تعز ـ «القدس العربي» ووكالات:* ذكرت مصادر ميدانية أن قوات الجيش الوطني والمقاومة الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي سيطرت أمس على موقع حريب نهم الاستراتيجي الذي يعتبر أعلى قمة في مديرية نهم، شرقي العاصمة صنعاء، وأوضحت لـ(القدس العربي) أن القوات الموالية للرئيس هادي حققت هذه المكاسب العسكرية بعد مواجهات عسكرية عنيفة خلال اليومين الماضيين مع ميليشيا الحوثي وقوات المخلوع علي صالح.
واعتبر مصدر عسكري حكومي هذا التقدم العسكري أنه جاء ردا على القصف المستمر الذي مارسته الميليشيا الحوثية وقوات المخلوع صالح خلال الفترة الماضية على مواقع القوات الحكومية ومواقع المقاومة رغم الهدنة المبرمة بين الجانبين منذ العاشر من نيسان (ابريل) الماضي برعاية الأمم المتحدة، وبالتالي جاء هذا التقدم العسكري الحكومي كردة فعل على خروقات الحوثيين وقوات المخلوع صالح.
واشارت المصادر إلى أن أجواء العاصمة صنعاء شهدت أمس تحليقاً كثيفاً لمقاتلات التحالف العربي يعتبر الأكبر منذ بداية شهر رمضان وأن هذا التحليق تزامن مع المواجهات العنيفة بين قوات الجيش الوطني والمقاومة الموالية للرئيس هادي وميليشيا التمرد الحوثي وقوات المخلوع صالح في مديرية نهم، 45 كيلو متر، شرقي العاصمة صنعاء.
ولا زالت مشاورات السلام اليمنية المنعقدة في الكويت، تراوح مكانها، بعد مضي (49 يوما) على انطلاقها، فطرفا الصراع لم ينقاشا إلا «التفاصيل الأولية» في لائحة جدول الأعمال، دون حسم أي من الملفات الشائكة. ومنذ أواخر أيار/مايو الماضي، لجأ المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إلى عقد «مشاورات غير مباشرة» بين طرفي الصراع اليمني، من أجل ردم الهوّة المتسعة، وتقريب وجهات النظر، لكنها لم تحرز هي الأخرى التقدم المرجو منها.
وبحسب تصريحات مصادر تفاوضية من الجانبين، فإن المشاورات أخفقت في ترجمة أي تفاهمات نهائية حتى الآن، وما زالت تبحث في النقاط الأولية.
وأعلن ولد الشيخ، في تصريح صحافي له، أمس الخميس، أن التقدم في مشاورات الكويت مرهون بـ«التنازلات المقدمة من الأطراف، باعتبارهم القادرون على تغيير الوضع في اليمن». من جانبها، قالت مصادر مقربة من أروقة المشاورات، إن «وفد الحكومة اليمنية مازال متمسكا بضرورة إنهاء الانقلاب، وانسحاب الميليشيات المسلحة (قوات جماعة «أنصار الله»، والرئيس السابق علي عبد الله صالح) من المناطق التي تسيطر عليها، واستعادة مؤسسات الدولة، كمرحلة أولى، يعقبها الانتقال للملف السياسي الذي يناقش تشكيل حكومة توافقية».
وذكرت المصادر، أن الوفد المشترك لـ«الحوثيين» و«حزب صالح»، قدّم تنازلات فيما يخص استمرار الرئيس عبدربه منصور هادي، على رأس السلطة، وأبدى «نوعا من المرونة» فيما يتعلق بعودة الحكومة الحالية إلى العاصمة صنعاء، لفترة محدودة، لكنه يرفض تسليم السلاح والانسحاب من المدن بشكل كامل قبل تشكيل حكومة توافقية.
واقتصرت مشاورات الأيام الماضية، على «نقل رؤى وتصورات» طرفي الصراع للمرحلة المقبلة في الملفات الأمنية والسياسية، رغم تشعب بعض الجلسات لمناقشة قضايا طارئة خارجة عن الأجندة، مثل قصف «الحوثيين» لأحياء سكنية في مدينة تعز (وسط)، وبحث الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد منذ اندلاع الصراع فيها، قبل أكثر من عام. وفي السياق، قال مصدر حكومي إن جلسات اليومين الماضيين، ناقشت الملف الأمني بشكل رئيسي، وتم التوسع لمناقشة الجانب السياسي للمرحلة المقبلة، مثل مناقشة شكل الدولة الاتحادية، والإبقاء على البرلمان الحالي الممتد منذ العام 2003، دون انتخابات. وذكر المصدر، (الذي فضل عدم الكشف عن هويته)، أن الوفد الحكومي يتمسك بإنهاء «الانقلاب»، والتمهيد لعودة الحكومة الحالية إلى العاصمة صنعاء، كمرحلة أولى، وإلغاء كل القرارات التي صدرت عن «الحوثيين» في جميع مؤسسات الدولة، بما فيها «الإعلان الدستوري» الذي تم بموجبه حل البرلمان، في فبراير/ شباط 2015.
وفي المقابل، قال مصدر مقرب من «الحوثيين»، إن «مشاورات الثلاثاء والأربعاء الماضيين، التي بدأت عقب عودة رئيس وفدهم التفاوضي، محمد عبد السلام، من زيارة للعاصمة السعودية الرياض، ناقشت خارطة طريق للمرحلة المقبلة فقط». وأوضح المصدر، (الذي فضل عدم الكشف عنه اسمه) في تصريح أن وفد «الحوثيين وحزب صالح»، يتمسك «بتشكيل حكومة توافقية تشارك فيها جميع القوى السياسية اليمنية، والانتقال بعد ذلك لمناقشة الملف الأمني».
ووفقا للمصدر، فإن هناك توافق في رؤى الطرفيين بالنسبة لتشكيل اللجنة الأمنية والعسكرية، التي ستتولى الإشراف على الانسحاب وتسليم السلاح، واستمرار الحكومة الحالية لفترة لا تتجاوز شهرين، لكن الملف السياسي بأكمله مازال يسوده بعض التعقيدات.
إلى ذلك، أفادت مصادر سياسية يمنية أن وفد «الحوثي ـ صالح» رهن استمرار الرئيس هادي، في هرم السلطة لفترة انتقالية قصيرة، بعدم إصداره لأية قرارات، وأن تكون الصلاحيات بيد الحكومة التوافقية فقط.
وعلى الصعيد الإنساني، فقد تسبب الانسداد الحاصل حول هوية الأسرى الذين سيتم تبادلهم بين الطرفين، في تعثر المشاورات بشكل تام داخل لجنة «المعتقلين والأسرى»، حيث يصر «الحوثيون» على تبادل «أسرى حرب» فقط، فيما يشترط وفد الحكومة إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي والصحافيين، إضافة لوزير الدفاع، اللواء محمود الصبيحي. وخلال اليومين الماضيين، بدا وفد «الحوثيون وحزب صالح»، أكثر إلحاحا على «تبادل الأسرى» فزعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي، شدد، في كلمة له قبل يومين، على ضرورة التقدم بالملف الإنساني، معلنا امتلاك جماعته أسرى من «الشخصيات المهمة». كما دعا وفد «الحوثيين» التفاوضي، الأربعاء، المبعوث الأممي، للضغط على الوفد الحكومي، لتنفيذ» خطوات عملية» في هذا الملف، وفق تصريحات مصادر تفاوضية. وتبادل طرفا الصراع سابقا، قوائم بآلاف الأسرى، حيث قدّم الوفد الحكومي أسماء لنحو 3 الآف معتقل ومخفي قسريا وأسير حرب، فيما قدّم وفد «الحوثين وحزب صالح»، قائمة بنحو 3700 أسير، يدّعى كل طرف أنهم لدى الأخر. وكان المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، قد قال في تصريح صحف، إنه عقد جلستي مشاورات بشكل منفصل، الأربعاء، مع وفدي «الحوثيين وحزب صالح»، و«الحكومة». وفقا للبيان، فقد بحثت المشاورات «مسائل استعادة الدولة، وانسحاب المسلحين، وتسليم السلاح، وآلية تقريب وجهات النظر بين الوفدين». وشدد المبعوث الأممي، على أهمية الالتفات للوضع الاقتصادي الصعب في اليمن، وآثاره على الحياة اليومية للمدنيين، محذرا من «أن الفشل في تدارك الوضع الاقتصادي سيؤدي إلى نتائج وخيمة».
ومنذ مارس/ آذار 2015 يخوض «الجيش الوطني اليمني»، ومقاتلو «المقاومة الشعبية» المواليين للرئيس عبدربه منصور هادي، بدعم من قوات «التحالف العربي» بقيادة السعودية، معارك مع مسلحي جماعة «أنصار الله» (الحوثيين)، وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، التي تسيطر على العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى في البلاد.
من جانبه، قال مسؤول رئاسي رفيع في اليمن، فجر أمس الخميس، إنه لا مؤشر على اتفاق وشيك لإنهاء الأزمة في اليمن، تعليقاً على أنباء تحدثت عن قرب التوصل لاتفاق لحلها.
وأضاف عبدالله العليمي، نائب مدير مكتب رئاسة الجمهورية، في سلسلة تغريدات على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أنه «كثر الحديث عن اتفاق وشيك لإنهاء الأزمة في اليمن، نحن نأمل ذلك، لكن تعنت الانقلابيين (الحوثيين) لا يعطي أي مؤشر للتوصل إلى اتفاق».
وأفاد أن «أية أفكار أو مشاريع أوراق عمل، تتجاوز موضوع الانقلاب، أو تبرر وجوده او تتماهى معه أو لا تحمل رؤية لإنهائه تماماً، فهي أفكار لا تعني غير أصحابها»، مضيفًا «نعيد ذات العبارة ونكرر ذات الموضوع: نحن هنا في الكويت لبحث السبل السلمية لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 (عام 2015) وانهاء الانقلاب وآثاره».
ومنذ أكثر من أسبوع، تتداول وسائل إعلام محلية وعربية، أخباراً عن اتفاقات تجري لحل الأزمة في اليمن، تقوم على تشكيل حكومة وطنية، غير أن مسؤولي الحكومة اليمنية، يشيرون في تصريحاتهم إلى عدم صحة تلك «التسريبات».
وأنهت المشاورات اليمنية، الأربعاء، أسبوعها السابع، دون تحقيق أي تقدم جوهري في جدار الأزمة التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عام.
وكان الإنجاز اليتيم لهذه المشاروات، منذ انطلاقتها في 21 نيسان/أبريل الماضي، الاتفاق على تشكيل اللجان الثلاث (الأمنية، السياسية، الإنسانية)، والتي أوكل إليها مناقشة النقاط الخمس المنبثقة من القرار الدولي 2216.
وتنص النقاط الخمس على انسحاب الحوثيين وقوات صالح من المدن التي سيطرت عليها منذ الربع الأخير من العام 2014، وبينها العاصمة صنعاء، وتسليم الأسلحة الثقيلة، واستعادة مؤسسات الدولة، ومعالجة ملف الأسرى والمعتقلين.
خالد الحمادي