القاهرة ـ «القدس العربي» ـ ثلاثة أخبار في الصحف المصرية أمس الاثنين 21 سبتمبر/أيلول، لفتت انتباه الأغلبية، أولها قرار الحكومة بأن تكون إجازة عيد الأضحى خمسة أيام بدلا من ثلاثة أيام، تبدأ من غد الأربعاء وتنتهي الأحد، وهو ما أثار البهجة والسرور.
والخبر الثاني ما قاله الرئيس السيسي في اجتماعه مع رئيس الوزراء ووزراء المجموعة الاقتصادية، ورغم كثرة مطالبه منهم ليحققوها، إلا أن أهمها كان توفير مستلزمات عيد الأضحى والسلع الغذائية والوقود والأدوية. وبالفعل تقوم سيارات الجيش بالمرور في المناطق الشعبية لبيع اللحوم بسعر أربعين جنيها للكيلوغرام الواحد، وبالسعر نفسه يتم بيعه في الأكشاك، وكذلك المجمعات الاستهلاكية لوزارة التموين، وتوافر وسائل المواصلات والقطارات خصوصا.
أما الموضوع الثالث فهو مباراة الأهلي والزمالك على بطولة الكأس مساء الاثنين أمس، التي ستجبر الجميع على البقاء في المنازل أو المقاهي والأندية لمتابعتها، وفي ما عدا ذلك فإن امتلاء الصحف بتصريحات الوزراء الجدد عما سيقومون به لحل المشاكل، وكذلك ما ينشر عن أخبار تحركات الأحزاب والأفراد استعداد لانتخابات مجلس النواب، لم تجتذب الكثير من الاهتمام، وحتى متابعة العمليات ضد الإرهابيين في شمال سيناء وبعض العمليات التي قاموا بها في شارع أحمد عرابي في محافظة الجيزة لم تجتذب اهتماما يذكر. وإلى بعض مما عندنا….
سناء السعيد: المطلوب من مصر التواصل مع إيران
ونبدأ بالمعارك والردود المتنوعة التي يضرب أصحابها في كل اتجاه لا يلوون على شيء، وبدأتها زميلتنا الجميلة والرقيقة سناء السعيد في «وفد» الاثنين قبل الماضي مطالبة مصر بأن تستعيد علاقاتها كاملة مع إيران بقولها: «آن الأوان لأن تعيد مصر إلى الواجهة علاقاتها مع إيران بعيداً عن نزعة التشكيك في المذاهب، التي دأبت المنطقة العربية على تصديرها، لتجري بسببها شيطنة إيران واستعداء الجميع ضدها لاعتناقها مذهب الشيعة، بينما نجد أن إيران على النقيض، فلم يحدث أن تحدثت بنبرة المشكك في السنة، واتباع المذهب السني، فالجميع مسلمون. ولنا في فضيلة الإمام الأكبر محمود شلتوت خير قدوة، عندما ركز جهده في التقريب بين المذاهب من منطلق أن الإسلام يضم المذهبين، وبالتالي فلا مصلحة البتة في أن نقيم الحواجز بينهما، ونشعل نار الفتنة بين أتباعهما. اليوم بات مطلوباً من مصر التواصل مع إيران من أجل عودة العلاقات الدافئة، لاسيما وأن دول الخليج ترتبط بعلاقات وثيقة معها، على الرغم من أنها قد اعتادت أن تشكك في المذهب الشيعي وتتوجس من تحركات إيران في المنطقة. وتعد دولة الإمارات خير مثال على ذلك ويكفى أنها تقيم أقوى علاقات تجارية مع طهران».
البرلمان المقبل كارثي
ويوم الأحد الماضي نقلنا زميلنا وصديقنا عماد الدين حسين رئيس تحرير لـ«الشروق» إلى معركة مختلفة هي: «لو كنت مكان الرئيس عبدالفتاح السيسي وكل أجهزة الدولة، لقلقت كثيرا لوجود احتمال أن يكون البرلمان المقبل صوتا واحدا فقط، ومؤيدا للرئيس بأكثر مما ينبغي، أو معارضا للرئيس بأكثر مما ينبغي! سوف يسأل سائل: وهل تأييد كل أعضاء البرلمان للرئيس شيء خطأ ومقلق؟ نعم هو كذلك، وعلى من يتشكك أن يعود لتجربة انتخابات 2010 التي أدارها أحمد عز وجمال مبارك وحبيب العادلي، وكانت سببا جوهريا في انهيار البنيان بأكمله. المشكلة الآن أن كثيرين للأسف لا يلتفتون إلى خطورة أن يتحول برلمان 2015 إلى نسخة من برلمان 2010 وهو أمر إذا حدث ــ لا قدر الله ــ سيكون كارثيا. وبالتالي وبدلا من أن نلتفت إلى حدوث مثل هذا الاحتمال وكيف نتعامل معه حال حدوثه، فإن أصواتا كثيرة ترتفع الآن في الفضاء السياسي تبدي قلقها من البرلمان المقبل. يقولون إنه قد يعرقل خطوات الرئيس السيسي، وأن صلاحيات البرلمان الكثيرة جدا مقارنة بصلاحيات الرئيس، ستكون سببا في تعويق انطلاق مصر إلى الأمام، وبالتالي وجب تعديل الدستور في أقرب فرصة ممكنة، لمعالجة المواد المعطلة للانطلاق… علينا أن نتذكر مرة أخرى تجربة 2010 التي اعتقد أصحابها أنها نصر حاسم، ثم اكتشفوا بعد فوات الأوان أنها كارثة ونذير شؤم. كنت أتمنى أن تبذل كل أجهزة الدولة جهدا من أجل ضمان مشاركة كل قوى معسكر 30 يونيو/حزيران وضمان تمثيلها في البرلمان المقبل، بدلا من «تطفيشها» ودفعها خارج البرلمان، وهو أمر مزعج كثيرا ليس فقط للمبعدين بل للدولة بأكملها. هناك اختراع اسمه الهندسة الانتخابية».
هل ستعود مصر للحكم الديكتاتوري؟
وفي يوم الأحد نفسه دخل زميلنا في «المساء» رئيس تحريرها الأسبق محمد فودة، وهو غير فودة المقبوض عليه في قضية وزير الزراعة صلاح هلال. فودة «المساء» قال: «لا نريد لمصر أن تعود مرة أخرى إلى الحكم الديكتاتوري.. يكفينا ما عاناه الشعب منذ ثورة 1952 حتى 30 يونيو 2013 من نظام ديكتاتوري متسلط.. صحيح أن بعض الرؤساء الذين حكمونا طوال تلك الفترة كانت لهم محاسن كبيرة عادت على الشعب.. وأولهم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي انحاز كلية للفقراء والمعدمين ضد الإقطاعيين.. لكنه رغم ذلك حكم مصر من خلال صوت واحد.. هو صوت عبد الناصر نفسه. رغم المجالس النيابية التي جاءت بنتائج وصلت إلى أكثر من 90 في المئة. والاستفتاءات التي جرت على شخص الرئيس بنتيجة وصلت إلى ما يقرب من 100 في المئة، رغم أننا كنا مبهورين بشخصية الزعيم ولم يتنازل الرئيس الراحل أنور السادات عن السير على خطى عبد الناصر.. لكن حرب 1973 التي خاضها بشجاعة وحقق فيها انتصاراً على جيش العدو الإسرائيلي غفرت له ديكتاتوريته. مبارك أبهرته السلطة فامتدت رئاسته لمصر خمس فترات كانت أطول فترة حكم فيها رئيس لمصر بنظام ديكتاتوري، حتى قامت ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 وأعلن تخليه عن الحكم.. وجاء بعده الرئيس الأسبق محمد مرسي ليخنق مصر باسم جماعة الإخوان، حتى ثار عليه الشعب واليوم هناك من فسر تصريح الرئيس عبد الفتاح السيسي بـ«أن الدستور وضع بنوايا حسنة والدول لا تعيش بالنوايا الحسنة»، وقالوا إنه يلمح لإعادة النظر في بعض المواد الموجودة في الدستور.
وانبرى السياسيون في مصر بين مؤيد لهذا التعديل وبين رافض له.. وأنا لست مع هذا أو ذاك.. فربما تكون هناك مادة أو اثنتان يمكن تعديلهما بما يتلاءم مع مصلحة مصر.. لكن ضد الرأي القائل بالمطالبة بتعديل المادة الخاصة بفترة حكم الرئيس لتصبح 6 سنوات بدلاً من أربعة».
ماذا يقعد الحكومة عن ملاحقة أولئك الفاسدين؟
ونغادر «المساء» إلى «أهرام» يوم الأحد نفسه، حيث عثرنا على زميلة جميلة هي سلوى العنتري اتجهت بنا إلى معركة أخرى: «إذا كانت الدولة جادة في محاربة الفساد فلماذا لم تقم حتى الآن بتحريك الدعاوى الجنائية ضد المسؤولين السابقين الذين أبرموا عقود بيع شركات القطاع العام، بعد أن صدرت أحكام القضاء النهائية تؤكد فساد تلك العقود، وتقضي ببطلان البيع؟ أطراف تلك العقود الفاسدة من رؤساء وزارات ووزراء ورؤساء شركات قابضة، معروفون وأسماؤهم مثبتة في أوراق القضايا. والمفروض أن قاعدة البيانات المتوافرة لدى وحدة مكافحة غسل الأموال الموجودة في مقر البنك المركزي المصري تتضمن تفاصيل تحركات حسابات هؤلاء المسؤولين وتحويلاتهم وقروضهم والاعتمادات المستندية لوارداتهم. والمفروض أيضا أن لدينا اتفاقيات لتبادل المعلومات بين وحدات التحريات المالية مع 16 دولة عربية وأجنبية. ماذا يقعد الحكومة إذن عن ملاحقة أولئك الفاسدين، واستعادة أموالنا المنهوبة؟ الواضح أن مواجهة الفساد وملاحقته يجب أن تكون معركة الشعب التي يخوضها بنفسه لتفعيل القوانين والتشريعات والأجهزة الرقابية القائمة بالفعل، لمحاصرة الفساد وملاحقة الفاسدين واسترداد أموال الشعب المنهوبة. وإذا كانت نقطة البدء في مكافحة الفساد تتمثل في كشف ممارساته وفضحها أمام الرأي العام، ومواجهة الحكومة بها، فإن المعركة الحقيقية تتسع لتشمل اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالقضاء على تضارب المصالح للمسؤولين، وإعمال مبادئ الشفافية في شأن كافة التعاقدات التي تبرمها الدولة ومؤسساتها المختلفة، وإعمال المساءلة للموظفين العموميين على كافة مستوياتهم، بما في ذلك تفعيل قانون المحاكمة السياسية للوزراء. فلتكن انتخابات مجلس النواب المقبل أولى مراحل المعركة الحقيقية التي يجب أن يخوضها الشعب المصري ضد الفساد، بالحيلولة دون نفاذ قيادات وحلفاء النظام الذي ثرنا عليه والذي يصر على إعلان العودة الصريحة لتولي زمام الأمور».
عودة رموز ما قبل 25 يناير لمواقع صنع القرار
صحيح سؤال وجيه أجابها عنه في «الوفد» زميلنا وعضو مجلس الشعب السابق محمد عبد العليم داود بقوله في اليوم نفسه: «في تونس على قدم وساق تتم استعادة أموال الشعب التونسي.. التي نهبها نظام زين العابدين من دم الشعب التونسي.. لتعود الأموال إلى مكانها الطبيعي وهو خزينة الدولة التونسية. ونحن في مصر تمت إعادة لصوص البلاد إلى أماكنهم معززين مكرمين بما سرقوه ونهبوه من دم الشعب المصري… لم تعد أموال الشعب المصري المنهوبة ولكننا أعدنا إلى اللصوص أماكنهم متوجين بأكاليل النصر.. عاد كل رموز نظام ما قبل 25 يناير/كانون الثاني إلى مواقع صنع القرار… عاد صانعو الفساد بكل قوة من نواب ووزراء ومستشارين وكهنة ليتصدروا المشهد… اليوم تم الإبقاء على الأرض مجهزة لإعادة نواب الوطني مرة أخرى بما سرقوه ونهبوه».
والغريب في الأمر أن زميلتنا الرسامة الجميلة في مجلة «روز اليوسف» سحر قالت إنها كانت تسير في الشارع فشاهدت مواطنا يقول لأحد رجال الدولة، إنه فاسد مما أدهش المسؤول وسأله:
– وعرفت أزاي أني من كبار رجال الدولة؟
– فأشار المواطن إلى رقعة في جاكتته مكتوب عليها فساد.
رواد الفضائيات يتسلقون على أكتاف المشاهدين
هذا ولا تزال المعارك مشتعلة بسبب الصحافة والإعلام وممارساتهما وتحول بعض الإعلاميين إلى مراكز قوة يرهبون الوزراء والمسؤولين ويحققون منافع شخصية لهم أو لرجال أعمال بالإضافة إلى ضعف المستوى العام ، ما دفع زميلنا في «الأهرام» المسائي مصطفى موسى أن يقول يوم الاثنين قبل الماضي: «ابتكرت لنا هذه الفضائيات أناسا يتسلقون على أكتاف المشاهدين ويتلونون وفق هوى فضائياتهم فابتليت «المحروسة» بمثل هذه المهنة، التي أتت إلينا بالأعاجيب، فترى هذا يُظهر للمشاهدين الوطنية والتضحية والفداء من أجل «مصر»، ويحث الناس على ذلك ولو افتدوها بأرواحهم قبل أموالهم إن وجدت، بينما هو يتقاضى ملايين الجنيهات ويحيا حياة البذخ والترف، وهو لا يمتلك مقومات القدوة والمثل للمشاهدين، خاصة الناشئة حتى يقنع الناس بما يسعى به إليهم، فهو لا يقيم جملة عربية صحيحة ويستخدم الألفاظ في غير معانيها، كما لا يملك من أمر الثقافة والتثقيف شيئا يذكر، ولا يسعى إلى ذلك بينما علماء الأمة ومفكروها وأصحاب الأقلام بالكاد يتقاضون ما يقيم ـ أودهم لأيام معدودات من أيام الشهر ثم يسألون المولى سبحانه الستر في بقية أيام الشهر».
مات القذافي.. ولم تمت أفكاره!
ونظل داخل مبنى «الأهرام» في اليوم نفسه لنكون مع زميلنا جمال نافع وهو يقول عن الموضوع ذاته: «مات القذافي، ولم تمت أفكاره، بل تلقفتها مجموعة من الإعلاميين المصريين، فواحد منهم أصبح زعيما سياسيا ويدعي في قناته بأنه مفجر ثورة 30 يونيو/حزيران، وثان يدعي أن مصر أسرت قائد الأسطول السادس الأمريكي، وثالث يقول إن أمريكا أصبحت «تنام من المغرب» دلالة على الخوف والرعب من مصر وتحول كثير من المذيعين إلى محللين وخبراء سياسيين واقتصاديين واجتماعيين ورياضيين، ولا مانع من أن يتحولوا إلى خبراء في الحب إذا لزم الأمر، فكثير منهم لم يعد يهتم بمن يستضيف في برنامجه لأنه أصبح خبيرا يفتي في شتى مجالات الحياة. وعلى اختلاف مشاربهم ومذاهبهم وثقافاتهم، فإن الكثيرين منهم، يصرون على أن هناك مؤامرة كونية ضد مصر، لقد مات القذافي بالفعل، ولكن أفكاره لم تمت. لأنه لم يكن مجرد شخص، بل كان فكرة والأفكار لا تموت».
إعلامي يغير مواقفه بين فيديو وآخر
أما يوم السبت الماضي فقد تناول زميلنا وصديقنا المؤلف محمد الغيطي «ناصري» في «الوفد» ظاهرة أخرى مستخدما القذافي أيضا هي: «أمامي مقطع فيديو لإعلامي يعمل صبياً عند أحد رجال مبارك، يهتف ويصرخ قبيل الاستفتاء على دستور 2014 ويقول للمشاهدين انزلوا أنقذوا مصر كلنا لازم نقول نعم للدستورعشان مستقبل الوطن مستقبل ولادكم، البلد هاتضيع للأبد لو ما قلناش نعم للدستور إلى آخره. وبجوار هذا الفيديو فيديو آخر للإعلامي نفسه منذ أيام يصرخ متشنجاً الدستور لازم يتغير، أنا بقترح عمل مليونية نطالب بتغيير الدستور عشان الرئيس مش هايعرف يشتغل، والبلد واقف حالها الخ، والمدهش أن الإعلامي نفسه في فيديو ثالث يصرخ متشنجاً عندما قرر موظفو الضرائب التظاهر في الفسطاط نعتهم بالخيانة وصرخ مش عاوزين مظاهرات ولا مليونيات كفاية المظاهرات، وقفتو حال البلد والمخربين عاوزين يتظاهروا، عاوزين نشتغل بقى، ما حدش يقولي مظاهرات الخ، هوه فيه إيه ياعم أنت مين، من أنتم على رأي القذافي خالد الذكر، ما هذا التناقض والنفاق المقرف، هل يتصور الأخ الإعلامي المقبل بأموال مسروقة من الشعب نهبها سيده آخر أشهر رموز التوريث والقيادي في الحزب الوطني المنحل وصديق جمال مبارك وشريكه الخفي».
السيد البابلي: إعلامنا يبحث عن السطوة والنفوذ
القذافي خالد الذكر يا غيطي؟ على العموم مداعبة مقبولة خاصة وأنا بحاجة لمن يداعبني للتخفيف من بعض المتاعب الصحية. ويوم الأحد أثار زميلنا في «الجمهورية» السيد البابلي قضية خلق حلقة وصل بين رئيس الوزراء الجديد وبين الصحافة والإعلام بأن قال: «إذا كان رئيس الوزراء المعروف عنه الصمت والعمل في هدوء يريد أن يمنح العاملين معه من فريقه الوزاري الثقة، فإن عليه أن يهتم بوجود مكتب إعلامي قوي يضمن توافر وتدفق المعلومات للإعلام ويمنع تعرض الوزراء لحملات تشهير وتجريح. ويحفظ لهم هيبتهم وللحكومة مكانتها. وفي هذا الصدد فإن الحكومة عليها في بداية اجتماعاتها أن تضع إطاراً وشكلاً ومنهجاً للتعامل مع الإعلام بمهنية واحترافية حتى لا تتحول الحكومة إلى أداة لتنفيذ توجيهات وأوامر بعض مقدمي «التوك شو». إن رئيس الوزراء الجديد سيواجه إعلاماً تلفزيونياً شرساً يستمد قوته وغروره من اعتقاده بأنه كان شريكاً في صناعة ثورة 30 يونيو/حزيران. وهو إعلام لم يعد يبحث عن الحقيقة كثيراً بقدر ما يبحث عن السطوة والنفوذ والانتشار، حتى إن كان ذلك على حساب الحقيقة نفسها».
المطالبة بخريطة طريق للحكومة الجديدة
والموضوع نفسه حدثنا عنه في اليوم نفسه زميلنا في «اليوم السابع» عادل السنهوري بقوله: «الحكومة الجديدة للمهندس شريف إسماعيل مطالبة بوضع خريطة طريق جديدة للعلاقة مع وسائل الإعلام في مصر، واللجوء إلى «المتحدث الرسمي» للحكومة والوزارة، بحيث يتم إصدار بيان يومي لنشاط الحكومة والوزير، والرد على أي تساؤلات واستفسارات وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، ويخصص الوزير موعدا يوميا أو أسبوعيا للقاء وسائل الإعلام، لشرح كل القضايا الخاصة، حتى لا يسمح للشائعات واللغط و«جنرالات الفيسبوك وتويتر» من بث سموم وتفاهات وسخافات لا معنى لها، لإثارة الرأي العام بجهالة وبث روح اليأس والإحباط بنوايا حسنة أو خبيثة».
الدستور سيدفن في «قرافة» البرلمان المقبل
ونترك مجلة «روز اليوسف» القومية لنتوجه إلى جريدة «المصريون» ومقال رئيس تحريرها التنفيذي محمود سلطان عن كاريكاتيرية مشهد أداء اليمين الدستورية: «من سوء الطالع، أن الوزراء الجدد أدوا اليمين على «احترام» الدستور أمام الرئيس، بعد أيام قليلة من تصريحات الأخير وتلميحاته الصريحة بأن الدستور لا يصلح لإدارة الدولة! الوزراء أدوا اليمين على دستور طلع «وحش» و«ما ينفعش» باعتراف الرئيس نفسه.. ولا أدري لماذا لم يبحث موظفو الرئاسة، عن أي حاجة ثانية، يقسم عليها الوزراء الجدد؟ كسرة خبز ـ مثلاً ـ يمسك بها الوزير، ويرفعها إلى جبينه ويقسم ثلاثًا: والنعمة الشريفة.. والنعمة الشريفة.. والنعمة الشريفة لأحافظ على النظام الجمهوري، وأراعي مصلحة البلاد والعباد! أقول من سوء الطالع فعلاً.. لأن شكل الوزراء وهم يؤدون اليمين على الدستور «الوحش»، أثار تعليقات ساخرة واسعة النطاق على مواقع التواصل الاجتماعي.. ولم تتوقف النكات حتى كتابة هذه السطور. ما الذي يلزم أي وزير باحترام الدستور؟ إذا كان هذا الدستور، كتبه الطيبون حسنو النية من «بهاليل السيدة»؟ وكان من المفترض أن يكتبه الأبالسة والشياطين وعفاريت الخرابات المهجورة! ودستور 2014، كما نعلم، كتب واستفتي عليه، في مولد إعلامي ضخم، والكل رقص من أجله، على تقسيم «تسلم الأيادي».. بوصفه أعظم دستور في العالم.. وبعد أن أطفأت الكاميرات أنوارها، ونام المطبلاتية قريري الأعين، مطمئنين على أنهم قدموا للمصريين، عملاً عظيمًا لا يقل عظمة، عن نصر أكتوبر.. طوي الدستور واختفى وذهب في خبر كان.. ولا يدري أحد في مصر كلها، أين أخفوه.. فيما تساقطت القوانين المخالفة له، علينا كسفًا من سماء الاتحادية، وعبثًا تحاول السؤال عن الدستور ومواده، وذهب الخيال بالبهاليل ـ كتبة الدستور ـ كل مذهب، ورأوه في ما يرى النائم، وكأنه رفع إلى السماء، وسينزل مع علامات الساعة الكبرى، في آخر الزمان، ليملأ الدنيا قسطًا وعدلاً.. كما ملئت ظلمًا وجورًا. ظلت الهلاوس مسيطرة على خيال الطيبين من عشاق فكرة الدولة والتداول السلمي للسلطة، والفصل بين السلطات.. ومن عقدوا آمالاً على إنهاء عهود «الرئيس الإله».. ورفع الوصاية الكولونيالية عن الشعب، بعد أن أزاح آخر الديكتاتوريات الحديدية عن الحكم في مصر، بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني.. ثم أفاق المتبتلون في محراب الدولة المدنية والديمقراطية على دوي هائل في جامعة قناة السويس، أحال الدستور إلى نار ودخان ورماد.. ونظمت له جنازة إعلامية صاخبة، وكبروا عليه أربع تكبيرات، تمهيدًا لدفنه في قرافة البرلمان المقبل. بمعنى أن الوزراء الجدد أقسموا على دستور ميت.. وهي ممارسة رمزية، تختصر مفردات السياسة في مصر.. بعد شهور قليلة.. حيث ستتحول البلد إلى مساحة جغرافية صامتة، لا صوت فيها يعلو فوق صوت الباب العالي».
سقوط مروع لبعض مشاهير النخبة الإعلامية
وآخر من حدثنا عن هذه القضية في «وفد» الأحد كان زميلنا كامل عبد الفتاح، الذي شن غارة عنيفة جدا جاء فيها: «أخطر ما كشفت عنه قضية الفساد في وزارة الزراعة ليس إهدار ثروة الدولة المنهوبة والممثلة في ملف الأراضي، ولا في سقوط مسؤول كبير أمام غوايات المفسدين، الأخطر ما ستكشف عنه هذه القضية من سقوط مروع لبعض من مشاهير النخبة الإعلامية ونخب أخرى، وهذا الملف قديم وليس ابن اللحظة والحادثة، من مطلع الثمانينيات وارتبطت أسماء كثير من الإعلاميين بأباطرة توظيف الأموال ،والكثير من رجال الأعمال، وبالتوازي كلما قويت العلاقة بين السلطة ورأس المال قويت بين كثير من رموز الإعلام ورجال الأعمال، شبكة مصالح عنكبوتية نسجت خيوطها، وجماعات ضغط ربطت بين كثيرين جمعت بينهم المصالح التي لا تتحقق إلا في مناخ فاسد، وقد كان تحول كثير من مشاهير الصحافة من صحافيين إلى مستشارين صحافيين لرجال أعمال، ومن صحافيين إلى مندوبي إعلانات، وانمحت المسافة بين الإعلام والإعلان. وبظهور الفضائيات مطلع التسعينيات قفز الكثير من هؤلاء من المطابع للشاشات، من دون أدنى معايير مهنية. واعتاد المصريون على متابعة مذيع بنصف لسان وربع ضمير وآخر أمنجي برخصة، وثالث عبارة عن لاعب سيرك ماهر بدأ يومه الأول في مسيرته مخبرًا برخصة، وانتهى من «نضاله» إلى محلل يزوج الشيطان للمسكينة مصر، التي يتغنى بها جهرا ويذبحها سرا. وتضخم الفساد إلى أن تحول عدد من رؤساء التحرير والصحافيين إلى مقدمي برامج إيذانا باحتكار صناعة وصياغة الرأي العام وتشكيل مزاج المصريين حسب رؤية وهوى «صراصير» المهنة، ولو كانت الدولة جادة في تحقيق اختراق لملفات الفساد القديمة والجديدة في مصر فعليها أن تبدأ بملف الفساد «الناعم» الذي يديره عدد من المشاهير الذين تفوح منهم روائح أغلى العطور الباريسية وأقذر روائح الفساد والنفاق. أخطر شيء أن تترك شعبًا فريسة لعشرة لصوص يكذبون عليه ويضللونه ويسرقونه كل صباح ومساء مع كل ورقة وشاشة، ثم يراهم الناس في صدارة صفوف الوجهاء في كل مناسبة يخطب فيها الرئيس وفي كل رحلة يقوم بها داخل وخارج مصر. عصابة أصحاب القلم والشاشة يصرخون ببجاحة ضد الفساد وهم أهله وصناعه أخشى ما أخشاه أن تدير الدولة ظهرها لهذا الفساد ولهؤلاء الفاسدين انطلاقا من قاعدة «شيلني وأشيلك»، يعنى سأسكت عنك وتسكت عني» .
الأحزاب والانتخابات
وإلى المعارك التي تزداد سخونة حول انتخابات مجلس النواب المقبلة والتوقعات بنتائجها، وقال عنها يوم الاثنين قبل الماضي في «اليوم السابع» زميلنا محمد نبوي:
«أتابع عن كثب تصريحات نارية من مرشحين محتملين، سواء كانوا مستقلين أو تحالفا انتخابيا، يحاول أن يكون منافسا تحت شعار التكنوقراط، أو مناصري الثورة، رافضين حكما قضائيا يلزم المرشحين بإعادة الكشف الطبي، والحقيقة أريد أن أتساءل «يا من كنتم ستمثلون الشعب تحت قبة البرلمان، هل يظل الإنسان على حالته الصحية نفسها بعد سبعة أشهر، وماذا لو أصبح مدمنا للمخدرات خلال هذه المدة الزمنية، هل تريدون أن تثبتوا لجموع المصريين أنكم كنتم ومازلتم وستظلون رجالا عاهدوا البرادعي على أن يكونوا ظهيرا لفكره، الذي ثبت أنه ملوث حتى لو كان على حساب الدولة المصرية شعبا وحكومة؟» .
المال السياسي هو سيد الكلمة
ويوم السبت الماضي قال زميلنا في «الجمهورية» يحيى علي: «الإرهاصات الانتخابية قبل الدخول في المعركة.. لا توحي على الإطلاق بأن شيئا قد تغير.. وجوه الفساد الماضي نفسها والمال السياسي هو سيد الكلمة.. والإعلام غير الواعي يفرد مساحات على صدر صفحاته.. وأوقات ثمينة تهدر على الفضائيات لرأس المال، الذي يدوس على المواطن البسيط ليحقق أهدافه. المال السياسي الذي ينفق بالملايين والمليارات لن يحقق لك عزيزي المواطن البسيط ما تريده من عيش وحرية وعدالة اجتماعية، ولا حقوق إنسان، وإنما يبحث عن حصانة تحقق له المزيد من النجاح والمزيد من المكاسب.. المال السياسي يدوس على المواطنين ليعبر فوق ظهورهم إلى غايته».
الناخبون هم أصحاب القرار
وفي «وفد» الأحد كان رأي زميلنا محمود غلاب هو: «الأسماء نفسها والألقاب نفسها، «الأسامي هي هي» على رأي المطربة ذكرى، لكن هناك ألقابًا أخرى لم تسجل في كشوف المرشحين لمعظم هؤلاء النواب السابقين، هذه الألقاب مسجلة في كشوف السوابق، منهم نواب الشيكات ونواب قرب الدم ونواب سميحة ونواب السيديهات، ونواب التأشيرات ونواب الحصص الاستيرادية ونواب الأراضي ونواب الآثار ونواب المخدرات ونواب التجنيد، وبعض المرشحين أبناء نواب سابقين يحاولون استكمال رسالة الآباء، بعضهم أبناء وزراء سابقين أو رجال أعمال، كما عاد بعض رجال أعمال نظام مبارك إلى الظهور مرة أخرى. الناخبون هم أصحاب القرار بيدهم يقولون لا لعودة النظام الفاسد ولا للمتاجرين بالحصانة، ولا للذين أساءوا إلى سمعة النائب المصري. أما إذا قال الناخبون نعم لهؤلاء فلا يلومن إلا أنفسهم إذا عادت ريمة لعادتها القديمة».
معنى الانتخابات الحرة والنزيهة من وجهة نظر الرئيس
وفي «المقال» ترك زميلنا هشام المياني كل ذلك ودخل في مناقشة مع الرئيس السيسي بقوله: «في لقاء رئيس الحكومة المكلف وفي أول تكليف له حتى قبل تشكيل الحكومة يطالبه بتسهيل العملية الانتخابية ودعم اللجنة العليا للانتخابات بشكل كامل لإخراج انتخابات حرة نزيهة، هذا يجعلنا نتساءل هنا عن معنى الانتخابات الحرة والنزيهة من وجهة نظر الرئيس؟ فهل هي التي تفرز نوابا على هوى الدولة يطيعون وينفذون توجهاتها وتوجهات الرئيس؟ أم تلك التي تفرز نوابا يعبرون عن الشعب فعلا، وينفذون ما يطالبهم به ناخبوهم، حتى إن تعارض مع توجهات الرئيس؟ وهل تعني النزاهة هنا أن الرئيس يعلن أنه طبيعي جدا أن تحدث مناوشات وشد وجذب داخل البرلمان، وبين البرلمان والحكومة والبرلمان والرئيس، وأن تلك طبيعة الحياة السياسية، بل هذا الأمر يثريها؟ أم أنه يعني ويفهم فقط أن النزاهة معناها أن يكون البرلمان متوافقا مع الرئيس والحكومة طوال الوقت؟».
إبراهيم عيسى: أجهزة الدولة تستغفلنا
أيضا قام رئيس التحرير زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى بتجديد حملته الشعواء ضد حزب النور واتهامه النظام بأجهزته بالتواطؤ معه قال: «تحاول أجهزة الدولة أن تستغفلنا وتستهبلنا وتستعبطنا بكلمتين من نوع أن حزب النور ليس حزبا دينيا، بل حزب له مرجعية إسلامية. حلوة خالص اللعبة دي؟ وما هي المرجعية دي يا حبيبي؟ تختلف في إيه عن المرجعيات الثانية غير الإسلامية؟ انتبه هنا أن المرجعية غير الإسلامية معناها أنها مرجعية كافرة، والعياذ بالله، ومع ذلك لنعبر هذه النقطة لأن لجنة الأحزاب التي تتلقي تعليماتها من الأجهزة الأمنية التي تتلقي تعليماتها من رئيس الجمهورية تريدنا أن نصدق أن المرجعية الدينية لا تعني أنها أحزاب دينية كيف نصدق هذا الهراء؟».
الكرة الآن في ملعب المصريين فشاركوا بكثافة في الانتخابات
والمخاوف نفسها عبر عنها في يوم السبت نفسه زميلنا في «أخبار اليوم» هشام عطية بأن قال بصوت مرتفع سمعه كل من كان يسير بجوار الجريدة: «كلما اقترب موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة اعتصر قلبي الخوف وتقلصت داخلي مساحات التفاؤل، خشية أن يظفر المفسدون في الأراضي بمقاعد البرلمان، سواء من أصحاب التدين المغشوش واللحى المزيفة، أو أقرانهم من الفاسدين أصحاب الذمم الخربة. لحوم السلفيين قبل العيد وزيتهم وسكرهم، التي توزع جهارا نهارا والتي يسدون بها رمق المحتاجين وفراغا وعجزا للدولة ويغتصبون فيها في الوقت نفسه إرادة المحتاج وبطاقة رقمه القومي، تقرب هذا الفصيل الشيطاني من مقاعد البرلماني وتساعده على تحقيق مآربه الخبيثة. وسط هذا التخبط والشعور باليأس الذي بدأ يتسرب إلى النفوس أخشى أن يعزف المصريون عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية، وان تترك الساحة خالية لأنصار الإسلام السياسي الذي يشاركون في الانتخابات باعتبارها نوعا من أنواع الجهاد، ونجدهم في غفلة من الأغلبية في مجلس النواب المقبل! هذا السيناريو الكارثي الأسود يعني عودة الذقون الكاذبة للمشهد من جديد، والذين تنطق أفواههم بالبهتان كلما تحدثوا ويعني أن مصر عادت لنقطة الصفر وأنها ليست ببعيد عن مصير ليبيا وسوريا واليمن. الكرة الآن في ملعب المصريين شاركوا بكثافة في الانتخابات المقبلة لتفويت الفرصة على تجار الأديان والأوطان».
حسنين كروم