رحل جوزيه مورينيو… ترك أنجح مدرب في تاريخ تشلسي مقعده في «ستامفورد بريدج»… كان من المفترض ان يصنع حقبة ذهبية للبلوز تطول سنوات… كان حديثه دائماًُ عن السير على خطى أليكس فيرغسون بالبقاء في مع الفريق ذاته لأكثر من عقدين… هكذا كان الحديث بينه وبين المقربين… فكرة الاقالة أو الاستقالة كانت مستحيلة قبل بداية الموسم الحالي، بل على العكس مدد عقده لأربع سنوات اضافية عقب الفوز بالدوري الانكليزي للمرة الثالثة مع تشلسي، وأضاف أيضاًَ كأس المحترفين، المسابقة المغمورة لكنها تضفي دائما رقما وبريقا لسجله المرموق… لكن فجأة بعد أربعة شهور على بداية الموسم، وسبعة شهور على احتفاله برفع كأس البريميرليغ، كانت عدسات المصورين تلاحقه وهو يغطي وجهه بقبعته، خجلاً وحزناً… أقيل «السبيشال وان»، رغم ان المالك رومان أبراموفيتش اعترف انه لم يكن يرغب في اقالته.
كثيرون حتى الآن لا يجدون تفسيراً منطقياً ما الذي حدث لتشلسي ونجومه هذا الموسم، كيف يمكن لمدربه الذي لم يخسر في أي موسم طيلة 15 سنة من مسيرته التدريبية أكثر من 6 مباريات مع مختلف الفرق التي دربها، لكن الآن خسر 9 من 16 مباراة، ولم ينتصف الموسم بعد… لكن علينا ان نبحث عن الأسباب كيف نفهم كيف يمكن لأحد أنجح المدربين في عالم اللعبة، أن يهبط من خانة النخبة والمميزين والناجحين، الى مدرب خائب، عقيم، وغير قادر على معالجة الأمر… ماذا الذي تغير عن الموسم الماضي؟ ما الذي قاد الى هذا الانهيار المفاجئ؟ ما الذي جعل تشلسي البطل يعاني من كبوة، الى تشلسي العقيم الذي يعاني من أزمة كارثية.
يمكن تلخيص أهم الأسباب التي قادت الى هذا الانهيار، بأمور عدة، قد تكون كلها مجتمعة تكالبت على المصير المحتوم لمورينيو. أولاً أبدأً بما يردده أنصار مورينيو وعشاقه، وهي «مؤامرة اللاعبين»! رغم أنهم لا يوضحون لنا أسباب هذه المؤامرة، فنحن لا نختلف ان هناك انهيار شبه جماعي في مستوى اللاعبين مقارنة بالموسم الماضي، لكن السؤال ما الذي قاد الى هذا الانهيار؟ علماً أن عدداً كبيراً من نجوم تشلسي كتبوا على مواقعهم في «تويتر» و»فيسبوك» كلمات مؤيدة لمورينيو تعترف بجميله عليهم، وعلى رأسهم القائد جون تيري وسيسك فابريغاس وسيزار أزبليكويتا، رغم أنني على قناعة ان هناك شرخاً كبيراً حدث بين مورينيو واللاعبين، يعود الى أول مباراة في الموسم، عندما أهان طبيبة النادي ايفا كرانيرو على مرأى الملايين، وكانت هذه الحادثة بالنسبة لي الشرارة التي أشعلت الاحداث المؤسفة التالية، وقادت الى ردود فعل «لا شعورية»، وأكرر «لا شعورية»، اتجاه المدرب، ليس من اللاعبين فقط، بل من موظفي النادي ومنتسبيه وعائلاتهم، خصوصاً أن مورينيو الذي بنى سمعته ونجاحاته على توطيد العلاقة مع لاعبيه وجهازه الفني والاداري والطبي، واعتبارهم عائلة واحدة، واتهام الآخرين بحبك المؤامرات ضده وضد فريقه، حدث العكس مع الطبيبة ايفا، فلم يعد اللاعبون يصدقونه أو يحترمونه، حتى خرجت تسريبات بان بعض اللاعبين ينعتونه بأوصاف بذيئة وغير لائقة، ويعتقد ان يكون بينهم النجمان دييغو كوستا وايدين هازارد، وطبعاً هذا الأمر يقودنا الى العامل الثاني والأهم، وهو أسلوب تعامل مورينيو مع الأزمة، والذي فاقمها ولم يحلها، عندما بات يكيل الاتهامات الى الحكام والاتحاد الانكليزي والمنافسين، حتى طلبت منه ادارة تشلسي ان يكف عن هذه «الحجج الصبيانية»، خصوصاً انه عوقب من الاتحاد الانكليزي بالايقاف وبغرامات مالية، لكن هكذا كان يقنع لاعبيه بان سبب الهزائم هو مؤامرة الحكام ضده، رغم انه لماذا يحتاج تشلسي الى ركلة جزاء مشبوهة كي يحقق الفوز، ولا يعتمد على روعة نجومه مثلما كان يفعل الموسم الماضي؟
العامل الثالث، وهو أحد أهم أسباب الاخفاق بالنسبة لي، يتعلق بالشق التكتيكي، والذي تحدثت عنه في السابق وعن «عوارض الموسم الثالث»، والذي لا يعود اللاعبون فيه يتحملون الاسلوب الشاق والمتطلب لمورينيو، الذي ينجح في الموسم الاول في زرع أفكاره بدون ألقاب، ثم يحصد الثمار في الموسم الثاني، لكن في الموسم الثالث، ينفجر اللاعبون، ولا يتحملون، فكرة ان يدافع الجميع، وان يكون هناك 5 عمالقة في الدفاع، والأهم في الرؤية التكتيكية، الخطأ الكبير الذي ارتكبه عندما باع النجم البلجيكي كيفن دي بروين الى فولفسبورغ بـ18 مليون جنيه لان «عقليته لا تصلح للبريميرليغ» بحسب مورينيو، قبل ان يصبح أفضل لاعب في الدوري الالماني ويبيعه فولفسبورغ الى مان سيتي بـ54 مليون استرليني، وهذه الهفوة وحدها تكفي لاقالة مدربين.
أين سيكون مستقبل مورينيو؟ باريس سان جيرمان يحبذ الفكرة، كي يروج للنادي ويسوقه. ريال مدريد لا يمانع رئيسه الحالي بيريز او السابق كالديرون في اعادته مع عدم الثقة ببنيتيز، وربما مانشستر يونايتد الذي هبط سقف طموحاته وقد يرضى بمدرب متعجرف و»مشكلجي» لكنه يضمن النجاح.
خلدون الشيخ