انتقادات لمنع دخول المهجرين منطقة درع الفرات

حجم الخط
0

منهل باريش: أثار منع إحدى قوافل مهجري جنوب دمشق من الدخول إلى ريف حلب الشمالي أو ما يعرف بمنطقة «درع الفرات» (نسبة إلى العملية العسكرية التي أطلقتها تركيا مع فصائل الجيش الحر لطرد تنظيم الدولة الإسلامية من ريف حلب الشمالي في 24 آب/أغسطس عام 2016) استياء واسعاً في أوساط النشطاء المدنيين والسياسيين والإعلاميين، إضافة لقياديين في فصائل المعارضة السورية وخصوصاً قادة جبهة «تحرير سوريا». وانتقد قائد حركة نور الدين الزنكي (أبرز مكونات تحرير سوريا)، توفيق شهاب الدين، ما يجري من توقيف المهجرين، ومنعهم من الدخول إلى مدينة الباب، واصفا ما حصل أنه «أمر لا يليق بالدولة التركية وتأباه الإنسانية». وتساءل: «هل أصبح السوري يحتاج إلى جواز سفر داخل أرضه؟».
وأشار الناشط السياسي وائل عبد العزيز لـ«القدس العربي» أن «حافلات المهجرين ما زالت تنتظر على حواجز ريف حلب موافقة السلطات التركية على دخول أرضنا المحررة»، واصفاً رواية «الإجراءات الأمنية» أنها ممجوجة، و«النخوة والوفاء تفرض على الفصائل والأحرار التحرك لفرض إدخالهم على من يرفض ويؤخر».
خرجت القافلة الخامسة من جنوب دمشق، صباح الإثنين الماضي، متوجهة إلى منطقة «درع الفرات» لتصل بعد أربع وعشرين ساعة إلى قرية المران القريبة من أول نقطة تفتيش للجيش التركي، ولم يتم السماح للقافلة المكونة من 48 حافلة والتي تضم 1111 مهجرا من الدخول عبر معبر أبو الزندين إلى الأراضي التي تسيطر عليها فصائل المعارضة السورية، حتى لحظة كتابة التقرير مساء الجمعة.
أحد النشطاء في القافلة أكد لـ«القدس العربي» أن الهلال الأحمر السوري يرافق القافلة ويقدم العلاج الطبي، وقدمت وجبات طعام من المعلبات والخبز. وأكد الناشط، الذي فضل عدم ذكر اسمه، «دخول سبع حالات للعلاج لمنطقة درع الفرات في أول يوم لوصول القافلة، ودخلت دفعة ثانية من المرضى مكونة من أربع حالات أخرى يعاني أصحابها من أمراض مزمنة». من جهته أشار الناشط عاطف أبو الخير، العالق في القافلة رقم 5، أن كل أخبار عدم إدخالنا تأتي من «الاحتلال الروسي ولم نعلم بعد سبب الرفض». وأطلق مهجرون ونشطاء في القافلة الخامسة العالقة في معبر أبو الزندين قرب الباب نداء إنسانيا لإنقاذهم عبر هاشتاغ (#أنقذوا_القافلة_رقم_5)، ورفض مهجرو القافلة عرض ممثل قافلة مهجري ريف حمص الشمالي بالانتقال إلى إدلب عبر محافظة حماة والدخول من معبر بلدة قلعة المضيق، الأمر الذي دفع مهجري ريف حمص الشمالي بالتوجه إلى قلعة المضيق منفردين لتستقبلهم حركة «أحرار الشام» الإسلامية.
وبعد منع القافلة من الدخول إلى منطقة «درع الفرات» فضل باقي المهجرين في جنوب دمشق التوجه مباشرة إلى إدلب عبر قلعة المضيق، خوفا من المصير الذي لقيته القافلة رقم 5. ورغم الضغوط التي مارسها الجنرال سيرغوف على القافلة جنوب مدينة الباب واتهامه تركيا أنها تخلت عن المهجرين ولم تلتزم بتعهداتها تجاههم، قال الجنرال للمهجرين في القافلة إن «الأتراك يرفضون دخولكم بشكل كامل ولا نتوقع تغييراً في رأيهم». ولم يتمكن ممثلو القافلة حتى اللحظة من الاجتماع بالمسؤولين الأتراك في المنطقة حتى يطلعوا منهم بشكل مباشر على حقيقة موقفهم وكل ما ينقل هو عبر الجانب الروسي.
مع خروج القافلة السابعة إلى إدلب، يوم الخميس، بلغ أعداد المهجرين قسريا من بلدات بيت سحم وببيلا ويلدا، قرابة العشرة آلاف مهجر، بعد أن احتوت القوائم الأولى على 17 ألف اسم كانوا يفضلون الخروج من الأحياء التي دخلها النظام بعد خروج آخر القوافل من هناك في العاشر من أيار (مايو). إلا أن الأنباء المتواترة من ريف حلب الشمالي ومنطقة الباب حول عدم وجود مخيمات إيواء أو دور رعاية مجهزة حالت دون قرار مغادرة الكثيرين إلى أرضهم، مفضلين الدخول بتسوية أمنية مع النظام السوري على الرحيل إلى مصير مجهول.
على الضفة الأخرى، وفي غياب أي موقف رسمي تركي مما حصل مع مهجري جنوب دمشق وريف حمص الشمالي، برر قسم كبير من العاملين في المؤسسات الإغاثية والإنسانية في منطقة «درع الفرات» أن عدم مقدرة المؤسسات الإنسانية السورية والتركية على الاستجابة الإنسانية لعشرات آلاف المهجرين قسريا في «درع الفرات» أو إدلب، إذ ناهزت أعداد المهجرين الثمانين ألفا خلال الشهرين الماضيين بسبب تهجير الغوطة الشرقية وقبلها القدم والعسالي، إضافة إلى تهجير أهالي ريف حمص الشمالي.
وربط بعض المحللين أن تركيا رفضت إدخال المهجرين من ريف حمص الشمالي، على اعتبار أنها منطقة خفض تصعيد وأن جهات محسوبة على دولة إقليمية هي من أثارت الفوضى في ريف حمص الشمالي، وقدمت مبادرة تهدف إلى استسلام وموافقة فصائل ريف حمص الشمالي على التهجير، دون الرجوع لتركيا وهي الضامنة لمنطقة خفض التصعيد في ريف حمص الشمالي من جهة المعارضة السورية.
التبريران السابقان، رغم محاولة ترويجهما بشكل ملحوظ، فإنهما لا يحتاجان إلى الكثير من الجهد لتفنيدهما، فمنظمة «إدارة الكوارث والطوارئ التركية» والمعروفة اختصارا «آفاد» والتي تشرف على عشرات المشاريع الكبرى في تركيا وفي خارجها، إضافة إلى «منظمة الإغاثة الإنسانية» (IHH) اللتان قامتا بجهد كبير في منطقة درع الفرات وعفرين، قادرتان على استيعاب عشرات الآلاف من النازحين بشكل سريع، ما يعني أن المسألة سياسية أكثر من اعتبارها الإنساني.
ويعزز وجهة النظر هذه أنه على فرض التسليم بان فصائل حمص توجهت برغبة تخالف الرغبة التركية في موضوع إبرام الاتفاق مع الجانب الروسي دون الرجوع إليها، فالسؤال هو لماذا لم يسمح بإدخال العالقين في القافلة رقم خمسة وهم من جنوب دمشق وليس من ريف حمص الشمالي؟

انتقادات لمنع دخول المهجرين منطقة درع الفرات
نشطاء يطلقون حملة لإنقاذ القافلة رقم 5

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية