منذ أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) تعالى الصوت الأمريكي ضد «التربية الإسلامية» في البلاد العربية معتبرا إياها مسؤولة عن التطرف الديني نظريا، وممارسة الإرهاب عمليا. وطالب الصوت نفسه بتغيير مقررات الدراسة في بعدها الديني وتشذيب الدعوات التي كانت تكال لأعداء الإسلام في المنابر والحلقات.
تكرر السيناريو نفسه بعد الإطاحة بحكومة الإخوان في مصر، وتعالت الأصوات بتجديد الخطاب الديني. وشهد المغرب الحالة نفسها مؤخرا، فتدخلت حقوق الإنسان لتمارس دورها في المقررات الدراسية، وكثرت الأقلام التي تطالب بتغيير مضامين تدريس المواد الدينية لتتلاءم مع العصر الذي نعيش فيه: عصر حقوق الإنسان، والمساواة بين الشعوب.
أمام هذه الدعوات لا يسعني سوى التساؤل عن معنى تجديد الخطاب الديني؟ فهل المقصود بالخطاب الديني النصوص الدينية ممثلة في القرآن الكريم والحديث النبوي؟ أم الخطاب عن الدين وهو الذي أنتجه مفكرون إسلاميون؟ وما المراد بالتجديد؟ هل هو إقصاء بعض النصوص من التداول، وإزالتها من الكتب المدرسية أم الدعوة إلى تطوير البحث في الدين باعتماد مقاربات جديدة غير التي ظلت سائدة؟
إن ما جعلني أطرح مثل هذه الأسئلة يكمن في التباس الدعوة والجهات التي تدعو إليها، وعلاقة هذه الجهات بالدين الإسلامي بصورة خاصة. لا أحد يجادل في ضرورة تجديد الخطاب الديني الذي ينتجه وعاظ ودعاة ومفكرون، وتحريره من كل الشوائب التي تحول دون إسهامه في إنتاج معرفة جديدة تتلاءم مع العصر ومتطلباته بما يخدم الإنسان في العالمين العربي والإسلامي. وأولى الناس بطرح هذا المطلب الحيوي هم المشتغلون من جهة بتحليل الخطاب، من جهة، والمختصون بالبحث في المجال الديني، من جهة أخرى.
في هذا السياق أؤكد أن تجديد الخطاب الديني، في العصر الحديث، ابتدأ منذ عصر النهضة مع محمد عبده، وهو ممتد إلى الآن مع محمد أركون وطه عبد الرحمن. تعددت المقاربات والاتجاهات والتيارات، وكلها تستدعي إعادة النظر، بحثا وتصنيفا وقراءة نقدية. وتجديد الفكر الديني وخطاباته مفتوح ولا لأحد أن يوقفه أو يصادره. كما أن المطالبة بالتحري والتدقيق والبحث الموضوعي بهدف المساهمة في وعي ديني فعال وإيجابي بناء على ضرورات البحث العلمي ومستلزماته من الأمور التي لا يمكن أن يعترض عليها أحد.
لكن هذه الدعوات حين تتعالى مرتبطة بأحداث ناجمة عن التطرف والإرهاب، أرى، وهي تطالب بالتجديد الديني، أنها تمارس نوعا من التغليط والالتباس، لسبب بسيط هو أنها تربط ربطا آليا بين الإسلام والتطرف الديني، وأن الإسلام بالكيفية التي يمارس بها أو يدرس بها في المدارس هو المسؤول عن إنتاج التطرف ومختلف ممارساته.
بات الجميع يسلم الآن بأن الإرهاب والتطرف لا وطن لهما. وأن بإمكان الدولة أن تمارسهما، كما يمكن أن تمارسهما الطائفة أو الجماعة الاجتماعية، أو العرقية أو الحزب أيا كانت المسوغات أو المبادئ التي يدعون. وما نشهده اليوم، وخبرناه منذ أزمان يبين لنا بجلاء أن التطرف رداء يمكن أن تلبسه أي جهة. وما اليمين المتطرف في أوروبا، سوى وجه من وجوه التطرف والإرهاب الذي يمارس ضد المهاجرين والمقيمين، وهو يعتبرونهم أفرادا من الدرجة العاشرة، فتسحب منهم مكتسباتهم، وجنسياتهم… كما أن المستوطنين في إسرائيل، وهم يحتلون أراضي الفلسطينيين، ويحرقون الأشجار ويخربون البيوت على ساكنتها، ليسوا سوى دليل صارخ على التطرف والإرهاب. وكل هؤلاء لم يقرأوا في مقررات التربية الإسلامية عن غزوات المسلمين، وعن كون المسلمين أفضل الأمم… وكل المضامين التي يرى البعض أنها تولد الكراهية بين الأمم والشعوب. فأين تعلم هؤلاء دروس «الإرهاب»؟ هذا هو السؤال الذي لم تجب عنه آثار أحداث الحادي عشر، ولا بروز التيارات الإسلامية وهيمنتها في الساحة العربية والإسلامية.
لا أحد يريد البحث في الجذور الحقيقية للإرهاب ولا التطرف. إن الكل يريد ركوب الحائط القصير، وهو الإسلام، لتبرير التدخلات والإملاءات الأجنبية. وليس بتغيير المقررات التربوية يمكننا تكوين أجيال جديدة لا تؤمن بالعنف ولا بالتطرف. إن الذين يمارسون الإرهاب من «المسلمين» ويلتحقون بالمنظمات الإرهابية علاقتهم بالإسلام سطحية، وأغلبهم شباب لم يتلق تكوينا دينيا ولا مدنيا. بل إن العديد منهم من أوساط شعبية كانوا يعيشون في ظروف مزرية. ولقد زج بهم في أتون الصراع العالمي باستغلالهم وغسل أدمغتهم، وتمتيعهم بالمال الذي ظلوا يبحثون عنه. إن التلميذ المغربي لا يتلقى فقط مواد التربية الإسلامية. فلماذا كان تأثير هذه المادة أكثر من غيرها من المواد على نفسيته وعقليته واختياراته؟ ثم كم من التلاميذ والطلاب المغاربة الذي التحقوا أو يلتحقون بالتنظيمات الإرهابية بالمقارنة مع غيرهم ممن هم ضد الإرهاب والتطرف؟ إن المدرسة المغربية لا تُخرِّج المتطرفين، ولكن العاطلين. وهؤلاء العاطلون مرشحون للتحول إلى متطرفين.
عندما كان اليسار مهيمنا في السبعينيات اعتبرت الفلسفة مسؤولة عن تنامي الأفكار الشيوعية والثورية. وتم تغيير المقررات بإحلال المواد الإسلامية محلها. فهل انتهى الإحساس بالتفاوت الاجتماعي والفساد الإداري؟ لقد تم حلق لحية ماركس، وعوضت بلحية الفقيه. كما أزيلت قبعة غيفارا، لتوضع على الرأس عمامة الشيخ. فما الذي يجمع بين النقيضين: إنه البحث عن مخرج من القهر والظلم الاجتماعي. باسم الديموقراطية اليوم في الغرب وحقوق الإنسان يعاني المهاجرون والمقيمون من العسف والشعور بالإهانة. وباسم محاربة الإرهاب يذبح الروس الشعب السوري المحاصر. فكيف سيكون أبناء المهاجرين اليوم؟ أليسوا مؤهلين ليكونوا إرهابيي الثلاثينيات من هذا القرن؟ لماذا نجد أبناء الجاليات الإسلامية في أوروبا اليوم من أكثر المنخرطين في التيارات الدينية المتطرفة؟ من المسؤول عن هذا الوضع؟ أليست الديموقراطية الغربية نفسها التي تحرم الجاليات الإسلامية من حقوقها؟ لكنهم لا يريدون الاعتراف بسلوكهم إزاء هؤلاء الذي يشـــعرون بالمقت وبالميز.
من يتحدث اليوم عن إسرائيل؟ أليس كل تاريخها هو تاريخ التطرف والإرهاب؟ ولكن لا أحد يمكنه ادعاء ذلك في أوروبا، وإلا عد معاديا للسامية؟ لكن إسرائيل ظلت متمادية في سلوكها ضد الفدائيين والمقاومين والمنتفضين، والآن مع الطاعنين. وكل هؤلاء إرهابيون؟ أليست إسرائيل هي التي تولد كل هذه الظواهر التي تعبر عن رفضها للاستيطان، وتبحث لها عن وطن؟
إن الحديث عن تجديد الخطاب الديني باطل أريد به حق. كيف يمكننا تجديد الخطاب الديني بدون تجديد كل الخطابات التي تمارس الكراهية، وهي تدعي أنها تدعو إلى التسامح؟ كيف ندعو إلى إلغاء خطاب ديني نرى أنه يدعو إلى التمييز بين الشعوب، ونحن ندعي أن شعبنا شعب الأحرار، وأننا السكان الأصليون؟ والآخرين غزاة؟ كيف يمكننا تجديد الخطاب الديني بدون تجديد العلوم والمناهج التي تدرس هذه الخطابات؟ كيف يمكننا تجاوز خطاب الحداثة عندما نهاجم الإسلام، ونتحول إلى سلفيين حين نتحدث عن خصوصيتنا؟ أين الوطنية وحقوق المواطنة التي تعلو على كل عرقية أو طائفية أو حزبية؟ هذه هي الخطابات التي ينبغي أن تتجدد أيضا، والخطاب الديني في حاجة أبدا إلى تجديد.
تجديد الخطاب الديني مشروط بتجديد كل الخطابات التي ينتجها العربي كيفما كان معتقده، وغير العربي كيفما كانت عرقيته أو لغته. وعلى رأس كل هذه الخطابات الخطاب السياسي والإعلامي الذي يوظف الدين والطائفة والعرق بشكل لا يراعي الآخر المختلف باحترام وتقدير، وبحوار هادئ يؤمن بالإنسان، وألا فضل لأحدهم على غيره إلا بالعمل الذي يخدم الجميع.
كاتب مغربي
سعيد يقطين
* ساعترف لك اعترافا خطيرا اخ يقطن لطالما شددت الى ان اقرا مقالك انت والاستاذ مالك التريكي واللاخ نزار بو لحية من المغرب الشقيق ( اعني الاخوة المغاربة ) لكني بسبب ضعفي الجسدي واصاباتي القديمة والجديدة دائما يفوتني وتاتي الاحداث الكبيرة التي تشبه قطارا يفرم من يلتفت عنه هههههه لتمنعني كل مرة من القراءة اليوم هو اليوم الاول الذي اقرا لك فيه ف حياتي ( اجو ان لا يكون هذا محبطا فانا قارئة متواضعة يوجد غيري العشرات وانت لم تخسر شيئا اذ لم اقرا لك بقدر ما اكتشفت سيدي انني خسرت كثيييييرا كل المقالات السابقة انها من اروع المقالات واصدقها واشدها موضوعية تللك التي قراتها بعد ان خطتها اناملك وفكرك الموضوعي الرشيق انا اعجبت بالمقالة بعالمية النظرة الى الانسان التي لا تلغي الخصوصية الثقافية ولا تقع ضحية تنميط الارهاب وربطه بالاسلام عبر الصراخ والصراخ وركوب الموجة التي استغرب ان تقودها دول استعمارية كبرى ارتكبت جرائم ضد الانسان ( الولا يات المتحدة في العراق وفيتنام وهيروشيما روسيا في سوريا وشيشانيا وافغانستان الانظمة البعثية الخشبية القبيحة التي تشببه ديناصورا احفوريا محنطا اعمى العني يتحرك ويفرم كل من يخالفه بالالاف ويدعي التقدمية وللاسف حتى عندما تنظر الى احدهم تظنه من اهل الكهف !! يتكلم بلغة سلفية خبية تكفيرية لكل من عارضه كدمى النظام السوري التي تخطب في ارض من قبور الاطفال عن الارهاب وهي تمارس ارهاب الدولة وتهدم الاسمنت المسلح لعشرات الاف المباني على رؤوس شعب باكمله وتتحجج على طريقة من ضرب مدفعا ليخرج ذبابة فقتل اهل البيت تتحجج بمكافحة الارهاب الارهاب مسمار جحا يدقه الاعلام الموجه والممول ويتم استخدامه لاختراق ساحة ما واعطاء غطاء اخلاقي لاعمال اشد ارهابا من الشيطان نفسه
* الدعوة الى التجديد الديني حاجة ملحة شرحها الحديث النبوي الذي جاء فه ما معناه ان الله يبعث على راس كل مئة عام من يجدد لهذه الامة دينها واعتقد ان التجديد المتواصل الذي حظي به الاسلام على راس كل قرن عبر مجموعة من علمائه ومفكريه ودوله وحواضنه الشعبية وعبر حركة ثورات التغيير الحضاري والسياسي والنضالي ضد الاحتلال وفساد السلطة السياسية هو الذي تسبب في بقائه الى يومنا الاسلام العظيم دين الانسانية دين عالمي حضن ثقافات العالم وشدها في زمن السيف وفي زمن القلم وفي زمن ثورة الاتصالات اكز على علمين اساسيين يجب ان يهتم بهما كل دارس بمن فيهم انا التي درست الشريعة الاسلامية وانا غارقة في العمل الامني والسياسي يجب ان نبذل جهدا جبارا هدفه الانسان وليس الانسان المسلم لتحقيق ارض تملا قسطا وعدلا وانسانية ( المهدي ) ولكن ليس بالضرورة عبر شخص العلمان هما فقه المقاصد وعلم اصول الفقه وعلم الحديث من جمع هذه الثلاث باقتدار وتفاني سيكون من المجددين الذين يقفون بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقول لهم طوبى لجند محمد الذي بعث رحمة للعالمين وليس للمسلمين تقبل عميييييييق اعجابي بقلمك وشدييييييد ندمي على ما فاتني متمنية دعاءك لي ان اكون منهم فانا سا سيدي كسرت رجلاي والان بت اتحمل القراءة والكتابة في زمن الحروب القذرة والحمد لله على عرج الرجل اسال الله ان يجعله فتح العقل وفاتحة الشهادة جزاك الله خيرا على هذا المقال الذي افرز هرمون السعادة والامل ورسم على شفتي بسمة مفقودة هناك من لم يفقد اعتداله واخلاقه وموضوعيته شكرا للقلم الجميل
سيد يقطين ايضا نسيت ملاحظة ان حركة التحرش الممنهج بتدريس الواد الدينية دائما اخفت خلفها دوافع سياسية سلطوية او كيدا ايديولوجيا حاااقدا:
* مثلا اتذكر في الاردن سيدي عندما وقعت اتفاقية وادي عربة ( السلام مع العدو الاسرائيلي بوصفه دولة شقيقة وحليف استراتيجي ) كان لدينا مادتين تدرسان في الجامعة الاردنية احداها كانت مادة هي عبارة عن متطلب جامعي بمعنى ان طلاب كل الاقسام من الطب الى الهندسة الى الصيدلة يستطيعون اختيار حضور المادة التي تدرس في مدرج كبير يحضره اكثر من مءة وعشرة طلاب من كل الكليات هذه المادة هي مادة القضية الفلسطينية والصراع العربي الاسرائيلي كانت الدولة متحرجة من الغائها فورا حتى لا تستعدي الشعب الذي يعارض معارضة كاسحة هذه المعاهدة فبدات بتعيين من يدرسها على ذوق السلطات ويضطهد الطلبة الذين يقارعون الحجة بالحجة من ينظرون لخيار السلام مع العدو من اساتذتهم ووصل الامر على ما اتذكر الى فصل طالب مسكين في السنة الرابعة فقط لانه متدين مع انه اذكانا جميعا فتحرش به الاستاذ وطرده من المادة وعطل تخرجه سنة كاملة ( الاستاذ وزير دلة سابق مدعوم مخابراتيا على الاغلب ) بعدها لغيت هذه المادة لحقتها مادتين تدرسان في كلية الشريعة في الجامعة الاردنية هي مادة فقه الجهاد ومادة نظام الحكم في الاسلام وهما مادتان خطيرتان يج على كل طالب علوم رعية ان يهتم بهما لان العلم بهما يشكل اساسا للتعاطي مع الازمات الحضارية ابتداءا من ارهاب الدولة واحتكار السلطة وليس انتهاء بفوضى القتل واستباحة الدماء هذا نموذج قليل بعدها فرضت مادة حقوق الانسان ( كانت رائعة لانها كانت ميدانا للنقاش من كل التوجهات ) في مصر بعد كامب ديفيد لغيت نصوص وتدريس موضوعات قرءانية تحض على مقارعة الاحتلال الشعب ليس غافلا عما يعمل الظالمون وما يلغى ويصادر من حق التثقيف الديني المفتوح وسياسة كسر الاقلام والحناجر ومنع كلمة الله ان تصل ستدفع الناس الى تشكيل ما يسمح لهم بذلك بعيدا عن مراقبة السلطات المغرضة الامر الذي يفتح مجالا للفوضى ايضا حدث هذا في الاتحاد السوفييتي زميل لي في كلية الشريعة كان من اصل روسي وهو مسلم كان يقول انهم كانوا يضطرون الى قراءة القرءان الكريم على ( التتخيتة ) السدة اي الغرفة العلوية المخزن التي تبنى عادة فوق الحمام 1 لان تهمة اقتناء مصحف او انجيل عقابها الاعدام ايضا كان طلاب البعثة الصينية من المسلمين يسجلون امام الصين الشيوعية انهم يدرسون اللغة العربية في شهاداتهم وهم يدرسون الشريعة الاسلامية لان هذا ممنوع قال تعالى يريدون ليطفؤوا نور الله بافواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون ) صدق اللله العظيم
وزار ةالمستضعفين عاصفة الثار ام ذر الغفارية جريحة فلسطينية منشقة عن حزب الاسد ( الله ) سابقا
ان افهم من التجديد بكل نواحي الحياة وليس فقط في الخطاب الديني ان يؤدي هذا التجديد ان حصل الى المساواة والعدل والحرية .ولكن التاكيد على الخطاب الديني والاسلامي خصوصا هو ناتج بالفعل من المناهج التي تدرس في المدارس الحكومية في بعض الدول العربية وكذلك في المدارس الدينية الخاصة واغلبها تدعو الى الكراهية وقتل الاخر المختلف سواء ان كان من غير طائفة او من دين اخر.
محاولة جادة لمناقشة مشكلة حقيقية يا د سعيد يقطين، ولكن من وجهة نظري بدون تشخيص أي مشكلة بطريقة صحيحة كما هي على أرض الواقع لا يمكن إيجاد حل يساهم في حل الإشكالية من الأساس، ولذلك حكمة العرب تقول التشخيص الصحيح هو 50% من الحل فما هو معنى خطاب وما معنى ديني وما معنى تجديد في أي نظام وبالذات النظام البيروقراطي لدولة الحداثة في عام 2016؟!
وللإجابة في البداية اسأل، لماذا اعتبر ما بين دجلة والنيل كان مهد الحضارات الإنسانية؟ ناهيك عن كونها المنطقة التي نزل فيها الوحي لليهودية والمسيحية والإسلام، أنا من وجهة نظري بسبب أنَّ فيها تم الاعتراف بالـ آخر ومن أجل التواصل والحوار والتعايش معه تم تدوين اللغة (الأسرة) والقانون (الدولة)، فأول لغة كانت المسمارية وأول قانون كانت مسلة حمورابي.
ربما الكثير لا يعلم من أنَّ النظام البيروقراطي الذي تم إنشاؤه على أنقاض دولة الحكمة في الأندلس في أوربا وفق أسس فلسفة الثقافة الكاثوليكية وتم فرضها بالقوة على المواطن بواسطة محاكم التفتيش بشكل عام، تم تصميمه أصلا، للمحافظة على استقرار أي مجتمع، ومنع أي محاولة لتغييره من الأساس، وأساس النظام له علاقة بثقافة الفلسفة الإغريقية والرومانية، ومفهوم الترجمة بها كان مبني على أسلوب النقل الحرفي/الببغائي ولذلك لم يتم تعريب الكلمة بإيجاد جذر ومن ثم صيغة بنائية تلاءم المعنى، كما حصل مثلا مع كلمة الإنترنت بترجمتها إلى الشَّابِكة كما اعتمدها مجمع اللغة العربية في سوريا.
ولذلك أنا أختلف تماما مع د. سعيد يقطين في اعتبار مثلا محمد أركون من المجددين، لأن من درس اللغة أو الترجمة في مدارس النظام البيروقراطي من وجهة نظري، لا يعرف لغة القرآن والسنة النبوية كمن درسها في مدارس تحفيظ القرآن (الكتاتيب)، وبدون إجادة اللغة والترجمة منها وإليها، كيف يمكنك فهم أي شيء، لكي يمكن أن تفكر في تجديده بعد ذلك، لكي يلاءم الخطاب الذي توافق عليه النخب الحاكمة في النظام البيروقراطي لدولة الحداثة ليكون من ضمن سياقها التاريخي والجغرافي ولا تعترض عليه؟!
وأنا مقتنع أو لا أظن الوسطية مفهوم له علاقة بلغة الإسلام فيما يتعلق الأمر داخل حدود الإسلام، لأن هناك فرق ما بين مفاهيم اليهودية، والمسيحية، والإسلام، والبوذية، والكونفوشيوسية، والإلحاد، ولذلك الخلط بين المفاهيم بحجة الإبداع، سيؤدي إلى إشكاليات وأمراض مجتمعية لها أول وليس لها آخر، ولذلك أضفت إلى الحكمة التي تقول ناقل الكفر ليس بكافر، ولكنه سيكون مثقف ببغائي ومسبّب للفتن، فمثلا المسيحية تعمل على نشر مفهوم التسامح من خلال إذا ضربتك على خدك الأيمن تعطيني الأيسر، في حين اليهودية والإسلام تعمل على نشر مفهوم التكامل من خلال السن بالسن والعين بالعين.
كذلك الحال مثلا مع مصطلح المقاصد الشرعية لا أظن له علاقة بلغة الإسلام، فيما يتعلق الأمر داخل حدود الإسلام، لماذا؟ لأنّ الله فرض علينا كي نصبح مسلمين، أن نؤمن من أنّه لا يعلم بالنيّات إلاّ الله، فكيف بمن يدعي لا يعلم بنية البشر، ولكنه يعلم بنية خالق البشر؟! ثم معجزة الإسلام كانت لغة القرآن وبلاغته، وفيها تنفرد بـ 99 معنى لله ليس منها رب من الأرباب ولكن رب الأرباب، والله خالق الملحد والمشرك والمنافق والمؤمن بأي شيء؟!
لأن في دولة الإسلام لا فرق بين عربي ولا أعجمي ولا أبيض ولا أسود إلاّ بالتقوى، والتقوى لا يعلم بها إلاّ الله، فلذلك تجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم، لم يفضح كل المنافقين في عهده رغم أنَّ الوحي أخبره من هم، في مسألة نفاقهم، في الإسلام لا يتم التعامل مع الـ آخر بناء على نيته بل على ما يصدر منه؟! بينما في النظام البيروقراطي لدولة الحداثة، لا يجوز أن تكون الدولة العميقة لا تعرف نية أي مواطن داخل حدود الدولة، وعلى ضوء شهادة الدولة العميقة يتم التعامل مع أي مواطن هل هو من ضمن ثقافة الـ أنا للدولة أم هو من ضمن ثقافة الـ آخر (الـ بدون) (الـ لاجئ)، ومن هذه الزاوية نفهم ما يعاني منه أهل فلسطين منذ لم يتم الاعتراف بوجود شيء اسمه فلسطين بل تم الاعتراف فقط بشيء اسمه الكيان الصهيوني عام 1947 على سبيل المثال لا الحصر.
ما رأيكم دام فضلكم؟
أستاذي المحترم:- أحسنت وأحسنت مع تحياتي
الإرهاب عنوان كبيرشامل منه تتفرع الفصول, لدين الإرهاب السياسي في حالة أوروبا متمثلا في اليمين و اليسار المتطرفين , الإرهاب الإجتماعي أسسه قضايا ومشاكل اجتماعية ثم الإرهاب الديني ( الإسلامي, تثبيت ونشر الإسلام الحقيقي ) فالإرهاب المسيحي , الهندوسي إلخ …).
جذور كل هذه الأصناف من الإرهاب هي الإيديولوجية الفاشية, التي تقول بأن ممارسي الإرهاب هم قوم أعلى وأفضل وأحسن ومادونهم دونيون لاقيمة لهم.
يتحركون عن قناعات ثابتة كيفما كانت جذورها , بحسب إيديولوجياتهم المختلفة فهم يقومون بأعمال جليلة يحمون فيها أمتهم أو عرقهم أو دينهم من الدخلاء.
عندما يبررالإرهاب الإسلامي قتل الكفارو سبي نسائهم أو قطع رؤوسهم فهو يعتمد عن النصوص الدينية التي أباحت قتلهم إن لم يغيروا دينهم أويقبلوا الجزية والطاعة تحت حكم دولة الإسلام, هذه الأمور معروفة.
فكيف بالسيد يقطين لاينتبه لها عند دراسة التربية الإسلامية في المدارس المغربية والتي للأسف تضع التلميذ في مأزق كبير. من الناحية السياسية فبلده متفتح على أوروبا ( الكافرة ) ليس أقلها السياحية واحتكاكه ب( الكافرين ) وعليه إحترامهم والتعامل معهم كباقي البشر, ومن ناحية أخرى نعلمه كرههم عندما يتعلق الأمر بالتربية الإسلامية ( ولن ترضى عنك اليهود والنصارى ..) إلى آخر الأمر, وفي المجال آيات وأحاديث كثيرة تحث على كراهية اليهود والنصارى. إذن يجب تغيير المناهج.
القول: “..إن التلميذ المغربي لا يتلقى فقط مواد التربية الإسلامية. فلماذا كان تأثير هذه المادة أكثر من غيرها من المواد على نفسيته وعقليته واختياراته؟…)
الأمر طبيعي, التلميذ يعيش في مجتمع إسلامي, يتغذى بأقوال وأحاديث إسلامية يوميا أكان من وسائل الإعلام أو المساجد أو في البيت, من هنا يأتي هذا التأتير ومن هنا نكون نحن السبب في تفتح أعينه على ميدان يسهل اختراقه لاحقا من الجماعات الإرهابية, يتصيدون فيه نقط الضعف ثم يجندون وباسم ماذا ؟ باسم تلك التربية الإسلامية التي علمناهم فيها كره الكافرين. الأمران مرتبطان ياأستاذ , من لايريد رؤيتهما فللأسف لديه أسباب أخرى.
أخطاء حصلت في مناهج التعليم المدرسي في المدارس المغربية في العقود السابقة ولأسباب سياسية تم إستبدال مادة الفلسفة بمادة التربية الإسلامية , مع أن التربية الإسلامية كانت حاضرة لكنها كانت بحصص أقل ( ساعة في الأسبوع أيام الدراسة ) , كما ذكر في المقال, تكاثر الفكرالسياسي اليساري في المغرب تنيجة عوامل سياسية معروفة, وظهور منظمات طلابية يسارية أحيانا متطرفة مثلت خطرا سياسيا كبيرا على نظام البلاد جعلها تلجأ لهذه الخطوة, الآن وبعد تفشي الإرهاب الإسلامي فطن للأمر فأصبح خطر هذا الإرهاب أكبر بمئات المرات من خطر اليسار السابق فسوق الإستقطاب والتجنيد غنية وضحايا التجنيد كثر والإيديولوجية الإسلامية السياسية مسموح بها عكس الحال مع الإيديولوجيات اليسارية في السابق.
مع كل ذلك فخطوة العمل هذه بتغيير الخطاب الديني بدءا من التعليم المدرسي خطوة جيدة ولو أتت متأخرة, على المثل السويدي القائل :” الأفضل أن تأتي متأخرا على أن لاتأتي على الإطلاق”.