إسطنبول ـ «القدس العربي»: تتجه تركيا لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر بعد فشل تشكيل ائتلاف حكومي يخرج البلاد من حالة الفراغ السياسي الذي تعيشه منذ الانتخابات البرلمانية في السابع من حزيران/يونيو الماضي، وسط بوادر أزمة بين العدالة والتنمية وأحزاب المعارضة حول تشكيل «حكومة الانتخابات».
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قال، الجمعة: «سأجري لقاء جديدا مع رئيس البرلمان عصمت يلماظ، بعد انتهاء مدة الـ 45 يوماً (مدة محددة لتشكيل حكومة من قبل الحزب المكلف وتنتهي الأحد المقبل)، وستتجه البلاد عقبها نحو إجراء انتخابات مبكرة».
وأضاف أردوغان في تصريحات صحافية عقب أداء صلاة الجمعة بإسطنبول: «التاريخ المقرر للانتخابات في الوقت الحالي هو 1 تشرين الثاني/نوفمبر». وهو التاريخ التي اقترحته اللجنة العليا للانتخابات لإجراء الانتخابات، وعرضته على ممثلي الأحزاب السياسية الأربعة في البرلمان (العدالة والتنمية، الشعب الجمهوري، الحركة القومية، الشعوب الديمقراطي)، للتوافق عليه.
ووفقًا للدستور التركي، يتخذ البرلمان، أو رئيس الجمهورية، قرار إجراء الانتخابات المبكرة، فيما تحدد اللجنة العليا للانتخابات تاريخ إجرائها، لكن اللجنة أعلنت، الخميس، أنَّ من صلاحياتها، تقديم تاريخ الانتخابات عن موعدها المحدد في الدستور بـ 90 يوما (المدة ما بين إقرار الانتخابات وإجراءها)، حيث سيتم اقتصار المدة لـ60 يوماً.
كما ينص الدستور على أن من حق الرئيس بعد التشاور مع رئيس البرلمان، اتخاذ قرار بإجراء انتخابات جديدة، في حال فشل الحزب المكلّف بتشكيل حكومة خلال 45 يومًا من انتخاب ديوان رئاسة البرلمان الجديد، لكن حزب الشعب الجمهوري الذي حصل على ثاني أعلى أصوات بالانتخابات طالب في أكثر من موقف بمنحه الفرصة لتشكيل حكومة ائتلافية، وهو الطلب الذي لاقى رفضاً من أردوغان، حيث قال: «لن نضيع مزيداً من الوقت».
ومن المتوقع أن يلتقي أردوغان، الاثنين المقبل، رئيس البرلمان، لتثبيت موعد الانتخابات، وذلك بعد يوم واحد من انتهاء مهلة داود أوغلو، الأحد، حيث من المتوقع أن تتم الدعوة للانتخابات دون التئام البرلمان، وتساءل أردوغان «هل بإمكان الرئيس أن يدعو إلى انتخابات مبكرة بحسب الدستور؟ نعم بإمكانه» قاطعا الطريق على أي تشكيك في هذا الأمر.
وواجه أردوغان اتهامات متكررة من قبل أحزاب المعارضة بسعيه منذ البداية لإفشال مساعي تشكيل حكومة ائتلافية لإجراء انتخابات مبكرة، يسعى من خلالها حزب العدالة والتنمية لاستعادة الأغلبية البرلمانية التي تمتع بها طوال السنوات الماضية، وتشكيل حكومة بمفرده، لكن أردوغان والعدالة والتنمية نفوا هذه الاتهامات مراراً.
وتبدو في الأفق بوادر أزمة حول «حكومة الانتخابات» المتوقع تشكيلها لتقود البلاد حتى موعد إجراء الانتخابات، حيث ألمح حزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية إلى رفضهما المشاركة بالحكومة، وهو ما اعتبره محللون محاولة من قبل المعارضة لتوريط «العدالة والتنمية» خلال هذه الفترة.
وفي حال رفض الحزبين المشاركة بالحكومة سيضطر العدالة والتنمية لضم حزب الشعوب الديمقراطي ـ الكردي ـ للحكومة، وبالتالي يتحمل العدالة والتنمية أعباء ومخاطر المرحلة الانتقالية الحساسة التي تمر بها البلاد، وبالتالي ربما يؤثر ذلك على نتائج الحزب في الانتخابات المقبلة.
كبير مستشاري الرئيس التركي برهان كوزو أوضح أنه «سيتمّ تشكيل حكومة انتخابية ريثما يحين موعد الانتخابات المبكرة، وذلك تطبيقاً للمادة رقم 116 من الدستور التركي والتي تنص على تشكيل حكومة انتخابية في حال فشلت الأحزاب السياسية المشاركة في البرلمان التركي من تشكيل الحكومة الائتلافية فيما بينها».
ووجه داود أوغلو، الخميس، نداءً لكل من زعيم حزب الشعب الجمهوري والحركة القومية للجلوس حول طاولة الحوار ومناقشة مسألة إصدار قرار الانتخابات المبكرة في البرلمان، دون اللجوء إلى قرار رئيس الجمهورية، فيما اعتبر زعيم الشعب الجمهوري أن على أوغلو «توجيه نداء لرئيس الجمهورية بالكفّ عن عرقلة سير تشكيل الحكومة الجديدة، بدل توجيهه نداءً لأحزاب المعارضة بالجلوس مجدداً للتحاور».
من جهتها، نقلت وسائل إعلام تركية عن مصادر قالت إنها مقربة من داود أوغلو، قولها إنّ الأخير يعتزم ضمّ عدد من الأسماء المقرّبة لحزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية في حال تسلّمه لمهمّة تشكيل الحكومة، وستضم عددا من الأسماء من الذين عملوا مسبقاً مع الحزبين، وذلك بعد إعلان هذين الحزبين عدم مشاركتهما في الحكومة الانتخابية.
الجدير بالذكر أنّ رئيس حزب الشعوب الديمقراطي، صلاح الدين ديميرطاش كان قد أعلن في وقت سابق أنّه سيرفض المشاركة في الحكومة الانتخابية في حال تمّ تحديد أسماء الوزراء التابعين لحزبه من قِبل داود أوغلو وأنه مُصمّم على منح الحزب حرية اختيار أسماء وزرائه.
ميدانياً، تقول مصادر رسمية تركية إن الجيش قتل 771 عنصرا من حزب العمال الكردستاني في شمال العراق وجنوب شرق تركيا منذ انهيار الهدنة قبل قرابة الشهر، منهم 430 قتلوا في الغارات الجوية في شمال العراق، في حين قتل قرابة 55 من الجيش وقوى الأمن الأخرى في هجمات شنها الحزب في مناطق متفرقة من البلاد.
والجمعة، عرضت رئاسة الوزراء التركية على البرلمان، مذكرة تمديد تفويض الجيش للقيام بعمليات خارج الحدود في العراق وسوريا، عند الضرورة، لمدة عام اعتبارًا من 2 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، من أجل التصويت عليها.
ولفت نص المذكرة التي تتضمن أيضا السماح لقوات أجنبية بالبقاء في تركيا، عند الحاجة، إلى تزايد المخاطر والتهديدات على الأمن القومي، على طول الحدود البرية الجنوبية للبلاد.
من جهتها، واصلت العملة التركية «الليرة» انهيارها المتسارع أمام العملات الأجنبية مسجلةً أرقاماً تاريخية جديدة، حيث فقدت قرابة 28٪ من قيمتها منذ بداية العام. وبحسب تقارير اقتصادية تركية فإن الليرة انخفضت بقيمة 2.2٪ خلال يوم واحد، و10.65 خلال شهر.
وفي ساعة مبكرة من صباح الخميس، سجل سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي رقماً قياسياً بتعديه حاجز الـ3 ليرات، ليعود مع ساعات المساء ويستقر فوق حاجز 2.91، بينما وصل سعر صرف الليرة مقابل اليورو الأوروبي 3.30.
إسماعيل جمال