بيروت ـ «القدس العربي» : أسفرت نتائج الإنتخابات البلدية والإختيارية في مرحلتها الأولى عن تظهير أوزان سياسية وتثبيت أحجام بعض التيارات والأحزاب ولعلّ الدلالة الأكثر تعبيراً لهذه الانتخابات هي أنه لا حجة أمنية ولا غير أمنية بعد اليوم لعدم إجراء الانتخابات النيابية بعد تمديدين متتاليين لمجلس النواب.
وعلى الرغم من إنشغاله بالحرب في سوريا حاول «حزب الله» الإيحاء بأنه ممسك بالأرض في المناطق الشيعية ، لكنه وعلى الرغم من فوزه بعدد من البلديات في بعلبك والهرمل إلا أنه خاض مع حركة أمل تحت عنوان « لوائح التنمية والوفاء « معارك قاسية في بريتال واللبوة وبعلبك دفعت بنائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم للانتقال إلى البقاع الشمالي لادارة المعركة الانتخابية عن قرب .
وتسببت سخونة التنافس في بعض البلدات بحصول إطلاق نار في بلدة وزير الصناعة حسين الحاج حسن. وفيما كشف «حزب الله» أن 19 بلدية في البقاع تمكن من إنجاحها بالتزكية فهو خاض معركتين دقيقتين في كل في مدينة بعلبك في وجه اللائحة التي ترأسها رئيس البلدية السابق غالب ياغي والمدعومة من تيّار المستقبل والجماعة الإسلامية وأحزاب في قوى 14 آذار، وفي بريتال في وجه اللائحة المدعومة من الأمين العام السابق للحزب الشيخ صبحي الطفيلي، حيث لمس المراقبون معركة «كسر عظم» في البلدة، بعدما سحبت حركة «أمل» يدها من المعركة.
وكشفت الماكينة الانتخابية لـ «حزب الله» انه فاز في 7 بلديات في منطقة بعلبك – الهرمل وهي: حوش سنيد، حوش النبي، مقراف، قرجا، حلبتا، اللبوة ومجدلون. كما فازت لائحة الحزب – «أمل» في زلايا في البقاع الغربي.
وليس بعيداً عن البقاع الشمالي فقد خاضت الأحزاب المسيحية الثلاثة وهي: القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والكتائب معركة ضارية في مدينة زحلة في وجه لائحتين: إحداها مدعومة من السيدة ميريام سكاف عقيلة الوزير والنائب الراحل الياس سكاف والثانية مدعومة من الوزير والنائب نقولا فتوش.
وأدت شدة التنافس إلى رفع نسبة الاقتراع في زحلة إلى 41 في المئة ولا سيما أن الأحزاب المسيحية أبدت خشيتها من تأثير الصوت السنّي والشيعي على مجرى المعركة حيث ترك «المستقبل» الحرية لناخبيه ولم يلتزم بالتحالف مع القوات والكتائب فيما «حزب الله» وزّع اصواته بين لائحتي سكاف وفتوش ومرشحي التيار العوني. وخرج تحالف العونيين والقوات من معركة زحلة متماسكاً ما يؤهله لخوض معارك المرحلة الثانية في جبل لبنان.
ورغم كل ما حكي عن رشاوى مالية من قبل لائحتي فتوش وسكاف فقد فازت لائحة الأحزاب المسيحية بالمقاعد الـ 21 في زحلة ، وجاء معدّل الارقام كما يلي :لائحة «إنماء زحلة» (الأحزاب المسيحية) 10510 أصوات، «زحلة الأمانة» (آل سكاف) 8896 صوتاً، «زحلة تستحق» (آل فتوش) 7044 صوتاً.
وغرّد النائب ابراهيم كنعان قبيل صدور النتائج بقوله: «زحلة البداية… مبروك للتوافق المسيحي».
وفي بيروت ورغم كل التعبئة الاعلامية وحملات التسويق من قبل المجتمع المدني التي إستقطبتها لائحة « بيروت مدينتي» فقد فشل أعضاؤها في رفع نسبة التصويت وفي تجييش الناخبين في العاصمة بيروت الناقمين على الطقم السياسي وأداء بلدية بيروت وأزمة النفايات الاخيرة وجعلهم يتوجّهون إلى اقلام الاقتراع. وهكذا سقط أعضاء هذه اللائحة سقوطاً مدوّياً رغم التعاطف الذي حظي به بعض وجوه اللائحة وخصوصاً المخرجة نادين لبكي والمغني اللامع أحمد قعبور ولم يتمكنوا من تسييل نقمة المواطنين على ممارسات السلطة وفضائحها في صنادق الاقتراع فيما رئيس لائحة «مواطنون ومواطنات في دولة» الوزير السابق شربل نحاس لم يكن وضعه بأفضل وهو بعدما خاض معركة جوّالة في بوسطة إكتفى امس بإعلان إنتصار من خلال فوز ناشطة واحدة بعضوية بلدية في البقاع الغربي.
في المقابل، سجّلت «لائحة البيارتة» المدعومة من تيار المستقبل والأحزاب المسيحية فوزاً كاسحاً في بلدية بيروت اضافة إلى فوز الأحزاب المسيحية بلائحة المخاتير الـ 40 في دوائر الاشرفية والرميل والصيفي والمدور.
وأطلّ الرئيس سعد الحريري على مناصريه الذين تجمعوا في بيت الوسط وخاطبهم معرباً عن شكره «لتجديد الثقة بالمناصفة والعيش المشترك وتيار الرئيس الشهيد رفيق الحريري»، وقال: «ابتداء من الغد سنبدأ العمل من أجل بيروت»، آملاً «أن تكون النتائج لمصلحة البيارتة».
تزامناً ، وفي مواكبته لمعركة بيروت غرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط قائلاً: «بيروت البيارتة ليس المهم الانتصار المهم ماذا بعد؟»، وأضاف: «الحفل جميل لكن كما يقولون راحت السكرة وإجت الفكرة»، وفي تعليقه على معركة زحلة قال جنبلاط: «زحلة البردوني، المازة الجديدة: متبل مع بحص فتوش صخري، مشاوي فقيرة وفواكه مطحونة واركيلة مغسّلة بوحل».
وسعى اعلام قوى 8 آذار إلى تحميل مسؤولية تدني نسبة الاقتراع في بيروت التي لم تتجاوز 20.14 في المئة إلى اللائحة الائتلافية لتيار المستقبل، متحدثاً عن «تراجع وهجه على مستوى العاصمة بفعل الغياب الطويل لرئيسه عن لبنان وتقلص قدرة شعاراته التقليدية على التأثير في البيارتة الذين اختار قرابة 80 في المئة منهم الامتناع عن التصويت».
كما إعتبر إعلام 8 آذار أن تركيبة «لائحة البيارتة» تفتقر إلى الانسجام، بعدما ضمت تناقضات نافرة وفاقعة، من قبيل الجمع بين «التيار الوطني الحر» و»المستقبل» في وعاء واحد، الامر الذي انعكس تراجعاً في الإقبال المسيحي، وتململاً في اوساط جزء من قواعد التيار، بلغ حد الصدام العلني بين فريقي زياد عبس ونقولا صحناوي في الاشرفية وتسرب جزء من الاصوات المسيحية إلى لائحة «بيروت مدينتي»، مع الاشارة إلى ان الأقلام الارمنية التي تخضع لنفوذ الطاشناق التزمت بلائحة «البيارتة».