نيويورك (الأمم المتحدة) – «القدس العربي»: جاء في بيان صدرعن منظمة التربية والعلم والثقافة (اليونسكو) وزع هنا في المقر الدائم أنها تلقت تقارير وصوراً من معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث والبرنامج التشغيلي للتطبيقات «الساتلية» التابع له تؤكد تدمير واحد من أشهر المعالم الأثرية في مدينة تدمر وهو (التترابليون) بالإضافة لواجهة المسرح الروماني.
وأشارت ميشتد روسلر، رئيسة قسم التراث في اليونسكو، إلى أن «تدمير هذه المناطق الأثرية يعد جريمة حرب، مثلها مثل تدمير المعالم الأثرية لمدينة تمبكتو في مالي». فـ»بالنسبة لنا كانت القضية أمام المحكمة في لاهاي حاسمة تماماً. هذه جرائم حرب. تمت مهاجمة المواقع خاصة لأنها تظهر كيف تتفاعل الثقافات المختلفة مع بعضها، وهذا هو السبب في أن هذه أيضاً تعد جريمة حرب». وفيما يتعلق بمدينة تدمُر الأثرية ذكرت روسلر أن التقارير التي تلقتها منظمة اليونسكو تشير إلى وقوع مزيد من الدمار:
«لقد تلقينا عدداً من التقارير من مصادر مختلفة، وقمنا أيضاً بتحليل صور الأقمار الصناعية من زملائنا من معهد اليونيتار (معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث) والتي كشفت أنه كان هناك مزيد من الدمار في تدمر».
والتترابليون الذي يشكل تقاطعاً على طول الرواق الكبير في تدمُر كان شاهداً على ما كانت عليه الحقبة التاريخية حوالي سنة 270 ميلادية من عظمة وقوة تحت قيادة الملكة زنوبيا.
وكانت بعثة أرسلتها اليونسكو إلى حلب أمس قد أنهت تقييماً أولياً للخسائر في مواقع التراث العالمي، وفي مدينة حلب القديمة، وحول حالة المؤسسات التعليمية.
وقام فريق اليونسكو على مدى ثلاثة أيام (من 16 إلى 19 الشهر الجاري) بجرد للخسائر الجسيمة التي تعرضت لها أماكن أثرية عديدة. وأعلنت روسلر أن اليونسكو بمساعدة الشركاء ستتمكن من ترميم العديد من معالم حلب القديمة.
«أعتقد أننا سوف نكون قادرين على القيام بأشياء معينة، في المسجد الأموي الكبير على سبيل المثال والقلعة وعدد من المساجد والأسواق والخانات والحمامات، وبالتأكيد المتاحف أيضاً. بالنسبة لهؤلاء الناس من المهم جداً الحفاظ على هذا التراث لأنه جزء من هويتهم». وأشادت اليونسكو بصمود أهالي حلب وبالجهود التي بذلها العاملون في مجال التراث من أجل حماية هذه الأماكن التراثية في وقت النزاعات، واتخاذهم إجراءات طارئة لترميم الآثار المدمرة.
وفي مجال التعليم، قامت اليونسكو بتقييم حالة المؤسسات التعليمية التي تعرضت لتدمير جسيم. ووفقاً لليونسكو فإن المدارس الواقعة في شرق حلب مدمرة كلياً أو تحتاج لترميم كامل. أما بالنسبة للمدارس القليلة جداً التي مازالت تستقبل تلاميذ، فهي تعمل في ظروف مأسوية وغير آمنة على الإطلاق.
وقد صرحت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو قائلة: «كما ذكرت مراراً وتكراراً، أكرر دعوتي إلى جميع الأطراف بعدم استهداف الآثار الثقافية والمؤسسات التعليمية، طبقاً للقانون الدولي والقانون الإنساني، فتدمير آثار سوريا هي بمثابة طعنة ثانية توجه إلى الشعب السوري، ونسيان تاريخه هو إنكار لقيم هذا التاريخ وحقوقه، والحرب لا تحافظ على الأرواح ولا على الحجارة، ولهذا فإن البحث عن السلام يعني إنقاذ الأرواح والحفاظ على المدارس والتراث».
عبد الحميد صيام