تجاوز يناير!

حجم الخط
7

(مقاطع من رسالة إلى باحثة)
… «هل كان الأمر يستحق المشاركة في ثورة يناير/كانون الثاني بعد كل ما جرى في مصر؟» ربما تسمعين إجابات على سؤالكِ هذا بعدد من اشتركوا في الثورة، وهو ما سيحدث لو طرحتِ أي سؤال يتعلق بالثورة: تقييمها، مساراتها البديلة، أحلامها، إحباطاتها، ماضيها، مستقبلها. لن تجدي أبداً إجابات نموذجية أو متطابقة، لأن الثورة، وإن شارك فيها الملايين، تظل تجربة شخصية لكل فرد منهم، وحتى الذين ينتمون منهم إلى كُتل متجانسة، ستجدين لدى كل فرد منهم تفاصيل ترتبط بتجاربهم الشخصية.
عن نفسي لا زلت أعتبر يوم الثامن والعشرين من كانون الثاني/يناير لعام 2011 الشهير بجمعة الغضب، من أفضل أيام حياتي وأقربها إلى قلبي، لكن ذلك ليس بالضرورة رأي من فقد فيه حبيباً أو قريباً أو عيناً، ولا من تمر عليه ذكراه وهو معتقل أو مختفٍ قسرياً أو مطارد ظلماً، ولا من يحاول نسيان الذكرى برمّتها ودمها ودخانها، ليتمكن من المشي في شوارع يسيطر عليها القهر الفاجر. ربما أستطيع تقييم تجربتي بهدوء أكثر من غيري، لأن ما تعرضت له من ظلم أقل من غيري. نعم أنا معكِ، كانت حياتي قبل يناير/كانون الثاني أهنأ وأكثر استقراراً ونجاحاً، لكنني لا أقيِّم تجربتي في الثورة بالمكاسب والخسائر الشخصية، وإلا لما كنت شاركت فيها من الأصل. أظن أنني برغم كل مشاكلي أعقل مما تظنين، أو على الأقل كنت أكثر إدراكاً لما أنا مقدم عليه، وقد كتبت عن هذا المعنى ونشرته قبل اشتراكي في الثورة.
حين دُعيت من شباب أصغر مني سنّاً للمشاركة في مظاهرات يوم 25، الذي مهّد لانفجار ثورة الثامن والعشرين من يناير/كانون الثاني، كنت أعيش أنجح مراحل حياتي مهنياً ومادياً، وكان يمكن أن أدير وجهي وأكتفي بالكتابة، خاصة وقد كنت أكتب كل يوم تقريباً في معارضة نظام مبارك. لكنني شاركت بكل ما استطعت دون تردد، بسبب مشهد لم يفارقني منذ عشته قبل الثورة بنحو عشر سنين: ضابطا شرطة وأمناء وحبّة عساكر يضربون، بالأحزمة والعصيّ، جمعاً من مرضى الأورام وأهاليهم المتزاحمين في مدخل المعهد القومي للأورام بكورنيش النيل، لمنعهم من الدخول إلى مكان أنساهم أمل الشفاء وألم المرض أنه لن يستطيع استقبالهم جميعاً في الوقت نفسه. كنت وأمي بين هؤلاء، لم أكن وقتها قادراً على علاجها، ولم أنجح في إدخالها إلى المستشفى بعدها إلا بالواسطة. كان ما تعانيه أهون مما خشينا، لكني لن أنسى وطأة الأيام التي قضيناها في ذلك المكان القبيح الذي فرحت حين قالوا إنه تصدع، ثم لُمتُ نفسي حين تذكرت أنه لا زال يعالج الفقراء، فتمنيت أن يبنوا بدله مكاناً إنسانياً، لكنني لم أدرِ هل رمّموه أم طوّروه أم أبقوه على قبحه ورثاثته؟ لأنني حين أصيبت أمي بالمرض الخبيث قبل الثورة بأشهر، كنت بحمد الله قادراً على علاجها، وكان من سخرية القدر أن الطريق الأقصر إلى مركز الإشعاع الذي ظللنا نذهب إليه حتى شفاها الله، كان يمر بمعهد الأورام نفسه، وهو مشهد لن أتمكن من وصف بؤسه بدقة مهما حاولت.
تجربتي الشخصية تلك هي التي دفعتني إلى الشارع والميدان، دون أن أفكر في مصالحي، وأظنكِ ستجدين لدى كل من نزل إلى ميادين يناير/كانون الثاني تجربة خاصة وحلماً خاصاً لوطنه، قرر من أجلهما أن يخاطر بحياته وحريته، في مواجهة نظام يعلم أنه سيفعل أي شيء للإبقاء على مصالحه. هذه اللحظة التي يختلط فيها الشخصي بالعام، هي التي تشعل الثورات الشعبية، ويمكن أن نتحدث طويلاً عن أسباب غيابها الآن، وعن جدواها وعواقبها. لكن ذلك لن يلغي فخر أي حُرّ باللحظة النبيلة التي كان أكبر فيها من أنانيته وخوفه، يستوي في ذلك من شارك في الثورة حالماً أو مقهوراً، آملاً أو غاضباً. وإذا أردتِ أن تدركي خطورة هذه اللحظة وأهميتها، فتأملي كل ما يجري في مصر الآن، وستجدين أن نظاماً قتل المئات واعتقل الآلاف وقهر الملايين، لا يزال مرعوباً من تلك اللحظة، وسيظل يستميت في تشويهها ومحوها من الوجدان والذاكرة، لأنه برغم استحواذه على كل شيء في البلد، فشل حتى في تقديم مشروع بديل عما طرحته يناير/كانون الثاني من أحلام ومطالب، بل ويقوم بتعميق التناقضات والأزمات التي كانت سبباً في تفجّر يناير. وأتمنى أن تراجعي كل ما يصدر عن رموزه وأذرعه من قرارات وأحكام وتصريحات، ثم قولي لي: كيف يمكن أن يكون هذا أداء منتصر واثق من نصره الحاسم؟
صدقيني، ستجدين أكثر الناس إيماناً بثورة الثامن والعشرين من يناير/كانون الثاني، أقل الناس رغبة في الحديث عنها الآن، ليس فقط لما تبعثه من آلام تذكّر أثمان الأمل، ومشاعر الشفقة الممتزجة بالغضب على من أداروا ظهورهم لأكبر فرصة شهدتها مصر للتغيير الآمن، بل لأنهم ربّما يدركون أن ما طرحته يناير من أحلام قد تم تجاوزه. فلم يعد ممكناً بعد كل ما جرى من دماء ودموع، أن نتظاهر بالنسيان ونعود إلى حدود 11 شباط (فبراير)، ليشيل كل منّا على قدّه من مسؤوليات وأدوار كما كان ينبغي سابقاً. للأسف لن يكون ذلك سهلاً بعد أن اشتعلت نيران الغضب والكراهية في ملايين البيوت، نيران موقَدة تُمسك في قلوب لوّعها الحزن على الأحبّاء الذين سقطوا في المذابح الغشيمة والإعدامات العمياني والتفجيرات الإرهابية في الكنائس والكمائن والعشوائية الانتقامية بعد كل فشل أمني. نيران الحزن على أعمار ضيّعتها السجون وعربات الترحيلات والمستشفيات والمحاكم. نيران لن يجدي في إطفائها لعن سنسفيل يناير/كانون الثاني، خاصة أن طريق يناير كان الأكثر واقعية وعقلانية لتجنب هذا كله، لكنهم سدّوه بالحيطان القمعية التي يظنون أن كل حكم ظالم أو قانون باطش يزيدها متانة، وقد ظن ذلك قبلهم الذين حكموا سوريا والعراق وليبيا واليمن وغيرها من البلاد التي يجعلون من مآسيها مبرراً للظلم، بينما يعيدون خلق ما أفضى بها إلى تلك المآسي.
تعرفين؟ كنت كلما اقتربت ذكرى جمعة الغضب، أغيِّر صور حسابَيّ في «تويتر» و»فيسبوك»، لأضع صورة شهيد يناير/كانون الثاني طارق عبد اللطيف الأقطش، الذي اتخذته أيقونتي وملاكي الحارس، منذ أن كتبت عنه عقب الثورة مباشرة حين كان مختفياً، لا يعرف أهله باستشهاده. وقد ترك طارق زوجة حزينة وطفلتين كبرتا الآن، وأظنهما تحزنان حين تريان ذكرى أبيهما مرتبطة بثورة يلعنها أغلب الذين قامت من أجلهم، وتلك سُنّة الثورات، ولذلك أخذت أسأل نفسي: هل يحق لي أن أنشر صورة طارق فأجدد أحزان أسرته، خاصة وأنا لا أعرف هل سيحزن ذلك ابنتيه أم سيشعرهما بالفخر؟ وإذا كنت قد حرصت على أن أشرح لبناتي سبب مشاركتي في الثورة، في خطاب نشرته قبل يوم 25 يناير/كانون الثاني، فمن سيشرح لابنتَي طارق لماذا أنكرت بلاده دمه؟ ولماذا تطوع قضاة الإفك وشهود الزور الذين شارك بعضهم في الثورة، بتبرئة مبارك ورجاله من مسؤوليتهم عن قتله هو وكل شهداء يناير/كانون الثاني؟
أسئلة مشروعة، لكنني لن أظل أسيراً لها، لأن فيها مصادرة على مستقبل لا أملك التحكم فيه، فلماذا أفترض أن أبناء وبنات كل من فقد روحه ظلماً، أو من سكت يأساً، أو حتى من شَهِد زوراً، سيعيشون أسرى لأحلامنا وأحزاننا ومخاوفنا نفسها؟ ولماذا أفترض أنه لن تكون لهم تصورات مخالفة عن الحياة والوطن والدولة وطرق التغيير ومساراته؟ لعلي لا أدري هل سينظرون إلى تجربة يناير/كانون الثاني بوصفها إلهاماً أم موعظة أم كابوساً لا ينبغي تكراره؟ لكن ما أدريه أن ذلك سيتوقف على ما نتركه لهم من ذاكرة غنية تقاوم التزييف ليصلوا إلى استنتاجاتهم ويصنعوا أحلامهم، وهي مهمة لن تكون سهلة، في ظل ظن أغلبنا أن الأسهل هو استعادة حشود يناير/كانون الثاني دون تأمل أزماتها ومشاكلها، في ظل رغبتنا المشروعة في ألا نفقد إيقاع حاضرنا، وخوفنا من أن نظل رهائن لماضينا، وأملنا في أن نرى ولو ملامح مستقبل مختلف لبلادنا. وهو ما سيعيدنا ثانية إلى اللحظة الشخصية التي سيختار كل منا فيها شكل علاقته بوطنه، والتي قد توصلنا إلى لحظة عامة، نشارك فيها آخرين في العمل من أجل التغيير، بعيداً عن وهم التوافق الهلامي، ونختلف مع آخرين بل ونكرههم دون أن نستحل قتلهم.
لكن كيف نسعى أصلاً إلى تلك اللحظة دون تغيير تصوراتنا القديمة للدولة والوطنية والمواطنة ومسارات التغيير؟ وإذا لم نكن سنبدأ في ذلك الآن فمتى سنبدأ؟ لا أظنكِ ستسمعين إجابات على هذه الأسئلة، فأغلبنا لا زال يعتقد ـ معذوراً ومخطئاً أو ربما محقاً ـ أن وقتها لم يأتِ بعد.

تجاوز يناير!

بلال فضل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود:

    ماذا لو أتم الرئيس الشرعي الوحيد لمصر الدكتور مرسي مدته الرئاسية والتي كانت ستنتهي بمنتصف سنة 2016 ؟
    عندها سيقيم الشعب منجزات هذا الرئيس بالسلب أو بالإيجاب !
    ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول محمد صلاح:

      يا اخ كروى
      لو مرسى كان موجود حتى ٢٠١٦
      كان نصف المصريين لاجئين فى أوربا
      والنصف الاخر بيحارب بعضه
      وكانت النرويج بها على الاقل
      مليون مصرى
      مع تحياتى

  2. يقول سليم ياسين:

    تموقعت الدول العربية في آخر الرتب الخاصة بمؤشر حرية الإنسان الذي أصدرته ثلاثة معاهد أجنبية والذي يخصّ ترتيب 152 دولة. فقد أتت الأردن الأولى عربيًا بحلولها في المركز 78، بينما كانت الجزائر واليمن في نهاية القائمة العربية بحلولهما تواليًا في المركزين 146 و148.
    هذا المؤشر الذي أصدره معهد كاتو، ومعهد فريزر، ومعهد الليبراليين التابع لمؤسسة فريديريش نومان للحرية، بوّأ هونغ كونغ المرتبة الأولة، متبوعة بسويسرا، ثم فنلندا، فالدانمارك، ونيوزليندا في المرتبة الخامسة، بينما حلّت الولايات المتحدة في المركز العشرين، أما على صعيد الشرق الأوسط، فقد حلّت إسرائيل الأولى بعدما تموقعت في المركز الـ51.
    وأتت تركيا ثانية على الصعيد الشرق الأوسط بحلولها في المركز 62، بينما لم تأتِ الدول العربية إلّا ابتداءً من المركز 78 الذي حلَت فيه الأردن، ثم لبنان في المرتبة الـ87، فالبحرين في المركز 89، والكويت رابعةً بحلولها في المركز 97، ثم عمان خامسة، المركز 112.
    ورغم رياح الربيع العربي التي انطلقت منها، إلّا أن تونس أتت سادسة في القائمة العربية بحلولها في المركز 113، وبعدها مباشرة قطر، ثم الإمارات العربية المتحدة في المركز 117، أما المغرب، فقد حلّ تاسعًا بتراجعه إلى المركز 121، وبعده موريتانيا (127)، ثم مصر (136)، وبعدها السعودية (141)، فالجزائر (146)، لتأتي اليمن في نهاية القائمة (148). أما المركز الأخير في القائمة ككل، فكان من نصيب إيران.
    ويعتمد هذا المؤشر على قوة القوانين والأمن وحرية تنظيم الحركات وحرية إنشاء التنظيمات الدينية والعمل غير الحكومي وحرية الصحافة والتعبير، والحرية الفردية والاقتصادية، وقد صدرت إلى الآن منه عدة نسخ منذ عام 2008.

  3. يقول سوري:

    سيبقى ميدان التحرير في القاهرة رمز الثورة المصرية المجيدة هذه الثورة التي كانت مفصلا وفاصلا بين ما قبل يناير وما بعده. هذه الثورة التي أخافت العالم وارتجف منها أوصال دول عربية واجنبية خشية بناء دولة ديمقراطية قادرة على التقدم والازدهار فكان مطلوب وأدها بأدوات الماضي البغيض، كان الميدان عرسا ديمقراطية عبر عبره الشعب المصري العظيم عن عميق امانيه في التغيير لعهود الركود والظلم والجوع، وهذا الشعب العظيم كعظمة ابي الهول والاهرامات والقناطر الخيرية وقناة السويس والسد العالي ومصانع حلوان، وشعب انجب ام كلثوم وعبد الوهاب ومحمد درويش وبجيب محفوظ.. لا بد وأن ينفض عنه غبار الماضي ولا يرهن بلاده للغير من اجل الرز

  4. يقول محمد صلاح:

    ثورة ٢٥ يناير التى قام بها الثوار الحقيقين الذين
    خرجوا للقضاء على نظام مبارك الفاسد
    قامت يوم ٢٥ يناير ٢٠١١
    اما من يريد ان يغير تاريخها ويحولها
    الى ثورة ٢٨يناير ٢٠١١
    والسبب طبعا معروف
    لان الاخوان المسلمين لم يشتركوا فى مظاهرات يوم
    ٢٥ وهو يوم الثورة
    واشتركوا فى نهاية يوم ٢٨ يناير
    بعد ان تاكدوا من نجاح الثورة
    للإنصاف كان اشتراكهم يوم ٢٨يناير
    عامل قوى لنجاح الثورة العظيمة

  5. يقول تامر الصادي:

    شاركت في التخطيط والإعداد للخروج في يناير 2011 فور خروجي من المعتقل، كنت متأكدًا في قرارة نفسي أن اليوم سيمثل بدابة النهاية لنظام مبارك، لكنني لم أتوقع قط أن يتحالف ضدنا الإخوان الذين ناصرناهم في السجون وشددنا على أيديهم، مع العسكر الذين لم نرى منذ حكمهم لمصر خيرًا قط.
    يناير هي ضحية العسكر والإسلاميين وتحالفات المصالح التي لطالما قضت على أحلام الشعوب، أدرك أن الثورة كانت أعظم وأنقى وأكثر ما شاركت فيه طهارة ونقاءًا، لكنني أحاول أن أنسى لا لشئ سوى لأنني لم أعد أحتمل تلك الدموع التي تنهمر بلا وعي مني كلما حضرتني مشاهد ثورة يناير وما قبلها، لقد خذلتنا المصالح الضيقة والتطرف الوطني والديني، حتى صرت كلما سمعت رجلًا يتحدث عن الدين أو الوطن أتحسس قلبي النازف ألمًا، فالوطن والدين كلاهما وجد لرفعة الإنسان لا لقتله واستعباده وإذلاله.
    يومًا ما سنعود وقد يكون قريبًا جدًا لكنني أخشى أن تكون قلوبنا قد تلطخت بآثام من قتلوا ثورتنا فصرنا نشبههم.

  6. يقول الصعيدي المصري:

    في كل بلاد العالم المتحضر يخضعون لما تأت به الديمقراطية والتي هي اقرب وسيلة لقياس ارادة الشعب
    ببساطة اتت الديمقراطية بالرئيس مرسي
    طبيعي الا يتفق عليه الجميع وطبيعي ان يكون له مناصروه ومعارضوه
    لكن هؤلاء الذين يدورون ويلفون ويأولون في حلقات مفرغة لا نهائية – لا يعجبهم ما أتت به الصناديق
    بعضهم كان يتغني – وربما لا يزال – بمفهوم الديمقراطية والحرية ولكنه غناء ع حسب المزاج
    فإذا اتت بعكس رغباتهم فلتذهب الديمقراطية للجحيم – وبدلا من ان يمارسوا المعارضة السياسية – ببساطة لأن الشعب لم يخترهم – تجدهم يألفون كتبا في التبرير وكيف ان الخصم الذي فاز بإرادة الشعب لا يستحق الفوز – وكيف ان الشعب ذاته في افلبيته غير ناضج لأن يختار من يمثله
    انها الوصاية وادعاء امتلاك الحقيقة ولن تجد مثل هذه الصفات الا في هؤلاء الذين يعانون الشيزوفرينيا ما بين كلامهم وافعالهم

إشترك في قائمتنا البريدية