الأهمية الجيوسياسية للفلوجة تنبع من كونها أقرب مركز أساسي باق لتنظيم الدولة قرب العاصمة بغداد، فعلى مدى العامين الماضيين تمكنت قوات الحكومة العراقية والميليشيات الشيعية من استعادة كل المناطق القريبة نسبيا من بغداد، جنوبا باتجاه جرف الصخر، شرقا باتجاه مدن ديالى، شمالا باتجاه تكريت ثم بيجي، وغربا باتجاه الرمادي، لتبقى فقط الفلوجة هي العقبة الأهم في طريق حكومة بغداد الشيعية لتنفيذ ما عمل عليه قاسم سليماني منذ عامين فيما عرف بخطة تأمين بغداد، باعتبارها جزءا من الأمن القومي الإيراني كما قال سليماني بنفسه لمجموعة من القيادات السنية من ضمنهم الإخوان المسلمين في العراق، باجتماع سرب مضمونه لنا قبل عام ونصف أحد القيادات التي حضرته. لذلك فان الزخم الذي تتعرض له الفلوجة من قبل الميليشيات الشيعية وأجهزة الحرس الثوري الإيراني يرجع لانها قريبة أصلا من مركز سلطة حكومة بغداد الشيعية الغلبة، والأهم انها أقرب مركز جهادي سني كبير لمناطق تكتلات شيعية وازنة، تعتمد عليها الأحزاب الحكومية وميليشياتها وتستمد منها قوتها السياسية، وهي بغداد، وجنوب بغداد بما يمثله من مدن شيعية كبرى بالعراق، من النجف لكربلاء حتى البصرة، كل تلك المدن لا يهدد عمقها الاستراتيجي سوى الفلوجة، التي لا تبعد عن الحلة والنجف سوى مسيرة ساعتين، ولم يكن من تكتل سني جهادي يمثل هذا التهديد سوى جرف الصخر، وهي الأخرى شهدت تطهيرا سكانيا من قاطنيها السنة ولم يسمح لهم بالعودة، كونها تقع في خاصرة حساسة ملتصقة بجنوب بغداد وتفصل العاصمة عن الجنوب الشيعي، لهذا كان البدء منذ عامين بها، ولم تستطع جرف الصخر الصمود لأكثر من أسابيع قليلة بسبب انها جزيرة سنية وسط محيط شيعي، على الرغم من ان مقاتليها الذين ينتسبون لعشائر الجنابيين والغرير هم من أشد مقاتلي القرى السنية شراسة وعنفوانا.
لكن الموصل محاطة بواقع سكاني آخر، الاكراد وليس الشيعة.
هذا الواقع المستنفر شيعيا ضد الفلوجة حاليا وجرف الصخر سابقا، كونهم كما أسلفنا يحيطون بمناطق العمق الشيعي السكاني، هذا الواقع ليس متوفرا بنفس توصيفاته في الموصل، فالموصل تقع في دائرة نفوذ كردية، وتهدد عمقا استراتيجيا سكانيا للأكراد وليس الشيعة، ولعل المناطق الشيعية الوحيدة القريبة من الموصل والتي تعنى بها الميليشيات الشيعية هي تلعفر، كون نسبة من سكانها ينتمون للتركمان الشيعة.
فالموصل إذا تشكل ثقلا عربيا سنيا، ومركزا مدنيا هو الأكبر لتنظيم الدولة في العراق وسوريا مع الرقة وريف دير الزور، وهذا المركز محاط بقرى وحواضر كردية تمنح الزخم لميليشيات الأكراد وقواتهم التابعة لإقليم كردستان. لكن أهم الفروق بين الميليشيات الشيعية والكردية انه ليست لدى الميليشيات الكردية القدرة على التضحية باعداد كبيرة كما الشيعية، وليست لديها قيادة عقائدية متمرسة وناقمة طائفيا كالطاقم التاريخي سليماني المهندس العامري، ومن الناحية الميدانية فان الموصل ليست فقط أكبر من الفلوجة باضعاف، بل ان محيطها وعمقها الأمني يمتد لعشرات الكيلومترات جنوبا حتى القيارة وغربا حتى البعاج، وهي قرى تقطنها عشائر متمرسة بالقتال وكانت على الدوام حاضنة للتنظيم منذ مرحلة الزرقاوي، وحتى ان تقدم الحشد الشيعي باتجاه الشرقاط جنوب الموصل قادما من بيجي لاستعادة الشرقاط كركز عشيرة الجبور وحليفه السني المتفاني في خدمة الحشد الشيعي مشعان الجبوري.
لكن كما قلنا فان الحشد الشيعي وهو القوة القتالية الأرضية الأكثر فعالية بالعراق ضد التنظيم، قد لا يتمكن من التقدم أكثر شمالا نحو القيارة وحمام العليل على حدود مدينة الموصل نظرا للاعتبارات التي ذكرناها، وسيحاول الأكراد ان تكون المعركة بالموصل مقتصرة على قواتهم وقوات حلفائهم السنة كاسامة واثيل النجيفي محافظ الموصل السابق، ومع الدعم الأمريكي الكبير قد يتمكن الأكراد وحلفاؤهم من تحقيق تقدم ما في تضييق الخناق على الموصل، لكنها ستكون معركة صعبة وطويلة، وستبقى الحدود الجنوبية الغربية للموصل التي تتطلع باتجاه البعاج وقراها بصحراء الانبار وغربا نحو الحدود السورية فالدير والرقة، ستبقى هذه الوصلة في قلب جزيرة الفرات هي الأكثر مقاومة بالنسبة لتنطيم الدولة وقد تطول فيها المعارك لأشهر قبل تحقيق نتائج مستقرة لعدة أسباب، أهمها انها منطقة بعيدة عن أي تكتل سكاني كردي في الشمال، شيعي في الجنوب يمكن ان يكون داعما لهجمات القوات وامدادها وتمكينها من نشر اعداد تنجح في مسك الأرض لأشهر وسنوات وليس فقط اقتحامها.
وهكذا فان التنظيم يحاول الاستفادة من هذه المنطقة في جزيرة الفرات كونها توفر بيئة ملائمة وأبعد نسبيا عن تكتلات الخصوم السكانية. وبانتظار ما ستنتج عنه هذه المواجهات حتى نهاية العام، فان التنظيم سيحاول تأجيل مرحلة الكمون الثالثة التي ستدفعه لترك المدن الأساسية الباقية نحو الصحراء، من خلال إطالة المرحلة الثانية وهي مرحلة المقاومة في مدن شبه محاصرة وحماية خطوط الامداد وشرايين الحياة لها، من الموصل حتى دير الزور والرقة.
وائل عصام
قد تسقط الموصل ولكن الفلوجة لن تسقط بسبب طائفية الحشد الذي سيهزم شر هزيمة
ولا حول ولا قوة الا بالله
الموصل ليست الفلوجة فالفلوجة مدينة سنية بالكامل وكل ابناءها تقريبا بينهم قرابة عشائرية اي تمتلك خاصيتان هما سبب بلاء العراق وهي الطائفية والقبلية اما الموصل فهي مدينة متنوعة الاديان والاعراق ومن راى الموصل ايام زمان كان يستمتع بتنوع الازياء التي كان نساءها ورجالها يرتدونها.الاكراد لهم مطامع ببعض اقضية ونواحي الموصل وخاصة اليزيدية والمسيحية وما فعله داعش بهم يسهل مهمة الاكراد في هذه المناطق.
ستهزم داعش في الفلوجة وكل مكان ، داعش ليست سنية ، داعش ليست اسلامية