القاهرة ـ «القدس العربي»: أمس كانت القاهرة على موعد مع قدر سيئ، على إثر موجة غضب اعترت الحكومة الإيطالية وصحفها، التي شنت حرباً دعائية على الحكومة المصرية، بعد أن فوجئت بقتل أحد رعاياها في القاهرة..
وكانت الخسائر بالنسبة للنظام المصري مكلفة للغاية، ففي الوقت الذي ينقب فيه النظام على دولار واحد، وجد كبريات الشركات الإيطالية تتحسس موضع قدميها على خريطة الاقتصاد المصري، خاصة بعد أن تراجع مسؤول إيطالي عن اتمام زيارته لمصر، وفيما يطالب الإيطاليون كشف تفاصيل مقتل ضحيتهم، الشاب الإيطالي جوليو ريجيني، بدأت الصحف المصرية تبحث من تلقاء نفسها عن جهة تورطها في ارتكاب هذه الجريمة، التي أسفرت عن توتر دبلوماسي بين القاهرة وروما، تمثل في تبادل استدعاء سفيري البلدين، وخسائر اقتصادية بعد قطع وفد إيطالي زيارته إلى مصر، من دون استكمال المهام التي جاء من أجلها، عقب عثور أجهزة الأمن على جثة الشاب الذي اختفى يوم 25 يناير/كانون الثاني الماضي، على طريق «مصر- الإسكندرية» الصحراوي، وعليها آثار تعذيب. ولأن المصائب لا تأتي فرادى غالباً.. فقد واجهت الحكومة التي يرأسها شريف إسماعيل مزيدا من المصاعب على إثر تواصل ارتفاع أسعار العملات الاجنبية، فيما يواجه الجنيه المصري حرباً تستهدف زواله، وسط حالة من اللامبالاة من قبل النظام، إذ فقدت العملة الوطنية على مدار ثمانية عشر شهراً منذ وصول الرئيس السيسي سدة الحكم، ما يزيد على ثلث قيمته.. المعارك الصحافية أمس كانت متواترة، وبعض منها أصاب وزارة الداخلية بسبب تعاظم أشكال القمع، فضلاً عن هجوم واسع من قبل عدد من الجمعيات الحقوقية عليها بسبب الحالة المتردية لآلاف المحبوسين على خلفية قضايا سياسية وإلى التفاصيل:
السيسي يضمد الجراح
صحيفة «المصري اليوم» كتبت عن موضوع الشاب الإيطالي قائلة: «استدعت وزارة الخارجية الإيطالية السفير المصري في روما، وأبلغته قلق الحكومة الإيطالية تجاه الحادث، مطالبة بمشاركة السلطات الإيطالية في التحقيقات، لخطورة الأمر. في المقابل، استدعت وزارة الخارجية السفير الإيطالي في مصر، لتقديم واجب العزاء في وفاة الشاب. وتحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي هاتفياً مع رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، أمس، معربا عن خالص عزائه لرئيس الوزراء الإيطالي ولحكومة وشعب إيطاليا في وفاة المواطن الإيطالي جوليو ريجيني»» الذي لقى مصرعه في مصر مؤخراً. كما وجه الرئيس خالص التعازى والمواساة لأسرة الفقيد وأصدقائه. وقال اللواء خالد شلبي، مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، إن التحريات تؤكد أن الحادث جنائي وليس سياسيًّا، وإن فريق البحث يبحث عن مدى علاقة التنظيمات الإرهابية بارتكاب الواقعة. وأكد المستشار شعبان الشامي، مساعد وزير العدل للطب الشرعي، على أن المصلحة سوف تنتهي من إيداع تقريرها النهائي بشأن العثور على جثمان الشاب الإيطالي خلال 10 أيام، وأن السفير الإيطالي حضر إلى المشرحة وطالب بنقل الجثمان إلى المستشفى الإيطالي في القاهرة تمهيدًا لنقله لروما. وأمرت نيابة حوادث جنوب الجيزة، أمس، بتسليم جثة الشاب، إلى والديه، ومن المقرر مغادرة جثة «جوليو» البلاد إلى مسقط رأسه، اليوم، على متن طائرة خاصة، حسبما أفادت مصادر قضائية».
من القاتل؟
البداية مع تلك القضية التي فرضت نفسها على الجميع ويرصدها أحمد رفعت في «فيتو»، حيث اختفى شاب إيطالي يوم 25 يناير/كانون الثاني بلا سابق خلافات أو مشكلات، وتظهر جثته فجأة أثناء زيارة وفد إيطالي اقتصادي كبير، ووجود وزيرة في الحكومة الإيطالية في مصر واستعدادات لمزيد من التعاون بين مصر وإيطاليا. وقبلها تصل العلاقات المصرية الروسية إلى حدود غير مسبوقة، منذ المستوى الذي كانت عليه في عهد الزعيم جمال عبد الناصر، فتنفجر طائرة روسية فجأة فوق سيناء ويتم تعطيل مسيرة العلاقات المصرية الروسية وتتوقف السياحة الروسية -الأعلى من حيث عدد السياح- إلى مصر وتضرب في مقتل! ويذكّر الكاتب بزيارة الرئيس السيسي لبريطانيا بعد جهد كبير للدبلوماسية المصرية لإعادة مستوى العلاقات مع بريطانيا إلى حدود شبه طبيعية فتصدر التعليمات فجأة إلى السياح البريطانيين بضرورة ترك مصر، كما تتحسن العلاقات مع ألمانيا وتوقع مصر أكبر وأهم صفقات بناء محطات الطاقة مع أهم وأكبر الشركات الألمانية، فيتم تدبير مؤامرات في الإعلام الألماني لإفساد العلاقات بين البلدين، وعندما فشلت جميعها أرسلوا مواطنا ألمانيا تخلى بإرادته عن جنسيته المصرية ولا يتوقف عن الهجوم على مصر.
ويشير الكاتب إلى أنه في كل عملية تقع، ومنها حادث السياح المكسيكيين كان بعض الناشطين يقفون في جانب إشعال الموقف ضد مصر! وكأنهم غير مصريين.. يضيف الكاتب ليس مهما كل ما سبق المهم عندهم أن الرقص مع الشيطان لا يتوقف والنفخ في نيران الخراب لا يهدأ وأن مصالح ملايين المصريين تتعطل..المهم عندهم أن يسقط البلد وإن سقط ـ وهو محال بفضل تعهد رب العالمين بحفظه ـ فالفوضى والدمار سيأتى كما يتصورون، أو كما يتوهم من يسوقهم ويعملون عنده! ويؤكد رفعت أن المؤامرة مستمرة.. والجرابيع الخونة ينفونها ليل نهار».
المقعد الخالي
من يحكم مصر؟ تساؤل دائم الطرح منذ أكثر من نصف قرن، فمن يتحكم في صياغة القرار داخل البلاد؟ هل الرئيس أم مؤسسات الدولة أم بعض الأجهزة الأمنية؟ أم أفراد في أروقة قصر الرئاسة أم الأسرة أم …؟ ويعتبر هذا التساؤل دائم الطرح على مدار التاريخ المصري المعاصر، كما يشير أحمد كامل البحتيري في «التحرير»: «مع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي حكم البلاد طُرح التساؤل نفسه: من يحكم مصر؟ وتأتي الإجابة من داخل مؤسسة الرئاسة: هل هــــي مؤسسة بالمعنى العلمي؟ وهل توجد أجنحة داخل تلك المؤسسة؟ مؤسسة الرئاسة ليست رئيس الجمهورية وحده، بل العديد من العناصر المتعددة والأجهزة المتداخلة، سواء كانت تلك الأجهزة أمنية (الحرس الجمهوري – شرطة الرئاسة – المخابرات) تلك العناصر وتفاعلها تشكل، وفقاً للكاتب، مخرجات الرئيس من قرارات بجانب بعض العوامل الموضوعية في إطار الدولة بمؤسساتها المختلفة، ولكن ثمة سؤال يطرح نفسه حول مدى اشتراك تلك المستويات المختلفة في صياغة القرار؟ ومن هم الفاعلون الرئيسون في مؤسسة الرئاسة؟
بوصول الرئيس السيسي للقصر الرئاسي حدثت تغيرات في هيكلة المؤسسة من حيث القائمين على إدارتها، وكان أول فريق للرئيس السيسي للعمل في المؤسسة اللواء عباس كامل، مديرًا لمكتبه، والعقيد أحمد محمد علي الذي اختفى عن الأنظار الإعلامية، بعد تولي الرئيس بفترة وجيزة. ويرى الكاتب أن الملف السياسي الوحيد الذي ما زال شاغرًا ولم يسعَ الرئيس لإضافته، رغم أهمية هذا الملف، الذي يعتبر جوهر الحكم في البلاد! فهل يعني ذلك عدم وجود أهمية لمستشار سياسي للرئيس؟».
المشكلة مش في فاطمة… في دماغها
ونتحول لأزمة فاطمة ناعوت المحكوم عليها بالحبس بتهمة ازدراء الأديان، حيث يرى محمد المنسي قنديل في «التحرير»: «أن ليست المشكلة في كلمات فاطمة ناعوت، ولكن في قدرة الآخرين على فهمها وتأويلها، حتى الذين يناوئونها يعرفون أنها ليست كاتبة تقليدية، ولكنها روح طليقة، لا تكف عن التجريب والاجتهاد، بقليل من الغرور وكثير من الثقة في النفس، تنقلت من الهندسة المعمارية إلى مختلف فنون الكلمة، تكتب الشعر والنثر وتترجم أعمالا أدبية صعبة تدل على تمكنها من أكثر من لغة، ولكن أفضل ما في فاطمة ناعوت أنها مؤمنة بقدرة الكلمة على التغيير، وعمودها الصحافي هو وسيلتها لذلك، وهي تكون في أفضل حالاتها عندما تحدث أفكارها نوعًا من الجدل وتهز من قناعات الآخرين، لذا لم تكتف بالاختباء وراء حاجز الكلمات، كما يفعل معظمنا، ولكن شاءت أن تهبط إلى عالم الصراع والدسائس والدنايا الصغيرة، إلى انتخابات مجلس النواب، وقد خاضت معركة صعبة انتهت بخسارتها، وصعبة هذه كلمة مؤدبة، فأنا من سكان ضاحية مصر الجديدة، دائرتها الانتخابية، وقد رأيت ما فعلوه بها، في كل يوم كنت أشاهد آثار المعركة القذرة التي يخوضها الآخرون ضدها، إعلاناتها الممزقة، وصورها المشوهة بعلامة إكس، والشعارات التي تدعو لعدم انتخابها، لم أر مثل هذا الحنق في التعامل مع غيرها من المرشحين، وفي النهاية لم يفز غير الأشخاص الذين رشحتهم قوى الأمن، وخرجت فاطمة من المعركة شاعرة بالمرارة، رغم أنها لم تكن معركتها ولا مكانها المناسبين».
«النقض» تعيد الاعتبار للقضاء
فور صدور حكم النقض بإلغاء أحكام الإعدام في مذبحة كرداسة، هاجت وسائل إعلام محسوبة على النظام ومحسوبة على الرئيس السيسي والدفاع الدائم عنه، وهاجمت محكمة النقض، كما يشير جمال سلطان رئيس تحرير «المصريون»، برعونة لم تكن متصورة، وظهرت على شاشات الفضائيات حملة تشهير وقحة ضد محكمة النقض، وغمز ولمز في قضاتها، وصلت إلى حد أن اتهمها إعلامي شهير من هؤلاء بأنها «انتصرت للإرهاب»، وأن بعض رجال الشرطة يفكرون في الاستقالة من أعمالهم، لأن القضاء لا يوجد به عدالة ناجزة، وتساءل: أين قضاة مصر المحترمون أين العدل، وهي إشارات مهينة لقضاة النقض وأحكامهم، وآخر يقول إن أسلوب التقاضي في مصر لا صلة له بالعدالة، في تعليقه على أحكام النقض في تلك القضية، وبدا كما لو كانت هناك هجمة منسقة لإهانة محكمة النقض، أو ابتزازها. والحقيقة التي لا ينكرها عاقل أن أحكام محكمة النقض الأخيرة هي التي أعادت الاعتبار للقضاء المصري وسمعته، وهي التي صححت الصورة بدرجة كبيرة، وكلنا نذكر كيف كانت الحملات الدولية العاتية على مصر بعد أن حكم قاض بإعدام أكثر من خمسمئة مواطن في جلسة واحدة، وهو أحد قضاة «دوائر الإرهاب» أيضا، كما نذكر كيف أن الرئيس السيسي نفسه كان يخرج من الحصار السياسي والدبلوماسي والإعلامي الدولي الذي يواجهه في كل سفراته للخارج في تلك الأحكام، يخرج منه دائما بقوله إن هذه ليست أحكاما نهائية، وإن هناك محكمة النقض سيتم الطعن أمامها، أي أن محكمة النقض كانت حبل الإنقاذ الذي يتعلق به رئيس الدولة، هروبا من الحرج الذي سببته له بعض الأحكام».
ذنب المرضى
في رقبة مين؟
ونبقى مع الأزمة بين الداخلية والأطباء وها هو حمدي رزق في «المصري اليوم» يتولى المهمة يوجه سهامه للدكتورة منى مينا وكيلة نقابة الأطباء: «حق أطباء المطرية يؤخذ من الداخلية، وأمامك النائب العام، ولكن إغلاق مستشفى المطرية ليس من حقك ولا من حق النقابة، ولا من حق كائن من كان في المحروسة، هذا حق المرضى، حق الشعب أن يظل المستشفى مفتوحاً، والمخطئ يتحاسب، ولا تنسى أن من يدفع للأطباء وللداخلية أجورهم نحن دافعي الضرائب المتضررين من إغلاق المستشفى. ولو مريض ذهب إلى المستشفى ولم تستقبله الإدارة، بأمر النقابة، لكان من حقه أن يقاضيك ونقابتك ووزير الصحة، بل ورئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، يتساءل الكاتب: يعني أيه إغلاق مستشفى بأمر النقابة، هذا من قبيل الاستقواء، يعني لو حدث اعتداء على موظفي الكهرباء، يقطعوا النور والمية، ويسود الظلام العيادات والمستشفيات حتى المحاكمة العاجلة لأمناء الشرطة؟ من حقنا فتح مستشفى المطرية وفوراً، ووزير الصحة الغارق «لشوشته» في التفاصيل، عليه أن يأمر بفتح المستشفى أولاً، ومستشفى المطرية ليس من الممتلكات الخاصة لنقابة الأطباء، مرفق عمومي يؤمه المرضى، وحتى لو كان مستشفى خاصا لا يملك صاحبه إغلاقه في وجه المرضى. ويؤكد رزق استقبال الحالات المرضية ليست رفاهية، والإغلاق فيه قسوة لا تليق برسالة الطب، ولو مات مريض على باب المستشفى المغلق هل تتحملين مسؤولية وفاته؟ ويتابع الكاتب: الأدهى من ذلك أن يخرج عضو نقابة محترم على الهواء، يقول هناك مستشفيان آخران في المنطقة، يا سلام.. من ولاك على المرضى.. أنا من حقي «أتعالج» في مستشفى المطرية تحديداً. المرضى خارج هذا الصراع تماماً، خلوا المرضى بعيداً عن القرارات النقابية العقابية. يضيف موجهاً كلامه لمنى مينا: لو كنت مكانك لأصدرت قراراً نقابياً فورياً بعودة العمل في المستشفى».
المطرية ضد الداخلية
يتفق الكثيرون على ضرورة عودة مستشفى «المطرية» إلى العمل، فليس من المقبول أن يعاقب الاطباء المرضى «الغلابة»، لأنهم لم يسيئوا إليهم في شيء، لكن ذلك لا يعني بحسب محمود خليل في «الوطن» انتهاء الأمر عند هذا الحد، فمن حق الأطباء بعد ذلك أن يتخذوا كل الإجراءات التي يرتضونها دفاعاً عن كرامتهم المهدرة تحت أحذية أمناء الشرطة. لا يستطيع أحد أن يلومهم على ذلك، فالطبيب له هيبة، تماماً مثل الضابط والأمين والمجند، لقد غضبنا جميعاً عندما تطاول الشابان أحمد مالك وشادي حسين على مجندين، يوم 25 يناير/كانون الثاني الماضي، وثارت ثائرة الجميع، وتعالت الصيحات التي تعاير الشابين وأمثالهما بأن هؤلاء المجندين هم من يحمون آباءهم وأمهاتهم وإخوتهم وأخواتهم!، ودور الطبيب لا يقل خطورة عن دور الشرطي أو المهندس أو المعلم أو المزارع أو العامل. فكل فئة من فئات المجتمع، وكل مؤسسة من مؤسساته، لها هيبتها. والهيبة ليست حكراً على جهاز الشرطة بمفرده، ومن حق المنتمين إلى أي مؤسسة أن يدافعوا عن كرامتهم ويحافظوا على هيبتهم الوظيفية.
في حدود علم الكاتب لم تصدر «الداخلية» بياناً رسمياً تعتذر فيه للأطباء عن إهدار كرامة اثنين منهم على يد أمناء الشرطة، ويبدو أن البعض يرى أن الاعتذار ينتقص من الهيبة، رغم أن رئيس الجمهورية نفسه اعتذر ذات يوم للسيدة التي تم التحرش بها في التحرير بعد ساعات من توليه منصب الرئيس. الاعتذار يزيد الهيبة ولا يقلل منها. أما حكاية توقيف الأمناء والتحقيق معهم، فالله أعلم بنهايتها كما يشير خليل».
جائزة لكل من سب نبياً
لازال الجدل متزايداً بسبب أحكام السجن ضد إسلام البحيري وفاطمة ناعوت، ما جعل ناجح إبراهيم يطرح القضية للنقاش في «المصري اليوم» متسائلاً: «لو أن كاتباً أو إعلامياً زعم أن محمداً أو عيسى أو موسى، عليهم السلام، قد ادعى الرسالة والنبوة ليصنع مجداً لبني هاشم أو لآل عمران «أسرة المسيح» أو بني إسرائيل في مصر.. هل يعد هذا مبدعاً أو مفكراً أم يعد مارقاً أفاقاً كذاباً، فأي مجد أو سلطة اكتسبها الأنبياء الكرام الذين بذلوا عمرهم وكانوا أتقى الناس وأزهدهم وأورعهم وأرفقهم وأرحمهم بالناس، فلم يورثوا ديناراً ولا درهماً، ولكنهم ورثوا علماً يبلغ وهداية تورث وعدلاً ورحمةً تبث عبر الأجيال. يضيف إبراهيم. ولو أن أحداً أساء لأبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام فجحد قصة الأضحية والذبح الموجودة في كل الأديان من دون أن يدرك المعنى الرائع لقوله تعالى «وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ»، إذ تعني هذه الآية فيما تعنيه أن زمن التضحية بالإنسان قد ولى وانتهى إلى غير رجعة.. وأنه لا يجوز تقديم دماء الناس قربانا من أجل سلطة أو حاكم أو جماعة أو أيديولوجية أو فكرة أو مذهب أو صراع سياسي.. وأن فكرة «واصنع من جماجمنا لعزك سلماً» التي كانت تفتح بها إذاعة صوت العرب، هي فكرة بائسة، فجماجم الإنسان أغلى من أن تكون سلماً لمجد أحد مهما كان. وينسى أن الفقراء في مصر وغيرها لا يذوقون اللحم إلا في يوم الأضحى نتيجة «المذبحة الفاضلة» للعجول والأغنام.. وهل ذبحها وأكلها أصبح عاراً، وأجيال بنى آدم كلها تفعل ذلك من دون نكير؟ أليس الأمريكيون يذبحون في عيد الشكر قرابة 200 مليون ديك رومي، ما يدخل البهجة على قلوبهم، ويلتقط الرئيس الأمريكي كل عام صوراً سعيدة له مع الديك الذي سيذبحه. ترى هل أصبح الطعن في الأديان إبداعاً؟! وهل أصبح شتم الصحابة «رضوان الله عليهم» تجديداً؟!.. وكل من يشتم الأنبياء ويسب الصحابة أو حواريي الأنبياء نمنحه جائزة».
الفساد له رجلان
المعركة ضد الفساد لم تثمر شيئاً حقيقياً، وهو الأمر الذي يزعج فاروق جويدة في «الأهرام»: «الشيء الغريب أن معظم قضايا الفساد ونهب المال العام لم تأخذ مكانها المناسب في أداء الحكومة حتى الآن، وتأجلت أكثر من مرة حتى تلك التي صدرت فيها أحكام قضائية. ويبدي الكاتب دهشته بسبب رفع أسماء 90 مسؤولا من قوائم المنع من السفر: جاءت الأرقام شيئا مزعجا فما هي الحوافز التي تصل إلى أكثر من مليار و650 مليون جنيه.. وبأي حق يحصل أمين شرطة على 20 مليون جنيه وكيف يحصل مندوب مباحث في المطار على 14 مليون جنيه، أو أن يسدد مندوب علاقات عامة 5 ملايين جنيه، أو أن يشترك 19 لواء في سداد 95 مليون جنيه لخزانة الدولة.. أو أن يحصل 23 عاملا مدنيا على حوافز 26 مليون جنيه، أو أن يحصل رئيس الإدارة المركزية لخزانة وزارة الداخلية على 14 مليون جنيه، أو أن يحصل 22 موظفا إداريا على 12 مليون جنيه حوافز شهرية، وكيف تسربت هذه الملايين إلى عدد من الأشخاص تحت مسمى حوافز احتياطية لمواجهة الأهداف الأمنية، وماذا يعني ذلك الوصف من الناحية المالية والإدارية والأمنية والقانونية؟ يضيف جويدة: لا أحد يعلم أين ملفات بيع القطاع العام وأصول الدولة المصرية في مشروع الخصخصة، هناك قضايا فساد كثيرة في هذه الملفات، خاصة أن المشروعات بيعت في ظروف غامضة، ومن خلال لجان سرية افتقدت الأمانة والشفافية، ولا أحد يعلم أين ذهبت.. يتساءل الكاتب: أين ذهب رقم 500 مليار هي قيمة أصول القطاع العام، كما قدرها البنك الدولي؟ وأين ذهبت 420 مليار جنيه قيمة أموال المعاشات والتأمينات؟ وأين تسربت أموال الصناديق السرية والأخطر من ذلك ما هو مصير 2.5 تريليون جنيه هي ديون مصر الآن؟».
العدل على طريقة الزند
موجة من الاستنكار كانت من توابع تصريحات الزند وأمنياته الدموية بقتل عشرات الآلاف من الإخوان ومن يتعاطف معهم انتقاما وشفاءً لغليل رغبة دراكولية تلبست الرجل فأشعلت قلبه نارا لا تخمدها إلا دماء أربعمئة ألف وأزهاق أرواحهم هكذا يريد ويتمنى وزير عدل وشيخ قضاة في دولة السيسي. كما يصفه محمد الشاذلي في «الشعب»: «الذي يتساءل لماذا يستنكر المستنكرون تلك التصريحات والرغبات الدموية، وتناسوا أن ما يتمناه وزير عدل نظام السيسي جعله النظام واقعا يمارسه على الأرض، والأولى بالشجب والاستنكار هو النظام ورأسه.. غير أن هذه التصريحات المستعرة بنيران تتلظى في قلب الزند لم تخرج عن تصريحاته الزندية (نحن هنا على أرض هذا الوطن أسياد، وغيرنا هم العبيد) و(اللي هيحرق صورة قاضي هيتحرق قلبه وذاكرته وخياله من على أرض مصر) والتي طالما دأب عليها الرجل وهدم بها ما بقي من اعتبار في نفوس البعض لقضاء يُفترضُ أن منسوبيه يقومون بين الناس بالقسط ويزنون الكلمة بميزان لا يميل فتيلا.
ويؤكد الشاذلي أن ما بين تصريحات السيسي حول العدالة الناجزة التي يراها وتصريحات الزند المتأججة لا يحتاج المتابع أن يقدح زناد فكره ليثبت ما آل إليه حال العدالة في مصر، فقد أتت السلطة الاستبدادية بنيان العدالة من القواعد فخر سقفها على رؤوس المصريين بإعدامات وأحكام يقسم الزند أنها ستنفذ قبل أن ينهي القضاء الفصل النهائي فيها؟ يضيف الكاتب: منذ عرفت مصر طريق الأفكار القانونية الحديثة بداية من منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، لم يمر القضاء المصري بمرحلة كمرحلة قضاء الزند في دولة السيسي التي يعيش المصريون فصولها الآن».
إثيوبيا ماذا
ستفعل في السيسي؟
في المرتين اللتين التقي فيهما الرئيس عبدالفتاح السيسي مع رئيس وزراء اثيوبيا ديسالين، كانت دائما تلوح في الأفق مؤشرات بحدوث انفراجة في أزمة سد النهضة.. هذه المرة وفي اللقاء الأخير الذي تم وعلى هامش مؤتمر القمة الأفريقية، يرى جلال دويدار في «الأخبار»: «أن الحديث كان أكثر صراحة ووضوحا. من المؤكد أن ما دار قد تخطى ما جاء في إعلان المبادئ الذي توصل إليه الاجتماع الثلاثي الذي ضم معهما الرئيس عمر البشير رئيس دولة السودان الشقيق. في هذا اللقاء أوضح الرئيس السيسي أن مصر لا يمكن أن تقف عقبة أمام التنمية في إثيوبيا. أكد على أن كل ما تسعي إليه مصر دولة مصب نهر النيل.. هو ضمان حقوقها التاريخية في مياه هذا النهر الخالد، باعتبارها مسألة حياة أو موت بالنسبة لها. كما هو معروف فإن اعتماد مصر على هذه المياه يعود إلى أنها ليست من الدول الممطرة مثل إثيوبيا والسودان، اللتين يعد استقبالهما لموجات الأمطار الغزيرة بديلا آمنا لنهر النيل.. إنه وفي مقابل عدم اعتراض مصر على أي مشروعات على النيل في دول المنبع بهدف توفير متطلبات التنمية، فإنه في الوقت نفسه لابد لمصر دولة المصب من ضمانات لتحقيق أمنها المائي، من دون أي معوقات. في هذا الإطار فإن حرص مصر دولة المصب لنهر النيل في مباحثاتها مع إثيوبيا والسودان، إنما يستهدف الاطمئنان إلى عدم المساس بهذا الأمن المائي. هذا المطلب هو محور اللجوء إلى مكاتب الخبرة الدولية لإعداد دراسة حول سد النهضة، تضع في اعتبارها تحقيق مصالح الدول الثلاث مصر وإثيوبيا والسودان. ويأمل الكاتب أن تتواصل الجهود والمشاورات بين الدول الثلاث لتحقيق هذا الهدف بأمانة وإخلاص».
مواجهة الفكر بالفكر
أما نادر بكار فيكتب في «الشروق» قائلا: «سهل جدا أن تزين حديثك بكلمات ٍعلى غرار «تنوير ــ ثقافة ــ فن ــ تقدم ــ فكر ــ خفافيش الظلام ــ أعداء الحرية ــ إلخ» لتروج على البسطاء تشبعك ثقافة، وامتلاكك مشروعا نهضويا أو فكريا.. فإذا ما أنصت المنصف العاقل لكلامك دقائق معدودات أدرك افتقادك للقدرة على سوق المعاني المنطقية، أو حتى على الحديث بشكل مرتب وموزون!
وسهل جدا أن تذكر في طيات حديثك ــ غير المرتب ولا المنطقي ــ أسماء رنانة ــ هكذا أيضا تظنّها ــ على غرار محمد عبده، طه حسين، إلخ، فيظن البسطاء أنفسهم أنك قرأت لهؤلاء وسبرت فلسفتهم واستطعت البناء عليها، بما يصلح للناس حياتهم.. فإذا ما سألك المنصف العاقل عن أسماء مؤلفات واحد من هؤلاء أو عن رأيه في قضية بعينها، لأدرك من تلعثمك واتساع حدقتي عينيك ولفك ودورانك وتطاير همهمات غير مفهومة من بين شفتيك، أنك حتى لم تمر على غلاف كتاب ٍخطّة أحدهم، فضلا عن أن تكون بصيرا بما انتهوا إليه.. أقصد فضلا عن أن تكون ممن يحسن القراءة أصلا!
ومثلما أنهم يسمون الطعن في الثوابت والاستخفاف بالحرمات والتلاعب بالتراث (حرية فكر) فكذلك المتطرفون المتنطعون دينيا يسمون تنطعهم (عقيدة صافية) و(براءة من الشرك ) و(انتصارا للإسلام)! سهل جدا، بحسب الكاتب، وأنت تدعي مواجهة الفكر بالفكر، أن تمارس كل مظاهر الإقصاء والعنصرية وفاشية الصوت الواحد وتصادر كل حق للرد أو النقاش. في الوقت نفسه الذى تملأ فيه الدنيا صياحا عن «تعصب» الآخر، و«عنصرية» الآخر، و«فاشية» الآخر، ولا تبصر من نفسك التناقض المذهل، التناقض الفج، التناقض المضحك!».
مستقبل غامض
لن تعود الشخصية المصرية كما كانت.. إلا إذا بدأنا الاهتمام بالطفل وتنشئته وتعليمه وتربيته على الأخلاق التي عشنا عليها دهوراً، حتى تأصلت في المصريين، ثم ضاعت للأسف في السنوات الأخيرة. هذا ما يعتقده ويثق فيه فهمي عنبة رئيـــس تحرير صحيفة «الجمهورية» متابعاً: «أهملنا التعليم فترة طويلة.. وجعلنا من أطفالنا تلاميذ المدارس فئران تجارب.. كل فترة نُغير لهم المناهج وأسلوب التدريس.. حتى لم يعد لدينا لا تربية ولا تعليم.. وبدلاً من إقبال الطفل على المدرسة كما كان في الماضي.. أصبح يهرب منها ويخاف أهله من تعرضه لسوء في حادث أتوبيس خلال رحلة أو نتيجة لاقتحام أولياء أمور المدرسة وضرب التلاميذ والمعلمين.
لا يوجد مشروع قومي أهـــم من التعليـــم والصحة لتنشئة جيل قادر على البحث والتفكير والإبداع والاختراع، وفـــي الوقت نفسه تكون صحته جيدة ولا يعاني من الأمراض والأوبــئة، لأنه لن نبني هذا الوطن سوى بعقول وسواعد أطفالنا وشبابنا ورجالنا.. وكلما تخرج جيل عليه أن يلتفت لمن بعده.. ويعلمهم أفضل ويحافظ على صحتهم أكثر. أصدرت دائرة البحيرة بمحكمة القضاء الاداري حكماً رائعاً يتفق مع الدستور وينبه إلى ضرورة الاهتمام بتلاميذ المدارس.. حيث ألزمت الحكومة بعلاج مرضى السكري من التلاميذ مجانا.. بعد أن امتنع التأمين الصحي عن صرف الدواء لتلميذة في الصف الخامس الابتدائي في مدينة شبراخيت تعاني من مرض السكري المزمن.. ولا أدري كيف رفض التأمين الصحي صرف الدواء؟ وحتى لو كانت اللوائح لا تجيز صرفه.. فأين روح القانون؟ وأين الرحمة بالأطفال؟
ويرى الكاتب أن قرار محكمة القضاء الإداري إدانة للمجتمع بأسره وليس للتأمين الصحي ولا وزارة الصحة ولا الحكومة فقط».
ظل مرسي يتخلى عنه
هاجم رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، المحامي والمفكر الإسلامي محمد سليم العوا، قائلا له «خليك مع الكسبان وطظ في المبادئ». واهتمت «المصري اليوم» التي يمتلك ساويرس جزءا من اسهمها بتصريحات الرجل الاكثر ثراءً في مصر، حيث كتب ساويرس في تدوينة له عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر للتدوين القصير، بعد تردد أنباء عن تخلي العوا عن مرسي:
«يا سلام.. ده كان أكبر مروج ومدافع عنهم في زمنهم.. هي بس الدنيا دوارة وخليك مع الكسبان وطظ في المبادئ. وكان ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، قد تداولوا تغريدة منسوبة لحساب المحامي والمفكر الإسلامي على تويتر، يقول فيها قررت التخلي عن مرسي لأنه أبلغني في أحداث الاتحادية «سيبوهم يتعلموا الأدب»، وأضاف أن مرسى متهم ومدان بقضية التخابر يذكر أن الملياردير القبطي ظلت عائلته تربطها برموز الإخوان علاقة جيدة».
ابن البنا مات قبل الثأر
نشرت جماعة الإخوان المسلمين عبر موقعها بيانا أعلنت فيه وفاة نجل الإمام المؤسس الأستاذ أحمد سيف الإسلام.. نص البيان: «يتقدم الأستاذ الدكتور محمود عزت ـ القائم بأعمال فضيلة المرشد العام ـ والدكتور محمد عبد الرحمن ـ مسؤول اللجنة الإدارية العليا للإخوان المسلمين في مصر ـ بخالص العزاء وينعيان ببالغ الأسى وفاة الأستاذ أحمد سيف الإسلام حسن البنا، أحد قــــيادات جمـــــاعة الإخـــوان المسلمين، ونجل مؤسسها الإمام الشهيد حسن البنا، وأحد قيادات نقابة المحامين. وقد سادت حالة من الحزن العميــــق بين قيادات وشــباب الجماعة على رحيل أحد القيادات التاريخية التي عاصرت العمل الثوري على مدار عدة عقود، خاصة في عهد الديكـــتاتور البائد مبارك، وارتبط الراحل بعلاقات وطيدة مع رموز عدد من القوى الوطنية ويذكر مقربون من الراحل انه كان يطمح شأن معظم رموز وشباب التيار الإسلامي أن يعيشوا لليوم الذي تقتص فيه السماء لشهداء رابعة وتعود الشرعية لنصابها الحقيقي».
حسام عبد البصير