إسطنبول ـ «القدس العربي»: في خضم حملة مراجعات شاملة يقوم بها حزب العدالة والتنمية من أجل ضمان حصوله على الأغلبية البرلمانية في الانتخابات المبكرة التي ستجري في الأول من كانون الثاني/نوفمبر المقبل، أقر الحزب الحاكم في تركيا عدد من التغييرات في سياساته وخطابه من أجل استعادة الأصوات التي خسرها بالانتخابات السابقة، بالإضافة إلى قرار الدفع بشخصيات وازنة من «الحرس القديم» لضمان الفوز في بعض الدوائر «الصعبة» والتي فشل الجيل الجديد بحسمها في انتخابات السابع من يونيو/حزيران الماضي.
وعلى عكس الكثير من الأحزاب عبر العالم التي تسعى إلى الدفع بالجيل الشاب من أجل الحفاظ على شعبيتها بين المواطنين، سعى «العدالة والتنمية» خلال مؤتمره العام الذي انعقد، السبت، في العاصمة أنقرة إلى إجراء بعض التغييرات في النظام الداخلي للحزب من أجل ضمان مشاركة عدد من الشخصيات المعروفة في الانتخابات المقبلة.
وبموجب النظام الداخلي للحزب، مُنع قرابة 70 قيادياً بارزاً من خوض الانتخابات البرلمانية السابقة امتثالاً لمادة تنص على أنه لا يحق الترشح لأكثر من ثلاث فترات متتالية، لكن هؤلاء سيتمكنون من خوض الانتخابات المقبلة كون شرط «التوقف لفترة واحدة» اعتبر في حكم المطبق.
بالإضافة إلى ذلك أقر الحزب في التعديلات الأخيرة استثناءاً يعتبر أن من أتموا الفترات الثلاث في انتخابات يونيو/حزيران الماضي يحق لهم الترشح للانتخابات المقبلة (عدم احتساب الفترة البرلمانية الأخيرة) كونها فترة استثنائية لم تستمر، لكي لا يُحرم الحزب من عدد كبير من القيادات التي لديها قاعدة جماهيرية واسعة وتمكنت من الفوز مؤخراً.
ويرى سعيد الحاج الكاتب المختص بالشأن التركي أن «العدالة والتنمية» يهدف إلى الاستفادة من القيادات التاريخية في المناطق الشرقية والجنوبية بالبلاد، والتي فشل الحزب في الانتخابات السابقة بالفوز فيها بسبب عدم رضا القاعدة الشعبية عن المرشحين هناك.
ولفت الحاج في تصريحات خاصة لـ«القدس العربي» إلى أن اللجنة المركزية الجديدة للحزب والتي انتخبت في المؤتمر العام السبت الماضي ضمت عددا من الشخصيات المقبولة في هذه المناطق ومنهم قياديان كرديان الأمر الذي ربما سيساعد الحزب في استعادة جزء مما فقده في المناطق ذات الأغلبية الكردية.
وقال: «رغم أن الشعار المستخدم من قبل رئيس الحزب أحمد داود أوغلو يركز على التجديد والشباب إلا أن الأسماء السابقة هي التي طغت على اللجنة المركزية الجديدة للحزب»، لافتاً إلى أن «أردوغان ترك بصمة واضحة في اللجنة الجديدة حيث برزت القيادات المقربه منه في حين لم يوفق مستشارو وفريق أوغلو فيها». في سياق آخر يسعى الحزب لضمان استعادة أصوات شريحة من أنصاره التي صوتت لأحزاب أخرى أو استنكفت عن التوجه للصناديق لعدم رضاها عن مرشحي بعض الدوائر أو لاعتراضها عن سياسات الحزب في الآونة الأخيرة، وذلك بتغيير خطاب الحزب والبرنامج الانتخابي الجديد.
«يشل تشالار» تعمل مديرة في أحدى البنوك في مدينة إسطنبول، تقول إنها كانت تصوت لحزب العدالة والتنمية لكنها في الانتخابات السابقة لم تصوت للحزب بسبب العديد من الملاحظات حول سياساته، كاشفةً عن نيتها التصويت لـ»العدالة والتنمية» مجدداً في الانتخابات المقبلة أملاً في عودة الاستقرار الأمني والاقتصادي للبلاد «على الرغم من عدم قناعتي بأداء الحزب في الفترة الأخيرة»، تقول تشالار لـ«القدس العربي».
وفي هذا الإطار يقول سعيد الحاج: «الوقت مبكر جداً لتوقع نتيجة الانتخابات المقبلة فالأوضاع الأمنية والاقتصادية تتغير كل يوم وهي من سيكون لها التأثير الأكبر على قرارات الناخبين يوم الاقتراع، لكن العدالة والتنمية يبذل جهد متواصل من أجل استعادة أصوات شريحة تقدر بـ3 إلى 5٪ من الناخبين فقدهم في الانتخابات الماضية».
وسيكون حزب العدالة والتنمية بحاجة إلى قرابة 44٪ من أصوات الناخبين لاستعادة الأغلبية البرلمانية التي تمكنه من تشكيل حكومة بمفرده، حيث حصل في الانتخابات السابقة على 41٪ من الأصوات ولم ينجح بتشكيل حكومة ائتلافية مع أحزاب المعارضة.
وشهد المؤتمر الدوري الخامس للحزب انتخاب أحمد داود أوغلو للمرة الثانية، رئيسا لحزب العدالة والتنمية، بحصوله على 1360 من بين 1445 مندوبا مسجلا أدلوا بأصواتهم، ووافق المؤتمر على إجرء تغييرات على اللائحة الداخلية للحزب، تتضمن تشكيل مجلس جديد داخل الحزب يُدعى «مجلس الفضيلة والأخلاق السياسية»، واستحداث منصبين جديدين لنواب رئيس الحزب، أحدهما مسؤول عن حقوق الإنسان، والثاني عن شؤون المدينة والبيئة والثقافة.
وقال أوغلو خلال المؤتمر: «إن مستقبل تركيا خلال العشر إلى العشرين سنة المقبلة سيكون مضمونا في حال تشكلت حكومة جديدة في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر على قاعدة أفكار حزب العدالة والتنمية»، معتبراً أن «حكومة الحزب الواحد ضرورية لمحاربة الإرهاب ومواجهة التحديات الاقتصادية على حد سواء».
إسماعيل جمال