اسطنبول – «القدس العربي»: يزداد اعتماد تنظيم «الدولة» على تفاهمات مع فصائل من الثوار في مناطق معارضة لا تعد ضمن خريطة سيطرته المعروفة، وإضافة لدرعا التي ينشط في ريفها الغربي فصيلا «شهداء اليرموك» و«المثنى» المتحالفان معه، فإن عملية خناصر كانت المثال الأخير على التنسيق مع فصائل إسلامية مقربة منه في عملية ضد النظام، حيث شارك «فصيل التوبة» من ريف حلب الجنوبي بالهجوم الكبير على مواقع النظام.
وفي الضمير فإن فصيلي «الصديق» و«جند الملاحم» كانا معروفين بعلاقتهما التي وصفت بالتحالفية مع التنظيم الجهادي، وسبق أن انفصلا عن تشكيليات منضوية في الجيش الحر هما «تجمع الشهيد أحمد العبدو» و»جيش تحرير الشام» الذي أصدر قرارا بفصل لواء الصديق قبل فترة . ويقول ناشطون تحدثت معهم «القدس العربي» من داخل الضمير إن «لواء الصديق» و«جند الملاحم» شاركا بالمعارك على مطار الضمير وهما من فتحا المعارك في جبهات عدة، قبل أن يقتل قائد «لواء الصديق» إبراهيم نقوش طلاعية، بقصف من طائرات النظام خلال المعركة، ويضيف أحد الناشطين من داخل الضمير أن «الفصيلين هاجما من محور منطقة الدكوة وبير القصب والمضابع، وأن الضمير انقسمت لقسمين نصف مع التنظيم والنصف التاني مع جيش الإسلام».
وهاجم «جيش الإسلام» مواقع الفصيلين داخل الضمير مباشرة بعد مشاركتهما تنظيم «الدولة» بالهجوم على مواقع النظام في مطار الضمير العسكري، وطالما اتهم «جيش الإسلام» «جيش تحرير الشام» بقيادة فراس البيطار بأنه موال لتنظيم «الدولة»، الأمر الذي ينفيه الأخير.
ونشر أحد ناشطي الضمير على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي معلومات إضافية عن المناطق التي شاركت تلك الفصائل مع تنظيم «الدولة» في المعارك ، قائلا «وقامت بعض الفصائل العسكرية المبايعة لتنظيم «الدولة» في مدينة الضمير بالخروج لمنطقة الماطرون التي على مقربة من الفوج 16 ومطار الضمير لانطلاق المؤازرات من هناك وبعض العناصر من الفصائل المبايعة للتنظيم قامت أيضا بإغلاق الطريق الدولي دمشق – بغداد الذي يمر من أطراف المدينة، ولم يكن الاشتباك بين جيش الإسلام وفصائل محالفة لتنظيم «الدولة» بالضمير هو الأول، بل هو امتداد لنزاع يعود لاكثر من عام.
ويقول عبد الله العمري الصحافي المختص بالفصائل الإسلامية المسلحة «ان بداية المشكلة بين جيش الإسلام وجيش تحرير الشام كانت حين هاجم جيش تحرير الشام ثكنة للنظام السوري قرب البلدة أثناء الهدنة التي وقعها جي الإسلام هناك مع النظام قبل عام، ما حدا بجيش الإسلام اتهام جيش تحرير الشام بمحاولة خرق الهدنة مع النظام واتهمه بأنه مبايع لتنظيم «الدولة» وطالبه بإلقاء سلاحه أو اقتلاعه للأمر الذي رفضه جيش تحرير الشام واندلعت المعارك، كما أن جيش تحرير الشام قطع طريق المطار الذي عاد لاستخدامه بعد هدنته مع جيش الإسلام، ما لبثت الأمور أن تعقدت حتى بثت مواقع تابعة لجيش الإسلام أخبارا بأن إبراهيم طلاعية قائد لواء الصديق التابع لجيش الإسلام صرح في حشد من الناس بأنه مبايع للدولة الإسلامية وأنه كان في الرقة الأمر الذي لم تؤكده مصادر أخرى».
ويتداول أهالي الضمير معلومات بأن لواء الصديق استقدم جنودا من تنظيم «الدولة» إلى مناطق سيطرته وعزز به قواته لمواجهة «جيش الإسلام» وأن هذ كانت بداية التنسيق بين الطرفين والتي انتهت بالعمل معا والمشاركة بالهجوم الأخير بعد ترسيخ الانفصال بين «لواء الصديق» و»جيش تحرير الشام».
وإضافة لـ «الصديق» و»جند الملاحم» فإن فصيلا آخر شارك تنظيم «الدولة» بالمعارك ضد النظام وهو «لواء شهداء مهين» والذي شارك مع تنظيم «الدولة» سابقا في معارك مهين والقريتين. ويقول العمري إن «اشتراط الدولة الإسلامية على اللواء وقائده أبو سعيد البيعة أو الخروج من أراض «الدولة» وترت الأمور قليلا ما دعا أبو سعيد للخروج من مناطق سيطرت عليها «الدولة» مع قسم من جنوده بينما بايع قسم آخر وانضم لتنظيم الدولة كليا».
ويضيف الصحافي المطلع على نزاعات فصائل ريف دمشق إن «سياسة جيش تحرير الشام النأي بالنفس عن أي خلافات فصائلية وعدم الارتباط بأي جهة خارجية ورفض قتال «الدولة الإسلامية»، وبالنسبة للفصائل الإسلامية والتي تملك مشروعا إسلاميا فهي تتقارب مع الدولة الإسلامية منهجيا وترى فيها الإطار القوي للمشروع الإسلامي المرسوم في الشام مثل شهداء اليرموك وحركة المثنى في درعا ولواء التوبة في حمص. وفصائل في جنوب دمشق بايعت بدون إعلان مثل لواء العز واحرار الشام. وهذا يدل على أن فئة ليست قليلة من الفصائل ترى أن إسقاط النظام لا بد أن يكون مع إسقاط أي مشروع خارجي بديل مرتبط بجهات إقليمية أو دولية وهنا نقطة الالتقاء مع تنظيم الدولة الإسلامية».
وفي السياق نفسه يتحدث حسام محمد أحد الناشطين البارزين للثورة السورية في المعضمية في ريف دمشق، موضحا الأسباب التي دعت بعض الفصائل للتقارب مع تنظيم «الدولة» مؤخرا في ريف دمشق، ويقول إن بعض المجموعات أو الكتائب الصغيرة رأت بأن الفكر السلفي الوسطي أو حتى «الجيش الحر» لم يعد يفي بالحاجة، وإن الجبهات الساكنة تزعج الكثير من المقاتلين. ويضيف حسام «الهدنة والتغلغل التصالحي مع النظام، والذي يعتبره البعض جريمة لا تغتفر دفعت بعض التشكيلات للتوجه نحو التنظيم أو النصرة إضافة إلى شيوع الاقتتال الداخلي الذي طغى مؤخراً في الغوطة الشرقية بكثرة والذي أزهقت فيه الكثير من الأرواح واعتقل العشرات من المقاتلين على خلفية الصراعيات الإسلامية مع المعتدلين».
وائل عصام