باريس – «القدس العربي»: أحرج الموقف الفرنسي حول «آلية توزيع اللاجئين» في القارة الأوروبية المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، فبدت «ماما ميركل»، كما يطلق عليها، بعد فتح حدودها أمام آلاف اللاجئين، غير قادرة على فرض سياستها في مجال الهجرة مع اقتراب قمة حاسمة بعد التخلي الفرنسي عنها، وفق ما جاء على لسان رئيس الوزراء مانويل فالس بشكل صريح، وهو يؤكد عدم وقوف فرنسا إلى جانب المانيا في طرحها القاضي بـ»توزيع حصص اللاجئين على دول الاتحاد».
وتواجه ميركل تحديات كبيرة في الخارج، حول مواقفها الداعمة لفتح الحدود بوجه اللاجئين القادمين من سوريا والعراق وأفغانستان، لا سيما أن دول أوروبا الشرقية تبدو أكثرهم شراسة أمام موقف المستشارة الألمانية، التي قد تتراجع شعبيتها وفق استطلاعات الرأي إلى نسبة 40 في المائة، بعد أن فتحت الباب لأكثر من مليون طالب لجوء في العام 2005.
وعلى الرغم من عدم قدرتها على دعم موقفها، فإن مركل لا تزال متمسكة بوعودها للألمان بـ»حل أوروبي لخفض تدفق اللاجئين في 2016»، داعية إلى «فرض حصص إلزامية لتوزيع المهاجرين على دول الاتحاد».
وترى ميركل أن فرض حصص إلزامية لتوزيع اللاجئين ومكافحة مهربي المهاجرين في تركيا وتحسين ظروف الحياة في مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا ولبنان والأردن هي الشروط الضرورية للحد من تدفق المهاجرين. لكن مع اقتراب موعد قمة القادة الأوروبيين في بروكسل في 18 و19 الجاري، بات حلفاؤها في هذا الطرح نادرين.
وإن كان الرئيس الفرنسي فرنسوا اولاند أبدى انفتاحاً على المشروع الألماني، فإن فالس اغتنم مشاركته في مؤتمر الأمن في ميونيخ لرفض الخطة. وقال إن فرنسا غير «مؤيدة» لآلية توزيع اللاجئين، مؤكداً أن أوروبا «لم تعد قادرة على استقبال المزيد من اللاجئين».
وتواجه ميركل معارضة في أوروبا الشرقية، حيث دعت رئيسة وزراء بولندا بياتا شيدلو هذا الأسبوع في برلين إلى «منعطف جديد» باسم الأمن الأوروبي، مذكرة بـ»اعتداءات باريس وموجة الاعتداءات الجنسية التي وقعت ليلة رأس السنة في كولونيا في ألمانيا».
وتعتزم الحكومة الألمانية من خلال طروحات ميركل إنقاذ «حرية التنقل» (شينغن) في الاتحاد الأوروبي والحفاظ على هيكلية الاتحاد. وقالت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير ليين إن «قارة (أوروبية) من 500 مليون شخص لا يمكن أن تهتز أسسها وأن تستسلم أمام 1,5 مليون أو مليوني لاجئ».
غير أن وزير الخارجية الامريكي جون كيري اعتبر في مداخلة في ميونيخ أن هذه الأزمة تشكل بالنسبة إلى أوروبا تهديداً «شبه وجودي»، وأن ميركل تظهر «شجاعة كبرى».
الى ذلك، وصف رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف السياسة الألمانية بـ «الغباء»، وإزاء عجزها عن تشكيل إجماع أوروبي، أعلنت المستشارة الجمعة، أن مجموعة من الدول «المتطوعة» يمكن أن توافق على تقاسم المزيد من اللاجئين، مقابل تشديد أنقرة مكافحتها مهربي المهاجرين.
وحددت النمسا سقفاً لاستقبال اللاجئين عام 2016 قدره 37500 شخص، أي أقل بثلاث مرات من عدد الذين وصلوا إلى هذا البلد العام الماضي.
وطلبت فيينا الجمعة من سكوبيا أن تستعد «لوقف تدفق المهاجرين على حدودها»، إذ تعتبر مقدونيا البلد الثاني، بعد اليونان، لعبور المهاجرين القادمين من تركيا.
صهيب أيوب