لم يُكتب للقاء المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي جرى السبت الماضي في قصر الضيافة الحكومي بولاية براندنبورغ الألمانية، حظوظ نجاح مماثلة لتلك التي لقيها بوتين في حفل زفاف وزيرة الخارجية النمساوية كارين كنايسل، حين عبرت الرقصة التي اشتركا في أدائها عن روحية التوافق العالية بين الكرملين وحكومة ائتلاف اليمين المحافظ والمتشدد في النمسا.
نقاط الخلاف التي خيمت على اللقاء كانت تبدأ من الملف الذي عمق التباعد بين برلين وموسكو، أي الموقف الروسي من المتمردين في أوكرانيا، حيث طالبت المستشارة الألمانية بأن يبذل الكرملين جهوداً جديدة وملموسة للفصل بين القوات العسكرية الأوكرانية والانفصاليين على خطوط التماس في إقليم دونباس. وفي ملف خط أنابيب الغاز «نورث ستريم 2»، اعتبرت ميركل أن «على أوكرانيا أن تضطلع بدور في عبور الغاز إلى أوروبا» حتى بعد بدء تشغيل الخط، وهذا ما لاح أن بوتين غير موافق عليه.
على صعيد الملف السوري، الذي كان الأهمّ بين الزعيمين، لم يقطع اللقاء خطوة ثانية إضافية تستكمل مباحثات اجتماعهما في سوتشي، في أيار/ مايو الماضي، التي تناولت القضايا ذاتها تقريباً، خاصة مسائل الإصلاحات الدستورية والانتخابات الحرة، مع تركيز من جانب ميركل على ضرورة أن تتحمل روسيا مسؤولياتها في الحفاظ على حقوق اللاجئين السوريين في ضوء المرسوم 10 الذي أصدره النظام.
بوتين، في المقابل، اختار صيغة ابتزاز ألمانيا عن طريق التلويح بأنّ قضية اللاجئين «عبء هائل» على أوروبا عموماً، ولكنه قصد برلين على وجه الخصوص، بالنظر إلى أن البلد استقبل مئات الآلاف من اللاجئين، وتسبب ذلك في زعزعة استقرار التحالف الحكومي الذي كانت تقوده ميركل قبل تدفق موجات اللجوء. وكان لافتاً أن الرئيس الروسي استذكر أعداد ملايين اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان وتركيا، مشيراً في هذا الصدد إلى واجب أوروبا في تحمل أعباء إعادة إعمار سوريا، عن طريق موسكو وبواسطتها وإشرافها. في الآن ذاته كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يبحث الملف ذاته في بيروت، ويصادق على نبرة التهديد التي حملتها تصريحات وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل حول الإسراع في إعادة اللاجئين السوريين إلى سوريا.
وليس خافياً أن بوتين لم يعتمد صيغة الابتزاز في طرح مسألة اللجوء السوري وإعادة إعمار البلد عبر وصاية روسية، إلا بعد أن لمس تشجيعاً من بعض الديمقراطيات الغربية. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتفق مع بوتين على إرسال 50 طناً من المعونات الإنسانية الفرنسية عبر طائرة أنتونوف روسية الصنع حمّلت شحنتها من قاعدة شاتورو الفرنسية، وهبطت في مطار حميميم الذي بات قاعدة جوية روسية كما هو معروف. كذلك فإن سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تمنح بوتين فرصة ذهبية لاستغلال الشروخ المتعاظمة في العلاقات الأمريكية ـ الأوروبية إجمالاً، وفي الموقف من النظام السوري خاصة.
وإذا كانت ميركل قد اتخذت موقفاً مبدئياً إزاء ابتزاز بوتين، حتى الساعة على الأقل، فليس جديداً أن تدوس الديمقراطيات الغربية على مبادئها المعلنة فتقايض مجرمي الحرب، وتراقص الذئاب فوق جثث الضحية.
رأي القدس
من المعروف أن ميركيل لاتخضع للإبتزاز حيث صارعت بكل قوتها ابتزاز وزير داخليتها (الحالي, حيث كان سابقا رئيس مقاطعة بفاريا ورئيس حزب ال CSU شريك حزب ميركل ال CDU) خلال العامين ٢٠١٥-٢٠١٧. لكن بالطبع لها إمكانيتها المحدودة والأن وزير داخليتها يحاول جر المواقف باتجاه يدفع إلى إعادة اللاجئين.
*أمس كان صيام عن الطعام والشراب
واليوم صيام عن السياسة وهمها.
*كل عام وجميع قراء ومعلقي
(قدسنا) العزيزة بخير وعافية
وأسرة التحرير وجميع موظفي قدسنا.
سلام
كل الاحترام للدكتور جمال البدري
نعم الاختلاف في وجهات النظر يجب أن ينظر إليه من منظور إيجابي لا من منظور سلبي .
تعليقا على تعليقك المحترم روسيا الآن تحكم فعلا من فرع أمني روسي وهو فرع المافيا التي يوظفها الروس خير توظيف في خدمة مصالحهم الخارجية .
كل عام وانتم بخير جميعاً. أخي جمال البدري, كلامك صحيح أي أن البُعد العقائديّ له دور. ونجد ذلك خاصة في الحركة الصهيونية, وتستغلة شر استغلال بعض اللوبيات المسيطرة على السياسة الغربية كالمسيحية الصهيونية, أو كقصة صراع الحضارات وما إلى ذلك. وهو يلعب دور أيضاً داخل المجموعات الدينية نفسها (أرثذوكس-كاثوليك-بروتستانت أو شيعة-سنه …. إلخ). لكن إعطاء البعد العقائدي وزنا أكبر مما يستحق, يؤدي إلى فهم خاطئ للواقع, وهذا هو الحطأ الفادح الذي وقعت فيه الحركات الإسلامية المتطرفة, بكافة أطيافها, وهو يلقي بظلاله أيضا على السياسة الغربية مما أدى إلى ظهور الشعبوية في الغرب, متخذة من الإسلام كصورة نمطية معادية مما أدى إلى الإضرار بالديمقراطية الغربية نفسها. على العكس نجد أن في أمريكا الجنوبية مثلاً بقيت بعيدة عن هذا الفيروس الشعبوي, الذي يستغل البعد العقائدي بسبب تأييره الخاص على قناعة البشر. ويجب أن أضيف, برأيي لولا الصراع العقائدي الشيعي-السني الذي وقعنا في شراكه, لاستطعنا مقاومة الحركة الصهيونية على الأقل بفاعلية تفوق حاضرنا بأضعاف ولنجونا من شدة (إذا لم يكن تجاوزنا أكثرها) هذه المآسي التي تحيط بنا من كل جانب وصوب. مع خالص تحياتي للحميع.
الى الدكتور جمال البدري المحترم،
للعلم فإن للمسيحيين الاورتودوكس عشرات الكنائس في سوريا وحدها وهم قبل كل شئ عرب سوريين مخلصين لوطنهم وعروبتهم ساهموا على الدوام في بناء هذا الوطن والحفاظ على وحدته وهم ابعد ما يكون عن هذا التشكيك بولاءهم ووطنيتهم.
M.Daoud هولندا المحترم : أشكرك على التفاعل ؛ لم أشكك بوطنية أحد ياأخي وليس من حقيّ التشكيك بولاء النّاس ؛ فمن كان منكم بلا خطية فليرجمها بحجر.وكلّ ابن آدم خطاء.لديّ أصدقاء أعزاء من المسيحيين الأرثذوكس والكاثوليك وأتواصل معهم حتى في أستراليا.بل العكس
المسيحيون العرب وخاصة من بلاد الشام حملوا لواء العروبة في زمن التيه.لقد أشرت إلى الأرثذوكسية الروسية…لتقرأ تعليقي جيدًا.ولمعلوماتك سبق وطرحت تشكيل فاتيكان ( عربي ) للمسيحيين في المشرق لتكون لهم سيادة إقليمية.فالمقياس للناس عندي بعد الإيمان بالله : حسن الخلق والولاء للوطن.أما عدد الكنائس فأعني بها الكنيسة الأم ؛ مثل كنيسة أنطاكية ؛ لا الكنائس المحلية الصغيرة ؛ فهي كثيرة ؛ مع المودة.
الدكتور جمال البدري المحترم،
اشكرك على هذا التوضيح الذي بين لي ما تقصده .