مدريد ـ «القدس العربي» من حسين مجدوبي: يجري الحديث ومنذ قرون عن اليونان بصيغة الماضي بسبب مساهمتها القيمة في الحضارة الإنسانية عبر أسماء مثل هيرودوت وسقراط وأفلاطون، وغابت لاحقا عن الأحداث وأصبحت كيانا هامشيا تتقاذفه الامبراطوريات الأوروبية والعثمانية. وفجأة تقفز إلى واجهة الأحداث الدولية لمعرفة من الفائز في الانتخابات التشريعية: هل الأحزاب الكلاسيكية أم حزب سيريزا بزعامة السياسي الشاب ألكسيس تسيبراس الذي يهدد بشرارة تغيير ستمتد إلى كل دول الاتحاد الأوروبي.
وعلى شاكلة الدول الفاشلة سياسيا مثل اليمن والصومال، تعتبر اليونان بمقاييس الغرب دولة فاشلة اقتصاديا وماليا لأنها تشهد أسوأ وضع اقتصادي في القارة العجوز بسبب تراكم القروض فيها بشكل لم تشهده أي دولة أوروبية خلال العقود الأخيرة، إذ يبلغ الدين العمومي 177٪ من الإنتاج القومي للبلاد وتقارب نسبة تفاقم الفقر وارتفاع البطالة 25 ٪.
غياب الاستقرار المالي أدى إلى غياب الاستقرار السياسي، وهو ما جعل البلاد تعيش انتخابات مبكرة آخرها التي ستجرى غداً الأحد، ولكن هذه المرة تعتبر منعطفا يحمل مستجدات كبرى تتجاوز حدود اليونان إلى باقي أوروبا وستؤدي إلى فوز الحزب اليساري الاجتماعي «سيريزا» بأغلبية مطلقة.
وهذه الانتخابات تحمل الكثير من الدلالات الكبرى، أولا، فهي تضع «وكأنها تراجيديا إغريقية» حدا للثنائية الحزبية في اليونان بين اليمين المحافظ والحزب الاشتراكي، إذ يتقدم حزب سيريزا الحديث العهد بـ 6 نقاط على منافسه الثاني حزب الديمقراطية الجديدة وبنقاط أكبر على الاشتراكيين.
ثانيا، نهاية الثنائية ستنتقل إلى دول أوروبية أخرى ومنها إسبانيا التي يتقدم فيها حزب بوديموس الذي يقوده الشاب بابلو إغليسياس، ولا يتعدى عمر تأسيسه عشرة أشهر، ومن المنتظر تكرار الظاهرة في دول أخرى نحو مشهد سياسي أوروبي مغاير وجديد.
ثالثا، رغم الحجم الصغير للاقتصاد اليوناني إلا أن مختلف المؤسسات المالية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي تتخوف من السياسة الاقتصادية التي يحملها الحزب، وهي وضع حد لسياسة التقشف التي تفرضها المؤسسات المالية الكبرى على اليونان منذ سنوات طويلة وتفاقمت ابتداء من 2008 بحيث قضت على الطبقة الوسطى.
وبادر صندوق النقد الدولي إلى التخويف من وصول سيريزا إلى السلطة في اليونان بسبب الأفكار التي يطرحها، بينما أعلن البنك المركزي الأوروبي عمليا بلسان مديره ماريو دراغي عن شراء 60 مليار يورو شهريا من الديون العامة للدول الأوروبية ما بين آذار/ مارس المقبل إلى أيلول/ سبتمبر 2016 لإنقاذ الاقتصاد الأوروبي. والمثير أن شراء البنك المركزي الأوروبي للديون العامة هو من مطالب القوى اليسارية، والتي كانت ترفض في السابق والآن يتم العمل بها بسبب انتخابات اليونان.
ويكتب ألكسيس تسيبراس مقالا اليوم في عدد من الجرائد الدولية ومنها «لوموند» يقول فيه»اليونان مقبلة على التغيير يوم الأحد 25 يناير… ونحن مطالبون بوضع حد للتقشف حفاظا على الديمقراطية وضرورة تغيير القوى التقدمية والديمقراطية أوروبا قبل أن تقوم بذلك الفرنسية ماري لوبين وأنصارها من اليمين المتطرف».
ويعترف قادة الاتحاد الأوروبي بأن جزءاً من مستقبل أوروبا رهين بما سيجري هذا الأحد في صناديق الاقتراع في اليونان، وبهذا يكون حزب سيريزا قد أعاد اليونان إلى خريطة الأحداث الدولية وانتشلها من الماضي السحيق، وقد يستحق تسيبراس تمثالا في حالة الفوز على شاكلة الأسماء اليونانية الكبرى التي صنعت «المجد الإغريقي».
تمنياتنا لحزب #سيريزا بالفوز و التوفيق في العمل.
اذا فاز سيريزا فهذا سوف يقضي على اليورو
بداية نهاية اليورو
ليس فقط في اليونان بل في معظم الاتحاد
خصوصا ان الدولار قوي الان