في غمرة المشهد المعقد الذي أفرزته نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة في تونس، بمقدور المراقب أن يتلمس جملة من الملاحظات؛ بعضها عياني وراهن ومرتبط بهذه النتائج تحديداً، وبعضها الآخر مُرجأ إلى إشعار زمني قادم، قد يطول أو يقصر.
الملاحظة الأولى هي أنّ الشعب التونسي برهن، بصفة إجمالية تسمح بمقدار آمن من التعميم، على تمتعه بثقافة انتخابية تعددية، تأصلت كما يلوح خلال زمن قياسي، بالمقارنة مع تجارب أخرى على امتداد العالم. وهذه ثقافة كفيلة بتسليح دورات الانتخاب التشريعي القادمة، أو أية انتخابات لاحقة، رئاسية أو بلدية أو نقابية أو مهنية؛ حتى إذا كانت الحصيلة، رغم إيجابياتها الكثيرة، ليست مكتملة على نحو كافٍ يبدد القلق.
ملاحظة ثانية هي أنّ النظام القديم، في شقّه البورقيبي الأعرق، والآخر الذي تولاه الدكتاتور المخلوع زين العابدين بن علي؛ لم يغادر المشهد تماماً، أو بدرجة عالية ضامنة، بدليل ما يحتويه «نداء تونس»، الحزب الأوّل بموجب صندوق الاقتراع، من عناصر كانت قيادية أيام بن علي، وهي اليوم تقود في صفوف الحركة، أو سوف تتبوأ مواقع قيادية مكينة. وإذا صحّ، بالفعل، أنّ قواعد «التجمع الدستوري الديمقراطي»، حزب بن علي المنحلّ، توزعت على غالبية الأحزاب التونسية الجديدة، وهذا أمر طبيعي؛ فإنّ من الصحيح، أيضاً، أنّ «نداء تونس» احتضن العدد الأكبر من تلك الشريحة التي يمكن تصنيفها في خانة «الفلول».
ملاحظة ثالثة هي أنّ اليمين هو الفائز في المحصلة العملية، حتى إذا تباينت عقائده وتوجهاته وخططه، بين ليبرالية «نداء تونس»، أو إسلامية «حركة النهضة»، أو تلاوين يمين الوسط الإصلاحي لدى حزبَيْ «الاتحاد الوطني الحر» و»آفاق تونس»، في المرتبتين الثالثة والرابعة. وهذا مآل تعززة حقيقة النتائج الكارثية لغالبية الأحزاب اليسارية، التي بدا أنّ بعضها لم ينتكس أو يتراجع أو ينهزم، فحسب؛ بل يوشك على الاضمحلال تماماً، والخروج نهائياً من المشهد السياسي والحزبي. وإذْ يعقد البعض شيئاً من الأمل على نوّاب «الجبهة الشعبية»، 15 مقعداً، خاصة في المسائل التي تمسّ حياة المواطنين المعيشية والخدمية تحديداً؛ فإنّ الجبهة سوف تجد نفسها واقعة بين نارين، حين يأزف أوان تشكيل الحكومة: ليبرالية «نداء تونس»، أم… ليبرالية التكنوقراط!
ملاحظة رابعة هي أنّ ترسخ ثقافة انتخابية، خلال هذه الدورة، لا يطمس حقيقة موازية هي أنّ النسبة العامة لإقبال الناخبين كانت أقلّ من نسبتهم في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي سنة 2011؛ وذلك بمعدّل سكاني لافت هو قرابة مليونَيْ ناخب مسجّل امتنعوا، هذه المرّة، عن التوجه إلى صناديق الاقتراع. وإذْ يأخذ المراقب بعين الاعتبار مجموعة التحديات التي تواجه البلاد، وبالتالي الأهمية القصوى لهذا الاستحقاق الانتخابي، فإنّ نسبة العازفين عن التصويت تثير المخاوف وتدعو إلى التأمل في الأسباب.
ملاحظة خامسة، تبرر عنوان هذا العمود، هي تلك التي يفرضها الواقع الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي الذي تعيشه تونس اليوم، وآفاق ـ بل يجوز القول: أشباح ـ تطوره إلى مستويات أشدّ ضغطاً على حياة المواطن اليومية: عجز في ميزان المدفوعات بلغ 29.3٪، وعجز في الميزان التجاري قارب 18.2٪، والبطالة 16٪ عموماً و30٪ في صفوف الشباب، والتضخم 6٪. فكيف إذا اضطرت الحكومة القادمة، أياً كانت سيناريوهات تشكيلها، إلى الرضوخ لمطالب البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، بصدد رفع الدعم عن السلع الغذائية الرئيسية، مما سينقل الغلاء العام وارتفاع الأسعار إلى معدلات ماراثونية طاحنة.
وهكذا، فليس بإبعاد «النهضة» عن سدّة الحكم، فقط، يمكن لتونس أن تتنفس الصعداء؛ فالقادم يبدو أعظم، وتحدياته أمضّ وأقسى!
صبحي حديدي
الانتخابات الأخيرة في تونس صدمت الكثير من التونسيين وكانت علامات الحزن وخيمة الامل التي لم يقدررؤساء الاحزاب أن يخفوها ظاهرة علي وجهم بعد فواة الاوان فطنت الا حزاب لما فات الفوة فاقت الاحزاب وبدأت تحلل في أخطائه هذا حال العرب العرب لا تحضر جيدا للمعركة لكن لما تخسر المعركة تحزن وتندب حالها وتنزل في حفرة عتمة طبعا حزب نداء تونس لا يبشر بخير وعودة النظام القديم يعني عودة شرسة للأمن وعودة الأمن شئ مخيف
وهذا الحال غي تونس يمكن ان يكون في صالح النهضة اذا ما ابتعدت عن الحكم ورقيت في المعارضة حتى ﻻتتحمل تبعات المرحاة القادمة
اعتقد بأن هذا التحليل واحد من اغمق التحليلات بخصوص الانتخابات التونسية وبشكل خاص لأن الراي الغالب عند المحللين هو انتصار اليشار والعلمانية وما اشبه في حين الحقيقة هي تغيير اليمين من النهضة الى الباجي والليبراليين والفلول وبقايا رموز كانت يسارية بغابر الازمان . كل التحية للكاتب الكبير .
انتصار نداء تونس هو انتصار للديمقراطية الفتية بتونس
أما حزب النهضة فقد أعطى مثالا يحتذى به من قبوله بالنتائج
لم يكن هناك خاسر بتونس فالجميع بقوا توانسه ومحبين لبعضهم
على حزب النهضة تكوين حكومة ظل حتى تراقب أداء الحكومة الجديده
ولا حول ولا قوة الا بالله
واقعية رائعة وكل املنا ان يكون القادم افضل ليس فقط في تونس
الصراع على الهويه وليس على الحقوق وتحسين مستوى المعيشه والخدمات فهمت النهظه هذا اﻻنتكاسها في العقل العربي اﻻسﻻمي والذي نجح المستعمر في اعادة تشكيله لدرجة رفض اﻻسﻻم جملة وتفصيﻻ وافضل حل لهذه المعضله ترتك اصحاب الاتجهات العلمانيه اﻻحتراق في نار مطالب الشعب
والوقوع في نفس الفخ الذي نصب للاخوان المسلمين في مصر
راي متواضهع : يجب ان يحرم الامنيون التونسيون الذين ثبت تورطهم في ادوار امنية مع النظام الجديد من الانتخاب والتصويت وقد يبدو هذا استبدادا ولكن الصيانة الحقيقية لديمقراطية تونس هي الابعاد الحاسم للعناصر الامنية والعسكرية عن دفة السياسة لان لهؤلاء مشروعا يتعارض وتونس بعد الثورة وعودتهم على صهوة الديمقراطية ان كان عبر تقسيم انفسهم على الاحزاب او عبر تركزهم في حزب واحد هوانقلاب صامت على ارادة الشعب التونسي التي عندما انتخبت ربما لم تلمح تركز هؤلاء في حزب نداء تونس وعلى كل يبقى الامل ان لا تتعرض تونس لاضطرابات وانتحافظ علىانجازها الثوري ولو بهدنة مؤقتة مع بعض الرموز الامنية القديمة وهنيئا للتونسيين وطنهم
السيسي يفوق السبسي بنقطة واحدة فماهي؟
إذا لن تنقص مصر تونس إلا بحرف واحد تمنع من المعنى واستخلص أن الثورة كانت فقط محطة للتخلص من وجوه واستبدالها بوجوه جديدة صحيح انها كانت تتقلب في مناصب قيادية في كل مراحل الديكتاتوريات. وتملك خبايا وخبرة خداع الشعب فهاهي اليوم بفعل خداعها و شيطنة الثورة و الثوار لتتصدر الحكم اليوم صحيح أن الخداع يختلف من قطر إلى آخر
فكانت الضحية ضحايا شهداء الثورة و الشعب يريد. و الحرية و الكرامة و أشياء كنا نحلم بها