تعز ـ «القدس العربي»: هيمنت أربع قضايا رئيسية على مجريات الأحداث في الساحة اليمنية خلال العام 2016 وهي مباحثات السلام اليمنية – اليمنية، والتصعيد العسكري بين القوات الحكومية والتحالف العربي من جهة والميليشيا الانقلابية (الحوثيون/صالح) من جهة أخرى، وتزايد العمليات الإرهابية في عدن، وتدهور الوضع الإنساني في البلاد.
وطغت هذه القضايا الأربع على كل ما سواها من أحداث، وأصبحت متلازمة ومتبادلة الأدوار، منذ بداية العام 2016 وحتى نهايته الذي أسدل ستاره بخاتمة سوداء، بعملية انتحارية استهدفت تجمعا لجنود حكوميــين من معسكر القوات الخاصة الأمنية في محافظة عدن في النصف الأخير من كانون الأول/ديسمبر.
وشهد العام سباقا عسكريا محموما بين القوات الحكومية بشقيها الجيش الوطني النظامي وقوات المقاومة الشعبية الموالية للحكومة المدعومة بمقاتلات قوات التحالف، وبين القوات الانقلابية بشقيها الميليشيا الحوثية وقوات الرئيس السابق علي صالح، في سبيل المحاولات المستميتة من قبل هذه الأطراف لتحقيق أي مكاسب عسكرية على الأرض، يمكن أن يُبنى عليها في لعب عنصر مفاجأة لتغيير مجريات الأحداث ويعزز موقف المنتصر في مباحثات السلام، التي انتهت من حيث بدأت.
وكما هو الحال عسكريا، شهد اليمن أيضا سباقا قويا على صعيد مباحثات السلام بين أطراف النزاع، والتي ازدادت تعقيدا مع انسداد الأفق التفاوضي أمام أي رؤى جديدة لإحلال السلام، ووصول المتابعين للشأن اليمني إلى شبه قناعة بأن ما يدور لا يمكن أن يجد طريقا للحل عبر طاولة المفاوضات وإنما عبر فوهات المدافع، إثر إصرار كل طرف على مواقفه، ويتمترس كل منهم وراء قوة إقليمية ضاربة مثل السعودية التي تدعم الحكومة الشرعية برئاسة الرئيس عبدربه منصور هادي أو إيران التي تدعم الانقلابيين الحوثيين وحليفهم صالح.
وتولدت هذه القناعات بعدم جدوى المسارات السلمية، إثر فشل كل جولات مباحثات السلام التي استمرت آخرها قرابة 100 يوم في الكويت، بدءا من 21 نيسان/إبريل الماضي والتي انتهت بالإعلان صراحة عن وصولها إلى طريق مسدود وفشل هذه الجولة التي تعتبر الثالثة من المباحثات فشلا ذريعا بعد أن عُقِدت عليها الآمال العريضة لإنهاء الأزمة من قبل المجتمع المحلي والإقليمي والدولي.
ودخلت القضية اليمنية منعطفات جديدة، تسببت في تعقيد الأزمة، دون تحقيق أي تقدم، لا على صعيد مفاوضات إحلال السلام ولا على الصعيد العسكري، في إطار التنافس المحموم بين هذين الخيارين، حيث تغلّب خيار الحرب على السلام، وتسيّد على مواقف طرفي الصراع المحليين سعيا لحسم المعركة لكن دون قدرة أي منهما على ترجيح الكفة لصالحه. وبرزت معالم هذه المواقف من خلال العديد من المنعطفات في مسار الحرب، مثل اتساع دائرة المواجهات المسلحة في محافظة تعز وانتقالها من إطار المدينة إلى المناطق الريفية في شرق وغرب وجنوب مدينة تعز، وكذا فتح جبهات مع الميليشيا الانقلابية في محافظة صعدة، معقل قيادة جماعة الحوثي، بالإضافة إلى التصعيد العسكري في المناطق القبلية الريفية مثل نِهِم، شرقي العاصمة صنعاء وكذا في محافظة الجوف والبيضاء وغيرها.
ولكن التأثير الاقتصادي للحرب خلال العام 2016 ألقى بظلاله القاتمة على الوضع الإنساني، حيث تسبب استمرار الحرب في تعثّر الحركة التجارية وعدم انسيابية تدفق البضائع للأسواق وزيادة معاناة المدنيين، وخاصة في مدينة تعز، التي تعاني من حصار مستمر من قبل ميليشيا الانقلابيين الذين يغلقون كافة طرق ومداخل المدينة وكذا محافظة الحديدة، الساحلية، غربي اليمن، التي تسيطر عليها وتديرها الميليشيا الحوثية، وحوّلتها إلى أفقر المحافظات وشهدت خلال 2016 أسوأ حالات المجاعة بشكل لم يشهد اليمن مثيلا لها من قبل.
واتسعت دائرة المعاناة الإنسانية في أغلب المحافظات اليمنية وفي مقدمتها محافظة الحديدة وتعز وصنعاء وأبين وشبوه والجوف، حتى أن المنظمات الإنسانية الدولية التابعة للأمم المتحدة أو المستقلة عنها، أعلنت مرارا دخول اليمن مرحلة الخطر ووصفت الوضع الإنساني فيه بـ(الكارثي).
وذكرت منظمة الصحة العالمية ان حصيلة الحرب اليمنية حتى نهاية العام 2016 وصلت نحو 7272 قتيلا و38279 جريحا و3 مليون و300 ألف نازح، ولم تشر التقارير الأممية إلى العدد الكبير من اليمنيين الذين اضطروا إلى اللجوء خارج اليمن في ظل ظروف قاسية جدا.
وتقول وكالات الأمم المتحدة العاملة في اليمن ان 18 مليون و800 ألف شخص في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية أو الحماية وأن اليمن قد يشهد ضعف المستويات الحالية للفقر والمجاعة خلال عام 2017 إذا استمرت عمليات المواجهات المسلحة على النحو الراهن وذلك بعد أن شكل العام كارثة مدمرة على المدنيين وأن هناك احتمالات كبيرة في انحدار اليمن نحو مجاعة محققة إذا استمر الوضع في التدهور خلال العام 2017 بعد أن وصل أكثر من 14 مليون شخص حدود خط الفقر خلال العام 2016.
وتمثل الصراع الاقتصادي بين الطرفين الحكومي والانقلابي، عبر محاولة كل طرف الاستحواذ أو السيطرة على المقدرات الاقتصادية في البلد، وكان البنك المركزي اليمني أحد أهم بؤر الصراع الاقتصادي خلال 2016، حيث ظل الانقلابيون يسيطرون على البنك المركزي في صنعاء منذ بداية الأزمة، وكانت الموارد العامة بما فيها الحكومية تودع فيه، في إطار تفاهمات بين الطرفين، يتم بموجبها توريد كافة العائدات الحكومية إلى البنك المركزي، مقابل قيام الانقلابيين بتسليم رواتب موظفي الدولة في مختلف القطاعات المدنية والعسكرية والأمنية، غير أن الحكومة شعرت أن سيطرة الانقلابيين على البنك المركزي كانت الممول الرئيسي لجبهات القتال للانقلابيين ولاستمرار الحرب طوال هذه الفترة، ما اضطرها إلى اتخاذ قرار رئاسي بتغيير محافظ ومجلس إدارة البنك المركزي ونقل مقره إلى محافظة عدن، وسحب البساط من البنك الذي يقع في العاصمة صنعاء والذي تعرض لهزّة كبيرة أفقدته السيولة النقدية حتى بالعملة المحلية والتي تسببت في أزمة اقتصادية كبيرة للانقلابيين الذين عجزوا حتى عن دفع رواتب الموظفين في المناطق التي تحت سيطرتهم.
من الأحداث العسكرية البارزة التي شهدها العام 2016 الغارة الجوية لقوات التحالف التي قصفت الصالة الكبرى أثناء مجلس عزاء آل الرويشان في العاصمة صنعاء في 8 تشرين الأول/أكتوبر والتي ذهب ضحيتها أكثر من 100 قتيل من الحضور، بينهم محافظ العاصمة صنعاء عبدالقادر علي هلال والعديد من القادة العسكريين والأمنيين والسياسيين الموالين لصالح وللحوثيين.
أما على صعيد العمليات الإرهابية فقد استأثرت محافظة عدن، جنوبي اليمن، لأول مرة بكافة العمليات الإرهابية خلال عام كامل، حيث شهدت 29 حادث اغتيال و16 عملية إرهابية بينها 6 عمليات انتحارية على الأقل، أودت جميعها بالمئات من العسكريين والمدنيين، وحدث آخرها يومي 10 و18 كانون الأول/ديسمبر، وسقط في الأولى 48 قتيلا وفي الأخرى 52 قتيلا جميعهم من جنود قوات الأمن الخاصة في محافظة عدن، عندما استهدفتهم عمليات انتحارية أثناء تجمع الجنود لا ستلام رواتبهم عند معسكر قوات الأمن الخاصة، وكان هذا المعسكر بمفرده تعرض لأربع عمليات إرهابية خلال 2016.
وفيما تبنى تنظيم «الدولة» بعض هذه العمليات الإرهابية، فأن مصادر حكومية أكدت أنها مدعومة ماديا وتقنيا من مسؤولين تابعين للرئيس السابق علي صالح أو الحوثيين، بهدف خلق وضع غير مستقر في محافظة عدن التي اتخذتها الحكومة عاصمة مؤقتة لإدارة شؤون البلاد، والهدف منها محاولة ضرب الوضع الأمني في عدن، حتى ينفرد الانقلابيون فيها محاولين فرض موقفهم السياسي خارجيا من أجل الاعتراف بسلطتهم.
خالد الحمادي
من أسخف حروب اعالم. ندعوالله سبحانه و تعالى أن يرفع الكربة عن هذا الشعب الكريم
اي يومين من الموت افر يوم لا يقدر ام يوم قدر يوم لا يقدر لا ارهبه ومن المقدور لا ينجو الحذر حقا يمننا قدسنا شامنا عراقنا مشرقنا