غزة ـ «القدس العربي»: برغم الإعلان عن تمكن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» من إتمام تسليم المرحلة الثالثة من مشروع إعادة إسكان العائلات التي دمرت منازلها في هجمات إسرائيلية ضد القطاع عامي 2007، و2008، إلا أن ذلك أعطى انطباعا أن عملية إعمار المنازل التي دمرت في قطاع غزة خلال الحرب الأخيرة صيف عام 2014، قد تمتد لسنوات طويلة، في ظل ما تواجهه العملية من تأخر جراء إحجام العديد من المانحين عن الإيفاء بالتزاماتهم.
ومع إعلان «الأونروا» إتمام المرحلة الثالثة لمشروع إعادة الإسكان للاجئين الفلسطينيين في مدينة رفح جنوب غزة، وهو ويعتبر من أكبر مشاريع هذه المنظمة الدولية لإعادة إسكان من دمرت منازلهم في الحروب والهجمات الإسرائيلية التي شنت ما بين عامي 2007، و2008، فتح باب الاستفسار حول العام الذي سيعلن فيه عن انتهاء بناء المنازل التي دمرت في عام 2014، خاصة وأن أصحاب المنازل في تلك الحرب الأولى احتاجوا ثماني سنوات لإعمار منازلهم، مع فارق الكم الهائل في الدمار الذي حدث في الحرب الأخيرة.
وتقول «الأونروا» إنها بدأت المرحلة الثالثة من البناء في المشروع في الأول من يناير/ كانون الثاني 2015 وشملت 230 وحدة سكنية تؤوي و1310 لاجئين فلسطينيين، أو ما يقارب281 عائلة لاجئة، وأنه في المجمل ومنذ بدايته زود المشروع و741 1 وحدة سكنية لحوالي 11 ألف لاجئ ، وأنه بالإضافة إلى ذلك خلق مشروع البناء خلال مراحله الثلاث أكثر من160 ألف يوم عمل في قطاع غزة لحوالى 10 آلاف عامل.
وأوضحت أنه بدأ تسليم الوحدات السكنية في 20 مارس/ آذار الماضي، عندما وقعت العائلات التي تم اختيارها على استلام مفاتيح منازلهم الجديدة في موقع مشروع إعادة الإسكان أو في المكاتب المختلفة لبرنامج الإغاثة والخدمات الاجتماعية في «الأونروا» في غزة.
ومن بين من وقع على عقد استلام المنزل الجديد كانت السيدة غالية عليان (63 عاما)حيث تم التوقيع في 20 آذار الماضي. وقالت «بهذا المفتاح سأفتح فصلا جديدا في حياتي، الآن سأكون أكثر استقرارا واطمئنانا وسكينة مقارنة مع السنوات السابقة من التشرد».
وتذكر الأرقام التي وردت في التقرير أن منزل عائلة السيدة عليان وزوجها دمر في صراع 2007، 2008، وأنه منذ ذلك الحين كانت العائلة تعيش إما مع أقاربهم أو في مساكن مستأجرة مؤقتة، حيث ستستقر هذه العائلة المكونة من الزوجين وابن أعزب وآخر متزوج وله زوجة وأطفال في منزلهم الجديد.
وذكرت المنظمة الدولية أن المرحلة الثالثة من مشروع إعادة الإسكان في رفح، تكون من ثلاثة أنواع من المساكن تتناسب طرديا مع حجم العائلة وتشمل جميع المساكن على الأقل غرفتي نوم وغرفة معيشة ودورة مياه ومطبخا. وبالإضافة إلى ذلك يشمل المشروع مباني من طابق واحد ومباني من طابقين أو ثلاثة لتستوعب عائلات اللاجئين الممتدة التي استوفت معايير الاستحقاق.
وتم تمويل مشروع إعادة الإسكان في رفح بدعم سخي مقدم من الصندوق السعودي للتنمية قدره 109 ملايين ونصف مليون دولار.
وبالعودة إلى مشردي الحرب الأخيرة الذين ما زالوا يعانون من رحلة التشرد الداخلي، فإن تأخر مشردي الحرب الأولى لثماني سنوات حتى استلام منازلهم يثير لديهم المخاوف من الانتظار لسنين طويلة حتى تتحقق أحلامهم بمساكن جديدة.
والمعروف أنه في أعقاب الحرب الأولى على غزة، جرى عقد مؤتمر للمانحين في مدينة شرم الشيخ المصرية، وهناك جرى التعهد بتوفير 3 مليارات دولار، غير أن غالبية أموال الدعم كما العادة، لم تصل إلى غزة، كما عمدت إسرائيل على وضع عراقيل عدة أمام حركة إدخال مواد البناء، وهو أمر يتكرر حاليا، مع وجود فارق كبير في عدد المنازل التي دمرت في الحرب الأخيرة، التي تزيد بعدة أضعاف عن الحرب الأولى.
ويقول محمد صبحي وهو شاب في منتصف العشرينيات، وهدم منزله في الحرب الأخيرة، إنه يخشى من أن تدوم رحلة التشرد لعدة سنوات، ويضيف أن ذلك سيتسبب بمزيد من العناء والتعب له ولأفراد عائلته المكونة من تسعة أفراد، من بينهم أطفال صغار.
وفي الحرب الأخيرة على غزة التي يطلق عليها الإسرائيليون «الجرف الصامد» تعمدت إسرائيل إلى إحداث تدمير كبير في المنازل والبنى التحتية في كافة مناطق قطاع غزة، خاصة المناطق الحدودية الشرقية، التي نفذت فيها عمليات توغل برية، وكثيرا ما احتج سكان المنازل المدمرة على تأخر عجلة الإعمار.
وقبل عدة أيام تحدث بو شاك في مؤتمر صحافي عقده في غزة عن تأخر في دفع أموال إعادة الإعمار اللازمة من أجل بناء جميع المنازل التي دمرت في الحرب الأخيرة، وفق ما أقر في مؤتمر القاهرة للمانحين في أكتوبر/ تشرين الأول 2014.
وأعلن عن استعدادات السلطة الفلسطينية لعقد مؤتمر لمانحي إعمار غزة في مدينة رام الله في الضفة الغربية، يوم 13 ابريل/ نيسان الحالي، يرأسه رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور رامي الحمد الله، وستشارك فيه «الأونروا» والدول المانحة، حيث أوضح أن هذا المؤتمر الذي وصفه بـ «المهم» سيبحث عمليات إعادة الإعمار والتحديات التي تواجهها. وقال إنه سيتم إطلاع المشاركين على الوضع الذي يعيشه المشردون في غزة.
وتواجه عملية إعمار غزة أيضا تحد آخر إلى جانب تأخر المانحين في دفع ما عليهم من تعهدات، وهي وقف إسرائيل بين الحين والآخر عمليات تزويد القطاع بمواد البناء، وآخرها قبل عدة أيام، ومن المؤكد أن يتأثر قطاع الإعمار كثيرا بهذا القرار، الذي سيطيل العملية.
وفي مؤتمر المانحين في عام 2014 تعهد المانحون بما قدره قدره 5.4 مليار دولار، غير أن غالبيتهم لم تلتزم بتعهداتها، وحتى اللحظة لم يصل سوى القليل من هذه الأموال.
أشرف الهور