تبرئة مبارك: الانتصار الرمزيّ الأخير للثورة المضادة

حجم الخط
18

كانت تبرئة محكمة النقض المصرية المنعقدة في أكاديمية الشرطة في القاهرة أول أمس الخميس للرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك في قضية قتل متظاهري أحداث ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 حصيلة منطقية لانقلاب الأوضاع في مصر وعودتها إلى ما تحت نقطة الصفر السياسية بعد غليان استمرّ عقوداً.
للوصول إلى هذه اللحظة التي شهدنا فيها «براءة» مبارك من دماء 850 شخصاً سقطوا ضحايا خلال الهجمات التي شنتها قوّات الأمن لوأد انتفاضة المصريين على نظامهم كان يجب أن تتشارك أطراف عدّة داخلية وإقليمية في عمليّة إخفاء جريمة بهذا الحجم بجرائم أكبر منها بحيث تصبح براءة المسؤول العسكري والأمنيّ الأول في مصر تحصيل حاصل بعد أن اضطرّ أعضاء «الشركة المساهمة» التي تدير مصر (وحلفاء الشركة الأشداء في المنطقة والعالم) إلى إخضاع مبارك لهذه التمثيلية القضائية الطويلة التي تواصلت فصولها على مدى ست سنوات مريرة وعاصفة انعكست شرّاً وتراجعاً على الثورات العربية ككل وليس على مصر والمصريين فحسب.
ونحن ننظر عبر تلك السنوات ونطلّ عليها من سقف هذا الحكم الفضائحيّ نرى بوضوح جليّ إلى معانيه المتّسعة على طول وعرض العالم العربي، من اليمن المنتهكة السيادة والمحتربة والمفتتة إلى العراق وسوريا المستباحتين لحكمين طائفيين تسندهما إيران وأمريكا وروسيا، وصولاً إلى الاستعصاء السياسي في ليبيا، والجزائر الجالسة على كرسيّ متحرك، وإعاقة حزب «العدالة والتنمية» في المغرب، وبين كل هؤلاء فلسطين المقيّدة والمحاصرة التي تحاول القاهرة (بين عواصم عديدة) التلاعب بقرارها السياسي والمشاركة في حصارها وإضعاف كيانها السياسي والمقاوم.
بالنظر عبر «غربال» هذه المحكمة سنفهم كيف اشتركت ضغائن النخب السياسية المصرية ضد «الإخوان المسلمين» واحتراباتها الداخلية الصغيرة التي سعت لتأمين المبررات لتصعيد أكبر مسؤولي مبارك الأمنيين، الجنرال عبد الفتاح السيسي، إلى موقع المسؤولية، مع خطط فلول «الدولة العميقة» في الجيش والأمن والإعلام والقضاء في قلب الطاولة على الثورة المصرية وعلى آمال المصريين والعرب في حكم مدني ديمقراطي يؤسّس لتاريخ عربي جديد.
كان المشهد المثير للغضب والألم الذي يريد إعلان الانتصار الرمزيّ الكامل للثورة المضادة المصرية على خصومها الذين قضوا شهداء في سبيل وطن أفضل لأبنائهم مفهوماً ومتوقعاً على عادة المنتصرين، لكن غير المتوقع كان تلك الكوميديا السوداء التي قام محامي مبارك بتأليفها، والتي أرادت، فوق ضحكها على آلام عائلات الضحايا أن تتهم خصوماً سياسيين تمّ انتقاؤهم تناسباً مع الدعاية السياسية «البروباغاندا» الفجة التي يقوم بها النظام، فاتهم «الإخوان» و»حماس» بقتل المتظاهرين باستخدام أسلحة هرّبت من إسرائيل!
المحاكمة، بهذا المعنى، كانت محاكمة للعقل والمنطق والشرف.

تبرئة مبارك: الانتصار الرمزيّ الأخير للثورة المضادة

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد حاج:

    ما دام العقول قد غيبت تماماً في المجتمع المصري ، فلا عجب ان يعود حسني مبارك الحكم مرة ثانية وفي هذا العمر ، ويواصل حكم العسكر التلاعب بمصر كيفما شاء .

  2. يقول بلحرمة محمد:

    لا يختلف اثنان ان كانا يتميزان بالموضوعية والمنطق والتفكير السليم ان البلدان العربية عبارة عن شركات خاصة وضمنها بطبيعة الحال مصر تديرها انظمة لا تعترف مطلقا بحقوق الانسان ولا بالديمقراطية ولا بتداول السلطة ولا بالقانون ولا بالعدالة ولا بشيء اخر من هدا القبيل بل كل ما تعمل جاهدة لاجله هو الاستمرار في حكم البلاد وحماية فسادها ومفسديها وبشتى الطرق المتاحة حتى وان كانت تتعارض مع القانون ان كان موجودا اصلا فهي مثلا مستعدة للتحايل على الناس وايجاد المبررات وحبك المسرحيات الرديئة لصياغة اشياء تخدمها وتخدم مصالحها ومن يدورون في فلكها فما شاهدناه من محاكمات في مصر لنظام مبارك السابق تمثل ام المهازل وليس كما يزعم المنافقون انها محاكمات العصر فهل كان مبارك وزبانيته يستحقون كل هدا الوقت وشهود الزور لاثبات فسادهم وانحرافهم وتبعيتهم العمياء للدوائر الصهيوامريكية والغربية وقتلهم المتظاهرين وتسخيرهم للبلطجية لترهيب المنتفضين في ساحة التحرير وسط القاهرة؟ ادا كان حكم محكمة النقض قد انتهى بتبرئة راس الفساد مبارك في قضية قتل متظاهري ثورة 25 – 01 -2011 فهلا بررت للراي العام المصري والعربي دلك بالحجج والبراهين والادلة الدامغة؟ ادا كان 850 شخصا قد قتلوا في عهد نظام مبارك فمن يا ترى اعطى الاوامر باطلاق النار عليهم؟ كيف لا يمكن ان يكون مبارك وهو المستهدف من طرف المتظاهرين بالرحيل عن الحكم؟ الا يعتبر المساس بالحكم في عالمنا العربي هو الحالة الاكثر حساسية التي لا يمكن للنظام التسامح بشانها بتاتا بل هو مستعد للتحالف حتى مع الشيطان ولو ادى دلك لقتل مئات الالاف او حتى الملايين؟ الا يعتبر هدا الحكم المهزلة ضربة لنزاهة القضاء المصري واستقلاليته ونزاهته؟ الا تعتبر هده المهزلة من جهة اخرى اهانة لارواح الشهداء الدين سقطوا برصاص النظام وعوائلهم التي كانت تنتظر الانصاف المفقود والعدالة المغيبة؟ كيف ننتظر من نظام جاء للحكم بطريقة ملتوية ومخادعة وغير عادلة ان يكون عادلا ومنصفا لا سيما في ملف مبارك الثقيل؟ من يقول بعد هده المهزلة ان القضاء في مصر وكل العالم العربي مستقل ومنصف؟ فلا تستغربوا هده فشل هده المسرحية فقد كانت رديئة مند بدايتها.

  3. يقول م . حسن .:

    كيف تبقي في السلطة لأطول مدة ممكنة ؟ من خلال صناعة الإرهاب . وكيف تصنع الإرهاب ؟ من خلال نشر المظالم واليأس في نفوس بعض المصريين , ودفعهم دفعا للتطرف وحمل السلاح .
    أقلية تابعة للغرب , تحكم بالسلاح والقضاء والإعلام الفاشي , لتدمير إرادة المصريين في الحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية والحكم الرشيد ,
    ستنتصر إرادة الأغلبية في النهاية رغم أنف الديكتاتوريين ومن يقف ورائهم .

  4. يقول الكروي داود النرويج:

    أعلن رئيـــس شركة “السكـــري” للذهب عــلي بركــات، أن احتياطي منجم السكري في منطقة مرسى علم بالصحــراء الشرقية يصل إلى 14.5 مليون أونصة، مقدّراً قيمتها بنحو 20 بليون دولار، طبقاً لأسعار الذهب الحالية.

    وقال بحسب صحيفة “الحياة” أن الشركة أنتجت 83 طناً من الذهب بقيمة 2.7 مليار دولار منذ كانون الثاني/ يناير 2010″.

    ويقع المنجم في منطقة جبل السكري الواقعة في صحراء النوبة (جزء من الصحراء الشرقية)، 30 كم جنوبي مرسى علم في محافظة البحر الأحمر المصرية.

    والمنجم مرشح بحسب شبكة المعلومات الدولية “ويكيبديا” لأن يحتل مرتبة بين أكبر 10 مناجم ذهب على مستوى العالم.

    وتستغلّ المنجم “شركة السكري” وهي شركة مشتركة ما بين هيئة الثروة المعدنية (وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية) و”سنتامين مصر” التي يملكها رجل أعمال مصري (ومركز الشركة أستراليا).
    – عن هافينغتون بوست عربي 04/03/2017 –
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  5. يقول بولنوار قويدر-الجزائر:

    السلام عليكم
    إنّ تبرئة مبارك من تهم قتل المتظاهرين هي من نتائج الإنقلاب على الشرعية ذات يوم في مصر من قبل الإنقلابي ccوإلاّ كيف يختار قائدا لأركان المخابرات في عهد مبارك وما فرضه على مرسي إلاّ لإتمام الطبخة ولو بعد حين وها هي الصورة بدا واضحة جليّة للعيان وللمصريين الذين إنخدعوا بثورة 25 يناير بل كان كل شيئ مهيأ لنصل بصر إلى ما رسم لها في ليل حلك بدهاليز العسكر…وإلاّ كيف نفسر حركة العسكر والتعامل مع الإحتجاجات ضد مبارك وكان قد سميّ أنذاك الجيش الوطني ولكن العكس تمام مع الإنقلاب على مرسي وكيف تفاعل بغطرسة وقوة لا مثيل لها مع الشعب المصري من قتل وتشريد ومدهامات ومحاكمات صورية دون رأفة ولا أخلاق ولا مهنية ولا إنسانية..والدليل :2/03/2017 شاهدا على خداع الجيش الوطني للوطن والمواطن وممّا زاد تعفن مصر السياسي والإجتماعي العدالة التي أصبحت أضحوكة العالم وتيقن الشعب المصري من عدم جدوتها وله يوم معها..
    ولله في خلقه شؤون
    وسبحان الله

  6. يقول عزيز المغرب:

    أظن أن إقحام عبارة “إعاقة العدالة والتنمية”ومفهوم المؤامرة لا يستقيم بالنسبة لما يجري في المغرب..بنكيران كلف طبقا للدستور بتشكيل الحكومة وليس لديه أغلبية وبيده اﻵن تشكيلة من اﻷحزاب تريد المشاركة لكنه يرفض.. مثلا موقفه الرافض من مشاركة الاتحاد الاشتراكي غير مفهوم .. أما بالنسبة للربيع العربي فإن بعض الحركات اﻹسلامية حولته إلى خريف بفعل سلوكها السياسي الشمولي الذي يبتعد عن التوافقات ويرى السياسة بعين من ليس معنا فهو متآمر ضدنا… أما شهداء الكرامة والعدالة والحرية فنطلب منه تعالى أن يسكنهم فسيح جناته ويلهم ذويهم الصبر والسلوان

  7. يقول سامح //الاردن:

    *حياك الله عزيزي د.اثير وبارك الله في صحتك.
    يا طيب (حكامنا ) خربوها ولم يتركوا
    لا أول ولا آخر والعوض على صاحب العوض.
    حسبنا الله ونعم الوكيل.
    سلام

    1. يقول د. اثير الشيخلي- العراق:

      اعزّك الله اخي سامح و بارك في صحتك.

      صدقت و الله. و حقاً حسبنا الله و نعم الوكيل.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية