القاهرة ـ «القدس العربي»: الخوف من موجات جديدة من ارتفاع الأسعار وتهدئة الحكومة للناس كانا الموضوعين الأكثر اهتماما من الأغلبية، بعد أن زادت الأسعار فعلا في كثير من السلع، للدرجة التي دفعت رئيس الوزراء شريف إسماعيل لأن يصرح أمس الأربعاء 20 يوليو/تموز لزميلتنا في «الأهرام» الجميلة سحر زرهان ومحمد فؤاد بنفي ما يتردد عن موجة غلاء مقبلة، وحرص الحكومة على المحافظة على أسعار السلع الغذائية الأساسية من اللحوم والدواجن والزيت والسكر والأسماك بأسعار في متناول المواطن العادي، إلا أنه لمح إلى وجود نية لزيادة أسعار تذاكر مترو الأنفاق في القاهرة لتقليل خسائره.
ومن الموضوعات التي اجتذبت اهتمامات الأغلبية تصريحات وزير المياه الإثيوبي بأن بلاده لن تلحق أي ضرر بحصة مصر والسودان من المياه، وأنها مستمرة في بناء السد، وستبني سدودا أخرى. ومن الموضوعات الأخرى التي اجتذبت اهتمامات قطاعات من الناس متابعة أصحاب المنشآت السياحية والعاملين فيها نتائج مفاوضات وزير الطيران المدني شريف فتحي لروسيا للتفاوض على استئناف الرحلات الروسية. ومتابعة مرضى الفيروس الكبدي وعددهم عشرة ملايين توفير الدولة الأنواع الجديدة من العلاجات.
أيضا اهتم كثيرون بما أعلنه وزير الإسكان مصطفى مدبولي أن الوزارة ستطرح ستة آلاف وحدة سكنية للإيجار لمن يقل دخله الشهري عن ألف وخمسمئة جنيه بإيجار ثلاثمئة جنيه شهريا، ودفع مقدم ثلاثة آلاف وتسعمئة جنيه. وزيادة سنوية 7٪ ومدة العقد سبع سنوات. ويجوز التمليك أي أن الوزارة رابحة من المشروع إلا أنها تقدم حلا معقولا. وفاجأ الرئيس السيسي فجرا حي الأسمرات في المقطم الذي تم نقل سكان العشوائيات إليه وتفقد الأعمال الهندسية للمرحلة الثالثة من المشروع وقيام السيسي بالزيارة المفاجئة في هذا التوقيت للوقوف على حقيقة ما نشر عن تسرب الفوضى إلى المشروع .
ورغم كثرة ما نشر عن تركيا والانقلاب الفاشل فإن أحدا لم يهتم بها، الكل يترقب هل ستكون هناك زيادات في الأسعار أم لا، ونتيجة الثانوية العامة. أما السياسة فلا يهتم بها إلا أمثالنا.
وإلى بعض مما عندنا..
الحل في الاقتصاد
ونبدأ بأبرز ما نشر عن أحداث محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة، حيث لقي أردوغان تأييدا يوم الثلاثاء من زميلنا علي والي في «المصري اليوم» في الصفحة الثامنة المخصصة للاقتصاد قال فيه: «تركيا تشكِّل لمصر مشكلة سياسية في المنطقة بمعاداة أردوغان العلنية لحكومتنا، ولكن في الوقت نفسه المنتجات التركية تغزو السوق المصرية والأسواق العربية والأفريقية، التي كان من المفروض أن تغزوها المنتجات المصرية. حاولت مجموعة من الجيش التركي في الأيام السابقة الإطاحة بأردوغان وفرح عدد من الشعب المصري بذلك، ولكن سرعان ما عاد أردوغان وفرض سيطرته غالباً بسطوة أقوى من الأول ما الحل؟ وكيف يمكن لمصر أن تكون هي الأعلى في المنطقة؟ الحل هو حل اقتصادي بحت مصر يجب أن يكون اقتصادها أقوى من الاقتصاد التركي، حتى تكون كلمة مصر أقوى من كلام تركيا. علينا أن نبدأ بوضع خطة لملاحقة تركيا في كل الأرقام التي سبق ذكرها، وهذه الخطة لابد أن تكون مدعومة من الرئيس السيسي، لأنه أعلى سلطة في مصر وكلمته أكثر كلمة لها تأثير، ومن دون اقتناعه ودعمه الكامل لن يتم تنفيذ شيء لأن البيروقراطية أقوى من الوزراء ومن رئيس الوزراء».
هند فرحات: أدافع عن مهنية الإعلام المصري
أما التأييد الثاني لأردوغان فجاء فجأة في اليوم نفسه من إحدى الجميلات وهو ما سيسعده، إذ شنت زميلتنا هند فرحات في «البوابة» اليومية المستقلة هجوما عنيفا ضد زميلنا وصديقنا أحمد موسى مقدم برنامج «على مسؤوليتي» في قناة «صدى البلد» بسبب هجومه على أردوغان وقالت: «إذا كان الرئيس السيسي حذر من التدخل في شؤوننا الداخلية، لماذا نحن نتدخل في شؤون الدول الأخرى ولو كان عداؤها ظاهرا لنا؟ ظهور مصر أمام العالم بأنها شمتانة في سي أردوغان وإن غليلها اتفشّ بخروجه هكذا من الحكم، وهذا غير صحيح، لأن دي مصر ما يهزها ريح مش هتهزها تصريحات سي أردوغان. دعونا نتحدث بمهنية بعيدا عن العواطف وكرهنا لرجب طيب أردوغان، فهذا الرجل كان رئيس وزراء لتركيا لعشر سنوات قبل توليه سلطة الرئاسة عام 2014. والشعب التركي جاء به رئيسا شرعيا للبلاد لأنه يقدره لما فعل من أجل وطنه والمواطنين، وقد حول تركيا وقفز بها اقتصاديا من المركز 111 إلى المركز 16 وقام بإعادة تدريس القرآن الكريم والحديث النبوي في المدارس طوعيا، فاختاره أكثر من 90٪ من الطلاب الأتراك، وانخفضت نسبة البطالة من 38٪ إلى 2٪. وقام برفع ميزانية التعليم والصحة لتصبح أعلى من ميزانية الدفاع. سدد عجز الميزانية ووضع مليار دولار في الخزانة العامة قام ببناء المستشفيات والطرق والجسور وغيرها من المشاريع الجبارة. كل هذا وأكثر وعايزين الشعب ينزل لإسقاطه! أدافع عن مهنية الإعلام المصري أمام العالم وأمام أنفسنا، فلنلتزم الصمت فهذا أصدق لنا، وإذا كان لي موقف ضد سياسات الحكومة التركية وتطاولها على بلادي وإيوائها إرهابيين لتصويب سهام الفوضى والغدر وكل ما يحاك في الظلام ضد وطني، ولكن هذا لا يعني ألا أكون حيادية في حكمي على مجريات الأحداث. نعم أتمنى رحيل أردوغان وليس لى الحق، وإذا حدث هذا ودارت الحرب ووقف الجيش أمام الشعب وانتشرت الفوضى والدم وانقسمت تركيا كيف ستبدو تركيا والأحداث إقليميا وخريطة الشرق الأوسط ؟ هل ستصبح مثل ليبيا والعراق وسوريا واليمن وهي دولة مسلمة وسوف تصدر لنا دواعش تركيا».
أهم رسائل الانقلاب الفاشل
وكان لافتا أن تنشر «البوابة» هذا الدفاع عن أردوغان بينما تتخذ موقفا عنيفا ضده، والمقال الثالث البارز الذي نشر عن أردوغان وأحداث تركيا في يوم الثلاثاء نفسه كان لزميلنا الكاتب في «الشروق» فهمي هويدي الذي أبدى قلقا شديدا من ردود أفعال أردوغان وقال: « لن ينسى منظر التركي الذي سجله شريط الفيديو حين خرج بسيارته في منتصف الليل وعرقل بها سير دبابة تابعة للانقلابيين، ولا ذلك الذي تمدد على الأرض أمام عجلات دبابة أخرى ليوقف تقدمها، ولا أولئك الذين تجمعوا حول الدبابات والمدرعات واعتلوها رافعين الأعلام التركية، ومعلنين رفضهم للعملية الانقلابية. أما الحشود التي خرجت إلى الشوارع والميادين بثياب النوم وتلك التى تجمعت في المساجد، فإنها شكلت حالة استنفار شعبي نادر أغلب الظن أنه فاجأ الانقلابيين وأسهم في إحباط محاولتهم. أما موقف الأحزاب الرئيسية التي رفضت المحاولة، وفي المقدمة منها تلك التي عارضت أردوغان وتصارعت مع ممثلي حزب العدالة والتنمية في البرلمان، فدلالته من الأهمية بمكان. إذ لا يكفي تفسير كل ما سبق أن يقال إنه يعبر من ناحية عن مدى شعبية أردوغان، كما أنه يعبر من ناحية ثانية عن حرص الأحزاب على استمرار العملية الديمقراطية. ذلك أن ثمة خلفية خاصة بالمجتمع التركي أزعم أنها تكمن وراء الاستنفار الجماهيري ووقفة الأحزاب المناهضة للانقلاب. آية ذلك أن الأتراك وأحزابهم لهم خبرات عديدة ومريرة مع انقلابات العسكر وحكمهم. إنني أفهم أن يحاسب الضالعون في المحاولة وأن يوقع عليهم العقاب الذي يستحقونه لكنني تمنيت أن يتصرف باعتباره رئيسا لدولة ديمقراطية، لا باعتباره أسدا جريحا. أعني أتمنى أن يحتكم إلى القانون وإلى قيم العدل ومبادئ حقوق الإنسان، لا أن يستسلم للانفعال ويعمد إلى الانتقام من معارضيه وملاحقتهم، ورغم أن شبهات كثيرة مثارة حول دور معارضه اللدود فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة، إلا أنني لم أسترح إلى المسارعة لاتهامه، من دون دليل وقبل أن تثبت التحقيقات ذلك. وتساورني الشكوك ذاتها إزاء القرارات المتعجلة التي أدت مثلا إلى فصل 2700 قاضٍ من وظائفهم، بسبب الشبهات التي أثيرت حول موقفهم من العملية الانقلابية ولأن الوعى بقيمة الديمقراطية كان من العوامل المهمة التي أسهمت في إفشال الانقلاب، فإنني أضم صوتي إلى من قال أن أردوغان خرج من التجربة أكثر قوة وتمنى عليه أن يصبح أكثر ديمقراطية».
الأتراك نزلوا الشوارع من أجل الشرعية
وفي عدد الثلاثاء من «المصريون» كتب رئيس تحريرها التنفيذي محمود سلطان مقاله الذي عنونه بـ«اختفاء صورة الرئيس» ومما جاء فيه: « هل نزل الأتراك إلى الشوارع وتصدوا للانقلاب، من أجل تركيا أم من أجل عيون الرئيس طيب أردوغان؟ الوثنية السياسية ـ عبادة الزعيم ـ متأصلة في الخبرة العربية.. في مصر ظهر «الرئيس الخالد» وفي ليبيا «الفاتح أبدا».. وفي غيرهما حدث ولا حرج. والمظاهرات عادة ما تخرج رافعة صورة «الزعيم الأوحد».. ولعلنا نتذكر أن شعراء بالغوا إلى حد قولهم «نساؤنا حبلى بنجم حبك».. ونساء وهبن أنفسهن «إماء ـ وجواري».. يُضفن إلى حريم السلطان دلالة على عشقهن له.. السؤال المطروح حاليًا، بعد فشل انقلاب الجمعة 16/7/2016 في تركيا، هو: لمَ سقط مرسي.. وانتصر أردوغان؟ قد تحتاج الإجابة إلى شرح وحشو وهوامش وصفحات لا سقف لها.. ولكن الممارسات الرمزية تختصر كل هذا الجهد الذي يرهق العقل والعين: الإجابة قد تجدها في تأمل «الصورة» في الجانبين المصري والتركي.. في مصر في الشوارع رفع المتظاهرون الإخوان صورة مرسي.. ورفع المنتصرون عليه في 30 يونيو/حزيران، صورة السيسي.. لا تكاد ترى صورة جماعية غالبة على المشهد، لمتظاهرين من الجانبين وهم يلوحون بعلم مصر.. قد ترى واحدًا أو اثنين أو ثلاثة هنا أو هناك، ولكن على هامش متن المشهد.. وهذا بخلاف ما حدث في الميادين أثناء الـ 18 يومًا الأولى من ثورة يناير/كانون الثاني.. حيث اختفت صور الأشخاص، ولونت الميادين والشوارع بأعلام مصر وحدها لا شريك لها.. لذا انتصرت الثورة. في تركيا نزل الجميع يحملون العلم التركي فقط.. لم تظهر صورة لأردوغان إلا قليلًا جدًا بشكل لا يكاد يلحظه أحد.. حتى أعضاء حزبه «العدالة والتنمية».. نزلوا الشوارع رافعين العلم التركي.. اختفت صور الرئيس.. وبقيت الأعلام وحدها. ممارسة رمزية مهمة.. تقول بلا فلسفة ولا ثرثرة مثقفين.. إننا ننتصر للديمقراطية ولبلدنا.. نزلنا من أجل الشرعية ورفضا للانقلاب.. وليس من أجل عيون أردوغان.. لا ينفي هذا رضاهم على هذا الزعيم التركي الأسطوري.. الذي أحال تركيا من بلد تافه ليكون من بين الـ 20 دولة عظيمة على مستوى العالم! فمتى نرفع علم مصر وحده.. مهما اختلفنا أو اتفقنا مع من يسكن قصر الاتحادية؟».
هل يقدم أردوغان اعتذارا لتويتر؟
وكتبت مي عزام في «المصري اليوم» قائلة: « لابد أن يقدم أردوغان اعتذارا رسميا لموقع تويترالذي تعهد بـ«استئصاله» عام 2013، فالموقع الذي كان يوما يؤدي لحشد خصومه، استخدم مؤخرا في حشد مؤيديه، فلقد تم إرسال ملايين التغريدات بهدف حث أنصاره على الوقوف في وجه الانقلاب، ونشر صور فورية لقوات الانقلاب وهي تستسلم مما كان له تأثير فعال على تشجيع الآخرين في التصدى لهذه القوات في أماكن أخرى، من دون خوف من العواقب. ماذا لو تم لأردوغان ما أراده حين كان رئيسا للوزراء، وتم حذر موقع التواصل الاجتماعي تويتر الذي غضب منه بسبب بث مجهولين عددا من التسجيلات الصوتية تكشف فساد عدد من المحيطين به، وقال أردوغان حينذاك إنها مزورة، وأثناء جولاته الانتخابية قبل الانتخابات المحلية عام 2014، أعلن أردوغان وبوضوح عن نيته القضاء على تويتر، وقال لا يهمني ما يقوله المجتمع وسيرون قوة الجمهورية التركية، وفي الشهر نفسه حذر من أن حكومته ستحظر شبكتي التواصل الاجتماعي فيسبوك ويوتيوب بعد الانتخابات.
لو حدث ما كان أردوغان يسعى إليه لخسر كثيرا أمام الانقلاب الأخير وما كانت الأمور ستسير على النهج نفسه وبهذه السرعة الفائقة في دحر الانقلاب والقبض على مئات الجنود المشاركين فيه».
مبارك وحرب المياه
ومن أردوغان إلى الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك الذي تبدي «المصري اليوم» اهتماما واضحا به، خاصة أنها فتحت صفحاتها للعديد من زملائنا الذين كانوا يتولون مناصب صحافية في عهده، ولم يجدوا مكانا يكتبون فيه أو يعبرون عن آرائهم. وللمرة الثالثة نشيد بموقف صاحب الجريدة رجل الأعمال صلاح دياب لأنه ما من شيء أقسى على النفس من ألا يجد كاتب أو صحافي مكانا يعبر فيه عن رأيه. المهم أنه يوم الاثنين واصل زميلنا محمد علي إبراهيم رئيس تحرير «الجمهورية» الأسبق نشر ما قال إنها أسرار وأشار إلى خطط ضرب إثيوبيا والسودان: «أعود للرئيس الأسبق مبارك، الذي بدأ يحكي عن الاعتقاد بقيام قاذفات مصرية بضربة سريعة لإثيوبيا والعودة. قال «في أحد أيام مارس/آذار 1979 وصل للسادات تقرير من الفريق سعيد الماحي مدير المخابرات العامة عن تحركات مريبة لإسرائيل مع إثيوبيا لبناء سدود، بعدها بشهور وصلت تقارير أخرى من اللواء فؤاد نصار مدير المخابرات العامة الجديد فورا- والكلام على لسان مبارك- دعا الرئيس الراحل لاجتماع في استراحته في القناطر الخيرية. حضر مبارك بصفته النائب ومعه السفير الإثيوبي، وقال السادات ما معناه (إذا حدثت حرب على المياه فلن نموت هنا عطشا ولكننا سنموت في الحبشة) والسادات كان يتعمد أن يطلق على إثيوبيا (الحبشة) ليضايقهم ويذكرهم بالاحتلال الإيطالي. «يقول مبارك كان السادات ينظر باتجاهى ويبدو أن السفير فهم أنه طالما أن قائد الطيران السابق موجود فالضربة مقبلة لا مناص وخرج السادات ليقول للصحافيين «الحرب المقبلة في الشرق الأوسط ستكون على المياه». هنا توقف وسألته هل تمت الضربة يا افندم قال ليس لدينا قاذفات تضرب إثيوبيا وتعود ثم إنه لو كان هناك شيء من هذا فالهجوم لا يكون من مصر، ولكن من دولة قريبة منهم وعلى كل حال السادات كان ثعلبا يمكن أن يموه ولا يضرب أو يضرب ثم يهدد، الله يرحمه. شعر الرئيس بأنني سأمضي في أسئلة عن الحل العسكري فقال الملف مع عمر سليمان والوزير أبوالغيط والنواحي المالية مع فايزة أبوالنجا، وبهذا قفل الباب بالضبة والمفتاح. جربت أن أقرع جرسا آخر لأدخل أعود لأحاوره قبل أن يغضب «يا أفندم محاولة اغتيالك في أديس أبابا في يونيو/حزيران 1995 أثرت على العلاقات وأشاعوا أنك درست ضربة إجهاضية لإثيوبيا».
هنا غضب الرئيس قليلا وقال أنت بتكلم رئيس الجمهورية مش زعيم عصابة اسأل صديقك د. أسامة الباز، كان هناك اجتماع لتوجيه ضربة عسكرية لمعسكرات الإرهابيين في السودان الذين يشجعهم حسن الترابي، وبعدها الاتفاق مع إريتريا لضربة أخرى للإرهابيين في إثيوبيا رفضت الاقتراحين وكان أسامة الباز عظيما وهو يقول «الكبار لا يتصرفون مثل الصغار» توقفنا هنا وعدنا لحوار آخر أحالني فيه الرئيس الأسبق لوزير الخارجية.
صلاح دياب: حبس مبارك يُولّد غُصة في قلوب الكثيرين
وفي عدد الاثنين نفسه من «المصري اليوم» قال صلاح دياب في عموده اليومي الذي يوقعه باسم نيوتن: «لن أملّ من القول إنه ما كان يجب وضع مبارك خلف القضبان بالنسبة لي أعتبرها خطيئة. كان يمكن تفادي ذلك لأسباب كثيرة في مقدمتها أسباب أخلاقية ندفع ثمن التخلي عنها حتى الآن منذ خطاب التنحي الذي أعلنه الراحل عمر سليمان نيابة عن مبارك. هناك تعاطف كبير مع الرئيس الذي خدم مصر جُلّ حياته، لم يبخل عليها بشيء يقدم لها كل ما في استطاعته، لا أحد يمكنه سحب نياشين مبارك العسكرية التي حصل عليها مقابل إنجاز حقيقي على الأرض، لم يحصل على وسام لا يستحقه لم يحصل على شيء لم تقابله بطولة كل محاولة لتصغير رجل كبير ترتد على أصحابها. استمرار حبس مبارك يُولّد غُصة في قلوب كثير من المصريين من أنصاره ومن المتعاطفين مع رجل تجاوز الثامنة والثمانين. نحن شعب يتمتع بالسماحة لم يُعرف عنا العنف أو القسوة في أي مرحلة من تاريخنا القديم أو الحديث، لم يُعرف عنا ذلك مثلما هو معروف عن شعوب أخرى، لا أتصور أن استمرار حبس مبارك يُفيد أكثر مما هو مسيء لنا كمصريين مسيء لصورة الدولة في الخارج ولن يرفع هذا الضرر سوى الإفراج عن مبارك».
قضية القصور الرئاسية
ولكن في اليوم التالي الثلاثاء نشرت «اليوم السابع» في صفحتها الرابعة تحقيقا لزميلينا إبراهيم قاسم وهدى بكر جاء فيه: «كشفت مصادر قضائية رفيعة المستوى عن مفاجأة من العيار الثقيل تمثلت في رفض السلطات السويسرية طلب لجنة استرداد الأموال المهربة للخارج بتسليم الأموال المملوكة للرئيس الأسبق حسني مبارك ونجليه جمال وعلاء مبارك والمجمدة في البنوك السويسرية، بعد تقديم الحكم النهائي الصادر من محكمة النقض بإدانتهم بإهدار المال العام، في قضية القصور الرئاسية، بزعم عدم تمكن مصر من إثبات الأموال المجمدة لديها، التي تم الحصول عليها بطريق غير مشروع. مصر أرسلت أوراق قضية القصور الرئاسية والحكم النهائي الصادر ضد مبارك إلى «برن» العاصمة السويسرية لاسترداد 450 مليون فرنك مملوكة لأسرة مبارك في البنوك السويسرية، باعتباره دليلا على تحصله على أموال عامة، من دون وجه حق. إلا أن السلطات السويسرية وضعت شروطا تعجيزية ضد مصر في ضرورة إثبات علاقة الأموال المجمدة لديها بقضية القصور الرئاسية واستمرار التحفظ لحين إثبات ذلك».
مسلمون وأقباط
وإلى ما يوجع القلب ويكسر روحنا الوطنية بسبب ما يتعرض له أشقاؤنا الأقباط من اعتداءات وإهانات في بعض المحافظات، خاصة المنيا وعدم اتخاذ الدولة الإجراءات القانونية الرادعة لإلزام كل طرف حدوده وتطبيق القانون على الجميع، من دون استثناء والصمت عن اتهامات بتواطؤ مسؤولين، خاصة في المنيا، ما أثار غضب أشقائنا الأقباط وبدء شكوكهم في جدية النظام لردع من يعتدون عليهم. وهو ما دعا زميلنا وصديقنا عبد القادر شهيب لأن يقول يوم الثلاثاء في مقاله الأسبوعي في «الأخبار»: «تحمل الأقباط ما تعرضوا له من اعتداءات بكل الرضا أملا في أن يظفروا بمواطنة حقيقية يفتقدونها، مواطنة تساوي بين جميع المصريين مهما اختلفت انتماءاتهم الدينية والعقيدية والاجتماعية والجغرافية، واختلفوا في الجنس واللون وفوتوا بذلك الفرصة على من كانوا يكيدون لهذا البلد ويستهدفون ضرب وحدته الوطنية. لكن هذا الرضا القبطي بدأ يشوبه مؤخرا ما يعكر صفوه ويقلص منه، بل وللأسف ينال منه، لتحل محله بداية ضيق لا يصعب على أي مراقب موضوعي أن يلحظها أو يرصدها. وقد حدث ذلك نتيجة لتراكم عدم تفهم لمواقف بعض المسؤولين إزاء بعض حوادث الفتنة الطائفية والصدامات الدينية، خاصة في محافظة المنيا وتحديدا محافظ المنيا ومدير أمن المنيا ومدير المباحث، الذين أنكروا في البداية الاعتداء الذي تعرضت له سيدة مسيحية مسنة، ثم هونوا في ما بعد من هذا الحادث، وحاولوا إجراء مصالحات كان من شأنها عدم إعمال القانون وهذا ما يقوله ويردده وبأصوات عالية الكثيرون من الأقباط في المنيا الآن، بل أن بعضهم يقول ما هو أكثر وهو أن بعض من ينتمون للأجهزة الحكومية والأمنية يقومون «بتستيف» أوراق هذه الواقعة لكي يفلت من تورطوا فيها من الحساب القانوني، والعقاب الذي يردع غيرهم عن تكرار ما حدث ولقد سمعت ذلك بشكل واضح ومباشر وصريح من بعض الذين التقيت بهم في زيارة قمت بها مؤخرا للمنيا، لذلك عندما انتقدت للصديق الدكتور أحمد زكي بدر وزير الحكم المحلي أسلوب إدارة محافظة المنيا في هذا الإطار، نالت انتقاداتي ترحيبا كبيرا من بعض الشخصيات القبطية التي سمعتها. وإذا كنا نخوض حربا للدفاع عن كيان دولتنا الوطنية فاننا في أشد الحاجة للتماسك الوطني، ولذلك يجب أن نحمي هذا التماسك الوطني من أي احساس بالضيق ولو كان في بدايته لدى قطاع من المصريين، وسوف يزول هذا الضيق عندما نعيد الأمل قويا في نفوس كل المصريين وليس هذا القطاع وحده، بأن حلم المواطنة ودولة القانون مازال قائما وهذا واجب كل المسؤولين».
نزاع بين شباب وقس في «طهنا الجبل»
أييه.. أييه ذكرني ذلك بما كان الجميع ينعمون به من طمأنينة أيام حكم خالد الذكر لأن كل مسلم أو قبطي كان يعلم ما الذي ينتظره، إذا تصور نفسه فوق القانون أو الدولة الوطنية التي لا يفرق نظامها بين مسلم ومسيحي. وإلى واقعة مؤلمة وقعت في محافظة المنيا أيضا وأدت إلى مقتل مواطن قبطي وجرح آخرين وقالت عنها «أهرام» الثلاثاء في تحقيق لزميلنا حجاج الحسيني: « ألقت سلطات الأمن في المنيا القبض على 4 متهمين في حادث قرية «طهنا الجبل» الذي أسفر عن مقتل مواطن وإصابة 5 آخرين بينهم راعي كنيسة ووالده أثناء مشاجرة بالأسلحة البيضاء مع مجموعة من الصبية كانوا يستقلون عربة «كارتة» في طريقهم إلى منطقة المدافن لري أشجار تمت زراعتها بجوار قبر أحد أقاربهم الذي تم دفن جثمانه الأسبوع الماضي. وتواصل سلطات الأمن البحث عن متهم خامس وباشرت النيابة التحقيق في الحادث وصرحت بدفن المجنى عليه وقام الأنبا مكاريوس الأسقف العام لمطرانية المنيا وأبو قرقاص بزيارة المصابين في مستشفى اليوم الواحد. بدأت أحداث الواقعة عندما تلقى اللواء رضا طبلية مدير أمن المنيا، إخطاراً من العميد حاتم حمدي مأمور مركز المنيا، بوقوع مشاجرة بالأسلحة البيضاء والعصي في قرية «طهنا الجبل» أسفرت عن مقتل مواطن وإصابة 5 آخرين.
توصلت التحريات التي باشرها العميد عبدالفتاح الشحات رئيس مباحث المديرية، إلى أنه أثناء مرور مجموعة من الصبية تتراوح أعمارهم من 17 إلى 22 سنة يستقلون «كارتة حديدية» في أحد الشوارع التي يقطنها الأقباط، نشبت مشادة كلامية بين الصبية والقس متاؤس نجيب ثابت راعى كنيسة مارمينا العجايبي في قرية طهنا الجبل بسبب عدم مرورهم من الشارع، نظرا لضيقه، وتطورت المشادة إلى مشاجرة أسفرت عن مقتل صام مارى خلف متأثرا بطعنة نافذة في البطن، كما أصيب القس ووالده (73 سنة) و3 آخرين وألقت سلطات الأمن القبض على 4 متهمين» .
الاحتكام للقانون
وتدخل الأزهر لاحتواء الموقف وهو ما قالت عنه زميلتنا في «الأهرام» الجميلة مروة البشير:
«أكد الأزهر الشريف في بيان أمس أن أبناء مصر نسيج واحد. وأن على طرفي المشاجرة في قرية «طهنا الجبل» التابعة لمركز المنيا تحكيم لغة العقل والاحتكام إلى القانون، معربًا عن ثقته الكاملة بأن الجهات المعنية ستقوم بإعمال شؤونها على الوجه الأكمل ومحاسبة المسؤولين. وقد تم توجيه أعضاء بيت العائلة المصرية في المحافظة بسرعة التوجه إلى محل الواقعة على أن يمثل الوفد أعضاء من الأزهر الشريف والكنيسة المصرية».
جرائم بشعة
وهذه الحادثة وما سبقها أثارت أعصاب زميلنا في «الأهرام» أحمد عبد التواب فقال عنها يوم الثلاثاء في عموده اليومي «كلمة عابرة»: «لم يعد هنالك جديد يمكن أن يُكتَب أو يُقال في التحذير من الجرائم البشعة التي يَعتدِى فيها من ينسبون أنفسهم لجماعات سلفية على الأقباط، وهم يؤدون شعائرهم في منازلهم المتواضعة البائسة في بعض قرى الصعيد، بتبرير ما لا يمكن تبريره بأن هناك نية لدى الأقباط لتحويل هذا المنزل أو ذاك إلى كنيسة. هل يجوز في سياق خطاب عن بناء دولة حديثة وعن سيادة القانون على الجميع أن تَمنح فئة لنفسها أن تنتهك الدستور بتبنيها خطاب الكراهية والحض على العنف، وأن تفرض بيدها أفكارها الخاصة على الآخرين وأن تقوم بمهام أجهزة الدولة بتنفيذ ما تراه؟ مع جسامة جريمة العدوان على الأقباط فإن الجريمة الأخرى المتكرره هي الاستهانة بالدولة بدستورها وقانونها وخطابها الرسمي، بل وحكامها ومسؤولؤ أجهزتها، ليس هناك أخطر من ضرب الوحدة الوطنية مع الاطمئنان من العقاب، وليس هناك أكثر تحدياً من انتهاك الدستور والقانون وشعارات الدولة الرسمية والاستهتار بأجهزة أمن الدولة، وليس هناك أكثر بشاعة من الارتكان إلى الأغلبية في قهر الأقلية. لقد ثبت للمرة المليون فشل سياسة المصالحات العرفية وعدم جدواها، بل وتشجيعها على تكرار الجريمة مرات أخرى ما دام أن القانون سيتعطل في كل مرة، فلماذا يجرى تجنيب الإجراءات القانونية التي من المفروض أنها واجبة التطبيق؟ وكيف يستمر أصحاب مدرسة الحلول العرفية على رأس عملهم بعد فشلهم الذريع المتكرر؟ وما هي الحجج التي يقنعون بها رؤساءهم بجدوى استمرار الأخذ بمدرستهم التي لم تنجح مرة واحدة عبر نحو 40 عاماً، بل أن الأمور زادت تدهوراً؟ إن الفيديوهات المسجلة لهذه الجرائم والمتداولة على الإنترنت مخيفة ليس فقط في طريقة العدوان وحماس المتطرفين، ولكن أيضاً في إحساسهم بالأمان حيث يكشفون وجوههم بل وينظرون إلى الكاميرا بجرأة وتحدٍ كما يبدو الضحايا البسطاء في حالة من الرعب وهم يدعون الرب أن يغيثهم بعد أن يئسوا من الدولة هل يمكن أن نستمر في هذه الكارثة؟».
وعلى كل حال فقد نشرت صحف أمس الأربعاء أنه تم احتواء الموقف وإلقاء القبض على المتسببين في الحادث وإحالتهم إلى النيابة ليأخذ القانون مجراه .
حسنين كروم