باسل الأعرج … الشهيد الكامل

حجم الخط
4

محمد عاصم: «الله يرضى عليه .. عمري ما شفته أحلى من اليوم» بهذه الكلمات ودع والد الشهيد باسل الأعرج، جثمان باسل عندما دُعي للتعرف عليه، عشرات الطلقات والشظايا مزقت جسد الشهيد الشاب، الذي ظل صامدًا لمدة ساعتين في مواجهة رصاص جنود الاحتلال الصهيوني، حتى نفدت ذخيرته واستشهد وهو قابض على بندقيته الصغيرة.
في مدينة الإسكندرية وعلى بعد خطوات من نصب الجندي المجهول في ميدان المنشية وصلنا الخبر عبر مواقع التواصل الاجتماعي. كانت المفارقة المدهشة أن نصف الحاضرين من الشباب يعرفون باسل ليس بصورة شخصية، ولكن بوصفه أحد أيقونات المقاومة الفلسطينية الشابة التي رغم كل ما تعانيه من حصار وقمع مازالت قادرة على أن تلد أبطال وشهداء مثل باسل ورفاقه.
خلال الحوار الذي دار بيننا لم يكن باسل جنديا مجهولا كالنصب الذي يجاورنا، كانت صورته كمثقف شاب وفاعل حاضرة بقوة ووضوح، تشبه كثيرًا وجوه رفاق مصريين وعرب استشهدوا من أجل الحرية والكرامة وتحرير الإنسان والوطن، باسل الوجه العربي المقاوم والصامد منح الشجاعة والقوة والحياة في جيل جديد من الشباب، استشهاد باسل جاء كلحظة فارقة أعادت تعريفنا بذاتنا، لحظة أدركنا فيها أننا كُثر ولسنا قلة، وأننا مازلنا قادرين على المقاومة والنضال.
في القاهرة ووسط حالة من الإحباط والحزن والقمع الأمني المتزايد، أقام حزب «العيش والحرية» تأبين للشهيد باسل الأعرج، شارك فيه عشرات من الشباب والنشطاء وجهوا خلاله رسالة بعنوان « من القاهرة إلى فلسطين حاكمونا جميعًا « منددين بموقف السلطة الفلسطينية المتواطئ مع العدو الصهيوني، تلك السلطة التي تنظر قضية يُحاكم فيها الشهيد باسل الأعرج وأربعة من رفاقه بتهمة حيازة سلاح، والتي اعتبرها الحزب حيازة مشروعة وضرورية في مسيرة التحرر، مستشهدًا بمقولة الأعرج «لا مناص لشعب تحت الإحتلال إلا المقاومة»، ورفع النشطاء يافطات كتب فيها «بندقة باسل تملثنا جميعًا»، و»قولوا لسلطة المهانة قتل باسل عار وخيانة» و»من القاهرة ألف تحية لشهيد البندقية».
حضور باسل وصدى نضاله لم يقتصر على فلسطين ومصر وباقي الدول العربية، فعلى مواقع التواصل الإجتماعي تداول مئات الشباب من مختلف الجنسيات وصية باسل التي وجدتها أسرته مكتوبة على ورقة صغيرة في موقع استشهاده وجاء فيها ورقة كتب عليها الشهيد وصيته. وجاء فيها «تحية العروبة والوطن والتحرير، أما بعد .. إن كنت تقرأ هذا فهذا يعني أني قد مِتُّ، وقد صعدت الروح إلى خالقها، وأدعو الله أن ألاقيه بقلبٍ سليم مقبل غير مدبر بإخلاص بلا ذرة رياء. لكم من الصعب أن تكتب وصيتك، ومنذ سنين انقضت وأنا أتأمل كل وصايا الشهداء التي كتبوها، لطالما حيرتني تلك الوصايا، مختصرة سريعة مختزلة فاقدة للبلاغة ولا تشفي غليلنا في البحث عن أسئلة الشهادة».
وأضاف باسل في وصيته «وأنا الآن أسير إلى حتفي راضياً مقتنعاً وجدت أجوبتي، يا ويلي ما أحمقني وهل هناك أبلغ وأفصح من فعل الشهيد، وكان من المفروض أن أكتب هذا قبل شهورٍ طويلة إلا أن ما أقعدني عن هذا هو أن هذا سؤالكم أنتم الأحياء فلماذا أجيب أنا عنكم فلتبحثوا أنتم أما نحن أهل القبور فلا نبحث إلا عن رحمة الله».
باسل البالغ من العمر 31 عاما، ولد في السادس والعشرين من يناير/كانون الثاني عام 1986 بقرية الولجة في بيت لحم، درس تخصص الصيدلة في إحدى الجامعات المصرية، ثم عاد لفلسطين ليشارك كمثقف فاعل في النضال ضد المحتل الصهيوني، شارك باسل في العديد من التظاهرات، وفي تطوير أساليب المقاومة، فتحدث عن فكرة «القتال الفردي»، كبديل عن غياب الانتفاضات الجماعية، وعمل الأعرج في مشروع لتوثيق أهم مراحل الثورة الفلسطينية منذ ثلاثينيات القرن الماضي ضد الاحتلال البريطاني، وصولا للإحتلال «الإسرائيلي»، وذلك من خلال تنظيم رحلات ميدانية لمجموعات شبابية متنوعة للتعريف بها على أرض الواقع.
صورة باسل وصموده في وجه الموت وروحه الحاضرة بين الشباب، تجسد بوضوح صورة حية لقصيدة «الشهيد» للشاعر الفلسطيني الراحل سميح القاسم والتي يقول فيها « خلّو الشهيدَ مُكفناً بثيابهِ، خلّوهُ بالسَّفحِ الخبيرِ بما بهِ، لا تدفنوهُ و في شِفاهِ جِراحهِ، تدوي وصيةُ حبّهِ و عذابهِ، هل تسمعونْ دَعوهُ نسراً دامياً، بين الصخورِ يغيبُ عن أحبابهِ، خلوهُ تحتَ الشمسِ تحضنُ وجههُ، ريحٌ مطيبةٌ بأرضِ شبابهِ، لا تغمضوا عينيهِ إنَّ أشعةً، حمراءَ ما زالت على أهدابهِ، وعلى الصخورِ الصفرِ رجعُ ندائهِ، يا آبهاً بالموتِ لستُ بآبهِ، خُذني إلى بيتي أُرِحْ خدّي على، عتباتهِ وأبوسُ مقبضَ بابهِ، خذني إلى كرمٍ أموتُ مُلوعاً، مالم أُكحل ناظري بتُرابهِ».

باسل الأعرج … الشهيد الكامل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول غاندي حنا ناصر -كوريا الجنوبيه -سول:

    رساله الشهيد من مابعد الموت …
    بعدما أنزلوني، سمعت الرياح
    في نواح طويل تسف النحيل
    و الخطى وهي تنأى. إذن فالجراح
    و الصليب الذي سمروني عليه طوال الأصيل
    لم تمتني. و أنصت: كان العويل
    يعبر السهل بيني و بين المدينه
    مثل حبل يشد السفينه
    وهي تهوي إلى القاع. كان النواح
    مثل خيط من النور بين الصباح.
    و الدجى، في سماء الشتاء الحزينه.
    ثم تغفو، على ما تحس، المدينه
    حينما يزهر التوت والبرتقال
    حين تمتد جيكور حتى حدود الخيال
    حين تخضر عشباً يغني شذاها،
    و الشموس التي أرضعتها سناها،
    حين يخضر حتى دجاها.
    يلمس الدفء قلبي، فيجري دمي في ثراها
    قلبي الشمس إذا تنبض الشمس نورا،
    قلبي الأرض، تنبض قمحا، و زهرا، وماء نميرا
    قلبي الماء، قلبي هو السنبل.
    موته البعث، يحيا بمن يأكل
    في العجين الذي يستدير
    ويدحى كنهد صغير، كثدي الحياه.
    مت بالنار: أحرقت ظلماء طيني ن فظل الإله.
    كنت بدء، وفي البدء كان الفقير،
    مت، كي يؤكل الخبز باسمي، لكي يزرعوني مع الموسم
    كم حياة سأحيا: ففي كل حفره،
    صرت مستقبلا، صرت بذره
    صرت جيلا من الناس، في كل قلب دمي.
    قطرة منه أو بعض قطره ..
    هكذا عدت، فاصفر لما رآني يهوذا
    فقد كنت صره
    كان ظلا، قد اسود مني، وتمثال فكره
    جمدت فيه واستلت الروح منها
    خاف أن تفضح الموت في ماء عينيه
    عيناه صخره
    (راح فيها يواري عن الناس قبره).
    خاف من دفئها، من محال عليه، فخبر عنها-
    ” أنت؟ أم ذاك ظلي قد ابيض وارفض نورا؟.
    أنت من عالم الموت تسعى؟ هو الموت مره
    ” هكذا قال آباؤنا، هكذا علمونا، فهل كان زورا؟.
    ذاك ما ظن لما رآني، وقالته نظره
    قدم تعو، قدم، قدم
    القبر يكاد بوقع خطاها ينهدم
    أترى جاءوا؟ من غيرهم؟
    قدم .. قدم .. قدم،
    ألقيت الصخر على صدري.
    أو ما صلبوني أمس؟ .. فها أنا في قبر
    فليأتوا – إني في قبري
    من يدري أني .. ؟ من يدري ؟
    ورفاق يهوذا؟ من سيصدق ما زعموا ؟..
    ————-
    إبن النكبه العائد إلى يافا
    لاجىء فلسطيني

  2. يقول سوري:

    منتصب القامه امشى
    مرفوع الهامه امشى
    فى كفى قصفه زيتون وعلى كتفى نعشى
    وانا امشى وانا امشى وانا امشى
    قلبى قمر احمر…..قلبى بستان
    فيه التيل العوسج… فيه الريحان
    شفتاى سماء تمطر….نار حين….تمطر احيان
    فى كفى قصفه زيتون وعلى كتفى نعشى
    وانا امشى وانا امشى وانا امشى

  3. يقول غادة الشاويش -المنفى:

    باسل يا بني محمد عصام .. هو وهج الصمت الذي يشرق في اخر لحظات الحياة ..عندما تنسل الروح نحو بارءها ..هذه اللحظة التي تظهر فيها حقيقة كل حي .. باسل ..هو نهارات الكفاح والمطاردة …باسل هو شمعات الليل التي كان يضيؤها بقلمه قبل ان يعلن انتهاء الشموع ومشرق الشمس الى الابد ساهة رحيله ..باسل هو سر طويل عمره 31 طوى عليه الشغاف وتعملق فيه على عقبات الواقع الموحل الذي صنعته سلطة اوسلو واعلن حرب الارادة .. وصلابة السيف في وجه سلطات التنسيق الامني ..باسل هو كسرات قلوبنا ..حزن منافينا …شمعات امالنا..باسل هو دموع وداعنا لزهرة ذبلت واشراقة الفرح ولمعة البهجة لاخرى تفتح في ارواحنا .. ويلنا ما اصغرنا اذ طالت بنا حياة …حتى جاوزنا الاربعين يا بني .. وما قدمنا وما التفتت السماوات لارواحنا ..اتراه صدء القلوب..ام اختيار الاقامة في الدنيا .. لن يموت باسل الا ان لم تحملو امانة دمه .. باسل يا بني وكلنا كفلسطينيبن نرى فيكم وهج الشمس التي ستوقف حزن وجوع غزة ..والق الرصاص يكحل اسماعنا ونداء الاذان العذب يشق السماوات ويعلن صلاة الفجر
    وزارة المستضعفين عاصفة الثار ام ذر الغفارية جريحة فلسطينية منشقة عن منظمة الارهاب التكفيري حزب الاسد (الله )سابقا !

  4. يقول كنعان:

    باسل مات موتاً مجانيّاً. لم يرسله أحد إلى هذا الموت لا السلطة ولا المنظمة ولا الشعب. ذهب إلى موته على عاتقه وحده. والذين كتبوا عنه ممن يتلقون رواتبهام من الدول الإمبريالية المانحة، لم يفكروا لحظة واحدة بالدفاع عنه واحتضانه عندما كان مطارداً. وكي نصدهم- إذا أمكن- نريد منهم فعلاً جاداً تجاه حماية زملائه المعتقلين. لا نريد بوستات ولا تغريدات ولا اشتراك في الجنازات التي أصبحت عاراَ يطارد الفلسطينيين أينما حلّوا.
    لا نريد شهداء، نريد مناضلين أحياء يقسمون: الحريّة والحياة!
    أيها المثقفين العِنّينين كِفوا عن دفع أبناءنا إلى الموت!
    أالمثقفين الذين تكتبون التقارير للدول الإمبريالية كفّوا عن دفع أبناءنا إلى الموت!
    أيها المثقفين العِنينين الذين يتلقون رواتب من الدول الإمبريالية إدفعوا أبناءكم أنتم إلى الموت، أو دعوهم يدرسون في المدارس التي درس فيه الأعرج! نحن نعرف أنكم لن توافقوا لأنكم تريد إرهاق دمّ غيركم أيها السفلة!

إشترك في قائمتنا البريدية