برلين أقرب للاجئين العرب من مكة؟

حجم الخط
61

تداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي قولاً نسبوه إلى المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل تقول فيه «غداً سنخبر أطفالنا أن اللاجئين السوريين هربوا من بلادهم إلى بلادنا، وكانت مكة أقرب إليهم».
رغم كونه تصريحاً ملفّقا فإن من اخترعه لامس عصباً مكشوفاً لدى الجمهور العربي والإسلامي، وبلّغ عن أمر واضح في انكشافه وتجلّيه، فما نراه اليوم هو أن مئات آلاف اللاجئين السوريين (وغير السوريين) يقطعون بأرواحهم (لا بأجسامهم فحسب) الخطّ الجغرافي الفاصل بين حضارتين، متحشدين على أبواب بودابست وفيينا وبرلين وستوكهولم وكاليه، بينما لا نجد المشهد ذاته على حدود المملكة العربية السعودية أو دول الخليج العربي، وهي دول غنيّة وواسعة، والأهم من كل ذلك إنها الأقرب جغرافياً ودينياً إلى اللاجئين، فما هو السبب الحقيقي لذلك؟
مع بداية الثورة السورية (وقبلها الأزمة العراقية) استقبلت بعض دول الخليج اللاجئين من فئة «خمس نجوم»، كما فتحت الباب لبعض رجال الأعمال وأصحاب المهن العليا كالأطباء والمهندسين والصحافيين، لكنها أقفلت حدودها بصرامة على النوع الذي نقصده من اللاجئين الحقيقيين، كما لو كانت تخشى من انتقال جرثومة الثورة أو الفوضى إليها، بل إن بعضها سارع إلى تمويل وتسليح الثورات المضادة.
تتحمّل السعودية، كونها أكبر دول الخليج، مسؤولية أكبر من شقيقاتها، وهو أمر لا يتعلّق بحجمها الكبير وغناها، بل يتعلّق أكثر بالمحمول الإسلامي الرمزيّ الكبير الذي تحمله، وهو محمول باهظ يفيض عن إمكاناتها ويجعلها دائماً عرضة للانتقادات والهجمات التي تعتبرها مسؤولة عن الإرهاب في العالم، أو مسؤولة عن إنقاذ العالم الإسلامي من أزماته، وكلتاهما، أي الهجمات والآمال، تتعلّقان بمركز السعودية الجغرافي – السياسي أكثر مما تمتّان للواقع بصلة، فالإرهاب لا يتعلّق، كما يقترح توماس فريدمان، في دفاعه الحارّ عن إيران مؤخرا، بالعقيدة الوهابية، بل يتعلّق بالواقع العربيّ الكالح الذي يسدّ الآفاق أمام البشر فلا يعود لديهم سوى خيارين: الموت انتحاراً تحت أي راية كانت، حمراء أو سوداء أو صفراء، أو الهجرة بحثاً عن أمل في مكان يؤمّن مستقبل أطفالهم وكرامتهم.
غير أن تمنّع دول الخليج العربي، بالمجمل، عن استقبال اللاجئين، يكشف عن إشكالات كبيرة تعاني منها هذه الدول، فإقفالها أبوابها بوجه اللاجئين تعبير عن البنية الاجتماعية التي تقسم البشر إلى مواطنين وأجانب، ثم تقسمهم إلى جنسيّات تتدرّج من الأعلى للأدنى، وهي بنية تتنافى مع علاقات الاجتماع البشري الحديثة، بل إنها تتنافى مع الموروث والتاريخ الإسلامي نفسه، الذي ابتدأ بهجرة الرسول إلى المدينة المنورة، ومكّن شوكة الإسلام بالأخوة التي قامت بين المهاجرين والأنصار.
فتح الباب للاجئين، بهذا المعنى، هو علاج لاستعصاء في منظومتي السياسة والأخلاق الخليجيتين، وهي، في الوقت نفسه، عودة إلى فطرة الإسلام الأولى التي قامت على الهجرة والالتقاء الإنساني.
تكشف صورة الطفل السوري الغريق على شواطئ تركيا، التي تحوّلت فجأة إلى أيقونة تلخّص معاناة المهاجرين، فضيحة عربية تتفوق كثيرا في حجمها على الفضيحة العالمية، وهو بإدارة ظهره للعالم، وبحذائه المطاطي، وصغر حجمه، يحاسب كبار العرب، قبل الأوروبيين، على ما فعلوه به.
أمّا أهل النظام السوري الذين شمتوا بأهل الطفل «لأنهم أرادوا الحرية فنالوا ما يستحقون»، ولأن «بوط أصغر عسكري في الجيش العربي السوري أهم من طفل ميت»، وحتى تماسيحه التي تباكت على الغريق الصغير ولامت أوروبا «على سوء معاملتها للسوريين»، فهم أشكال للكلبية والانحطاط والوحشية، لا يمكن فهم مدى تغوّلها واحتقارها للبشر إلا بمقارنتها مع أسس المدنية والحضارة والإنسانية التي تدفع متظاهرين أوروبيين بالآلاف لرفع رايات «أهلا بالمهاجرين» للضغط على ساستهم لقبول أعداد أكبر من اللاجئين.

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول للےأسےفے الشےديےد؛ عےربےيے:

    من قال لكم بان السعودية لم تستقبل لاجئين سوريين
    لو كان هذا الكلام صحيحا إذاً من يكونوا هؤلاء الذين
    يعيشون بيننا الآن ونراهم في كل مكان
    سواء في الجامعات والكليات و المدارس
    ونراهم بكثره في الاسواق والأماكن العامه مع عائلاتهم
    ويشغلون الشقق السكنية والمنازل في كل محافظات المملكة العربية السعودية
    التسهيلات المقدمة لهم من الحكومة في نظام الاقامة وهي عبارة عن زيارة مفتوحة
    يعمل ويتعلم ويقيم ويتحرك بحرية تامة على ارض السعودية دون شروط وفيود
    الشعب يساعدهم ويمد لهم يد العون مرحبا بهم ومتعاطف معهم في محنتهم الحالية
    وجود الأخوة السوريين في السعودية ملاحظ داخليا وخارجيا وكل يوماً يتضاعف
    اما الهجرة إلى الدول الاوربية هي ليست وليدة اللحظة فمنذ زمن وامريكا الشمالية والدول الاسكندنافية والاوربية وجهة للعرب خاصةً اللبنانيين والسوريين والعراقيين واللييبي
    والمصريين والأردنيون فابحثو عن السبب الحقيقي وراء ذلك
    مما جعلهم يفضلون الهجرة عبر قوارب الموت .

    1. يقول عبدالرحمن محمد الجنوبي:

      ايوة كثر خيركم والله لو ماسلمنا منكم نحن اليمنين اللذين اشعلتم النار بدارنا ولم تستقبلوا لاجئ واحد …ما معكم الا اصحاب الكروش والفنادق عليكم من الله ماتستحقون يا …. بلاش اوسخ نفسي بيكم … لنا يوم عند رب العالمين

  2. يقول محمد علي مصر:

    منك لله ياسيسي حسبي الله ونعم الوكيل فيك انت وكل حكام العرب سؤال
    اخي
    للأسف لم يغرق هذا الطفل او غيره لأنهم في جنة الخلد مع رسول الله أما من غرق فاانهم نحن العرب غرقنا في بحر الظلمات غرقنا في الشهوات وتنسينا أننا مسلمين
    سؤال هل هذا الطفل عندم يدخل الجنة ويلقاء رسول الله هل سيخبره بما نحن فيه من تخاذل والخسران الذي بقينا فيه ماذا سيقول علينا الرسول عندما يلتقي بهذا الطفل ..؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

  3. يقول محي الدين ح - الجزائر:

    لقد شعرت اليوم -ومنذ مدة-أن جريدة القدس العربي المناصر للشعوب العربية وليس للأنظمة العربية

    لقد أصمت دول الخليج آذان العالم عن دكتاتورية الأسد وظلمه لشعبه، واستمرت لسنوات تذرف دموع التماسيح على السوريين الغلابى،الذين يفتقدون لكل الحريات التي يتوفر عليها المواطن في تلك الدول(حسبهم)، وهو ما كان يحتم على تلك الدول-على الأقل-أن تستقبل المضطهدين من هذا النظام.لكنه لم تفعل،.
    هذه الدول صرفت عشرات المليارات على تسليح الذين يحابون الشعب السوري تحت مسمى الثورة السورية، وبعثت آلاف من مواطنيها لقتال السوريين، وأصدر علماء الإجرام فيها عشرات الفتاوي التي تدخل أولئك المقاتين الجنة
    بالله عليكم، كيف يكمن للسودان أن تستقبل 100 ألف لاجئ سوريا،؟
    الأكثر مرارة من ذلك، ما تفوه به ذلك الكويتي عبر إحدى القنوات من أن دول الخليج لا تستقبل اللاجئين السوريين لأن مستوى المعيشة في بلده مرتفع وليس بإمان السوريين العيش في بلده على الأقل

  4. يقول م . حسن:

    السعودية تشترط رحيل الأسد قبل المشاركة في أى حل للحرب الأهلية الدائرة منذ أربعة سنوات في سوريا , فهل ستستمر في تسليحها وتمويلها للمرتزقة , حتي يرحل الأسد ربما علي ظهر قارب الي المتوسط ؟ لماذا تسقط , شعوب سورىا أو العراق واليمن , وبقية الأبرياء من شعوب الثورات العربية من حساباتها , والذين تتدخل في شئونهم بدون وجة حق ؟ .

  5. يقول غادة الشاويش المنفى:

    تعليق الاخ محمد عودة شديد التأثير

  6. يقول latifa suisse:

    نفس السؤال طرح علي القناة التانية الفرنسية؟ لمادا صفر لاجئ إلي دول الخليج و الإجابة مخزية،

  7. يقول سيد اليمنى- مصر:

    الاخوة السوريين مرحبا بهم فى كل الدول العربية فلدينا فى مصر مئات اللالوف من الاخوة السوريين بل ان احياء فى مصر تكاد ان تقفل عليهم مثل حى السادس من اكتوبر بالقاهرة يمارسون حياتهم و يسعون الى ارزاقهم و ينشأون العديد من المشاريع و لم يمكن ان يتم ذلك الا لتمتع مصر بالامن و الاستقراروكذلك يتوجد العديد من الاخوة السوريين فى بعض الدول العربية الاخرى .

  8. يقول فارس بني زيد:

    السورين الله يزيل مصيبتهم. روسيا والفرس سببها .. عليهما تسديد كل احتياجات الشعب السوري ..

  9. يقول 11111:

    ضربت الشعوب العربية بخازوق الربيع العربي الذي كاد أن يكون ربيع لولا أنه تعرض للنكبة والنكسة ، سلموا العراق وباعوه إلى الفرس المجوس بدون ثمن ، هل لو كان العراق ما قبل 2003 م موجودا أكنا سمعنا عن بلاد فارس ؟ أكان الحوثي إنتشر ، أكان بشار تجرأ كوحش على السوريين ، هل لو ظل الربيع العربي بكل نجاحه الحقيقي الذي حققه في البداية أكان وصل الحال إلى ما نحن عليه ، انا لا اعيب الغرب والا امريكا على سياستها تجاهنا لاننا نحن العرب من نضع الخردل لبعضنا ونبكي دموع التماسيح ، ثم أذكركم بقوله تعالى ”
    ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ” (الروم :41) .
    الفساد ها هو يعلو ويستكبر.. فوالله أخشى أن نكون أمة مستدرجة بكبائرها ومعاصيها …ودوام الحال من المحال

  10. يقول 11111:

    خرج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يوما فزعا محمرا وجهه يقول : لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها . قالت : فقلت يا رسول الله ، أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : نعم إذا كثر الخبث ..

1 3 4 5

إشترك في قائمتنا البريدية