الرباط – «القدس العربي» أكد رئيس الحكومة المغربية ان بلاده سلكت دوما سياسة تنبني على الانفتاح على محيطها وإرساء علاقات تعاون دولي مثمرة مستفيدة من موقعها الجغرافي المتميز ومنسجمة مع تاريخها وحضارتها وقيمها المبنية على تلاقح الحضارات والتسامح والانفتاح.
وقال عبد الاله بن كيران امام مجلس النواب مساء اول امس الثلاثاء ردا على اسئلة النواب حول موضوع «الشراكات مع المؤسسات الدولية»، أن هذا التوجه تعزز من خلال نهج سياسة الانفتاح الاقتصادي التدريجي، مما مكن المغرب من إبرام اتفاقيات للشراكة والتبادل الحر مع مجموعة من البلدان، ومن تكثيف شبكة الشراكات مع المؤسسات الدولية.
وأشار إلى أن هذه الشبكة من العلاقات تندرج في إطار المبادرات وسياسات التعاون مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة من أجل تعزيز الاستفادة من الفرص التي يتيحها الموقع المتميز للمملكة، وعمقها الإفريقي ومحيطها العربي وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي، والوضع المتقدم الذي تحظى به مع الاتحاد الأوروبي وعلاقاتها المتميزة مع بلدانه، وشراكتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وكذا اتفاقيات الشراكة والتعاون المبرمة مع باقي شركائها وأن المغرب عقد في الآونة الأخيرة أربع لجان مشتركة عليا، مع كل من البرتغال بلشبونة، وفرنسا بباريس، واسبانيا بمدريد، وتونس في تونس العاصمة تُوجت بالتوقيع على 38 اتفاقية هامة في العديد من القطاعات وأشار بنكيران «أنه على الصعيد الاقتصادي، فقد تُوجت اللقاءات الرفيعة المستوى بالتوقيع على اتفاقيات هامة لقطاعات حيوية كالنقل والبنية التحتية، والمواصلات واللوجيستيك، والطاقات المتجددة والتعاون الثقافي والجامعي والبحث العلمي، والمرأة والطفولة والأشخاص المسنين والشباب والرياضة.
وأضاف أن هذه الاجتماعات الرفيعة المستوى تعتبر استمرارية لعلاقات ثنائية متينة مع هذه الدول، تؤطرها معاهدات الصداقة والتعاون وحسن الجوار التي تجمع المغرب بهذه الدول، لأن مثل هذه اللقاءات تشكل فرصة سانحة لتعزيز علاقات التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي وإغناء الإطار القانوني الثنائي وإطلاق مبادرات جديدة للتعاون في مختلف المجالات وقال أن الشراكات مع الدول الأوربية الثلاثة تندرج في إطار تقوية وتعزيز علاقة المغرب مع الاتحاد الأوروبي، الذي تربطنا به شراكة ووضع متقدم منذ 2008.
واوضح بن كيران انه على المستوى السياسي، توجت هذه اللقاءات الرفيعة المستوى بإصدار بيانات ختامية مشتركة بين المغرب وكل واحدة من هذه الدول، تضمنت إشادة هذه الدول بالدور الريادي للمملكة المغربية في المنطقة وبدينامية الانفتاح والتطور التي تشهدها، وكذا بالدور المحوري الذي تضطلع به المملكة على المستوى الجهوي داخل الاتحاد من أجل المتوسط.
وقال ان المغرب عمل دائما على تنمية وتكثيف أواصر التعاون مع المنظمات الدولية، ليس فقط من منطق حاجته إلى قروض وإعانات هذه المؤسسات، ولكن بالنظر أيضا للخبرة التي راكمتها هذه المنظمات والتي يمكن للمغرب الاستفادة منها لإنجاح الأوراش الإصلاحية التي يباشرها في مختلف المجالات.
واثار النواب في الجلسة التي تعقد شهريا لمساءلة الحكومة قضية مدينتي سبتة ومليلية المغربيتين اللتان تحتلهما اسبانيا منذ نهاية القرن الخامس عشر وصمت رئيس الحكومة وحكومته قال بن كيران أنه لا نية له للمطالبة باسترجاعهما، لكون الأمر متروك للملك محمد السادس باعتباره رئيساً للدولة.
وقال «لن أذهب عند إسبانيا لأطالبها بسبتة ومليلية، لأن هذه ليست دولة «سايبة»، والمغرب «دولة لها رئيس هو جلالة الملك، ولن أتحدث في هذا الموضوع ما لم يأمر جلالته بالحديث فيه» وان إحجامه عن الحديث في هذا الموضوع، لطبيعة العلاقة التي تربط المغرب بجارته الشمالية «أعرف أن لإسبانيا مصالح مع المغرب وللمغرب مصالح مع اسبانيا»، ودوره كرئيس للحكومة «هو أن أدافع عن هذه المصالح» و»مشكل سبتة ومليلة لم يتوقف، وسيظل مستمرا، وسيأتي الوقت المناسب للحديث حوله» رافضا أن يخضع هذا الموضوع للمزايدات السياسية.
وقال «هذا الموضوع لا يقبل المزايدات، فإسبانيا «بلد شريك استراتيجي للمغرب اقتصاديا، ويتجاوز في بعض الأحيان فرنسا».
وأوضح أن «الحديث على هذا الأمر لن يأتي بنتيجة، وسنتحدث فيه عندما ستكون له نتيجة»، والحديث في الموضوع للاستهلاك الإعلامي ليس مفيدا، إذا لم يكن بالإمكان الذهاب في الموضع إلى النهاية فلا يمكننا الحديث عنه لأني لم أت للكلام، بل للاشتغال وخدمة الوطن».
وناقش مجلس النواب في الجلسة نفسها مقترحا بتقنين زراعة الكيف الذي جاءت به أحزاب المعارضة إلى المؤسسة البرلمانية وهو ما رفضه الائتلاف الحكومي الذي يرأسه لمقترح «تقنين زراعة الكيف» وقال عبد الاله بن كيران إنه لا وجود لنية تجاه تقنين زراعة الكيف.. وأورد بنكيران أمام نواب الأمّة: «التقنين ليس سياسة للدولة، وليس هناك يقين من إخراج العطور والأدوية من هذه العشبة».
و قال «من الصعب أن نتقبل بعض الكلمات التي تذهب في اتجاه الابتزاز لهؤلاء الفلاحين بطرق مختلفة، وفي المجال السياسي خصوصا.. لابد أن يتوقف هذا الأمر وأن نقول لا لسياسة بيع الأوهام.. فالتقنين ليس حلا لهذا الإشكال، لذلك لابد من تجاوز منطق بيع الوهم للساكنة وتحقيق المكاسب السياسية على حسابهم والحكومة ستبحث على حلول، في إطار الدولة، وليس مع مخلوقات سلطها الله علينا».
و اعتبر أن الأرقام التي استحضرها المعارضة حول أعداد المتابعين قضائيا في مناطق زراعة الكيف بانها ارقاما «غير صحيحة»، واضاف ان «وزير العدل والحريات أكد أن الذين تجاوزوا أربع سنوات من المتابعة ستسقط عنهم».
وقال رئيس الحكومة المغربية أن «السلطات العمومية بذلت مجهودات كبيرة لمكافحة هذه الزراعة، وإيجاد خيارات بديلة للدفع بالتنمية في هذه المناطق والمواطنون في هذه المناطق هم مغاربة، ويجب أن يحظوا بالدعم، وهناك من يتردد علينا منهم، وأنا متعاطف معهم في كل ظلم طالهم».
وقال أن هذه الأمور تدخل في إطار «بيع الوهم» لسكان المناطق المعنية بهذه الزراعة التي تطرح إشكاليات اقتصادية واجتماعية ودعا المزارعين إلى عدم الالتفات إلى المقترحات التي برزت في الساحة السياسية المتعلقة بتقنين زراعة الكيف والعفو عن مزارعيه، وذلك بالنظر إلى كون سياسة الدولة لم تتغير في هذا المجال ولم تتجه بعد إلى تقنين هذه الزراعة.

محمود معروف