بن سلمان: اعتذار لإسرائيل وازدراء للمسلمين

حجم الخط
39

تصدّر ظهور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مقابلة مع صحيفة «ذا أتلانتيك» الأمريكية الأنباء يوم أمس، وقد أنجز اللقاء جيفري غولدبرغ، وهو صحافي كان ضابطا في الجيش الإسرائيلي خلال فترة الانتفاضة الأولى، وكان مراسلا لصحيفة «جيروزاليم بوست». يثير هذا الاختيار بحد ذاته السؤال، ولكن الأمر، للأسف، لم يقتصر على قبول (وفي الأغلب تقصد) بن سلمان لأن يكون الصحافي يهودياً إسرائيليا (إضافة إلى كونه أمريكياً)، قضى خدمته العسكرية في «قمع المشاغبين من رماة الحجارة».
جوابا على سؤال غولدبرغ إن كان الأمير يؤمن بحق «الشعب اليهودي» بتكوين دولة ـ أمة، «على الأقل في جزء من أرض أسلافهم»، حسب قوله، فإن ولي العهد السعودي لم يعترض، بداية، على توصيف الصحافي لفلسطين التاريخية باعتبارها «أرض أسلاف اليهود»، وهو خطأ سياسي فظيع لأن الصحافي جرّ الأمير إلى تعريفه الخاص وألزمه به من دون اعتراض فعليّ.
ردّ الأمير على السؤال الذي أراد أن يكون عمومياً (كما لو أن الحديث يتمّ عن بلد في أمريكا اللاتينية أو شرق آسيا) كان أنه يؤمن أن كل شعب لديه الحق في العيش في «أمة مسالمة»، لكنّه ما لبث أن تخلى عن عموميته وقدّم لإسرائيل هديّة كبرى بقوله إن لدى الفلسطينيين والإسرائيليين الحق بامتلاك أرض، وهو أمر لم يشرّع ادعاء إسرائيل بملكيتها للأرض فقط، ولكنه ترك الحدود مشرعة لها لامتلاك أرض أكبر عبر «اتفاق سلام يضمن الاستقرار للجميع ويؤمن علاقات طبيعية بينهم».
لم يكتف الأمير بالتطويب المجاني لأرض فلسطين لصالح الاستيطان الإسرائيلي المتوسع ولكنه تابع تقديم خطاب اعتذاريّ طويل، فالأمير ليس لديه اعتراض على «أي شعب»، والسعودية «ليس لديها مشكلة مع اليهود» بدليل أن «النبي محمد تزوج يهودية»، والسعودية تستقبل يهودا من أمريكا وأوروبا، والمملكة، «بغض النظر عن إيران»، لديها «مصالح مشتركة مع إسرائيل»، بل إن الأمير لم يتبرع بإعلان اهتمام المملكة بهذه المصالح مع إسرائيل، بل أشرك دولا خليجية ومصر والأردن، باعتبارها كلّها في سلّة واحدة.
وإذا لم يكن هذا كلّه يكفي فإن الأمير قام أيضاً بوضع محور للشرّ يضمّ إلى إيران وتنظيمات السلفية المسلحة المتطرّفة («القاعدة» وتنظيم «الدولة الإسلامية»)، كلاً من الإخوان المسلمين… وحركة «حماس».
وفي الحالتين الأخيرتين فإن تنسيب الأمير هاتين الحركتين في عضوية «محور الشر» (باستعارة المصطلح البائس للرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش) يعود إلى أن الحركتين «تكافحان لنشر الإسلام»، وهذه المهمة اكتملت و«الرسالة وصلت»، ولم يعد مطلوبا من الدول الإسلامية «أن تقاتل لنشر الإسلام».
الإخوان حسب تعريف الأمير «تنظيم متطرف يريد أن يستخدم النظام الديمقراطي لحكم خلافة في الخفاء في كل مكان»، وبعد ذلك يحولونها إلى امبراطورية للمسلمين. ولكن ماذا عن «حماس»، وما هي الإمبراطورية التي تريد تحقيقها؟ أليس المقصود من وضعها في «محور الشر» مغازلة إسرائيل وإضعاف نضال الفلسطينيين؟
يعلم الأمير طبعا أن كل الأمم تسعى لبناء دول قوية وامبراطوريات، وأن أمريكا نفسها دولة امبراطورية، وكذلك روسيا والصين، لكنّه يعتبر دعوة تنظيم إسلامي ذلك أمرا لا يستوجب مطاردته واعتباره «شريرا» وإرهابيا فحسب، بل هو يرفض النظام الديمقراطي نفسه لأن هذا التنظيم يستخدمه لدخول أجهزة الحكم.
تقدّم مقابلة بن سلمان حاكما اعتذاريا تجاه دينه وهويته وثقافته الإسلامية، يتنازل مجانا للأمريكيين والإسرائيليين ويتقبل تبريراتهم لكنه يستقوي على أبناء شعبه ويرفض الديمقراطية والحرية ويمتدح الاستبداد.

بن سلمان: اعتذار لإسرائيل وازدراء للمسلمين

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول تونسي ابن الجمهورية:

    الصراع بين من يستعمل الدين ليبقى فى السلطة( آل سعود و ما شابهها) وبين من يستعملون الدين للوصول إلى السلطة ( الإسلام السياسي عموما بكل أنواعه من اصحاب ربطة العنق إلى الذى أصحاب الزى الافغانى) ….يبدوا على أشده فى الفترة الأخيرة بعد تحالف بدأ من حرب أفغانستان إلى الحرب على سوريا و الخراب الذى حل بالجميع من جراء هذا التحالف أينما حلوا….هذا اعتبره شئ جيد لانه يعرى مدى استعمال الدين و التجارة به و استعماله وفق المصالح ووفق الزمان و المكان…..اما للتخريب او الترهيب و بالطبع اما للوصول للسلطة او البقاء فيها …..تحيا تونس تحيا الجمهورية

  2. يقول Oum mehdi:

    Hasboun allah wa ni3ma el wakil, laki allah ya felistine

  3. يقول سامح //الأردن:

    *كما علق العزيز أخونا د.اثير
    (محمد بن سلمان ) لا يملك من أمره شيئا
    هو مجرد أداة بيد اسياده في (واشنطن).
    سلام

  4. يقول الصوفي الجزائر:

    ياسفني ان لا تجد واحد من شيوخ الوهابية ينطق ببكلمه حق ويقول له الى اين يابن سلمان
    فسقونا وجرمونا في اسبال السروال و اخذ الصور لكن تصريح كهذا يمر مر الكرام
    اليس افضل الجهاد قول كلمة حق عند سلطان جائر

  5. يقول منصور - المانيا:

    محمد بن سلمان لم يأت بجديد بل هو يتبع سياسة من سبقه الى ولاية العهد في مملكة آل سعود وهي سياسة تتمحور في جوهرها حول طرح مبادرة للسلام مع إسرائيل يقدم من خلالها أولياء العهد السعوديين أوراق اعتمادهم كملوك مفترضين لدى الإدارة الأمريكية وتل أبيب وهي مبادرات يقوم بصياغتها لهم صهاينة بالفكر او بالانتماء من أمثال :
    اللورد كارادون الذي قام بصياغة مشروع ولي العهد السعودي فهد للسلام مع إسرائيل عام 1981
    توماس فريدمان الذي قام بصياغة مبادرة ولي العهد السعودي عبد الله للسلام مع إسرائيل عام 2002
    جاريد كوشنر الذي قام بصياغة مبادرة ولي العهد محمد بن سلمان والمسماة بصفقة القرن عام 2017

  6. يقول ابوعمر:

    ..ويبقى الجهال وأشباه المتعلمين وان شئتم المطرودين من المدارس أو غير القابلين للتعلم والدراسة هم قادة ومسؤولي وحكام عموم الدول العربية…فمايسمى قادة البلاد العربية بمدنييه والغالبية عساكر جهال وتركيبتهم لايفارقها الجهل والأمية ……فهذا المحاور الصهيوني(جيفري) الذي كان سابقا ضابطا في العصابات العسكرية الصهيونية. متعلم وخريج المدارس والجامعات ويملك الشهادات العلمية والجامعية التي تؤهله لمنصبه العسكري السابق ومنصبه (الجورنالجي) الحالي…يعني متعلم وخريج الجامعة أو المعهد والكلية…عكس الأعراب خريجي المواخير والملاجئ والملاهي والمراقص…

  7. يقول الدكتور حسام نزال الباحث في علم النفس السياسي ولامراض النفسية /باريس:

    عندما تقرآمثل هذا الكلام هنا تتسأل كيف سيكون هذا الرجل خادم الحرمين؟اعتقد وقتها ان الحج والعمرة ستسقط عن العباد.

  8. يقول محمد علي حسين - القاهرة:

    هناك علاقة مستمرة و على نفس الوتيرة بين امريكا (ومن قبلها بريطانيا) و العائلة السعودية. و المفتاح هو اسرائيل او الصهيونية. و هذا ما اسمية تقديم اوراق الاعتماد لامريكا للموافقة على تولي الملك.. هذا ما فعله “السلطان” عبدالعزيز بن سعود بتصريحه انه يقر بحق اليهود “المساكين” بوطن لهم في فلسطين.

  9. يقول Dinars:

    ولد سلمان أخذ قيمة لا يستحقها باعتباره ليس أهلا لأن يحظى حتى بالنقد فهو أفرغ من الفراغ نفسه.
    من أراد التغيير عليه أن يرتقي إلى مستوى دهاء الذين أتوا به أو أكثر ثم تغيير ما يمكن تغييره والإستغناء عن ” مُدلل ” الصهاينة صبي السياسة.
    أما تَشر ناقة بكل واحد في اتجهات مختلفة فإن التغيير في السعودية غير ممكن وتحويلها إلى جمهورية إلا بعد مقارعة إسرائيل ثم إخراجها وهذا لن يتحقق إلا بقوة تجمع ولا تفرق.

  10. يقول الكروي داود:

    لا حول ولا قوة الا بالله

1 2 3 4

إشترك في قائمتنا البريدية