تونس ـ «القدس العربي»: أثارت تصريحات تلفزيونية لمسؤول أمني كبير في تونس تباهى فيها بتعذيب مساجين خلال فترة حكم بن علي، جدلا كبيرا في البلاد، حيث قررت وزارة الداخلية إيقافه عن العمل، فيما قررت النيابة العامة عدم بث جزء من تصريحاته، فيما اعترف مقدم البرنامج بـ «تحريف» بعض تصريحات المسؤول الأمني بهدف الحصول على نسبة مشاهدة أعلى.
وكانت قناة «الحوار التونسي» المحلية بثت الجمعة إعلانا لبرنامج «لا باس» الذي يقدمه الإعلامي نوفل الورتاني، وتضمن الإعلان تصريحات لمحافظ الشرطة كمال المرايحي اعترف فيها بممارسته التعذيب ضد شخصيات إسلامية ويسارية خلال فترة حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وبدا المرايحي خلال الإعلان وكأنه يتباهى بممارسته التعذيب، حيث اعتبر نفسه من «مناضلي الدولة»، مشيرا إلى أنه كان يؤدي واجبه على أكمل وجه ممكن.
وإثر بث الإعلان، قرر وزير الداخلية لطفي بن جدو إيقاف المرايحي عن العمل «بعد إدلائه بتصريحات غير مسؤولة، ودون ترخيص مسبق».
كما قررت الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) استدعاء مقدم البرنامج والممثل القانوني للقناة، كما قررت إيقاف بث جزء من الحلقة المذكورة من البرنامج، والتي تتطرق للحديث عن تعذيب السجناء السياسيين، وسحبها من موقع القناة والمواقع الاجتماعية.
وأشارت في بيان أصدرته السبت إلى أن البرنامج خالف القانون التونسي والقوانين الدولية المتعلقة باحترام حقوق الإنسان والحريات العام «لما تضمنه من تبرير للتعذيب والتباهي به، الأمر الذي قد يتسبب بمعاناة معنوية لكل من كان ضحية للتعذيب».
فيما أعلن الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية في العاصمة سفيان السليطي في تصريح صحافي أن النيابة العامة قررت فتح تحقيق قضائي ضد المرايحي و «كل من سيكشف عنه البحث»، مشيرا إلى أن التصريحات التي تضمنها الإعلان تتضمن «تباهيا وافتخارا بالتعذيب، بما قد يكون له تداعيات على الأمن العام (في البلاد)».
من جانب آخر، نفى المرايحي إيقافه عن العمل، كما أشار إلى أن فريق برنامج «لا باس» تلاعب تقنيا بتصريحاته التي تم بثها عبر الإعلان المذكور، من خلال «قص أجزاء من الحوار والصاقها حتى يتم اظهاره في صورة سيئة، والرفع من نسب مشاهدة البرنامج».
وأكد مقدم البرنامج نوفل الورتاني، بدوره، انه تم التلاعب بتصريحات المرايحي خلال الإعلان «من أجل ومضة مثيرة لحث الناس على مشاهدة الحلقة»، مؤكدا المرايحي لم يعترفْ بتعذيبه للمساجين.
كما أشار إلى أن مشاركة أحد السجناء الإسلاميين في نفس الحلقة كان بهدف «تكريم المرايحي وتأكيدا على التسامح حيث أصبح السجّان صديقا للسجين».
واعتبر الورتاني أن النيابة العامة قامت بـ «خرق لحرية الصحافة» باعتبار انها بنت استنتاجاتها عن «جهل»، كما أشار إلى أن «الهايكا» أصبحت تمنع البث ولا تحاسب البرامج بعد بثها.
يُذكر أن وفاة سجينين تونسيين قبل أشهرأثارت شكوكا جديدة حول استمرار ظاهرة التعذيب في السجون التونسية والتي كانت سائدة خلال فترة حكم بن علي.
ويؤكد بعض المراقبين أن الثورة لم تخفف من ظاهرة التعذيب التي ما زالت مستمرة في السجون التونسية، وهو ما تنفيه السلطات التي تؤكد أنها تحاسب جميع من تثبت إدانتهم في هذا الشأن.
وكان المقرر الخاص للأمم المتحدة ضد التعذيب خوان مانديز دعا خلال زيارته الأخيرة إلى تونس السلطات إلى مكافحة ظاهرة التعذيب في السجون وتحسين أماكن الاحتجاز والتعويض المادي للضحايا.
حسن سلمان