يبدو ان التاريخ السياسي لعائلة بوش قد وصل إلى نهايته مساء السبت الماضي، عندما اعلن جيب بوش انسحابه من المنافسات للفوز بترشيح الحزب الجمهوري في السباق نحو البيت الابيض اثر هزيمة مخزية تكبدها في ولاية كارولينا الجنوبية امام المرشح دونالد ترامب.
فقد حصد دونالد ترامب 32٪ من الأصوات في كارولينا الجنوبية، فيما جاء سيناتور ولاية فلوريدا، ماركو روبيون، وسيناتور ولاية تكساس تيد كروز، وراء ترامب، ليحل روبيو في المركز الثاني بعد ترامب، بنسبة أصوات بلغت 22.5٪، تلاه كروز بـ 22.3 ثالثًا.
وبعد إعلان حصوله على 8٪ من الأصوات في الولاية، أعلن جيب بوش إيقاف حملته الانتخابية، قائلا، إن «المواطنين أوضحوا تفضيلاتهم في الانتخابات التمهيدية بولايتي أيوا، ونيوهامبشاير، والآن في كارولينا الجنوبية، لذلك أعلن اليوم إنهاء حملتي الانتخابية».
ويبدو ان جيب الذي ظهر قبل شهور قليلة باعتباره «حلم العودة الرئاسية» الذي انتظرته عائلة بوش ذات النفوذ السياسي الواسع في واشنطن، قد تحول إلى «كابوس» حقيقي، بينما كان يغادر الساحة تودعه تعليقات مذلة من ترامب مثل» أنه «ضعيف» و «يفتقر للحماس» و «يحرج عائلة بوش السياسية»، و»كافح بوش بقوة… الوقت ليس وقته… هذا كل ما في الأمر».
يذكر أن جيب بوش (63 عاما) كان أعلن ترشيحه في السباق الرئاسي في يونيو/حزيران الماضي، حيث دخل الساحة بقوة وسط منافسيه الجمهوريين قبل أن يظهر دونالد ترامب وينتزع بتصريحاته المثيرة للجدل حول الهجرة والمسلمين وروسيا صدارة المرشحين عن الحزب.
وخلال الفترة الاخيرة، فشل بوش في مجاراة منافسيه سواء في جودة الالقاء والخطابة، او في اظهار استراتيجية واضحة للقضايا السياسية الصعبة وخاصة الاحداث في الشرق الاوسط. ويبدو ان جيب الذي وصف اكثر من مرة بـ «المرتبك» تأخر في التصدي لترامب صاحب اللسان السليط.
ووصفت تقارير صحافية جيب بوش بانه « لم يظهر أبدا بمظهر الرجل المقاتل، وان وحضوره كان مرتبكا على خشبة المسرح، ويعيد شرح جمله ويظهر بصورة الرجل المتوتر وغير المرتاح خلال النقاشات».
وقد نفى ترامب ان يكون مسؤولا عن انسحاب جيب بوش، الا ان كثيرين يعتبرون انه اسهم في وضع نهاية سياسية مخزية لعائلة بوش التي مازال كثيرون يعتبرون انها كانت احدى اقوى العائلات نفوذا في الولايات المتحدة خلال العقود الاربعة الماضية.
ومن المواقف التي شكلت نقطة فارقة في مسيرة جيب، مواجهته سؤالا بشأن ان كان سيقوم بغزو للعراق كما فعل شقيقه جورج بوش؟ وبالرغم من انه اجاب بالنفي، كما المتوقع، الا ان حديثه بدا ملتبسا ومتلعثما، ومفتقرا إلى استراتيجية واضحة للتعامل مع القضايا المعقدة في الشرق الاوسط، ما اثار سخرية كثير من الامريكيين الذين لا يستطيعون ان يتناسوا الآثار الكارثية لسياسة شقيقه هناك.
ومن الطبيعي ان يدفع جيب بوش، ثمن الاخطاء بل الجرائم التي ارتكبها شقيقه في الشرق الأوسط خاصة، إلى جانب عوامل اخرى، وهو الذي فتح الباب واسعا امام التنظيمات الارهابية للعثور على ملاذات آمنة في العراق وسوريا وغيرهما، خاصة ان الولايات المتحدة نفسها تكبدت ثمنا باهظا لتلك السياسة على الجبهات الامنية والاستراتيجية والاقتصادية.
وبالنسبة لكثيرين في الشرق الاوسط، فان النهاية الوحيدة العادلة لعائلة بوش سياسيا، يجب ان تكون مثول الرئيس السابق جورج دبليو بوش امام محكمة الجنايات الدولية لمحاسبته على غزو بلد ذي سيادة اسمه العراق دون مسوغ من القانون الدولي او الامم المتحدة، وتقويض وحدته الوطنية، وقتل اكثر من مليون مدني عراقي، بدعاوى مزيفة تتعلق بامتلاكه اسلحة دمار شامل.
ومن المفارقة ان المرشح المرجح الذي يقدمه حاليا الحزب الجمهوري خلفا لجورج بوش، لا يقل عنه عنصرية وحمقا واجراما عندما يتعلق الامر بالشرق الاوسط والعرب والمسلمين، وكأن ما تسبب فيه الاخير من كوارث لامريكا والعالم بأسره لم تكن كافية.
رأي القدس
الاستاذ المحترم :- أحسنت
“ومن المفارقة ان المرشح المرجح الذي يقدمه حاليا الحزب الجمهوري خلفا لجورج بوش، لا يقل عنه عنصرية وحمقا واجراما عندما يتعلق الامر بالشرق الاوسط والعرب والمسلمين، وكأن ما تسبب فيه الاخير من كوارث لامريكا والعالم بأسره لم تكن كافية.”
يا جماعة، هذا الرجل – حقاً وعن خبرة مباشرة واحتكاك مباشر بالامريكان كناس و كشعب – يمثل العقل الامريكي حالياً و ربما لعقود قادمة – …