دوماً أعود إلى الوطن لتعبئة بطارياتي الروحية والأبجدية. وعلى الرغم من أنني عشت معظم عمري في الغرب المرفّه بين جنيف ولندن وروما وباريس التي أقيم فيها منذ أكثر من ثلاثة عقود جارة لبرج إيفل وأكرر: لم ازرعه في قلبي بدلاً من ياسمينة البيت الأول في دمشق القديمة خلف الجامع الأموي، ولا بدلاً من منارة بيروت على شاطئ البحر (كورنيش المنارة)..
في أيامي الأولى في إجازتي في بيروت ذهبت لزيارة صديقة لي في حي بيروتي عريق، وكنا نشرب القهوة حين سمعنا ضجيج الدراجات النارية في موكب استفزازي ولحسن الحظ لم يطلق أحد النار على عشرات الشبان بقمصان حزبية في موكب «الغزاة» ولو فعل لعشت اشتباكاً مسلحاً من ذيول الانتخابات النيابية.. ولتساقط القتلى من الطرفين.
وتم تدارك الفتنة حين سارع أحد زعماء انتمائهم الحزبي إلى شجب ذلك.. ولكن استعراض القوة أيقظ جرحاً سبق القيام به على نحو أكثر إيذاء وقال زعيم الكتلة المضادة أنه من المعيب تكرار استباحة بيروت..
ومن طرفي أقول وأنا لا أفهــــم شيئاً في الســـياسة بل في الجغرافيا أن الطـــريق إلى القــدس ومقـــاومة العدو لا تمر من بيروت.. ولا يفيد (القضية) جرح (البيارتة) أي أهل بيروت.
تمت محاصرة تلك الحادثة والسيطرة على نتائجها كما عشرات سواها تعرت خلال فترة الانتخابات النيابية ولكن الجمر لا يزال متقداً تحت الرماد.. وبيروت المدينة السيريالية أقامت بعد تلك التظاهرة الاستفزازية بالدراجات النارية حفلاً غنائياً في قلب (البلد) دام ساعات وتعاقب فيه المطربون والدعوة مجانية وتمايل مئات الناس طرباً وحبوراً. كأن شيئاً لم يكن قبل ذلك، فحب الحياة لدى اللبناني أقوى من شهواته العنفية والحربية والعدوانية..
لبنان وطن اللامعقول
هذا بلد صغير إسمه لبنان تجاوره الزلازل والبراكين وتتعايش فيه (على مضض أحياناً) عشرات (الفرق) الدينية والطائفية والحزبية وتختلط فيه الصرخات بالميكروفونات والأصابع المهددة، هذا اللبنان نجده منذ الآن يُعِدُّ لمهرجانات الصيف وثمة مخاوف من عقبات أمام مجرد تشكيل مجلس وزراء!!
وها هو أحد المهرجانات يعلن عن قـــدوم المغنـــية كارلا بروني (زوجـــة الســـيد ساركوزي الرئيس السابق للجمهورية الفرنسية) إلى جانب عودة زياد الرحباني ومهرجان في جبل لبــــناني آخر يعلـــن عن حضور الشهيرة شاكيرا للغناء فيه ومهرجان بعلبك والد المهرجانات يعلن عن برنامجه الذي ينتقده البعض لكنهم سيذهبون بالتأكيد إليه على الرغم من المخاوف من زيارة بعلبك حتى في مجرد زيارة سياحية وكان فندقها الوحيد خاوياً حين ذهب اليه صحافي فرنسي كتب عن لبنان في «مجلة الفيغارو» وأحبه… ورافقه مصور ذكّرتنا صوره بجماليات هذا الوطن اللامعقول الذي يرقص فوق الجمر بحبور رافضاً ان ينتزع أحد منه بهجة العيش.
لبنان الوطن الصغير المحاط بالحرائق والزلازل من الأنواع كلها ما زال يمنحنا كعرب ظواهر إيجابية..
تحت قبة البرلمان
ها هي المرأة اللبنانية مثلاً تقوم بنقلة نوعية في الانتخابات التي أُجريت مؤخراً. فهي لم تخضها بصفتها إبنة أو زوجة أو أخت زعيم سياسي ما فحسب، بل بصفتها الشخصية أولاً كمواطنة لبنانية لها برنامج انتخابي. ثمانون إمرأة حلمن بإجراء تبديل تحت قبة البرلمان بين حزبية ومستقلة وناشطة وأحياناً على لوائح تضم الرجال ويخضن ما كان معركته وحده.
ظاهرة أخرى إيجابية وهي اهتمام المجلات والصحافة (النسائية) عامة بهن وبخوضهن «معركة الرجال» فالمجلة النسائية لم تعد وقفاً على أحدث صيحات الأزياء والتجميل والطبخ بل صارت أيضاً تهتم (برأس المرأة) خارج إطار حلاق الشعر!..
وترسخت تلك الظاهرة في منابر ترأس تحريرها نساء شابات ناجحات في حقل الصحافة..
غسان صار أسطورة
في الطائرة التي حملتني إلى بيروت جلس في المقعد إلى جانبي شاب عرفت من لهجته أنه فلسطيني على الرغم من أنه ولد في لبنان يوم اغتال العدو الشهيد غسان كنفاني! لقد انتقلت إليه اللهجة من والديه وجدته الذين اضطروا لمغادرة وطنهم إلى لبنان.. ولبنان صار يضيق باللاجئين إليه من فلسطينيين وسوريين وعددهم يكاد يفوق عدد سكانه، لكنه يحتضنهم فهو وطن اللامعقول..
وقال لي الشاب أنه قرأ كتب غسان كنفاني وسألني: هل سمعت به؟ قلت: طبعاً.. وعرفته أيضاً..
سألني كطفل: هل صافحته؟ هل لمست يد ذلك البطل؟
وكدت أروي له حكاية طويلة وأبوح له بكل ما كان.. فالطائرة تفك عقدة الألسنة والمرء على ارتفاع ثلاثين ألف قدم عن الأرض ـ على الأقل ـ … لكنني كروائية ظللت صامتة لأنني كنت أخطط فجأة لكتابة رواية عن سيدة تروي للشاب الصغير جارها في الطائرة حكاية مشوّقة كما حدث في فيلم «التيتانيك» حيث تروي إمرأة نجت من غرق تلك الباخرة قصة حب عاشتها فوق الباخرة الشهيرة وانتهت بموت الفنان الذي أحبها غرقاً أمام عينيها.
ولكن غسان كنفاني لم يغرق في البحر المتجلد ويتم نسيانه بل تحوّل من رجل إلى رمز وإلى أسطورة والأساطير تظل حيّة وملهمة للناس.. وصار مجرد قولي أنني صافحته يثير إعجاب شاب فلسطيني ولد يوم استشهد غسان!
غادة السمان
صباح الخير سيدتي الشامية البيروتية معطرا بالياسمين الشامي والرازقي البغدادي ..
صباح الخير اصدقائي الكرام ..
بيروت تدفع ( الفاتورة ) لانها جميلة ورائعة ، وملاذ الهاربين .. لذلك حاولوا اغتيالها ..
مقال اليوم نفض الغبار عن جغرافيا لبنان وذكريات غسان من جديد ..
تذكرت رواية بيروت 75 ( بيروت تبدو في قاع الظلمة ، مضيئة وبراقة مثل مجوهرات ساحرة هبطت تستحم في البحر ليلاً ، وخلفت على الشاطىء لآلئها ومجوهراتها ، وأشياءها المسحورة الملونة ، وصناديق الشر والسعادة المطعمة بالعاج والصندل والتعاويذ والاسرار .. تهتف ياسمينة ( غادة ) ها هي بيروت )
كم اسعدني بأنك ياسيدتي النبيلة ستكتبين عن غسان من خلال سيناريو الشاب الفلسطيني الذي حاورك اثناء الرحلة من باريس الى بيروت .
تحياتي
نجم الدراجي . بغداد
السلام عليكم
تحية خاصة وخالصة لكل قرّاء ومعلقي القدس دون إستثناء وإلى طاقمها الفاضل
أمّا بعد..
كعادتك سيدة الأدب تطل علينا بالجديد الجديد الذي نشحن به بطارياتنا -كما جاء في أطلالتك -إذا كنت تشحنين بطارياتك :(دوماً أعود إلى الوطن لتعبئة بطارياتي الروحية) إ هـ فنحن نشحن بطارياتنا نظرا لضعف الشحن الثقافي التي تمر به الأمة العربية ولم يعد الجديد فيها إلاّ القديم المزين بمساحيق بالية منتهية الصلاحية وبمقالاتك قد تعودي بنا إلى زمن الإشراق والنور وسطوع نجم الأدب العربي رواية وشعرا ومقالات ليس كاليوم قد نسجت العنكبوت بيتها على الأدب الرفيع وأصبح ظهرا يركبه كل “غر” فما هو إلاّ كضمير مستتر ليس له ظهور إلاّ بالمناسبات وليس كالجيل السابق الذي كانت روائعه تسبق إسمه…
عندي ملحوظة ملتسمح لي سيدة الأدب أن أطرحها عليها في وأنا كلي إعتذار منك وأنت قامة والأدب وسيدته:((هل للصغار من مكان في أبجدياتك؟؟؟)
ولله في خلقه شؤون
وسبحان الله
طغاة العرب باعوا فلسطين منذ عقود ونحن نصدق ما كانوا يقولوه لنا عن المقاومة والممانعة واللاءات الثلاثة وووو ولا حول ولا قوة الا بالله
كنت أتناقش مع صديق بالأمس عن الإحباط الذي نشعر به بسبب خيانات طغاة العرب فقال لي أن أنور السادات أشرف منهم! ولا حول ولا قوة الا بالله
أقسم بالله العظيم أني لم أرتاح لأحد في بيروت إلا للسوريين الذين يعملون هناك بشتى المجالات, فقد كانوا من الناصحين! ولا حول ولا قوة الا بالله
أنه من طباع البشر أن يحن الى الأماكن التي تحمل لهم فيه ذكريات دافئة جميلة . انه ليس استنكار للوطن الأم ، لا أبدا ، بل إنه الوفاء للذكريات التي ارتبطت بهذه الأرض التي حملت هذه الأمانة بحرص وصانتها لحين عودة أصحابها اليها ، أنه ارتباط روحي خالص لا يمكن نكرانه وهجره .
كم أحب جبران خليل جبران وطنه الأم لبنان وكتب عنه بالرغم من انه عاش معظم سنين عمره في المهجر ، لكنه كان ارتباط روحي لا يفنى ، سواءاً ان كان مع أرض لبنان التي أنجبته ، أم مع ذكريات قصص الحب التي عاشها فيها والتي الهمته ليأتي الينا بأجمل الكلام والأحاسيس .
تحياتي لك سيدتي الكريمة وكلنا شوق لروايتك الجديدة !
أفانين كبة
كندا
لبنان السريالي نشأ سرياليا وسيبقى سرياليا فمنذ أن وصفه جبران في بدايات القرن الماضي لم يتغير:”
ويل لأمة تكثر فيها المذاهب والطوائف وتخلو من الدين ، ويل لأمة تحسب المستبد بطلا ، وترى الفاتح المذل رحيما ً، ويل لأمة لاترفع صوتها إلا إذا مشت بجنازة ، ولا تفخر إلا بالخراب ولا تثور إلا وعنقها بين السيف والنطع ..
ويلٌ لأمة سائسها ثعلب، و فيلسوفها مشعوذ، و فنها فن الترقيع و التقليد. ويلٌ لأمة تستقبل حاكمها بالتطبيل و تودعة بالصَّفير، لتستقبل آخر بالتطبيل و التزمير. ويلُ لأمة حكماؤها خرس من وقر السنين، و رجالها الأشداء لا يزالون في أقمطة السرير. ويلٌ لأمة مقسمة إلى أجزاء، و كل جزء يحسب نفسه فيها أمة.”
سيدتي وتاج رأسي عمت صباحا ورواد بيتك الدافي
لقد قمتي ياسيدتي بكتابة الرواية المنشودة ها هنا في اسطر المقال الأخيرة
.
فلا اروع من هذه القصة النانو (الميني قصيرة ) التي ختمت بها .
.
رمضان مبارك عليكِ وعلى الجميع .
صباح طائرتك سيدة سيدة غادة وهي تطير فوق وطن يسكن البحر كحورية ضائعة في عاصفة عاتية صباح لبنان الصغير الذي يرزح جيله الجديد خلف نفس القيادات التي قادت شلال الدم في الحرب الأهلية ويقبع تحت قبة برلمانه امراء حرب الطوائف المارقون على مسمى وطن ! والمنتمون لكل الاشباح القبيحة وشياطين الطائفية الا الوطن والدين السمح !
صباح لبنان اذا حلقت فوقه سحرك جبله وبحره وستضطرين راغمة الى تخيله دون خطوط التماس التي لا زالت تعشش في القلوب ولازالت رغم أن سياراتنا كانت تنزلق من بيروت الغربية الى الضاحية الجنوبية الى الكسليك وفرن الشباك وسن الفيل عندما كنا تتنقل بسياراتنا كنا نحن الجيل الذي ولد في السبعينات خارجه لم تحفر الحرب باحرف من دخان صورها الوحشية في قلوبنا ولم تستنشق انوفنا روائح الدم والجثث المنتفخة والدخان ولم نعش تحت قصف شرقية غربية مسيحية إسلام ونحن نعد القذائف فوقنا ونمنح كل صلية مدفعية هويتها وقضيتها حقا كانت أو باطلا عندما كنا تتنقل بين وطن الطوائف كنا نظن خطوط التماس زالت بين بيروت الغربية السنية والضاحية الجنوبية الشيعية والشرقية المسيحية والجبل المقسم بين الدروز والموارنة والجاثم على بحر تاريخ دموي بينهماتلك الطوائف التي تدعي الاندماج فيجمعها سطر نفاق سياسي يدعي الخروج من قواقع الطوائف وتلتقي في المهرجانات المولودة من كبت لبناني يحن الى ايام سويسرا الشرق ما قبل الحرب الأهلية و يدفن رأسه في بحر رمال طائفي كنعامة تهرب من الحقيقة ولكن رائحة الرمال تزكم أنفها ولو أغمضت عينيها عن آثار أقدام الغزاة السابقين واللاحقين تفاءلنا يوم تموز وانسحاب الألفين وانخرطنا في نضال ممتد ونحن نحتفل بالوحدة الإسلامية ظننا أنفسنا جيل التحرير والتغيير ليأتي الزلزال السوري فيقشع نشوة الفرح والاحتفال بان الوحش الطائفي شبع موتا وهو ممنوع من التجول الا في قلب الفئة التي ولدت ميليشياويا في حضن إسرائيل وشربت سائلا ملعونا هو الامتيازات التي أعطاها لها الاحتلال الفرنسي وهم الصهاينة اللبنانيين الأحياء منهم والاموات الذين لا زلت أكاد اموت غيظا كلما هذروا بالسياسة في وجه ضحاياهم الأحياء مراهنين على نسيان تاريخهم
كنا نذوب فرحا ونشتعل املا ونحن نرى إسرائيل تنسحب في ذل اخيرا اصبح في لبنان ابطال ليسو طائفيين نجوا من وحش الطائفية المتجول في العروق والذي يوسوس في صدور الناس ويعبث في شوق فاضح الى أكبر الكبائر بالسلاح لكن كانت الصدمة فاحشة هزت ضميرنا كمنخرطين حقا وصدقا في قتال اسرائيل …لم اكن اتصور يوما يا سيدتي ..غادة أن اعيش جنازة الوحدة الإسلامية يشيعها من كان يدعي بها وصلا ..لم اكن أعرف اننا بعد.اكثر من احد عشر عاما في صف النضال ضد الوحش الإسرائيلي اننا …اقبح منه لم اكن اعلم ان العمامة السوداء التي كنا كعناصر في الحزب نقف نهتف لها كطوفان بشري تخفي تحتها دماغا طائفيا دمويا مشبعا بالمرض الدراكولي نفسه ! لم اكتشف أنني مرتدة أن لم اؤمن بالأمامة الا بعد حوار قاده معي احد رفقاء السلاح القدامى بعد أن استضاف معمما آخر يقول لي معلش شهداء حماس الذين سقطوا في فلسطين قد يقبل الله شهادتهم لأنهم لا يعلمون اما أنت الآن فقد عرفت امامة علي واقول لك بصراحة أن استشهدت قد لا تدخلي الجنة !! يا الهي أنها اللحظة التي رأيت فيها ابن ملجم امامي يغتال عليا !! ابتعلت الصدمة واخفيت بريق التحفز في عيني اصطنعت البرود وراهنت أن اهل الخنادق لا زالوا تمتزج دماؤهم معا وان الشهداء السنة والشيعة قادرون على نسف أوهام ابن ملجم الخارجي عندما تمتزج دماؤهم سيكتشف أن نسخة مفتاح الجنة- التي احتقرها يوم احتكرها فحولها من جنة عرضها السماوات والأرض الى غرفة انفرادية تسع طائفة واحدة – مزيفة وأنه لا يملك النسخة الوحيدة المفتاح احتفلت في سري بخنادقنا وبنادقنا المهم العدوى الدراكولية تصيب المعممين الذين يحلو لي تسميتهم معميين! سيتعلم الحق عندما استشهد انا ورفيقي (علي )في خندق واحد شمت في عماه وبقيت هادئة أتى تموز ليكون خيرا أحببناه وفي باطنه شر كبير بعده لقد أصبحنا حفنة مغرورين وتنظيم فاسد ماليا كنا نعيش نفس داء حركة فتح قبل الاجتياح وكنا نمزح منتقدين بعض الفساد (فتحنتوها)!! وإذا بنا بعد الزلزال السوري اصحاب سبت نمسخ وأصبح انا من النواصب ! وتصبح عاصمة المقاومة التي شممت منها رائحة الأقصى القرية التي أصبحت حاضرة البحر بحر الدم السوري تصطاد احلام أطفال داريا تصرخ باسم الحسين وهي تفعل فعل فرعون .. لقد انتشر الوباء ركضت فرقا بين رفاقي الذين اصابهم الوباء الدراكولي همت على وجهي اصرخ باسم فلسطين كان الوباء انتشر .يتبع