بين الإعلام المصري «المكيود» وقميص آردوغان «الكروهات المزركش»… و«البوكيمون» في الأزهر الشريف

عندما تحدثت فضائية إسرائيل الثانية عن «إسرائيلي يتسلل إلى الأردن» تصدرت موجة من التعليقات الـ «فيسبوكية» تقول «كان يبحث عن البوكيمون».
السخرية هنا سياسية بامتياز فمن يتسلل من الأردن إلى إسرائيل بالعادة يفعل ذلك لأغراض المقاومة المسلحة، لكن السبب الوحيد الذي يدفع أي إسرائيلي مفترض للتسلل إلى الأردن ينبغي أن يكون المشاركة في لعبة «البوكيمون».
لعبة «البوكيمون» الألكترونية آخر صرعة في عالم الشبكة وتخطف حاليا الألباب ويتحدث عنها الجميع، حتى أحد المطاعم في عمان يعلن عن نفسه على النحو التالي: «لدينا عشرات البوكيمونات… زورونا للبحث عنها».
في الأحوال كلها لست خبيرا في هذا النمط من التجارة الألكترونية العابرة للقارات، وأغلب التقدير أن مهووسا أمريكيا ما إخترع اللعبة وسنسارع قريبا كشعوب وقبائل لدفع حصة من مالنا وخبزنا لإنزال تطبيقات اللعبة غير الهادفة إلا مضيعة الوقت والجهد .
إبنتي تمكنت وقبل وصول التطبيق للبلاد من سرقة التطبيق وإستعماله… الخسائرالمتوقعة بسيطة وقوامها الإعتقاد بأن البنت تمشي وهي نائمة والاستعداد لفحصها طبيا والتعثر بالمخدة والطاولة مرات عدة.. توقعاتي أن تتزايد الخسائر إذا «تبكمن» لاحقا جميع الأولاد وإندفعوا في حالة هستيرية للبحث عن شيء خفي إسمه بوكيمون في المنزل والجوار.
هي صرعة جديدة ستحصل على حصتها من المال والوقت المهدور شئنا أم أبينا، رغم تحذيرات وكيل الأزهر التي نقلتها محطة «سي أن أن».
ثمة بوكيمونات في منطقتنا كلها أبرزها حتى اللحظة «بوكيمون داعش»، الذي لا نعرف هويته ويضرب في كل مكان في العالم وبلا وجل أو خوف ويثير في حياتنا غبار كل الأسئلة .

إستئصال سوريا

يسأل مذيع محطة «أن بي سي» الأمريكية الرئيس السوري بشار الأسد عن ما إذا كان قد بكى، ولو مرة واحدة تعاطفا مع ضحايا ما يجري في بلاده.
يجيب الديكتاتور الشاب بلا خجل بأنه لم يفعل، وعندما يستغرب المذيع يشرح «طبيب العيون» السفاح نظريته التي ستدرس في التاريخ عن الطبيب الجراح في غرفة العمليات الذي تتلوث يداه بالدم لإستئصال الجزء المصاب بـ «الغرغرينا» لهدف نبيل وهو الحفاظ على ما تبقى من أجزاء الجسم سليمة.
هكذا وبكل بساطة لا يكتفي صاحبنا طبيب العيون بأنه لم يذرف ولا دمعة واحدة على قتيل أو أسير أو غريق أو منزل مهدم في بلاده، ولا على الحرب، التي دمرت ثلثي بلاده، ويكتفي بالتوقف طويلا عند مقولة أنه رئيس منتخب .
الفارق بسيط بين بشار الأسد وأي جراج مختص بالغرغرينا، ففي غرفة عمليات الطبيب ثمة مريض واحد، لكن في غرفة عمليات بشار الأسد تم إستئصال سبعة ملايين مواطن سوري وإقتلاع سورية نفسها من جذورها، لأن ثلة من اللصوص تصر على الحكم .
أي غفران يرتجى مع أو بعد كل هذا الإجرام؟ كيف يمكن التصالح مع منطق من هذا الصنف!؟

إشارة رابعة مجددا

شخصيا أكثر ما لفت نظري عند تحرير مقر تلفزيون «آي آر تي» التركي الرسمي من الإنقلابيين إشارة «رابعة» الشهيرة، التي تصدرت الكاميرات من قبل بعض العاملين الذين رفعوا الأصابع الأربعة.
اختفت إشارة رابعة من الشاشات والرادارات المصرية بعد الانقلاب الناجح في مصر، لكنها ظهرت في أنقرة واسطنبول بعدما تجمع الصحافيون حول زميلتنا المذيعة الشقراء التي قرأت البيان رقم واحد بتهديد السلاح لصالح الانقلاب، ثم عادت لتتلو البيان الأول في دحر الانقلابيين .
منذ زمن بعيد لم أسمع بقصة «البيان رقم واحد» في حالات الانقلاب، التي تبدأ دوما من التلفزيونات والإذاعات على الطريقة السودانية الكلاسيكية القديمة .
لا أعرف سببا يدفع من خطط للانقلاب الفاشل إلى اللجوء لهذا الاسلوب البائد، فوسائط التواصل الإجتماعي متعددة وتأملت شخصيا بانقلاب عصري أكثر يعلن بيانه الأول عبر «تويتر» مثلا أو «فيسبوك».

قميص أردوغان المزركش

لكن الرئيس آردوغان نفسه بدا كلاسيكيا في قميصه الزهري من فئة «كروهات»، الذي ارتداه وهو يخطب في الشارع بعد الإنقلاب الفاشل في إشارة لصدق نظرية الزميل الشاعر خيري منصور، وهو يقول إن الزعماء الحقيقيين لا يجدون الوقت الكافي للإهتمام بالمظهر.
قميص الكروهات في حد ذاته رسالة سياسية بامتياز لرجل قصف مقر إقامته وخطفت طائرته وحوصر في مطار، لكنه لم يلجأ إلى حفرة ولا لأقرب طائرة ولجوء ولا للخنادق والعسكر بل للناس .
لدي تحفظات على خط أردوغان السياسي وبعض مواقفه، لكنه «زعيم حقيقي» يستطيع بلا تردد ارتداء قميص كروهات مزركش في أصعب اللحظات.

المكيودون في مصر

ساعدني الزميل المصري عبد الفتاح فايد، محرر شؤون بلاده في محطة «الجزيرة» في اختيار الكلمة المناسبة عندما تحدث عن «مكايدة» بلاده للشعب التركي عند إعاقة القاهرة لبيان مجلس الأمن، الذي يستنكر الانقلاب على الشرعية في إسطنبول.
رغم أني استمعت شخصيا لإمرأة تطلق الزغاريد على طريقة العوالم في مصر على إحدى فضائيات الردح المصرية أملا في الإحتفال بسقوط النظام التركي، إلا أن إعلام النظام المصري «المكيود» لم يتراجع عن الخطأ، بل أولغ فيه وهو يتبنى الرأي العبثي القائل بان آردوغان إفتعل الانقلاب.

مدير مكتب «القدس العربي» في عمان

بين الإعلام المصري «المكيود» وقميص آردوغان «الكروهات المزركش»… و«البوكيمون» في الأزهر الشريف

بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول gyptomar-e:

    لاشك ان اردوغان هو زعيم حقيقى يحبه الشعب التركى لما حققه من انجازات سياسية واقتصادية وعسكرية غير مسبوقة وجعل اقتصاد تركيا من اقوى 10 دول فى العالم..ولكن الاهم هو تمسك اردوغان بمبادىء دينه الاسلام ونصرة قضايا المسلمين ليس فى تركيا وحسب انما فى العالم و منها سوريا وفلسطين وغيرها .وطبيعى انه سيصبح اقوى واكثر شعبية داخليا وخارجيا بعد فشل الانقلاب العسكرى

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية