ايران بين التسابق الغربي وامكانية الحوار العربي

حجم الخط
10

استقبلت طهران امس وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، بعد ان زارها مؤخرا سيغمار غابريال وزير الاقتصاد ونائب المستشارة الالمانية الذي اصطحب على طائرته نحو مائة من اكبر رجال الاعمال في المانيا واوروبا، ثم وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني في اطار ما اصبح يمكن وصفه بـ «التسابق الغربي» نحو ايران كإحدى نتائج الاتفاق النووي التاريخي الذي وقع في فيينا في الرابع عشر من شهر تموز/ يوليو الحالي. ولخص فابيوس زيارته في عنوانين» الاحترام واحياء العلاقات الثنائية».
وفي غضون ذلك تدرس دول عربية الدعوة التي حملها وزير الخارجية الايراني جواد ظريف اثناء جولته الخليجية الى التعاون لمكافحة الارهاب. وكان ظريف كتب مقالا في الـ «نيويورك تايمز» قبل ثلاثة شهور، دعا فيه الى «انشاء هيئة للحوار بين ايران والقوى الرئيسية في الاقليم»، وكتب ان «الحوار الاقليمي يجب ان يقوم على المبادئ المعترف بها عموما والأهداف المشتركة، ولا سيما احترام السيادة والسلامة الإقليمية والاستقلال السياسي لجميع الدول ، وحرمة الحدود الدولية؛ وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والتسوية السلمية للمنازعات وعدم جواز التهديد باستخدام القوة أو استخدامها، وتعزيز السلام والاستقرار والتقدم والازدهار في المنطقة».
وثمة نقاط تقاطع بين هذين المسارين ينبغي التوقف عندها:
اولا: ان ايران تدرك انها دفعت مسبقا ثمن هذا التسابق او التهافت الغربي على التعاون معها، لذلك فقد رفضت ان تقدم اي تنازلات عندما طالبها الضيف الالماني الكبير بالاعتراف باسرائيل، رغم انه شدد على ان المانيا تؤيد ايضا اقامة دولة فلسطينية. وتكرس هذا المعنى في تأكيد فابيوس امس في طهران على «احترام ايران كدولة قوية ومستقلة». وكانت هذه الصورة نفسها التي صدرتها المفاوضات النووية الى العالم الذي رأى ممثل ايران يجلس على رأس المائدة، فيما يصطف على جانبيها ممثلو القوى العظمى. ولا بد ان طهران ستحمل هذه الروح الى اي حوار مع جيرانها ما يستلزم ان يكون الوفد العربي موحدا في تكوينه واجندته واهدافه ليكون ندا للايراني.
اما الدرس الآخر الذي لا يمكن تجاهله فهو ان الغرب يحترم من يختلف معه في كرامة، وان الهرولة الى تقديم التنازلات ربما تأتي بنتيجة عكسية، ومن هنا يحتاج العرب الى مراجعة اسلوب تعاملهم مع «حلفائهم» الغربيين الذي لا يفهمون الا لغة المصالح.
ثانيا: ان ثمة غموضا يكتنف الموقف الرسمي العربي من ايران، ولعل ثمة انقسامات عميقة تحكم هذا المشهد، فثمة رفض سعودي معلن لاي تقارب مع ايران دون ثمن سياسي في الازمات التقليدية، فيما يحبذ آخرون فتح حوار معها، ويضم هذا المعسكر اغلب دول الخليج ومصر والاردن.
ويبني هؤلاء موقفهم على قناعة واقعية وموضوعية بأن الحسم العسكري في البلاد التي تعرف تدخلات ايرانية ليس سوى اوهام، وان الحل لا يمكن الا ان يكون سياسيا. بل ان دولة الامارات على سبيل المثال تخطط لمضاعفة حجم التعاون الاقتصادي مع ايران خلال العام المقبل، بالرغم من المشاكل القديمة بين البلدين المتمثلة في احتلال الجزر الثلاث في الخليج ابو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى.
إلا أن موقف السعودية يبقى حاسما وحرجا، خاصة بعد التوتر بسبب خطاب آية الله علي خامنئي الذي لقي ادانة عربية واسعة.
ثالثا: اما بالنسبة الى ايران، فليت وزير الخارجية جواد ظريف يتذكر ما كتبه في الـ «نيويورك تايمز»، ثم ما صرح به اثناء جولته الخليجية عندما قال «العرب وليست ايران من ينبغي ان يغير مواقفه». فهل ايران مستعدة حقا لاحترام سيادة الدول وعدم التدخل او التهديد باستخدام القوة؟ وماذا عن تصريحات الرئيس الايراني حسن روحاني الاخيرة التي تعهد فيها بـ «مناصرة المظلومين في كل مكان»، وماذا عن «متعهدي تصدير الثورة الايرانية داخل النظام الايراني « الذين لم يتورعوا عن عد العواصم العربية التي يحتلونها؟
واخيرا فان التقارب مع الغرب لن يغني ايران عن خسارة اغلب عمقها العربي والاسلامي، وهي مطالبة بأن تراجع خطابها السياسي اذا كانت جادة حقا في اقامة حوار مع جيرانها. اما العرب فلا ينبغي ان يكونوا الطرف الرافض للحوار مع ايران، لكن مع التمسك بالثوابت الدبلوماسية والمعايير السياسية المتعارف عليها، والاهم من هذا ان ينحوا خلافاتهم الهامشية جانبا، وان يضعوا مصلحتهم الاستراتيجية في المقدمة هذه المرة، ولو من باب التغيير.

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    سوف لن يثق العرب بايران ولو بعد مائة سنة
    فما الذي أخذته ايران من العرب وأرجعته ؟ لا شيئ

    (تمنيت لو كان بيننا وبين فارس جبل من نار)
    الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

    الكروي داود يقول : لا يفل الحديد الا الحديد

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول الدكتورجمال البدري:

    ستكون جائزة نوبل للسّلام القادمة ؛ مناصفة بين ظريف وكيري…وليس للعرب إلا مشاهدة حفل توزيع الجوائزبصمت الشاشة.

  3. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم.رأي القدس عنوانه اليوم هو(ايران بين التسابق الغربي وامكانية الحوار العربي)اكثرية الزعماء العرب لن يكونوا موحدين تجاه أي قضية مصيرية تهمهم وتهم شعوبهم فهم(كل يغني على ليلاه)وهمه الاكبر كرسيه ؛واما التقية عند ايران وصفوييها وملاليها وآياتها الطائفيون فينطبق عليهم(يعطيك من طرف اللسان حلاوة … ويروغ منك كما يروغ الثعلب) ،والتقية مرادف دقيق للنفاق باجلى معانيه.
    ومناصرة الرئيس روحاني للمظلومين في كل مكان لا تعني الا دعم وتثوير وتسليح الاقليات الشيعية في الاوساط السنية ،لا يقل عنها خطورة تصريح ظريف «العرب وليست ايران من ينبغي ان يغير مواقفه»ولا ننسى كذلك صراحة مروجي تصدير الثورة في الاوساط الايرانية( الذين لم يتورعوا عن عد العواصم العربية التي يحتلونها؟) واذا كانت ايران جادة في مراجعة خطابها السياسي ونظرتها الاستراتيجية لجيرتها العربية الاسلامية-مع انني لا اظنها كذلك-فعلى العرب الا (يكونوا الطرف الرافض للحوار مع ايران، لكن مع التمسك بالثوابت الدبلوماسية والمعايير السياسية المتعارف عليها، والاهم من هذا ان ينحوا خلافاتهم الهامشية جانبا، وان يضعوا مصلحتهم الاستراتيجية في المقدمة هذه المرة، ولو من باب التغيير.)والعرب لن تقوم لهم قائمة ما لم يكن حكامهم من الشعب ولمصلحة الشعب وعبر الصناديق وبعيدا عن بساطير العسكر.

  4. يقول م . حسن:

    هشاشة نظم الحكم الفردية تدمر الأمن القومي والمصالح . مصر علي خلافات مع تركيا والسعودية مع إيران . إذا تقاربت مصر مع إيران أو السعودية مع تركيا تضررت العلاقات المصرية السعودية . أليست هذة هيمنة سياسية طفولية تستفيد منها أمريكا والغرب , بدلا من تعاون مصر وتركيا والسعودية وإيران علي حل مشاكل المنطقة ؟

  5. يقول الشربيني المهندس:

    هذا مقال بعنوان مطلوب ظريف عربي
    كنت اتمني ان تنشره القدس بهذه المناسبة
    مطلوب ظريف عربي ..
    هل هناك فارق بين الصلاة علي سجادة فارسي وسجادة صيني .. السؤال ظريف لكن حديثنا عن جانب مختلف لحكايات الظرفاء في التاريخ العربي والحديث ..
    مع نجاح ديبلوماسي لإيران بقيادة ظريف واستمرار الفوضي بالأراضي العربية وهاشتاج متخيل (أردوغان –كاكا- غيره معفن )ودخول تركيا حلبة الإرهاب والصراع مع داعش ..يبدو أن الظريف يحتاج للمعرفة أكثر من التعريف ..
    يحكي أن أبا العباس الذي كان إماما للنحو اقترب من أبي نواس ظريف عصره وسأله .. الظبي معرفة أم نكرة فأجابه بسرعة بديهة إن كان مشويا وموضوعا علي المائدة أمامنا فهو ولاشك معرفة وإن كا طليقا حرا في الصحراء فهو نكرة
    تري ماذا كان سيقول ميكافيللي داهية السياسة في هذا الموقف .. مع ظلال شهر الصيام الكريم نتذكر هذه الحكاية ..
    رؤى أعرابي وهو يأكل فاكهة في نهار رمضان فقيل له: ما هذا ؟ فقال الأعرابي على الفور: قرأت في كتاب الله “وكلوا من ثمره إذا أثمر ” والإنسان لا يضمن عمره وقد خفت أن أموت قبل وقت الإفطار فأكون قد مت عاصياً .. فهل مازال شروق كل يوم يحمل معه من الوعود قدراً كافياً ما يجعل لدينا أسباباً للنهوض من فراشنا أم أن هذا مجازا أو طرفة من حكايات الظرفاء ..
    لا شك أن جحا وأبي نواس من أشهر ظرفاء العرب تاريخيا الذين أضحكتنا نوادرهم .. بالمناسبة من ظرفاء العرب جحا وهناك جحا العربي من العراق وجحا الرومي من استانبول ولا يوجد جحا فارسي لكن هناك ظريف الفارسي بطل مفاوضات النووي بين القوي الكبري وإيران .. ونسأل هل هناك ظريف عربي الآن أم علينا أن نسأل هل حان وقت الخروج من النفق العربي مع من تسيباس اليوناني أم ظريف الفارسي أم أردوغان التركي الذي ابتعد من الصورة قليلا في الأيام الأخيرة .. الشربيني المهندس كاتب مصري
    [email protected]

  6. يقول ..moussalim.ali.:

    .
    – إيران ستعمل على الإستفاذة من هرولة الغرب نحوها .
    إيران تريد أن تعيد بناء كل شيء في إيران ، حيث الحصار الإقتصادي الدولي ، عطلّ كل شيء تقريبا في إيران . عطل كل شيء ما عدى البحث النووي .
    .
    – أما الحوار مع العرب ، فمسألة نكتة النكات .
    إيران تفكك العرب ، ولا تتحاور مع العرب .
    .
    – دولتين في الشرق الأوسط لها نفس الخطة المصيرية ….
    إيران وإسرائيل ، حيث سعادتهما في شقاء العرب . قدر .

  7. يقول بولنوار قويدر-الجزائر:

    السلام عليكم
    إنّ “ايران” كانت مدركة تماما أسرار الغرب وقد عاملته من زاوية يصعب عليه معادتها أو مصادقتها في أن واحد وقد أحاطت نفسها بثالوث مقدس ورفعته شعار حوارها معه:
    1- التحاور قوة لقوة
    2-التعاون مقابل مصالحها المختلفة
    3-إحترام خطها الساسي..
    مع العلم أنّها لن تتنتزل عن القضية الفلسطينية ليس حبّا في “فلسطين المقدسات” ولكن لشد الرأي الاسلامي والعربي من أجل التعاطف معها وتجبر العرب على الاحراج ليقدموا تنازلات للغرب من أجل رفع يد المساعدة لإسرائيل مقابل تنازلات سياسية واقتصادية وغيرها…
    إنّ “ايران” وهم القوم المعروفون والمتمرسون بفن الجدال والحوار والمحاورة والدهاء بحيث لم يسبقهم أحد لذلك قد استثمروا ما لديهم من رصيد تاريخي في هذا المجال ووظفوه لقضاياهم …بينما نحن “العربان” قد انشغلنا في ثانويات الامور وتركنا الاسياسيات إمّا خوفا من النتائج أو لا نعرف فن المغامرة في استقطاب غيرنا إلينا وكل ما نحسنه “شيطنة بعضنا على بعض وإزاحة من يخالفنا الرأي ولو كان على صواب …إيران ليست قومية “مثالية” ولكن يقدرون المواقف ويجعلون قيّمها حسب تقديرتها عكس قوميتنا”العربية” نندفع بدون حساب ولا تقدير للأمور ونحسب كل من أظهر لنا سنّه ومد يجه لنا “صديق” لا ينبغي التفريط فيه ….
    لنا طاقات لاتحصى ولا تعد ولكن للأسف إمّا هم :
    ((مشردون/مغيبون/مسجونون/مهمّشون/مطاردون…))إمّا لفكرة يحملها أو لموقف يخالف فيه صاحب الفخامة أو الجلالة أو يحمل مشروعا إقتصاديا أو إجتماعيا أو سياسيا لا يخدم السادة…عكس منا نجد في باقي الامم أخالفك ولكن أنت شريكي في بناء الامّة

  8. يقول بولنوار قويدر-الجزائر:

    السلام عليكم
    إنّ “ايران” كانت مدركة تماما أسرار الغرب وقد عاملته من زاوية يصعب عليه معادتها أو مصادقتها في أن واحد وقد أحاطت نفسها بثالوث مقدس ورفعته شعار حوارها معه:
    1- التحاور قوة لقوة
    2-التعاون مقابل مصالحها المختلفة
    3-إحترام خطها الساسي..
    مع العلم أنّها لن تتنازل عن القضية الفلسطينية ليس حبّا في “فلسطين المقدسات” ولكن لشد الرأي الاسلامي والعربي من أجل التعاطف معها وتجبر العرب على الاحراج ليقدموا تنازلات للغرب من أجل رفع يد المساعدة لإسرائيل مقابل تنازلات سياسية واقتصادية وغيرها…
    إنّ “ايران” وهم القوم المعروفون والمتمرسون بفن الجدال والحوار والمحاورة والدهاء بحيث لم يسبقهم أحد لذلك قد استثمروا ما لديهم من رصيد تاريخي في هذا المجال ووظفوه لقضاياهم …بينما نحن “العربان” قد انشغلنا في ثانويات الامور وتركنا الاسياسيات إمّا خوفا من النتائج أو لا نعرف فن المغامرة في استقطاب غيرنا إلينا وكل ما نحسنه “شيطنة بعضنا على بعض وإزاحة من يخالفنا الرأي ولو كان على صواب …إيران ليست قومية “مثالية” ولكن يقدرون المواقف ويجعلون قيّمها حسب تقديرتها عكس قوميتنا”العربية” نندفع بدون حساب ولا تقدير للأمور ونحسب كل من أظهر لنا سنّه ومد يحه لنا “صديق” لا ينبغي التفريط فيه ….
    لنا طاقات لاتحصى ولا تعد ولكن للأسف إمّا هم :
    ((مشردون/مغيبون/مسجونون/مهمّشون/مطاردون…))إمّا لفكرة يحملها أو لموقف يخالف فيه صاحب الفخامة أو الجلالة أو يحمل مشروعا إقتصاديا أو إجتماعيا أو سياسيا لا يخدم السادة…عكس منا نجد في باقي الامم أخالفك ولكن أنت شريكي في بناء الامّة
    ولله في خلقه شؤون
    وسبحان الله

  9. يقول حكمتusa:

    اتذكر دائماً مقولة
    ” يبقى الحال على وضعه وعلى المتضرر اللجوء الى القضاء ”
    اسرائيل وجدت وتكبر كل يوم بهذا المنطق وهو” القوي يحكم والضعيف يشتكي ويدور على من يسنده ”
    العالم كله يحترم ويخاف القوي ويحتقر الضعيف … وما عبارات حقوق الانسان والتمييز العنصري وغيرها من المصطلحات الا أدوات يستعملها القوي للسيطرة على الضعيف ..
    لقد كانت اوربا تدفع الجزية للعرب المسلمين لعشرات السنين.. لاننا كنا
    دولة قوية جدا وليس للعدل والاحسان .
    مصطلح الدول العربية خيالي و غير موجود على ارض الواقع لان الدول هذه في حالة حرب مع بعضها ! فمن يسمع لنا او يخافنا او حتى يحترمنا ؟؟؟
    حتى لدينا مجموعة صغيرة من الدول تتظاهر بالوحده ولكن الحقيقة هي مختلفة مع بعضها بخصوص ايران فمنها يتعامل وبشراكة مع ايران وأخريات كأنه في حالة حرب وأخريات تمارس الليونة والمداهنة ..
    اذا وقف العرب يوما موقف رجل واحد وصمدوا على هذا الموقف … ستزول
    الجبال من مراكزها ويبدأ العالم باحترام شئ اسمه العرب .
    وشكرا للقدس

  10. يقول أ.د. خالد فهمي - تورونتو - كندا:

    السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته

    على العرب ” خلق ” التضامن اللازم و توحيد الصفوف والتحدث لأيران ” ولاية الفقيه ” بصوت واحد بقيادة السعودية ومصر و الاردن ودول مجلس التعاون العربي وبدعم وأسناد من تركيا ….مع العمل على أبعاد كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن وعمان والبحرين عن هذه الإمبراطورية التوسعية !!!

إشترك في قائمتنا البريدية