تهتم أمريكا بالشرق الأوسط اهتماما بالغا؛ فهو مركز طاقة ومركز قوى وتجاذبات سياسية وساحة لاستعراض القوى، لذا دأبت مراكز الدراسات والأبحاث هناك على دراسة الحالة العامة في الشرق الأوسط وكيفية التعاطي مع تلك الحالة، لا سيما مع وجود حليف مهم مثل إسرائيل إضافة لمخزون نفطي هائل وسوق للمنتجات الأمريكية؛ استقراره ينعكس إيجابا على الاقتصاد الأمريكي.
وظهر هناك اتجاهان لكل منهما مبرراته وطريقة تفاعله مع المكون العربي الإسلامي المهم في الشرق الأوسط؛ يتحدث الاتجاه الأول عن المشاركة والحوار لكن مع المعتدلين فقط حيث تم تقسيم الفكر الإسلامي إلى فكر معتدل يمكن التعامل معه وفكر متطرف لا بد من إخضاعه ومحاربته.
أما النوع الأول فالتعامل معه يكون بحذر وضمن شروط تؤكد الموافقة على العمل تحت ستارة الديمقراطية والقبول بنتائجها، وأما الاتجاه الثاني فيؤكد وجوب محاربة المد الإسلامي وإخضاعه خاصة وأن أمريكا وحلفاءها يمتلكون القوة الكافية التي تستطيع ردع أي قوة تسعى إلى التمرد أو الخروج عن الطاعة، ونتج عن ذلك بكل أسف لصق تهمة الإرهاب بكل ما هو إسلامي نتيجة وجود آلة إعلامية وأموال تستطيع خدمة الفكرة ونشرها وجعلها حقيقة مُسلم بها .
من أكبر المراكز الفكرية العالمية مركز RAND Corporation ويعمل على فكرة إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام ومحاربة أي فكر إسلامي ممكن أن يكون مؤثرا على الساحة، ويعدّ من أكثر المراكز تأثيرا على صناعة القرار الأمريكي. مع ملاحظة ميْل الإدارة الأمريكية الحالية لتبني الأفكار التي ينادي بها هذا المركز. لذا ساد الاتجاه القائل بمحاربة الإسلام وإلصاق تهمة الإرهاب به، وحتى لا تكون المعركة مكلفة ممكن أن تكون الحرب بالنيابة وبأموال عربية وأسلحة أمريكية مدفوعة الأجر.
اعتمدت أمريكا على ما اكتسبته من حربها الباردة مع الاتحاد السوفييتي حين استطاعت أن تجعل منه بعبعا تخيف به جميع الدول ومن ثم حشدت القوة لطحنه وانتصرت عليه وهكذا تخوض أمريكا حروبها؛ حروب فكرية ممنهجة نتائجها إيجابية والخاسر الأكبر فيها بالضرورة- المهزوم.
ماذا نملك نحن العرب أمام مؤسسات فكرية تعرف ما تريد ومفكرين على مستوى استراتيجي أمثال بروس هوفمان, وديفيد رونفلت، وجون أركويلا وأيان ليسر وغيرهم، وهل نستطيع مواجهة ذلك المد الفكري بقنوات تتحدث عن السحر والشعوذة والعين والحسد وتقوم بعرض الإعلانات الجنسية الهابطة وصوت القرآن يصدح مع كل إعلان وهل نستطيع مواجهتهم ونحن مازلنا نستمع لأفكار هيكل وهو يقص علينا القصص.
ويحق لنا التساؤل عمّا كسب العرب من محاربة داعش؟ وهل تستطيع أمريكا أو ترغب بحمايتهم من المد الشيعي القادم؛ فاليمن على المحك والحوثيون كما صرح المستشار السياسي للمرشد الإيراني علي أكبر ولايتي هم حزب الله في اليمن وقبلهم حزب الله في لبنان والعراق الآن في وضع لا يحسد عليه وفي الأحضان الفارسية وسوريا كذلك والبحرين في خطر فماذا قدمت أمريكا للسُنة وما هو المستقبل القاتم الذي ينتظرهم .
نحن ضد الإرهاب وضد ما يقوم به البعض من تشويه صورة الإسلام السمحة لكن بالمقابل نحن ضد إرهاب الآخر وضد تمدده في ظل تقلصنا وقوته في ظل ضعفنا.
نحن بحاجة أكثر من أي وقت مضى لصحوة عربية فكرية؛ صحوة نبيّن للآخرين فيها ما هو الإسلام لا أن نستمع للآخرين عن الإسلام ؛ لنقول لهم وسطية الإسلام وتسامحه ونبسط قواعد الإسلام في السلم والحرب واحترام حقوق الإنسان وصون كرامته.
كذلك تظهر الحاجة مُلحة لتحالف عربي مبني على الحوار لتحصين الجبهة الداخلية في كل قطر عربي والتسامي على الجراحات والكراسي والأعطيات والبحث عن مستقبل الأمة ومستقبل الأجيال فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، وللأسف فقد شُغلنا بنبش الماضي والأمم الأخرى تصنع المستقبل لأجيالها رغم أننا نملك الثروات والعقول ودواعي الوحدة.
د. جمال علي التميمي
هناك مشكلة كبيرة في الفعل الاسلامي في المنطقة انه الاصلاح والغرق في الاصلاح والتبليغ وغياب الاستراتيجيات والاذرع الامنية المحترفة والتركيز على هدف دولة واحدة تولد ترعى بقية الثورات وتتبناها وتدعمها وهذا التمزق سيسبب نزيفا لاننا سنتعلم بالنار وليس بمراكز صنع قرار لان الوقت نفد بالتنظير واجتاح العدو بيزنطة ولم ينتظر ريثما ننته من الجدل !
طالما سعينا لإحياء الماضي وإنجازاته , سيجرفنا الحاضر ولن نكون جزء من المستقبل ..