■ وصلت الأزمة الداخلية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر إلى ذروتها، بعد أن أصبح للجماعة ناطقان اثنان باسمها، محمد منتصر وطلعت فهمي، وباتت الجماعة على فوهة بركان يغلي. أصبحت اليوم أقرب إلى الانشقاق، ومن ثم التفتت والانهيار منها إلى البقاء على قيد الحياة كتنظيم سياسي مصري.
ليس مهماً من يختلف مع من داخل جماعة الإخوان، فهذا شأنهم الداخلي، وليس مهماً أيضاً ماذا يريدُ كل طرف، فجماعة الإخوان تكتل بشري طبيعي، يضم أشخاصاً يصيبون ويخطئون، ولديهم من النزوات والنزعات وآفات النفس ما لدى غيرهم، لكن المهم أن أخبار الخلافات وتقاذف الاتهامات بين الطرفين، نزلت برداً وسلاماً على السيسي ونظامه ومن حوله من الرجال، كما تلقفتها بشغف ولهفة وسائل الإعلام التي تقبض الأموال من الدولة العميقة في مصر منذ عام 2011، من أجل شيطنة الإخوان والثورة معاً، وربط كل منهما بالآخر وصولاً بالمصريين إلى العودة طواعية لحكم العسكر على قاعدة أن «نار العسكر أفضل من جنة الإخوان والثورة».
بالخلافات التي ظهرت إلى العلن مؤخراً، وتقاذف الاتهامات والشتائم بين أطراف الصراع الداخلي على مواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، يصبح واهماً من يظن أن جماعة الإخوان لا زالت متماسكة، ويصبح واهماً أيضاً من ليس متأكداً حتى الان من أن الجماعة تتجه إلى التفتت.
الخلافات الداخلية لدى الجماعة هي المرحلة الثانية من مشروع السيسي لتفتيت جماعة الإخوان، أما المرحلة الأولى فقامت على الاعتقالات والاغتيالات (42 ألف معتقل بينهم القيادة الكاملة تقريباً من الصفين الأول والثاني)، وكانت المرحلة ضرورية لخلق الأزمة اللازمة من أجل الوصول تلقائياً إلى المرحلة الثانية التي تقوم على الصراع الداخلي، وهذا الأسلوب بالمناسبة هو الأسلوب الاسرائيلي نفسه الذي تبناه شارون اعتباراً من عام 2002 لإخماد الانتفاضة الفلسطينية، والوصول إلى الانقسام الفلسطيني عام 2006، حيث قامت السياسة الاسرائيلية خلال تلك الفترة على الاعتقالات والاغتيالات وصولاً إلى تفريغ الأرض الفلسطينية من رموز الإجماع الوطني والوحدة الوطنية (الشهيد عرفات والشهيد أحمد ياسين تحديداً) تمهيداً لترك الفلسطينيين يغرقون في خلافاتهم وحدهم وبحراكهم الداخلي.
ربما يكون النظامُ المصري قد نجح في شقّ صف الإخوان، وربما يكون بعض الإخوان قد تورطوا في شق صفوفهم بأيديهم، لكنَّ الجاهل هو من يعتقد بأن تفكيك جماعة الإخوان يصب في مصلحة مصر والمصريين، فنحن أمام جماعة تضم في صفوفها نحو مليون فرد، وتفتيت التنظيم الذي يربط بين هؤلاء يعني فقدان السيطرة عليهم بالكامل، وتحويلهم إلى خلايا متشعبة ومشتتة يمكن أن تجنح في أي لحظة نحو العنف. في كل حالات التاريخ المعتبرة، نجد أن القمع السياسي والعنف يؤدي إلى عنف مضاد، وفي كثير من الحالات يخرج العنف المضاد عن السيطرة، وفي الحالة المصرية فإن وجود تنظيم جماعة الإخوان وبقاءه على قيد الحياة يشكل ضمانة لعدم الانزلاق نحو العنف، وتاريخ مصر يشهد على ذلك.
بقراءة تاريخية سريعة لمسار جماعة الإخوان في مصر، نجد أن الجماعة تعرضت خلال الفترة من سنة 1958 وحتى 1970 إلى حملة أمنية عنيفة، وأصبح التنظيم شبه مفكك وغير موجود، وكانت حينها قيادة الجماعة في السجن، بعد ذلك دخل الإخوان المصريون في حالة من الجدل شبيهة بتلك التي تشهدها صفوف الإخوان اليوم، وانتهت تلك الحالة في ذلك الحين بخروج أعداد كبيرة عن عباءة الإخوان لتشكيل تنظيمات إسلامية جنحت نحو العنف، وظلت مصر تعاني منها لسنوات طويلة مقبلة.
نحن نعتقد أن انهيار تنظيم الإخوان لا يمكن أن يصب في مصلحة الجماعة ولا في مصلحة مصر، لأنه سيترك فراغاً سياسياً كبيراً، ويترك في مصر جيشاً من الاسلاميين السابقين المتقاعدين، الذين سينشغل كل منهم في العمل على طريقته الخاصة، وممارسة النشاط السياسي بالطريقة التي يراها مناسبة، وهؤلاء سوف لن يكون من الممكن السيطرة عليهم أو التحكم بهم، ولن يجد النظام في مصر أحداً يتفاوض معه أو يجلس معه لتمثيل هذه الشريحة من الشعب المصري.
كما أن انهيار تنظيم الإخوان يعني – على الصعيد الإخواني- أننا أمام جماعة تريد التضحية بتاريخ يمتد لأكثر من ثمانين عاماً، رغم أنه لا أحد يشك في ضرورة أن تجري الجماعة مراجعات جذرية واستراتيجية لفكرها ومنهجها بعد مسلسل الفشل الكبير الذي منيت به خلال السنوات الأربع الماضية، ولا أحد يشك في ضرورة أن تأوي الجماعة إلى الظل من أجل إعادة التفكير والتفكر والتدبر إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.
٭ كاتب فلسطيني
محمد عايش
و بشرى سارة ايضا ان الانقلابى الفاشى و ازلامه لن يستقر لهم الوضع طويلا
اعتقادى ان الخلاف داخل جماعة الاخوان هو على كيفية مواجهة نظام الحكم برئاسة الرئيس السيسى ….فريق يرى السلمية انها اقوى من الرصاص …وفريق يرى ضرورة موجهة السلاح بالسلاح وعسكرة المقاومة وجعلها ليست سلمية ……لكن الفريقين من يؤمن بافكار حسن البنا وكتابات سيد قطب وغيره من زعمائهم ….وبالتالى ما يحدث هى خلافات تكتيتة لاتمس اسس التنظيم من قريب او بعيد والذى هى مجموعة افكار ومبادىء امن بها واعتقد بها كل اعضاء الجماعة …خاصة ان القيادات بالسجون او تم تصفيتها ولايوجد قيادات مؤثرة على الارض تلتف حولها الفرق المتناثرة حاليا …..
صحيح ان الاخوان بشريخطئون ويصيبون ولكن منهج الاخوان هو سر قوتهم وهو اسلام معتدل وسطي شامل لجميع نواحي الحياة وتبني هذا المنهج ضامن للفوز والنجاح اما السيسي وحلفاءه فمصيرحكمهم الي زوال ولعنة التاريخ الي قيام الساعه.