اليمين الإسرائيلي: مبالغات منهجية بعنوان الوضع الأمني في «الأغوار» وأضرار بالغة ستلحق بالأردن في حال بناء «الجدار» الجديد على طول الحدود الشمالية

عمان ـ «القدس العربي»: خلافاً للعادة يركز الإعلام الإسرائيلي منذ أكثر من ستة أسابيع على «اختراقات» مفترضة للحدود بين الأردن وإسرائيل. يحصل ذلك لسبب سياسي على الأرجح وفقا لتقدير الفريق المعني بتحليل الشأن الإسرائيلي في مقر الخارجية الأردنية.
ويحصل رغم ان مكتب رئيس الوزراء الأردني الدكتور هاني الملقي وهو خبير «إسرائيليات» في كل الأحوال يصر- أي المكتب- على ان المواقف الرسمية الأردنية لا تتخذ بناء على ما تقوله الصحافة في الجانبين بل بناء على الوثائق والمراسلات الأصولية حيث سفارة الأردن في تل أبيب وسفارة إسرائيل في العاصمة عمان.
أحد أبرز الوزراء في الحكومة الأردنية قال لـ «القدس العربي» أن سلطات بلاده تعرف تماماً ما الذي يفعله الإعلام الإسرائيلي بصورة محددة ولماذا يسلط الأضواء قصداً على الحدود الشمالية بين المملكة والجانب الآخر.
هذه «المعرفة والخبرة» لا تتطور في السياق العلني إلا عبر تصريحات خجولة بين الحين والآخر لأن الاتصالات الحقيقية بين عمان وتل أبيب كانت ولا زالت «سرية ومكتومة» ومليئة بالإرتياب خصوصاً من جانب الأردن الذي يحاول تجنب أي إنقلاب على مصالحه من جهة حكومة اليمين الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو.
في كل الأحوال التركيز الإسرائيلي الشديد خلال الأسابيع القليلة الماضية على عمليات التسلل من حدود الأردن ينسجم مع تفكير مربع القرار في عمان بأن اليمين الحاكم في إسرائيل يمضي قدماً في «مؤامرة بناء الجدار».
لكن عمان تقف عاجزة بسبب الظرف والتوازن الإقليمي عن التأثير على مجريات الأمور خصوصاً وان ماكينة الضغط تعطلت عبر الإدارة الأمريكية الصديقة المشغولة بالإنتخابات في الوقت الذي تتطور فيه الإتصالات نكاية في إيران بين دول عربية كبيرة وحليفة للأردن من بينها مصر وبعض دول الخليج.
بكل الأحوال سلط الإعلام الإسرائيلي الأضواء على ثلاثة حوادث مؤخرا حصلت على الحدود بعنوان تسلل مواطن أردني وصف بأنه معتوه وإطلاق الرصاص عليه عبر منطقة الأغوار ثم تسلل إسرائيلي «تائه» في اتجاه الأردن والحادث الأخير والثالث يتمثل في قصة الأسلحة التي قالت القناة الإسرائيلية السابعة انها ضبطت ومصدرها من الجانب الأردني.
التهمة الباطنية للأردنيين في هوامش هذه القضية تتعلق بالتراخي الأمني لكن الأوساط الأردنية الأمنية تلوح وتحذر من أن تل أبيب لا يمكنها ان تتخيل ما الذي يمكنه ان يحصل فعلاً لو تراخى الأردن أمنياً او عسكرياً على الحدود.
طبعا في رأي الأردنيين هذه التهمة «باطلة» والناطق الرسمي بإسم الحكومة الأردنية الدكتور محمد مومني قال لـ»القدس العربي» مباشرة ومرات عدة بأن حكومته لا تتخذ قراراتها ولا مواقفها بناء على ما يبثه او يبتكره او يتخيله أو يقوله الإعلام الإسرائيلي.
التهمة الضمنية تقفز صعوداً وتنمو لأسباب سياسية في رأي غرفة القرار الأردنية مرتبطة بالسعي الإسرائيلي لتبرير مشروع الجدار الجديد المنوي إنشاؤه على طول الحدود الشمالية مع الأردن لأغراض تثبيت إستراتيجية وليس لأغراض تكتيكية او أمنية.
حوادث التسلل الفردية تحصل طوال الوقت ومنذ خمسين عاماً عبر منطقة الأغوار إلى الجانب الإسرائيلي..كذلك محاولات تهريب السلاح وما يتصدى له الجانب الأردني الحامي والحارس للحدود يفوق بكثير ما لا يمكن رصده. رغم ذلك يبالغ إعلام إسرائيل في التحدث عن الموضوع وزادت جرعة المبالغة مؤخراً وبصورة توحي بأن العلاقة متوترة في الباطن بين عمان وتل أبيب.
في ذهن الخبراء في المؤسسة الأردنية استقر الإنطباع بأن إسرائيل نتنياهو إتخذت القرار ببناء الجدار على الحدود الشمالية وهو تمهيد لإستكمال الجدار نفسه لاحقاً على طول الحدود وبصورة عدائية جدا تعيد إنتاج الكثير من التفاصيل الحساسة. بناء جدار عازل على الحدود هو أسوأ سيناريو يمكن ان يسيء لمصالح الأردن الدولية والإقليمية.
وإسرائيل تقول ضمنيا للأردن بانها تستغل الوضع الإقليمي المتوتر للتشكيك أولا بقدرة الأردن على إنفاذ إلتزاماته القانونية والدولية والسياسية بخصوص الحدود مع إسرائيل وبموجب إتفاقية وادي عربه وتستثمر ثانياً في اتجاه التمسك بعقلية «القلعة» التي طالما انتقدها العاهل الملك عبدالله الثاني.

اليمين الإسرائيلي: مبالغات منهجية بعنوان الوضع الأمني في «الأغوار» وأضرار بالغة ستلحق بالأردن في حال بناء «الجدار» الجديد على طول الحدود الشمالية

بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية