انتخابات لبنان: كلهم خاضوا الغمار والرابح إيران

حجم الخط
24

رغم بعض المفاجآت المحدودة، والتقدم أو التراجع الطفيفين في حصيلة الكتل النيابية الرئيسية، تشير نتائج الانتخابات التشريعية اللبنانية إلى ثبات نسبي في توازن الأحزاب والقوى، وبالتالي تعيد التأكيد على إعادة إنتاج الأمر الواقع كما كان قبيل السادس من أيار/ مايو حين توجه اللبنانيون إلى صناديق الاقتراع.
في عبارة أخرى، تراجعت كتلة «المستقبل» بالقياس إلى عدد النوّاب، لكنّ رئيسها سعد الحريري بقي الأوفر حظاً للتكليف بتشكيل الحكومة المقبلة. وخسر «حزب الله» مرشحاً شيعياً في جبيل، لكنه اكتسب مرشحين جدداً من صفوف السنّة ليسوا حلفاء للحزب فحسب، بل هم أقرب منه إلى النظام السوري. وإذا كانت المجموعات المسيحية قد خسرت هنا او ربحت هناك، فإن التحالف القديم الذي جمع «القوات» مع «الوطني الحرّ» سوف يُستأنف سريعاً بعد إحالة صناديق الاقتراع إلى المستودعات.
ولعل كبرى المفاجآت لم تكن نجاح «المجتمع المدني» في اختراق الأسوار الحصينة التقليدية، وانتخاب نائبتين آتيتين أصلاً من صفوف الإعلام والصحافة تحديداً، ومن قلب الأقليات الأدنى سطوة، رغم ما انطوى عليه هذا التطور من مغزى هام. المفاجأة الكبرى صنعتها، في المقابل، نسبة اقتراع لم تبلغ الـ50٪، أي أقلّ من دورة 2009، وذلك رغم إقرار قانون النسبية والصوت التفضيلي الذي كان من المتوقع أن يجذب المزيد من الناخبين، أكثر من القانون السابق في أقل تقدير. ذلك يعني أن ثقة المواطنين في الانتخابات، وربما في المجلس النيابي ذاته ومن ورائه المؤسسات السياسية إجمالاً، هي جوهر العزوف وهي الآخذة في التناقص.
الدرس الثاني هو أن شرائح واسعة من أبناء الطائفة الشيعية ما تزال ملتفة حول «حزب الله»، رغم أن خياراته في التدخل العسكري إلى جانب نظام بشار الأسد وتحويل «بندقية المقاومة» نحو الداخل السوري بدل المواجهة مع إسرائيل، كان يُنتظر منها أن تتسبب في تآكل بعض شعبيته في الوسط الشيعي على الأقل. ذلك يشير أيضاً إلى أن قدرة الحزب على تأمين خدمات اجتماعية واقتصادية وسياسية لأبناء الطائفة تظل بين أبرز العوامل التي تمكّن مرشحيه من الحفاظ على التأييد وحصد الأصوات. ولهذا يصح القول مجدداً بأن الحزب لم يعد دولة داخل الدولة فقط، بل هو يملك ما تعجز عن توفيره الدولة الرسمية ذاتها.
الدرس الثالث إقليمي يتجاوز لبنان ويتصل بما تشهده المنطقة من محاور وإعادة توزيع للأوراق والمواقف، وهو أن جميع القوى اللبنانية خاضت غمار الانتخابات، فكسبت أو خسرت أو راوحت في مكانها، ولكن الرابح الأكبر كان طهران ومحورها الذي تتوطد حلقاته من العراق إلى اليمن، مروراً بسوريا ولبنان، خاصة وأن معطيات الانتخابات التشريعية المقبلة في العراق تشير إلى جولة فوز ثانية لصالح إيران.
وبالنظر إلى أن العداء بين الجمهورية الإسلامية وكل من الولايات المتحدة وإسرائيل يستحكم أكثر فأكثر حول مسائل عديدة، من الاتفاق النووي مع الغرب إلى مناطق النفوذ الإيرانية المتعاظمة، فإن من سوء طالع اللبنانيين أن بلدهم سوف يستمر في وضعية الرهينة، ضحية تقاطع النيران.

انتخابات لبنان: كلهم خاضوا الغمار والرابح إيران

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول بلحرمة محمد المغرب:

    وما الضير في تعاظم النفود الايراني في منطقة عربية مستباحة كان سببها الرئيسي هم الانظمة العربية نفسها؟ فلمادا تتباكى الانظمة العربية المرهونة للغرب على هدا النفود وهي التي عبدت الطريق وخلقت البيئة المناسبة له؟ ولمادا التركيز على النفود الايراني دون دكر الاحتلالات الاخرى؟ الا يعج الخليج العربي بالقواعد العسكرية الامريكية والبريطانية والفرنسية والتركية؟ لمادا يدرف حكام العرب دموع التماسيح على ملك اضاعوه وعلى اوطان سلموها لاعدائهم وخيرات دفعوها كجزيات مقابل حماية ممالكهم وعلى دين شوهوا تعاليمه السمحاء وعلى شعوب منسية ساهموا في قتل احلامها وقضايا تواطؤوا في التامر عليها وفي مقدمتها فلسطين؟ فمتى يتحرر العرب من عقدهم النفسية الكثيرة ويستفيقوا من سباتهم الطويل ليعملوا على فك الاصفاد التي ربطوا انفسهم بها ويتخلصوا من كل الاحتلالات كانت ايرانية ام غربية فلا يمكن ان نشير الى ايران وحدها لاسباب سياسية وخلافية ونغض الطرف عن الخطر الاكبر المتمثل في الاحتلال الصهيوامريكي والغربي؟

  2. يقول nordine:

    مبروك لإيران المقاومة ة

  3. يقول محمد شهاب أحمد / بريطانيا:

    وأن معطيات الانتخابات التشريعية المقبلة في العراق تشير إلى جولة فوز ثانية لصالح إيران…..إقتباس من التعليق
    عدت من العراق مؤخراً ، و إنطباعي مختلف
    و لكن أتباع إيران يبذلوا كل جهد لعدم حصول ذلك

  4. يقول يوسف//الأردن:

    إتفق المسيحين والشيعه علي نبذ السنه وتحيدهم وإخراجهم من لعبه الحكم في لبنان والمصيبه الكبري أن السنه متناحرون فيما بينهم….

  5. يقول قد أوربة محمد....... فر نسا:

    الثورة

  6. يقول 3alal:

    يا سيد كروي عندنا مثل يقول من يشهد للعروسة إلا أمها أو فمها

    1. يقول الكروي داود:

      عاشت الأقليات يا عزيزي عادل مئآت السنين تحت حكم السُنة ولم يضطهدهم أحد ! ولا حول ولا قوة الا بالله

  7. يقول قارئ فلسطيني:

    ايران احترمت اتباعها الشيعه ومؤيديها السنه في لبنان ووفرت لهم النقود لتقديم الخدمات والرواتب والدعم بكل انواعه. أما السعوديه فوضعت زعيم السنة ورئيس الوزراء اللبناني في المعتقل لسلب امواله واهانته بطريقه وقحه وهددت اتباعه ولبنان بحرب اقتصاديه وتحالف مع الصهاينه لشن حرب على بلادهم.
    والنتيجه انهزم بن سلمان كنز الصهانيه الاخر واستفردت ايران ببلد عربي آخر بدون قتال هذه المره..

  8. يقول محمد علي:

    الشعوب العربيّة المُهمّشة (التي لا تعمل بنظام الإنتخاب الديمقراطي في بلدانها) لا يحق لها التنظير والتعليق السلبي على نتائج الإنتخابات الديمقراطيّة في باقي الدول العربيّة (لبنان والعراق وتونس، مع تفاوت الظروف بينها). الأولى بها أن تُحسن ظروف الحريّات في أوطانها. مبروك للبنان عرسه الديمقراطي.

  9. يقول gamal:

    لانتخابات البرلمانية، التي جرت للمرّة الأولى باعتماد صيغة معدّلة للنظام النسبي، من خلال ما يسمّى “الصوت التفضيلي” والتقسيم الطائفي للمقاعد الانتخابية، جاءت نتائجها بعكس ما أراد عرّابو القانون الانتخابي الجديد، لا سيما “تيار المستقبل”

  10. يقول nada:

    الحريري سيكون أضعف في التركيبة البرلمانية، مقارنة بما كانت عليه الحال في السنوات الماضية. ولعلّ الأزمة الحقيقية التي تواجهه، تتمثل في الخسارة المدوّية التي واجهها في بيروت ..هذا الضعف مرده السعودية..

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية