عمان ـ «القدس العربي»: قواعد الاشتباك في ملف التفاوض بين الأردن والأطراف الأساسية في مجتمع المانحين الخاص بملف «اللجوء السوري» متوقفة حتى اللحظة عند ثلاث قضايا أساسية ومفصلية، لها علاقة أولا بإدماج اللاجئين في المجتمع المحلي.
وثانيا، بالخلاف على الكلف التي دفعتها الخزينة الأردنية، أو التي يتوقع أن تدفعها، وثالثا في أسلوب ووسائل الإنفاق وتمويل المشاريع المعنية باللاجئين.
فنيا، وفي مسار القضية الأولى، يعرف الأردن الرسمي ويعترف ويتصرف على أساس القناعة بأن إقامة اللاجئين السوريين ستطول إلى سقف زمني لا يمكن توقعه، وأن الحكومة المحلية عليها، وحتى تحصل على الدعم المالي والسياسي لخططها في إستضافة اللاجئين، ان تقدم «أدلة» على انها تضمن لهم إقامة طيبة خصوصا في مجال العمل.
وفقا لما تصوره السياسي الأردني المخضرم، عدنان أبو عودة، في حديث جانبي مع «القدس العربي»، من الواضح ان المؤسسات الفاعلة في المجتمع الدولي تعمل على اساس ان ملف اللاجئين السوريين قد يشكل الفرصة اليتيمة امام الأردن للبقاء على طاولة التفاوضات عندما يتعلق الأمر بالتسوية الكبرى في سوريا.
لا ينكر مسؤولون كبار هذه الحقيقة، ويعمل على اساسها وزير الخارجية، ناصر جوده، بعد رسائل المجتمع الدولي التي قالت للأردنيين بكل اللغات إن استضافتهم للاجئين هي الضمانة الوحيدة للدور الإقليمي الأردني عندما يتعلق الأمر بالملف السوري برمته.
لذلك تحدث رئيس ديوان الملك، الدكتور فايز طراونه، مع مثقفين في وقت سابق عن ضرورة التوقف عن التذمر والشكوى من اللاجئين السوريين متوقعا إقامة طويلة لهم.
ولذلك ايضا أبلغ رئيس الوزراء، الدكتور عبد الله النسور، «القدس العربي» مباشرة بأن بلاده ستتعامل بكل الأحوال مع واجبها الإنساني عندما يتعلق الأمر بأفضل معايير الضيافة للأشقاء القادمين من سوريا.
عليه يمكن القول ان خطوات «تطبيع» العلاقة، التي تؤدي لإدماج السوريين في الأردن، بصرف النظر عن طبيعة الصراع الطويل في سوريا، أصبحت شرطا لضمان تمويل اللجوء في الأردن، بصرف النظر عن مسألة تحويل اللجوء لمكون إجتماعي، وهي العبارة التي تثير جدلا كبيرا عند ذكرها في الأردن.
هنا، حصريا، علمت «القدس العربي» ومن مصدر دولي معني تماما في الموضوع، أن المجتمع الدولي، الذي سيمول اللجوء السوري في الأردن، سيشترط بالنص «خطوات إدماجية» مفصلة للاجئين السوريين، حتى يمول التكاليف، وعلى رأس هذه الخطوات فتح الأسواق تماما أمام العمالة السورية في الأردن، وخصوصا في مشاريع تنموية استثمارية يمكن ان يستفيد منها الأردن ايضا من باب ضرب عصفورين بحجر واحد.
في مسار القضية الثانية، من المرجح ان يمتنع المانحون خصوصا في اللقاء الدولي الوشيك في لندن عن تخصيص المال الذي يطلبه الأردن كما طلب، فعمان تتحدث عن كلف ما بين 7 – 8 مليارات دولار، فيما يبدو ان خلافات تبرز وراء الستارة حول هذه المبالغ مع مؤشرات تتحدث عن الاستعداد لتخصيص مبلغ قد لا يزيد عن ثلاثة مليارات دولار.
بكل الأحوال يستحق الأردن دعم المجتمع الدولي بسبب الضغوط العنيفة على خزينته واقتصاده المالي والتحديات الأمنية والاجتماعية التي فرضها اللجوء السوري.
وفي المسار الثالث لا يبدو كبار الممولين مهتمين بمساعدة الأردن على أساس حساباته الرقمية الخاصة باللجوء السوري، فاللغة التي يفضلها هؤلاء مع الأردن تحديدا تتحدث عن دوره في مكافحة الإرهاب والتطرف الذي يستوجب الدعم في مساحات اللجوء السوري، أكثر من الحديث عن دعم له علاقة مباشرة باللاجئين السوريين أنفسهم.
مواجهة عمان التفاوضية مع مؤتمر لندن ستحصل في ظل «ملاحظات تقييم» يسجلها المعنيون، ليس على الأرقام فحسب، بل على كيفية الإنفاق، مما يعني توقع حرص الممولين على «دور مباشر أكثر» لهم عندما يتعلق الأمر بالإنفاق الرشيد، وهو ما يفيد الحكومة الأردنية سياسيا بكل الأحوال.
تلك المواجهة لا تبدو سهلة أو ميسرة في قياسات المسؤولين الأردنيين، المستائين من بعض الأساليب، لكنها مفيدة عندما تتعلق بإقرار المجتمع الدولي بأن الأردن يستحق الدعم ويعمل بنشاط على ضمان استضافة طويلة نسبيا لمن لجأ إليه من الأشقاء السوريين.
وهي ايضا ليست سهلة بسبب أحاديث السفراء والممثلين الدوليين عن الفروقات والنعومة واللغة الدبلوماسية الناعمة والمنتجة التي ترصد في حديث الملك عبد الله الثاني شخصيا، ثم وزير التخطيط، الدكتور عماد فاخوري، وينتج عنها تفهم إيجابي لحاجات الأردن ومتطلباته. بالمقابل ثمة ملاحظات نقدية على «خشونة وأسلوب» ولغة مسؤولين آخرين في الدولة يتذمر منهم المجتمع الدولي، من بينهم وزير التخطيط الأسبق الذي يترأس اليوم طاقم المكتب الملكي، الدكتور جعفر حسان، وتلك قصة أخرى بكل الأحوال.
بسام البدارين