بعد صيغة «لا شرق ولا غرب» هل مَن يسعى لطرح «لا إيران ولا عرب»؟… لبنان يناضل لتثبيت هويته العربية في ظل الصراع العربي الفارسي

حجم الخط
1

بيروت ـ «القدس العربي»: في خضم القرارات العربية والخليجية التي إتخذت في الأيام القليلة الماضية وكشفت عن وقف الهبة السعودية للجيش اللبناني وعن تصنيف حزب الله منظمة إرهابية، برزت سلسلة مواقف سياسية ورسمية أكدت على عروبة لبنان أبرزها لرئيس الحكومة تمام سلام الذي أعلن «أن لبنان بلد عربي الجذور، عربي الأصول، عربي الانتماء، عربي الهوية ولا شيء آخر». وسبقت سلام في اتخاذ هذا الموقف قوى 14 آذار التي اجتمعت في بيت الوسط.
هذا التأكيد على عروبة لبنان ألقى الضوء على الأزمة الحقيقية التي عادت لتطلّ برأسها حول موضوع هوية لبنان في ظل الصراع العربي الفارسي القائم. وما كانت هذه المسألة لتُطرَح اليوم لولا تمدّد نفوذ حزب الله في الدولة اللبنانية وسيطرته على مفاصلها الأمنية والسياسية.
ومن المعروف أن لبنان كان حتى العام 1989 تاريخ إقرار اتفاق الطائف كان يُقال عنه إنه «ذو وجه عربي» وهي الصيغة التي جاءت توفيقية بين المسيحيين والمسلمين. فالمسيحيون وتحديداً الموارنة تخلّوا عن طلب الحماية من فرنسا والغرب فيما المسلمون تخلّوا عن طلب الوحدة مع سوريا والبلدان الإسلامية. الباحث الدكتور توفيق هندي أوضح لـ «القدس العربي» أن مسألة الهوية في لبنان بدأت في العام 1943 حيث حصل اتفاق بين المسيحيين والمسلمين وبشكل خاص بين الموارنة والسنّة على أن «لا شرق ولا غرب» والآن بفضل العماد ميشال عون وهذه إحدى الوظائف التي يتمسك بها حزب الله هناك سعي لتحويل الميثاق من سني ـ ماروني إلى شيعي ـ ماروني وقد تمكّن إلى حد ما من هذا الفعل». وقال «الشيء الآخر المريب والمخيف حالياً هو اعتبار البعض أن قسماً من اللبنانيين ملتزم بإيران فوق العادة ولذلك لماذا لا نعيد صياغة ميثاق وطني جديد على غرار «لا شرق ولا غرب» بحيث يكون الميثاق الجديد «لا إيران ولا عرب» وهذا ينمّ عن وجود توجّه في خفايا بعض الأفكار لإعادة صياغة هوية لبنان خلافاً لما تمّ اقراره في الطائف لجهة أن لبنان عربي الهوية والانتماء بعدما كان لبنان «ذو وجه عربي» والآن يحاولون جعله عربياً فارسياً أو عربياً إيرانياً وأنا أتحفظ على هذا الأمر».
ورأى هندي «أن أي مراقبة للممارسة الحاصلة تشعرك بوجود مشكلة. ويتكلمون عن الوحدة الوطنية، فأي وحدة وطنية؟ إذا كانت الوحدة الوطنية بين السنة والشيعة والمسيحيين شيء وإذا كانت الوحدة الوطنية مع قسم من إيران الموجود في لبنان أي حزب الله شيء آخر. وهل نحن سنفاضل بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وبين العرب لا، فنحن مصلحتنا كلبنان هي مع العرب ليس فقط من مصلحة قومية وسياسية بل من مصلحة لبنانية».
وإزاء عودة الجدل حول الهوية اللبنانية، دخل رئيس مجلس النواب نبيه بري على الخط داعياً «إلى سحب السجال حول العروبة من الاستخدام السياسي طالما ان هذا الأمر منصوص عليه في مقدمة الدستور اللبناني».وقال «هذا أمر مسلَم به، وهذا النقاش في غير محله». ويدرس الرئيس بري الذي كان تسلّم دعوة رسمية لزيارة المملكة العربية السعودية تلبية هذه الزيارة على رأس وفد يضم رئيس الحكومة تمام سلام ووزراء ونواب لترطيب العلاقات مع السعودية لكنه ينتظر إشارة إيجابية حول النتائج من سفير المملكة في بيروت علي عواض العسيري.
وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق سعى أمام نظرائه العرب في تونس إلى تثبيت هوية لبنان التي باتت موضع تشكيك فحمل رسالة لبنانية تقول «لا خيار لنا ولا مستقبل غير الهوية العربية، وأي خيار آخر هو سقوط في هاوية المشروع الآخر وليس في الصواب العربي». وأضاف «أقرأ وأستمع لأسماء عن لبنان وأرى أنها قاسية عليه، فمن الظلم اتهام لبنان بعروبته وشمل اللبنانيين كلهم بهذا الاتهام. من الظلم اتهام لبنان بأنه بات في شكل نهائي في موقع العداء للعرب ما يستوجب التخلي عنه دون تفريق بين أكثرية عربية وبين أقلية تتولى تنفيذ مشروع يضرّها ويضر لبنان».
يبقى أنه إذا كان تثبيت عروبة لبنان كلّف اللبنانيين حرباً أهلية دامت 15 سنة و200 ألف قتيل فكم سيكلّف التراجع عن هذه الهوية اليوم؟ وهل كان اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري فصلاً من فصول محاولة اغتيال الهوية العربية عبر استهداف أحد أركان اتفاق الطائف؟

سعد الياس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامح // الاردن:

    * لبنان ( عربي ) وبتكلم عربي وقلة هي التي تحاول سلخه
    من محيطه العربي ليصبح تابع ذليل ( لايران ) ؟؟؟
    * الكلمة الفصل للشعب اللبناني ليقرر وشكرا .
    سلام

إشترك في قائمتنا البريدية