«بودكاسترز» المغرب: الجمهور عايز كده!

حجم الخط
0

الرباط – أنور ماموني: منذ دخول الانترنت إلى بيوت المغاربة في العام 1995، ظل المحتوى الإلكتروني ينمو بصورة حثيثة في المملكة، لكن احتدام المنافسة بين شركات الاتصالات بعد العام 2000، أحدث طفرة في عدد المتصلين بالشبكة.
المدونون المغاربة، ومستخدمو «يوتيوب» منهم تحديداً، لم يكونوا إستثناء من تلك الدينامية. برزت شخصيات شابة تحظى بمتابعة واسعة على الانترنت، في نطاق ما يعرف بالـ»بودكاسترز». ولأن أدوات التكنولوجيا باتت سهلة الولوج، قياساً بما كانت عليه في الأمس، فقد أضحت كاميرا بسيطة داخل غرفة نوم قادرة على إنتاج المحتوى الإلكتروني ونشره، سواء بغرض السخرية السياسية والاجتماعية، أو للحشد إلى التظاهر في الشارع، بعد اندلاع أحداث «الربيع العربي» في العام 2010.

أبطال «يوتيوب»

رغيب أمين، الفتى المراكشي المعروف في المغرب، بات اليوم، أحد شخصيات «يوتيوب» المنتشرة، بعد أن جرى تتويجه في دبي، العام المنصرم، كأحد مؤثري الـ «سوشل ميديا» في المنطقة، واستلامه جائزة من حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. يبلغ عدد متابعي قناة أمين على «يوتيوب» مليونا و(84) ألف شخص. يحرصون على مشاهدة مقاطعه التعليمية في مجال التكنولوجيا والانترنت. أمين يملك مدونة تسمى المحترف، ويواظب على تقديم دروس مجانية عبر البث الحي. فيما حصدت بعض الحلقات التي نشرها حوالي مليون مشاهدة.
انضم أسامة الطبريقي، الطالب في كلية الطب في مدينة الدار البيضاء، إلى صناع المحتوى في الانترنت، لكن عبر تقديم فقرات صحية ومعلومات طبية. يحرص الشاب على عرض أفكاره في مدة وجيزة، لا تتعدى الدقائق. ففي شهر الصيام، أنجز حلقات حول العطش والعادات الغذائية. وأعد حلقات حول أمراض متناقلة، مثل «الإيدز» وكيفية الوقاية منها، وسط الشباب.
يقول اسامة في اتصال مع «القدس العربي» انه كان يعد فيديوهات ساخرة، مضيفاً: «فاجأني العدد الخيالي للمشاهدات. أردت الارتكاز على هذه القاعدة من المتابعين، في ترويج محتوى علمي رصين، فوجدت أن الإقبال على المواد التي انتجتها، في الانترنت تراجع بنسبة 70 في المئة».
أسامة يقول إن ما يجنيه صناع محتوى «يوتيوب» في المغرب لا يزال ضئيلاً جداً. لا يغطي ما نسبته واحد في المئة مما يصرف على المعدات التقنية للتصوير. يؤكد أن هدفه ليس الربح: «لو كان الربح هو الهدف لتوقفت عن التجربة منذ مدة طويلة، لكني أقوم بعمل أحبه، إلى جانب دراستي، وذاك كاف بالنسبة إليّ».

من الـ «هيب هوب» إلى المشيخة

توقف إلياس الخريصي، الملقب بالشيخ «سار»، عن غناء الـ»هيب هوب»، ليتحول في ليلة وضحاها إلى داعية إسلامي. أثار تدّين إلياس الكثير من السجال بين المحافظين والعلمانيين على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب طريقة طرحه لقضايا أخلاقية في المجتمع عبر «يوتيوب»، وهي المحطة الأبرز له في طرح أفكاره. لكن الشيخ «سار» اضطر مراراً إلى الاعتذار وكاد يصل إلى أبواب القضاء، حين أنجز مادة حول التحرش الجنسي، واعتبر فيها أن الفتيات اللاتي يلبسن التنانير الضيقة مسؤولات عما قد يتعرضن له من اعتداءات. وتساءل ناشطون حينها عن الحدود المفروضة بين عرض الرأي والتعدي على الحرية الشخصية والتشهير؟، فيما قال مدافعون عن الحرية، إن «ميزة الانترنت في كونه يرفع القيود. أما إذا خضع للرقابة، فإنه يفقد كثيراً من ألقه».
وإزاء طفرة موقع «يوتيوب»، لم يعد من الضروري بالنسبة إلى كثير من المغاربة أن يستعينوا بأخبار التلفزيون الحكومي، فصار أناس لا يشتغلون في الإعلام يتابعون قضايا عامة مؤثرة وذات أثر ملموس. فمنير أكزناي، المعروف بـ»قناص تارغيست» وثّق تلقي عناصر من الدرك رشاوى في مناطق ريفية ونشر مقاطع تدعم توثيقه، ما أثار ضجة عارمة وتم توقيف وتسريح عناصر أمنية من بعدها. وبقي منير لسنوات متخفياً قبل دخوله في صفوف حزب «الأصالة والمعاصرة» المعارض.

أي محتوى؟

وأمام المحتوى الذي يوصف بـ «الرصين» في المغرب، ثمة محتوى آخر ينال حصته من المشاهدة، من دون أن يستند إلى خلفية علمية أو سياسية. أشخاص عاديون لا يملكون خلفيات تعليمية أمسكوا كاميرات هواتفهم، وشرعوا في التعليق على مستجدات البلاد بنبرة تهكم يتخللها الكثير من السباب، من بين أولئك يبرز مهاجر مغربي في أمريكا يلقب بـ»ريتشارد عزوز».
والحال أن من يبدي خشيته من حالة «المشاع» في الانترنت، يعترف أن ثمة ضريبة يجري دفعها، فكما أن الحرية أتاحت أموراً كانت محظورة في الإعلام الرسمي، فتحت الباب في الوقت ذاته، أمام التشهير ونشر معلومات مغلوطة، وحتى التحريض على الكراهية في بعض الأحيان.

qsh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية