الاقتراع من العناصر الاساسية التي تضمن النزاهة.
لكن لا توجد قرائن ولا ادلة حتى الآن على ان الهيئة المستقلة للانتخابات قادرة فعلا على السيطرة على ما يجري في غرف العمليات وان كانت تجتهد اليوم لصالح منطق يفترض بان القيود ستكون معقدة وكبيرة على اي جهة نافذة تحاول العبث في الانتخابات وبأن اي عملية عبث او تلاعب عابرة للهيئة نفسها وأقوى منها ينبغي ان تكون خشنة ومباشرة ومكلفة جدا على اي جهة تحاول التدخل وبصورة يستحيل معها اتهام الهيئة المستقلة.
يعني ذلك ان ما تحاول فعله هيئة الانتخابات هو خلق حزام محكم من التفاصيل الاجرائية يدلل على النزاهة وبصورة تجعله يدلل ايضا وبوضوح على اي جهة تتدخل بطريقة تؤذي الهيئة واجراءاتها وهو مشهد جديد بصرف النظر عن قناعاتنا بمستوى مصداقية الانتخابات التي لا ينبغي بكل الاحوال التشكيك فيها او بنتائجها قبل حصولها وبدون ادلة وبراهين لأن ذلك ينطوي على نوع من العبث والسلبية.
رغم كل الاجراءات لازالت الصورة قاتمة وسلبية عندما يتعلق الامر بمصداقية العملية الانتخابية في وجدان الجمهور او عندما يتعلق بقناعة المواطنين الموثوقة بان هذه الانتخابات لن تشهد عبثا.
سبق لمراكز الثقل بالقرار ان تعهدت بنزاهة الانتخابات في الماضي وتم العبث بها.. يعني ذلك ان الهيئة المستقلة مهما فعلت او اجتهدت بخصوص انتخابات 2016 قد تنجح في افضل الاحوال باستعادة ولو جزء من مصداقية الوجبة المقبلة انتخابيا كما يعني ان دوائر القرار عليها ان تضمن برأيي الشخصي على الاقل ثلاثة انتخابات نزيهة مستقبلا حتى يقتنع الناس بان الذهنية تغيرت وحتى نسأل جميعا :هل تكشر فعلا الهيئة؟.

٭ اعلامي اردني من اسرة «القدس العربي»

الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات الأردنية… هل «تكشر» فعلا ؟

بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية