لندن – «القدس العربي»: «في تجربتنا التي مضى عليها 65 عاماً أو يزيد في السياسة المتعلقة بالشرق الأوسط، لم نر أي شيء يشبه استعداد إدارة ترامب لتعهير المصالح الأمريكية إلى السعودية» هذا ما يراه كل من آرون ديفيد ميللر من مركز ويلسون للباحثين والخبير في السياسة الأمريكية وعلاقتها بالمنطقة والذي كتب مع ريتشارد سوكلوسكي من وقفية كارنيغي للسلام العالمي والعضو السابق في فريق الخارجية للسياسة، مقالاً في مجلة «بوليتيكو» وتساءلا فيه عن المنفعة التي سيجنيها ترامب من متابعة السعودية.
وقالا إن رؤساء الولايات المتحدة ومنذ لقاء الرئيس فرانكلين روزفلت في عام 1945 بالملك عبد العزيز «متيمون بملوك السعودية» ولكن «لا شيء في السبعين عاماً أو يزيد من تاريخ العلاقة الأمريكية – السعودية يشبه التذلل الرائع الذي يعلم علاقة إدارة الرئيس دونالد ترامب بالسعودية وانحناءته الذليلة لسياساتها الخطيرة واللامسؤولة».
سياسات كارثية
وكمثال على هذا يقول الكاتبان إن ترامب ومنذ وصوله للرئاسة ساهم ودعم الحرب الكارثية في اليمن ووقف متفرجاً عندما قامت الرياض بشن حرب سياسية واقتصادية ضد قطر والتي قسمت مجلس التعاون الخليجي وقوت من تأثير إيران. ولم يفعل شيئاً عندما اختطف السعوديون رئيس الوزراء اللبناني المؤيد لأمريكا في محاولة فاشلة منهم لتقويض سلطة حزب الله. وصمت على عمليات القمع التي يقوم بها السعوديون تحت غطاء الإصلاح ضد الصحافيين والمدونين ورجال الأعمال وأي شخص تجرأ على انتقاد ولي العهد البالغ من العمر ثلاثين عاماً أو أكثر.
ولم يفعل شيئاً عندما هاجمت الرياض كندا حليفة الولايات المتحدة التي تجرأت وتحدت انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية. وبكل المقاييس فهذا شيء غريب لم يره الكاتبان أثناء عملهما داخل وخارج الخارجية الأمريكية في الشؤون المتعلقة بالسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، فهو إذعان وتعهير للمصالح الأمريكية أمام السعوديين الذين يقول الكاتبان إنهم يمارسون سياسة تقوض المصالح والقيم الأمريكية. ويرى الكاتبان أن النجاح الوحيد للسياسة الخارجية السعودية كان الإمساك الناجح بدونالد ترامب وخداعه.
أسباب
ويتساءل الكاتبان عن السبب وبالتالي التفسير الذي يجعل ترامب مرتبطاً بطريقة شاذة بالسعودية وماذا ستحصل أمريكا لقاء هذه العلاقة الغريبة. وبدأ الكاتبان من الزيارة الأولى للرئيس المنتخب والتي كان يقوم بها الرؤساء تقليدياً لدول الجوار المكسيك وكندا لتطمينهما لكن ترامب الذي لا يحب النقد ويعشق التملق قرر أن تكون أول زيارة دولية له إلى السعودية التي «لا يتجرأ السكان فيها على نقد حكامهم أو الهجوم على الضيوف». فدولة لديها مليارات في الصندوق السيادي وحديث عن وضع شركة النفط العملاقة (أرامكو) في البورصة والذي تم تأجيله وبلد لدى حكامه ذوق في شراء اليخوت واللوحات الفنية، تظل المكان الذي يحب أن يزوره ترامب. فهو يحب النظام والصخب والتملق وحصل من مضيفه على كل ما يريد. وغمره الملك سلمان وولي عهده ابنه الأمير محمد بالمنح من رقصة السيف إلى حفلات الإستقبالات والميداليات. ووصف ترامب يومه الأول في المملكة «كان يوماً عظيماً». ومن هنا كانت ثروة السعودية محفزاً ومبرراً عقلانياً لكي يتقرب ترامب من السعوديين وبيعهم أسلحة بمئة مليار دولار ولم تكن مصادفة أن يرافق ترامب مدراء الشركات الكبرى بحثا عن صفقات.
ويعتقد الرئيس أن التعامل مع الأصدقاء هو عبارة عن سلسلة من العقود. ويعرف بلا شك ان اللطف مع السعوديين سيكون مدعاة لصفقات تجارية تعود في النهاية بالنفع على منظمته. وهناك سبب ثان يفسر علاقة الحب الأمريكية – السعودية وهو محاولة ترامب إصلاح الضرر الذي اعتقد أن الرئيس باراك أوباما فعله للعلاقات بسب الإتفاقية النووية مع إيران وجعل الرياض شريكة تقوم بدور قيادي لتحقيق هدفيه في المنطقة وهما تدمير إيران ودعم جهوده لتحقيق السلام أو ما يسميها بصفقة القرن.
ويشترك السعوديون في الهدف الأول مع أمريكا وإسرائيل إلا أن التعويل عليهم يظل تفكيراً سحرياً. فقد شهد العالم الخراب الذي خلقه السعوديون في اليمن ومن الواضح أن سياسات المملكة تجاه اليمن وقطر وسعت من تأثير إيران ولم تقلصه. أما بالنسبة للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين فإن الأمير محمد راغب بلعب دور إلا أن السعودية أرسلت في الفترة الأخيرة رسائل أكدت فيها أنها لن تقبل بحل لا يشمل القدس الشرقية كعاصمة لدولة فلسطين. وهي إشارة من الملك سلمان ومخاوفه من قيام ابنه بمتابعة مزايدات ترامب. وعليه فيجب أن تستوعب إدارة ترامب الفلسطينيين بطرق لا يبدو أنهم مستعدون للتعاون.
العقد انتهى
ويرى الكاتبان أن الحفاظ على علاقة منتجة مع السعودية خدمت المصالح القومية الأمريكية مع اعترافهما بموت صفقة النفط مقابل الأمن. فالولايات المتحدة وبسبب الزيت الصخري لم تعد في حاجة لنفط السعودية. ومع ذلك يظل الحفاظ على منفذ للنفط السعودي والاستقرار في دول الخليج العربية حيث يتدفق منها ما بين 30- 40% من النفط العالمي مهم لصحة وعافية الاقتصاد العالمي. وبالتأكيد تعول الإدارة على السعودية لزيادة انتاج النفط لمنع الخسائر المتوقعة من النفط الإيراني بسبب العقوبات. وظلت السعودية قوة للاستقرار ومكافحة الإرهاب خاصة بعد اندلاع الربيع العربي وانهيار أربع دول عربية. كل هذا صحيح «لكن ما لا نتنازل عنه ولا نلتزم به هو أن تكون علاقات إدارة ترامب مع السعوديين حصرية، خاصة في ضوء السياسة المتهورة لولي العهد في الخارج وقمعه في الداخل».
ويضيفان أن ترامب كتب للسعوديين صكوكاً مفتوحة لممارسة سياسات تضعف القيم والمصالح الأمريكية بدون الحصول على مقابل. ويقوم السعوديون بصرفها على الحرب المدمرة في اليمن التي قتلت الآلاف وقوت القاعدة والإيرانيين والحوثيين. وشنوا محاولة فاشلة لحصار قطر قوت التأثير الإيراني في الدوحة ومزقت مجلس التعاون الخليجي. وشنوا محاولة فاشلة لاختطاف رئيس الوزراء اللبناني مع شريط فيديو للرهينة والتي أظهرت السعودية ضعيفة وخرقاء في الوقت نفسه. وشنوا حملة قمع ضد الناشطات السعوديات اللاتي كن من أوائل المطالبات بحق المرأة في قيادة السيارة. واعتقلوا نساء اتهموهن بتعريض الأمن القومي للخطر وقد يواجهن الإعدام. ومحا السعوديون بهذه الطريقة كل النوايا الحسنة التي أظهروها بالسماح للمرأة بقيادة السيارة. وردوا بشكل مسرحي ومبالغ فيه على انتقادات كندا لحقوق الإنسان وطردوا السفير الكندي من الرياض وقطعوا العلاقات التجارية واستدعوا طلابهم ومرضاهم. ولم تفعل إدارة ترامب أي شيء للحد من كل هذا.
توازن بخمس خطوات
وأرسلت الإدارة جنرالاً من ثلاث نجوم للتحقيق في الغارة التي قتلت أطفالا في حافلة مدرسية في اليمن ودعا هذا الأسبوع قائد سلاح الجو بالشرق الأوسط للشفافية في طريقة القيام بالغارة ولكن البنتاغون لم تتوقف عن دعمها لجرائم حرب سعودية ممكنة في اليمن. وتواصل تقديم معلومات أمنية للسعوديين لكنها تؤكد أنها لا تلعب دوراً في اختيار الأهداف ولا تنفيذ الغارات. ويعتقد الكاتبان أن البيت الأبيض لا يهتم بما فيه الكفاية بالكارثة الإنسانية في اليمن ولا ما تقوم السعودية بعمله لقطر وكندا خشية ان تتأثر علاقتها. أما بالنسبة لتصرفات ولي العهد فلدى إدارة ترامب تاريخ في العفو عن الحكام الأقوياء/ الديكتاتوريين.
وإزاء هذا يرى الكاتبان أن هناك حاجة لكي تقوم الإدارة بخطوات تعيد بعض التوازن للعلاقات بين البلدين وخدمة للمصالح الأمريكية وليس السعودية.
أولاً: في حال واصلت السعودية حملتها المدمرة في اليمن فيمكن مواصلتها بدون الدعم الأمريكي. صحيح ان الحوثيين والإيرانيين يلعبون دوراً في مأساة اليمن إلا أن السعودية والإمارات هما الطرفان الأقوى ويسببان الدمار. وعليهما وقف إطلاق للنار دائم والسماح لمبعوث الأمم المتحدة العمل على اتفاقية سلام دائمة ومتوازنة. وعلى إدارة ترامب الطلب من ولي العهد رفع الحصار عن ميناء الحديدة والسماح بدخول المواد الإنسانية بدون معوقات. ولو رفض فيجب أن تقطع أمريكا دعمها للحملة التي تقودها السعودية في اليمن.
ثانياً: إذا علقت أمريكا كل الدعم العسكري للحملة السعودية فيجب أن تكون واضحة مع ولي العهد أنه لو واصل عملياته التي تقتل المدنيين فستتعاون الإدارة مع الأمم المتحدة كما تعاونت في سوريا وتدعم تحقيقاً في جرائم حرب محتملة ارتكبتها السعودية (والحوثيون أيضاً) في اليمن.
ثالثاً: على الإدارة إرسال رسالة واضحة للقيادة السعودية أنها لن تسمح بجرها إلى حرب مع إيران في اليمن أو النزاع الجيوسياسي والطائفي في المنطقة، «صحيح تمثل إيران تحد كبير لكن علينا أن نكون واضحين اننا لن نساعد السعودية في حربها الطائفية السنية – الشيعية وأننا قد نتعاون مع إيران عندما تخدم مصالح الولايات المتحدة ونواجه الإيرانيين عندما يتحدون هذه المصالح».
رابعاً: في قمة دول مجلس التعاون الخليجي المتوقعة يجب على الإدارة الضغط بما فيه الكفاية على قطر والسعودية لإنهاء خلافاتهما. ويجب أن تكون واضحة أنها لن تتسامح مع تصلب السعودية في مطالبها السخيفة وغير المقبولة حتى وهي تضغط على القطريين للموافقة على المطالب السعودية المعقولة.
وأخيراً على الإدارة إخبار السعوديين بأنها تريد العمل معهم على خطة السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين ولها حظ من النجاح وتعترف بأن هذه تقتضي التصدي لمظاهر القلق الفلسطينية والإسرائيلية بشأن القدس والدولة. ولو استعدت الولايات المتحدة لتقديم خطة تحتوي على مسار مقبول نحو حل الدولتين في القدس الشرقية كعاصمة لفلسطين فيجب عليها أن تتوقع من السعوديين البحث عن طرق للاعتراف بإسرائيل.
ويختم الكاتبان بالقول «ما يقتلنا أكثر من أي شيء آخر هو اننا نعرف ما سيقوم به أعداء امريكا الذين سيحاولون خداعنا في كل حركة ولكننا لا نتوقع هذا من حلفائنا». و»لو أرادت إدارة ترامب تحدي كل المنطق الإستراتيجي ومعاملة السعودية كحليفنا الإستراتيجي بمنافع للطرفين فهذا جيد لكن عليها أن لا تسمح للسعوديين بخداعنا في كل حركة».
«غارديان»: تغريم شركة سياحة بريطانية تسببت بمرض سياح في مصر
قالت صحيفة «غارديان» إن دعوى قضائية ضد شركة سياحة معروفة أدت إلى تغريمها 26.000 جنيه استرليني كتعويضات لعائلة عانت من المرض في المنتجع المصري نفسه الذي توفي فيه سائحان بريطانيان الأسبوع الماضي.
وقالت الصحيفة إن محكمة في منطقة نيوبورت أصدرت حكماً ضد «توماس كوك» وهي الشركة المنظمة للرحلات الشهر الماضي بعد دعوى تقدمت بها عائلة فاليو من جنوب ويلز عانت من مشاكل في المعدة وأن الشركة كانت مهملة «ووفرت فندقاً غير آمن وغير مقبول يرفض أي من السياح قضاء إجازة فيه».
وزعمت العائلة في دعواها أن شركة «توماس كوك» فشلت في التأكد من سلامة الطعام والشراب وصلاحيتهما للإستهلاك الإنساني وخلوهما من الكائنات الدقيقة المسببة للأمراض وتأكدت من حفظ الطعام وطبخه وأنه أعيد تسخينه بطريقة سليمة. وقالت العائلة إن فندق أكوا ماجيك في الغردقة قدم لها طعاماً غير ناضج جيداً وقديماً.
وأصدرت محكمة نيوبورت حكمها قبل أربعة أسابيع من وفاة كل من جون وسوزان من بلدة بيرنلي اللذين حجزا في رحلة سياحية شاملة بالفندق في مدينة الغردقة على ساحل البحر الأحمر. وعانى الزوجان من مرض في ليلة الاثنين الماضي وتوفيا في اليوم التالي. ووصفت السلطات المصرية وفاتهما بالطبيعية. ولكنها عادت وأكدت وجود رائحة كريهة في الغرفة. ويقوم الخبراء بفحص نظام التكييف في الفندق ونظـام التـهوية.
وأضافت الصحيفة أن هناك تقاريرعن حالات مرض في الفندق حيث اشتكت عائلات عدة من الإصابة بأمراض معوية وزعمت أن المطعم في الفندق قدم لها طعامًا غير ناضج وماء في أكواب ملوثة. وأشار زائر إلى إصابة البعض بإسهال مستمر جعلهم يتبرزون في حمام السباحة بالفندق وذلك في ثلاث مرات منفصلة. وقال زائر إنه عانى من صداع شديد وسوائل في الرئة والتي يقول طبيب بريطاني إنها أعراض «ليجونير» وهو نوع من الإلتهابات الرئوية الذي تسببه المياه الملوثة في أجهزة التكييف.
وتقول الصحيفة إن الأخبار عن تغريم شركة «توماس كوك» ستزيد من عمليات التدقيق عليها وطريقة فحصها للظروف في الفندق الذي يدار بناء على اتفاق مع شركة الفنادق الألمانية «ستينبرغر». وقامت الشركة بنقل 300 من السياح بعد وفاة اثنين منهم إلى بريطانيا. ولكنها قالت في بيان إنها قامت بفحص الفندق الشهر الماضي وحصل على علامة 96%. ومع ذلك قام خمسة من زبائن الشركة بتقديم شكاوى ضد الشركة بعد إقامتهم في الفندق هذا العام.
وتقول الشركة إن العدد قليل مقارنة بحجم الفندق. وقالت «نقوم بفحص كل الفنادق الـ 3.000 سنوياً ويقوم فريق الكفاءة بفحص العقارات ونقدم الدعم والدليل والتدريب للفنادق كي تحسن من خدماتها». وقالت إنها شطبت 47 نزلاً في العام الماضي وحده لأمور تتعلق بالصحة والسلامة و150 نزلاً لأنها لم تناسب المعايير.
وقامت عائلة فاليو بتقديم دعواها القضائية بعد معاناة من أمراض في المعدة استمرت شهرين منها اسبوعان عانت خلالهما من ألم شديد. وبدأت آلام المعدة أثناء الإقامة في فندق أكوا ماجيك. ورفضت توماس كوك تحمل مسؤولية المرض ولهذا تقدمت إلى المحكمة بدعوى ضده. وتم تقديم بيانات حول كيفية حفظ الطعام ودرجات الحرارة في أثناء المرافعات.
وقال جون براين من مجموعة جي أم دبليو القانونية والذي ترافع عن العائلة إن البيانات حول حفظ الطعام والحرارة المطلوبة ظلت هي نفسها وبخط اليد لمدة شهر مع أن أكثر من شخص وقع عليها. وقام خبراء خط بدراسة البيانات حيث قالوا إن أجزاء منها كتبها الشخص نفسه. وقال براين: «نشعر بالحزن لوفاة جون وسوزان كوبر فيما كان يجب أن تكون رحلة عائلية سعيدة ولكننا نشعر بالقلق خاصة من تجربتنا مع الفندق فيما يتعلق بمعايير النظافة».
وأضاف أنه لفت انتباه «توماس كوك» حول دقة ومصداقية الفندق وطريقه حفظه للطعام يجب أن تكون بمثابة تحذير للذين يحققون في فشل فريق الإدارة التأكد من صحة وسلامة النـزلاء.