بعد 39 سنة مهرجان القاهرة السينمائي يستغني عن الفيلم المصري!

حجم الخط
0

بدأت الدورة التاسعة والثلاثون من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بافتتاح مبهر على المستوى الشكلي. وحسب تصور القائمين على تنظيمه، فان المهرجان الرسمي يمكن أن يستعيد مكانته الدولية بمجرد التجديد في الملامح والمكان، متناسين المشكلة الأساسية وهي الثقة التي فقدها المهرجان طوال الأعوام الثلاثة الماضية بفعل الظروف غير المواتية من ناحية ونتيجة الإهمال من ناحية أخرى، واعتبار الحدث السينمائي الكبير كرنفالاً سنوياً يخصص حفلا الافتتاح والاختتام به لعرض أحدث فساتين السهرة وصيحات الموضة العالمية!
من هنا جاءت الأزمة وحدثت المداولات بين الهيئة العليا المكلفة بإدارته وتنظيمه وبين وزارة الثقافة كطرف متضامن يعمل على إنقاذه. وقد حرك مهرجان الجونة الذي عقدت دورته الأولى مؤخراً الماء الراكد بوصفه منافساً خطيراً للمهرجان القديم والعريق، وخوفاً من أن يسحب البساط بنعومة من تحت أقدامه فيبدو الفشل جلياً واضحاً لا لبس فيه، تم التركيز في افتتاح مهرجان القاهرة على الشكل كعنصر مؤثر للإيهام بأنه لا يزال الأهم والأقوى، ولكن مع التسليم بالتغير المفاجئ وحالة الإبهار التي صاحبت عملية الانتقال من دار الأوبرا إلى قصر المنارة في التجمع الخامس، يتبقى العنصر الأهم في تفعيل دور المهرجان كحدث ثقافي وهو الإسهام السينمائي المصري، ذلك العنصر الجوهري الغائب تماماً عن المعادلة، حيث لم يستطع المهرجان الكبير ولا إدارته المخضرمة الحصول على فيلم واحد يمثل مصر، الدولة المنظمة للحدث الثقافي الدولي الأهم في المنطقة العربية والشرق أوسطية ولو من باب ذر الرماد في العيون ورفعاً للحرج.
وبينما تتنوع المساهمات والمشاركات لتشمل 15 فيلماً داخل المسابقة الرسمية، فضلاً عن فيلم الافتتاح الأمريكي للمخرج الفلسطيني الكبير هاني أبو أسعد «الجبال بيننا» يختفي عنوان الفيلم المصري من جدول العروض والمسابقات ليمثل غصة في قلب السينمائيين والمثقفين الغيورين على مستقبل السينما الرائدة وهي التي بلغت من العمر مئة عام ويزيد ولم يكن منتظراً أن تصل إلى هذا المستوى من التراجع الكمي والكيفي فتبدو كأنها سينما محلية غير قادرة على المنافسة الدولية ولا تملك مقومات الحضور في مهرجان يقام على أرضها، ويزعم منظموه أنهم عبروا به مرحلة الخطر، في حين أن الواقع يؤكد أنه عبور من مرحلة الخطر إلى المرحلة الأشد خطورة، حيث لا تغني التصريحات الفضفاضة عن الأزمة الراهنة ولا تخفيها.
ملمح آخر من ملامح افتتاح الدورة 39 للمهرجان السينمائي الرائد كان أكثر دلالة على أن ما حدث من تطوير لم يتعد الشكل فقط ألا وهو الغياب الجماعي لكبار النجوم باستثناء أسماء بعينها تعد على أصابع اليد الواحدة حضرت بحكم العادة أو بالإلحاح ومن بينهم نبيلة عبيد وسمير صبري وحسين فهمي الذي تعين عليه الوجود كرئيس للجنة التحكيم في المسابقة الرسمية، أما من تم الاعتماد عليهم كواجهة دعائية فهم من نجوم الوسط والشباب وصغار الممثلين، ويعد هذا في حد ذاته رأياً سلبياً في المهرجان أو موقفاً منه بدأ منذ سنوات ولا يزال مستمراً. ولعل الأبرز بين الحضور الكبار أيضاً، سمير غانم الذي تم تكريمه بعد نسيان طويل لم يكن لائقاً به ولا بتاريخه الفني الكوميدي المهم، ولكنه تحقق فأضفى حالة من البهجة على أسرته الفــنـية، فحــرصت زوجته دلال عبد العزيز وابنتاه دنيا وإيمي، على حضور التكريم.
وهناك خطوات لا بد من اتخاذها لضمان النجاح والاستمرار لمهرجان القاهرة وتثبيته في قائمة المهرجانات الدولية والعالمية المهمة عضوا في الاتحاد الدولي للمنتجين، أولها توفير الغطاء المالي الدائم لتجنب الهزات المهددة لاستقراره، ثانياً البحث عن شخصية كاريزمية تتمتع بقبول لدى الوسط السينمائي والثقافي وتجيد فن الإدارة لتولي رئاسته، ثالثاً تشكيل مكتب إعلامي مدرب يعمل بلياقة وكفاءة لاستقطاب العناصر الأكثر تأثيراً من الكتاب والنقاد والصحافيين لضمان عملية التقييم بعيداً عن المجاملات والمحسوبيات كما كان يفعل الراحل سعد الدين وهبة، الرئيس الأسبق والأكفأ للمهرجان وهو الأمر الأصعب على ما أتصور.

بعد 39 سنة مهرجان القاهرة السينمائي يستغني عن الفيلم المصري!

كمال القاضي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية