دمشق ـ «القدس العربي» رغم البياض الشاسع الذي بات يطغى على المشهد ودرجات الحرارة المنخفضة جدا، يجتمع بعض الأطفال وأسنانهم تصطك بردا لجمع ما يستطيعون من الورق المقوى و «الكراتين» من الطرقات والمحلات علهم يحظون عند إشعالها بقليل من الدفء الكافي، لإبعاد الصقيع عن أناملهم الغضة.
مشهد بات يتكرر بين اللاجئين في بلدات غوطة دمشق الغربية مع استمرار العاصفة الثلجية وازدياد شدة الرياح وانخفاض درجات الحرارة لما دون درجة الصفر لاسيما أن أغلب اللاجئين لبلدات الغوطة الغربية كبلدة زاكية ومدينة الكسوة يقطنون في منازل غير مهيئة للسكن ما يزال بعضها قيد الاكساء، ما يضيف فصلا جديدا لمعاناتهم التي بدأت بالنزوح عنوانه البرد القارس.
ويوضح أبو مجاهد الدمشقي عضو المكتب الإعلامي الموحد في الغوطة الغربية لـ «القـــدس العربي»، أنه وبسبب الأعداد الكبيرة للاجئين التي تبلغ حوالي 500 ألف لاجئ في مدينة الكسوة وحدها و30 ألفا في بلدة زاكية المجاورة، فإن أغلـــب اللاجئين يسكنون في المدارس أو البيوت غير المؤهلة للسكن بكثافة تصل حـــد أن تتشـــارك ثلاث عائلات لغرفة واحدة في بعض الأحيان، حيث يلجأون لإغلاق فتحات النوافذ بالأقمشة أو ألواح الخشب في بعــــض الحالات لتــدرئ عنهم القليل من البرد.
من جهة أخرى، فإن قلة وسائل التدفئة المتاحة تعد سببا رئيسيا في تردي أوضاع اللاجئين، فمع انعدام الوقود اللازم للمدافئ وانقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة، وارتفاع أسعار الحطب يلجأ السكان للبحث عن الدفء بين طيات الأغطية المتوفرة لديهم أو بإشعال الورق المقوى وبعض الاخشاب رغم تسرب مياه الثلوج لداخل الغرف في بعض مراكز الإيواء.
ويضيف المصدر أن العديـــد من الجمعيات الخيرية كجمعية الخيرة ومنظمة الهلال الأحمر تعمل على إيصال المساعدات التي تتضمن سلالا غذائية وبعض الأدوية ومستلزمات الأطفال والفرش الاسفنجية للاجئين في خطوة لتأمين المستلزمات الأساسية لهم، ورغم ذلك تمنع القوات النظامية هذه الجمعيات من إدخال المساعدات لبعض البلدات كزاكية التي زاد ذلك من صعوبة الوضع للاجئين فيها.
وتمنع الحواجز النـــظامية إدخــــال وقود التدفئة ومواد البناء وحتى الأدوية الأمر الذي سبب صعوبة في عمل المركز الطبي في البلدة بسبب النقــص الحاد في الأدوية.
ويؤكد «أبو مجاهد» أن معاناة الأطفال هي الأكبر حيث أن أجسادهم الغضة لا تستطيع احتمال هذا البرد خاصة أولئك المهجرين الذين يسعون لمساعدة عائلاتهم رغم صغر أعمارهم وقلة الملابس الشتوية لديهم، «فلا شيء يبكي القلب كمشهد أطفال يتشاجرون فيما بينهم من يجلس بجانب النار التي أوقدوها داخل علبة صفيح في غرفتهم التي تتشارك فيها عائلتهم مع عائلة أخرى».
وبات الكثير من المزارعين في بلدات الغوطة الغربية التي تشتهر بكونها بلدات زراعية يتخوفون من استمرار موجات البرد والصقيع التي باتت تؤثر على محاصيلهم الزراعية بشكل كبير، ما يرجح استمرار ارتفاع الأسعار مع زيادة الخسائر في المحاصيل والتضييق الأمني الشديد الذي تفرضه القوات النظامية على الطرق بين البلدات وبين العاصمة دمشق.
بسمة يوسف