يمكن القول إن القصف الأخير الذي قامت به الطائرات التركية البارحة أخيراً ضد مواقع وقواعد قوات الحماية الشعبية الكردية في محيط مدينة المالكية (ديريك) شمال شرقي سوريا وبالتحديد في قرية كراتشوك حيث يوجد تجمع لعدد من قيادات هذه القوات بالإضافة إلى أربع قرى أخرى في ريف المدينة، يعد الهجوم الجوي المباشر والأعنف من قبل تركيا في حربها ضد هذه القوات، بالإضافة إلى هجوم جوي متزامن على مقرات وحدات حماية شنكال المقربة من حزب العمال الكردستاني في إقليم كردستان، حيث فقد نتيجة هذا القصف إلى الآن عشرون مقاتلاً كردياً حياتهم في سوريا وخمسة من قوات بيشمركة كردستان.
ورغم التحركات التي كانت تقوم بها تركيا بين الفينة والأخرى ضد المدن التي تقع تحت سيطرة القوات الكردية في سوريا ابتداءً من عفرين وانتهاءً بالمالكية وشروعها في بناء الجدار العازل بين المدن الكردية في سوريا وتركيا، تحسباً لأي تطورات محتملة من الممكن أن تأتي برياحها على الجانب التركي، إلا أن هذه التحركات بدأت تأخذ طابعاً آخر مع انطلاق معركة جرابلس التي اتسمت بدخول القوات التركية إلى داخل الحدود السورية والقصف المركز على قواعد القوات الكردية.
ورغم وجود منفذ حدودي للإدارة الذاتية الكردية التي تحولت إلى فيدرالية شمال سوريا مع اقليم كردستان العراق إلا أن الخلافات بين الطرفين جعلت هذه البوابة تغلق وفي أحيان أخرى تبقى مفتوحة للمساعدات أو للحالات الانسانية فقط، وحتى لو أنها ظلت مفتوحة وشهد النشاط التجاري أوج حالاته كما هو الحال مؤخراً فإنه لن يكون قادراً على تقديم الخدمات المطلوبة لا لمدن الجزيرة السورية وكوباني، ولا لمدينة عفرين وريفها والتي أعلنت أيضاً كجزء من فيدرالية شمال سوريا بحكم وجود فاصل جغرافي لم تستطع القوات الكردية ربطه وتأمينه بعد، إلا أن السمة المشتركة لمناطق الفيدرالية الكردية المعلنة في سوريا أنها توجد على الشريط الحدودي مع تركيا، أي أن العلاقة الجيدة مع تركيا كانت ستجعل أبناءها يعيشون ظروفاً معيشية أفضل.
لكن اعتبار تركيا لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD جناحاً سورياً لحزب العمال الكردستاني الذي يخوص معها منذ العام 1984 صراعاً مسلحاً لنيل الحقوق الكردية في الشطر التركي جعل تركيا تبذل جهوداً كبيرة لمنع الحزب وأنصاره والقوى السياسية المتحالفة معه من عربية وتركمانية ومسيحية ضمن الفيدرالية من حضور مؤتمرات جنيف السابقة الخاصة بمحادثات السلام السورية وكذلك محادثات استانة وصل إلى حد تهديد تركيا على لسان أكثر من مسؤول أن شرط حضورهم ودعمهم لهذه المحادثات هو عدم دعوة الكرد إليها.
تركيا حاولت مراراً ومنذ بداية الدعم الأمريكي والتحالف الدولي للقوات الكردية منعه وطرح فصائل سورية معارضة جديدة بديلة عنها، لكن التجارب التي خاضتها أمريكا مع فصائل أشرفت تركيا على تشكيلها وعدم القدرة على تنفيذ تلك الرؤية جعلت الإدارة الأمريكية مصرة على استمرار التحالف مع القوات الكردية رغم التهديدات التركية حتى على لسان رئيس جمهوريتها رجب طيب أردوغان بتخيير أمريكا بين الاستمرار في التحالف معهم أو مع تلك القوات التي تصنفها تركيا ارهابية ورديفة لحزب العمال الكردستاني ودفاع أمريكا في مقابل ذلك عنها والإشادة بهم في كل محفل حتى من جانب الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب قبل توليه المنصب وبعده.
كل هذا دفع تركيا إلى القناعة التامة بألا سبيل آخر إلى القضاء على هذه القوات الكردية إلا بتدخلها المباشر، ولكن هذا التدخل تعلم تركيا مدى قساوة نتائجه حيث أنه خط أحمر بالنسبة لأمريكا المتحالفة مع هذه القوات، في مقابل هذا فإن تركيا التي تشاهد بأم عينها فيدرالية كردية ناشئة تتبلور وربما تنال اعترافاً في ظل تبدل الأوضاع وتسارع المشهد الأمر الذي جعلها تقدم على هذه التدخلات العسكرية والقصف الجوي الأول أخيراً هو ما يهدئ بالها مؤقتاً وهذا ما تستوعبه أمريكا التي تعمل بغض نظرها عنها على امتصاص المخاوف التركية، وتجديد دعوتها للطرفين للتهدئة وضبط النفس والعمل معاً لمحاربة العدو المشترك وهو تنظيم داعش.
كما اشتكت تركيا سابقاً لدى الأمريكيين من وجود القوات الكردية في سوريا وضرورة منعها من الامتداد ومحاربتها والاعتراض على دعمها وهي التي كانت حليفة فعلية سابقاً لأمريكا والآن العلاقات بينهما أصبحت على المحك، فقد وجهت القوات الكردية وفيدرالية شمال سوريا وقيادات في حزب الاتحاد الديمقراطي PYD والتي تعتبر اليوم الحليف الفعلي الوحيد في المنطقة لأمريكا رسائل إليها بضرورة معاونتها على وقف الاعتداءات التركية مع رسائل مبطنة بعلم أمريكا بهذه الضربة وغضها للنظر عن الموضوع.
أمريكا لديها اجابات كافية على المشهد، ولكن كما تحتفظ بها لنفسها بسبب حسابات استراتيجية حيال المشهد السوري وما يجري منذ 15 آذار/مارس 2011 إلى الآن، لديها أيضاً إجابات على مسك العصا من المنتصف ومحاولة تهدئة النزاع بين قوات الحماية الشعبية الكردية وتركيا، لكن مما لا شك فيه أن الهجوم الجوي التركي الأخير على مقرات الوحدات الكردية في سوريا ووحدات حماية شنكال المقربة من حزب العمال الكردستاني في شنكال بإقليم كردستان سيضيف أعباءً جديدة على سياسة الولايات المتحدة الأمريكية التي تصر تركيا على إحراجها عسكرياً بعد فشل كل المحاولات السياسية لمعرفة حقيقة سياسة أمريكا حيالها.
كاتب من سوريا يقيم في ألمانيا
كرم يوسف
هم فقط الكرد الذين لا يجعلون تركيا تنام.هناك العلمانيون والعرب والإسلاميون .أضف لهم أوروبا .وأميركا ولا ننسى روسيا ودول القطب الجنوبي الغير مكتشفة.الزعيم الراحل عرفات كان يستعمل فلسفة التقليل الأعداء والإكثار من الأصدقاء .عكس السيد أردوغان تماما. كان الله بعونه وبعوننا.
السلطان العثماني حزين …و قلق …ربى يفرج عليه ….الحرية للشعب الكردى …تحيا تونس تحيا الجمهورية