تركيا إلى انتخابات برلمانية مبكرة.. ما الذي سيتغير؟

حجم الخط
1

إسطنبول ـ«القدس العربي»: تتجه تركيا إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة بعد إعلان فشل المباحثات بين حزب العدالة والتنمية الحاصل على أعلى نسبة من الأصوات في الانتخابات وحزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة، في ظل تصاعد المواجهات الدامية بين الأمن التركي ومسلحي حزب العمال الكردستاني، وسط تكهنات حول مدى قدرة التطورات الأمنية والسياسية الأخيرة في البلاد على تغيير نتائج الانتخابات المقبلة.
رئيس الوزراء التركي المكلف أحمد داود أوغلو قال إنه لم يلمس إرادة صادقة لدى الأحزاب السياسية للمشاركة في تشكيل حكومة جديدة، مطالبا حزبه بالاستعداد لخوض الانتخابات البرلمانية من جديد، وذلك في خطاب لمؤيدي الحزب بمناسبة مرور 14 عاماً على تأسيسه.
وعقب لقاء مطول عقد الخميس بين داود أوغلو وزعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، الخميس، أعلن الطرفان فشلهما في التوصل لاتفاق حول تشكيل حكومة ائتلافية، ليكون ذلك بمثابة إعلان ضمني بالتوجه إلى انتخابات مبكرة، حيث جدد حزب الحركة القومية رفضه المشاركة بحكومة ائتلافية مع العدالة والتنمية، وهو نفس الموقف الذي يتبناه حزب الشعوب الديمقراطي ـ غالبية أعضائه من الأكراد ـ .
وعلى الرغم من أن داود أوغلو سيلتقي غدا الاثنين دولت بهجلي زعيم حزب الحركة القومية، إلا أنه لا يتوقع أن يتوصل الطرفان لاتفاق حول تشكيل حكومة ائتلافية، فانهيار عملية السلام مع الأكراد بالبلاد لبت أحد شروط الحزب، لكن الشرط الآخر المتعلق بتحديد صلاحيات الرئيس رجب طيب أردوغان ما زال غير مطروح للنقاش لدى حزب العدالة والتنمية.
وقد حصل حزب العدالة والتنمية ـ في الانتخابات التي جرت في السابع من حزيران/يونيوالماضي ـ على 258 مقعدا في البرلمان، في حين حصل حزب الشعب الجمهوري على 132 مقعدا، وحزب الحركة القومية على ثمانين مقعدا، وحزب الشعوب الديمقراطي (أغلب أعضائه من الأكراد) على ثمانين مقعدا أيضا من مقاعد البرلمان البالغ عددها 550.
وكان بهجلي أعلن في 17 حزيران/يونيو الماضي شروط حزبه للتفاوض بشأن تشكيل حكومة ائتلافية، منها إلغاء مسيرة السلام الداخلي مع حزب العمال الكردستاني، و»عودة الرئيس التركي إلى حدود صلاحياته الدستورية»، ومحاسبة من وردت أسماؤهم ضمن مزاعم الفساد في ديسمبر/كانون الأول 2013.
وفي رده على هذه التصريحات قال أردوغان إنه «لن يرد على بهجلي، لأنه تخطى حدود الأدب أكثر من مرة بخصوصه وخصوص عائلته»، في حين اعتبر داود أوغلو أن «البعض يطلق تصريحات طفولية أحياناً، ويريد أن يفرض على العدالة والتنمية ما يريد»، في تصريحات اعتبرها محللون تنذر بأن اللقاء بين الحزبين لن يسفر عن أي نتائج.
تأتي هذه التطورات في ظل التصاعد غير المسبوق في الهجمات الدامية ضد أفراد الجيش والأمن التركي من قبل حزب العمال الكردستاني «بي كا كا»، حيث قتل فجر السبت 3 جنود أتراك، وأصيب 6 آخرين، خلال مواجهات مع عناصر المنظمة، في ولاية هكاري، شرقي البلاد.
وبحسب مصادر رسمية تركيا، وصلت حصيلة الهجمات التي نفذتها «المنظمات الإرهابية»، خاصة في مناطق شرق وجنوب شرق الأناضول، إلى 35 قتيلًا من رجال الأمن الأتراك، و12 من المدنيين، خلال الـ 39 يومًا السابقين. كما أسفرت عن إصابة 144 شخصا. وتم قتل «43 إرهابيا».
ويتوقع مراقبون أن تؤثر هذه الأحداث ـ جزئياً ـ على نتائج الانتخابات المقبلة، لا سيما نسبة الأصوات التي سيحصل عليها حزب الشعوب الديمقراطي، الذي ساهم فوزه الأخير وحصوله على 13٪ من أصوات الناخبين في عدم حصول حزب العدالة والتنمية على الأغلبية البرلمانية التي تمكنه من تشكيل حكومة بمفرده.
وبحسب مختصون تحدثت إليهم «القدس العربي»، فلن يكون حزب العدالة والتنمية الذي حصل على 41٪ من أصوات الناخبين بحاجة إلى رفع النسبة إلى الـ50٪، ليتمكن من تشكيل حكومة بمفرده، فالحزب بحاجة إلى 18 مقعداً إضافياً في البرلمان وهو ما يمكن الحصول عليهم إذا كسب الحزب قرابة 800 ألف صوت جديد من قبل الناخبين البالغ عددهم قرابة 52 مليون، وهي نسبة ـ معقولة وممكنة ـ بحسبهم.
وبحسب استطلاعات الرأي فإنه لا يتوقع أن يحصل تغير كبير في نتائج الانتخابات إذا جرت خلال الأسابيع المقبلة، فالتغير الأكبر يمكن أن يحصل في حال لم يتمكن حزب الشعوب الديمقراطي من تجاوز الحاجز الانتخابي ـ الحد الأدنى من الأصوات المسموح به لدخول البرلمان والبالغ 10٪ من أصوات الناخبين ـ وبالتالي حصول العدالة والتنمية على أكثر من 50٪ من الأصوات، لكنه أمر غير متوقع بحسب استطلاعات الرأي والمراقبون.
ويتوقع أن يخسر الشعوب الديمقراطي شريحة الموطنين الأتراك الذين صوتوا له رغبة منهم في دمج الأكراد في الحياة السياسية بشكل أكبر، مقابل كسب العدالة والتنمية شريحة من القومين الأتراك الذين لم يصوتوا له بسبب عملية السلام مع الأكراد التي باتت بحسب وصف الرئيس التركي «مجمدة في الثلاجة».
وإلى موعد إجراء الانتخابات ـ الذي لم يحدد بعد ـ تبقى للتطورات السياسية والأمنية داخلياً مع الأكراد، وخارجياً فيما يتعلق بمشاركة أنقرة بالحرب على تنظيم الدولة في سوريا والخشية من شن التنظيم هجمات واسعة داخل الأراضي التركية، دور كبير في توجهات الناخبين وقرارهم النهائي بالجهة التي سيصوتون لها.

إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول أبو أشرف- ماليزيا:

    في هذه الأثناء يستعد المطرب التركي المشهور نجدت أوغلو لطرح أغنيته الجديدة على غرار النموذج المصري: “تسلمات أيادي تسلمات”.
    تحيا مصر

إشترك في قائمتنا البريدية