«الجنس التركي الملعون هو الجنس الذي هدّد أوروبا ولا يزال، وهو الجنس الذي دمّر القسطنطينية، وقرَع أبواب فيينا، ويشُنُّ حرب إبادة على الجنس السلافي».
ربما يطالع القارئ هذا العبارات فيظنها للوهلة الأولى من كلام أحد البابوات إبّان الحروب الصليبية، أو قولا مأثورا لأحد فرسان المعبد، لكنها في الحقيقة للمتعصب الروسي العنصري فلادمير جيرنيوفسكي، الذي ذاعت شهرته في الأوساط السياسية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
ما يلفت الانتباه في كلام جيرنيوفسكي ليس تناوله للتفوق العثماني في الصراع مع الغرب قديما، وإنما رؤيته لاستمرار تهديدات الأتراك للقوى الاستعمارية من خلال قوله (ولا يزال)، علما بأنه قال هذا الكلام المنشور على صحيفة «الحياة» بتاريخ 10/5/1994، أي قبل تولي حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية إدارة الدولة، بما يعني أنه قد قيل في وقت هيمنة العلمانية الكمالية على البلاد، التي فصلت الأتراك عن تراثهم وتاريخهم. ويمضي جيرنيوفسكي في إبداء حنَقه تجاه تركيا، ويرى ضرورة استعادة القسطنطينية (إسطنبول) لتصدح فيها أجراس الكنائس من جديد، من خلال توحّد العالم المسيحي على حد تصريحه. ثم يطرح تجزئة عدة دول إسلامية بينها الدولة التركية، بوصفها دولة مصطنعة لا آفاق لها.. هكذا يقول.
المتعصب الروسي ربما كان مدفوعا بعُقَد التعصّب الموروثة المتراكمة التي أصبحت ضمن التركيب العضوي لهذه الأمم، بحسب تعبير جوستاف لوبون، ومتأثرا بتاريخ من الحروب الدامية بين تركيا وروسيا بلغت 20 معركة، وبضياع القسطنطينية من الكنيسة الشرقية. «مئة مشروع لتقسيم تركيا» هو عنوان الكتاب الذي ألفه الوزير الروماني ت.ج. دجوفارا عقب الحرب العالمية الأولى، أوضح فيه مشاريع التقسيم التي استهدفت الأمة التركية عبر أكثر من ستة قرون، إلا أن هذه المشاريع لا يزال العمل لها يجري على قدم وساق، وليس أدلّ على ذلك من التصريح الذي أدلت به مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية في أواخر التسعينيات، حيث قالت إن تركيا أكبر من أن تبقى دولة خاصة بالأتراك وحدهم.
كوندليزا رايس التي تولّت المنصب ذاته، ألمحت في بدايات 2006 إلى وجود عدة مشاريع تعمل عليها مراكز الأبحاث الأمريكية، أهمها الشرق الأوسط الجديد، إلا أنها لم تُفصّل القول في تلك المشاريع، فجاء الواقع ليؤكد على أن تركيا يشملُها مُخطط التفتيت. المفكر والعالم الموسوعي الراحل عبد الوهاب المسيري، ذكر في إحدى مقالاته أن رالف بيترز الضابط الأمريكي المتقاعد، نشر مُخطّط الولايات المتحدة لتقسيم الشرق الأوسط في مقال له نشرته مجلة القوات المسلحة عام 2006، حيث ذكر أن أكراد تركيا، وشيعة وأكراد العراق، وأمازيغ المغرب وليبيا والجزائر، والبهائيين والإسماعيليين والنقشبنديين، كل هؤلاء يمكن لهم تأسيس دول مستقلة. سياسة التقارب مع الولايات المتحدة التي انتهجتها تركيا منذ الحرب العالمية الثانية، لم تتَوقَّ به الإدراج في مُخططات التفتيت، وفق استراتيجية تنطلق من قناعات راسخة بضرورة تقسيم العالم الإسلامي والعربي إلى دويلات عرقية مختلفة، يمكن السيطرة عليها والتحكم فيها. ويُعتبر ملف الأكراد هو الأساس الذي تُعوّل عليه أمريكا وحلفاؤها ودول الاتحاد الأوروبي في تفتيت تركيا، ولذا، لا تزال الولايات المتحدة تدعم القوات الكردية في سوريا، وتضخّ كميات هائلة من الأسلحة المتطورة والمعدات العسكرية إلى قوات سوريا الديمقراطية التي تتشكل من وحدات حماية الشعب الكردية.
والهدف من ذلك بالطبع، أن تجد تركيا نفسها وجها لوجه أمام كيان كردي على الحدود، يهدد أمنها القومي، كخطوة على طريق التقسيم، والأمر نفسه يحدث في دعمها للأكراد في العراق، والرعاية الأمريكية لحلم الاستقلال الكردي بالعراق، الذي يمثل تهديدا وجوديا لتركيا، رغم خيبة الأمل التي أُصيب بها الأكراد بعد رسالة ترامب الواضحة في أن إعلان الاستفتاء في الوقت الحالي ليس من أولويات واشنطن، إلا أن القضية لا تزال حية والملف لم يُغلق.
وبالتزامن مع استغلالها الورقة الكردية، تحالفت الولايات المتحدة مع الكيان الموازي الذي يتزعمه فتح الله كولن، كما تشير الأعمال العدوانية التي تضرب تركيا وبقوة إلى الضلوع الأمريكي، من بينها التدابير الانقلابية وإثارة الاضطرابات الداخلية، وتدل عليه التصريحات المنسوبة إلى هيلاري كلينتون عام 2014، حيث قالت: «تركيا من جديد تسير وبجدية نحو تبنّي الحقائق الإسلامية، وفي سبيل المحافظة على مصالحنا الوطنية والقومية سنقوم بخطوات معينة».
مخططات تقسيم تركيا التي تدار على موائد الولايات المتحدة وحلفائها، تتعامل معها الإدارة التركية بجدية تامة، حوّلتها من الخطاب البراغماتي إلى التأكيد العلني على استقلال تركيا عن التبعية الأمريكية، والانتقاد الصريح للمساعي الأمريكية الرامية إلى إضعاف الأتراك. كما انعكس هذا الإدراك على السياسات الخارجية لتركيا، من جهة البحث عن حلفاء من الدول العربية كعمق استراتيجي، والاستفادة من القوى الناعمة لنشر الثقافة التركية والتأثير الإيجابي على الشعوب الإسلامية والعربية، ومدّ جسور التعاون مع دول القارة السمراء. ومن جهة أخرى، اتجهت تركيا إلى تصفير النزاع، والنأي عن التصعيد، خاصة مع الدول التي يكون التصعيد معها مؤثرا على الأمن القومي التركي، ربما يفسر ذلك الموقف التركي الأخير في التعامل مع الاحتجاجات الإيرانية، حيث أمسكت العصا من المنتصف، فبَنت موقفها على ثلاثة محاور: دعم استقرار إيران، والمطالبة بعدم التدخل الخارجي، ورعاية حق الشعب الإيراني في التعبير عن مطالبه بشكل سلمي.
صمام الأمان التركي ضد مشاريع التقسيم، هو المحافظة على الأمن الداخلي، والبقاء في مسار الازدهار الاقتصادي، الذي أثبت تماسُكَه بعد المحاولة الانقلابية الأخيرة وما أعقبها من محاولات تشويه الاقتصاد التركي والتخويف من الاستثمار داخل تركيا. قُدرة القيادة التركية على الاستيعاب السياسي والثقافي والاجتماعي للأكراد ركيزة أساسية في مواجهة أي مشاريع لتقسيم تركيا، إضافة إلى بقاء دورها الفاعل في سوريا لضمان عدم إقامة كيان كردي على الحدود.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
كاتبة أردنية
إحسان الفقيه
بصراحة : تركيا الآن مركب وسط بحر متلاطم الأمواج
فالأعداء من كل جانب وأولهم الحليف !
ولا حول ولا قوة الا بالله
والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون
ماذا نقول عن غزة وهي اصغر بكثير من تركيا وما يحاك لها اكثر بكثير من تركيا ولا سند لها الا الله واستعصت على الجميع حتى قال احد الصهاينة اتمنى واحلم ان استيقض يوما واجد ان غزة ابتلعها البحر
فسيقولون نفس الكلام عن تركيا
من مصلحة العرب إستقرار تركيا
و لكن بصراحة ، السياسة التركية ميكافيلية ، و لا بأس في ذلك إن توقف الساسة الأكراد الإدعاء بغير ذلك …و التوقف عن إستعمال عواطف العرب المسلمين
بالنهاية هي دولة لها مصالحها ، و الموقف الأخير من أحداث إيران أظهر ذلك بوضوح .
نرجو أن تتراجع الحكومة التركية عن مساعدة أعدائها ، من خلال سياساتها ، تماماً كما فعل صدام حسين حين كان لعشرات السنين يتكلم عن المؤامرات الأمريكية و الصهيونية ضد العراق ، ثم قام هو بتقديم الفرص لأمريكا على طبق من ذهب لتدمير العراق من خلال غزوه الكويت و رفض الإنسحاب أمام كل تلك الجيوش المحتشدة التي لم تأتِ للنزهة
مقال جميل وعميق وصادق وجدير بان تعرفه الاجيال
مشكلة سياسينا في الشرق الاوسط وخاصة العرب ولالاسف تبين ان الاتراك واردوغان بالذات انهم يركزون على قوة سيطرتهم على منافسيهم او معارضيهم في الداخل من اجل البقاء في كرسي الحكم اكبر مدة ممكنة بكل السبل والوسائل وينجحون لحد كبير بذلك ولكنهم فاشلون في التعامل مع الخارج ومخططاته وسياساته, والنقطة المثيرة هو ان القادة الذين يكونون اسرى التاريخ مثل صدام حسين والان اردوغان يستعجلون الدخول في سجل الخالدين فتبدا النكسات لهم ولبلدانهم.فكل ما جرى للعراق سببه تخبط صدام في سياسته الخارجية وطموحه للخلود بكل الطرق واردوغان يسير على نفس المنوال في تدمير تركيا من اجل ان يدخل في سجلات التاريخ
اللهم وحد راية المسلمين في كل مكان
تركيا هي الاجدر بقيادة الامة في هذا العصر
تركيا هي الاجدر بقيادة الامة في هذه المرحلة
@محمد حسبن
.
لا يا اخي الكريم، لا يلدغ المؤمن من الجحر مرتين.
.
كل امة تقود نفسها، و نلتقي شعوبا و قبائل و نتعارف و نتعاون.
@ابن الوليد : يبدوا ان هناك من هو مستعد لبيع بلاده بقشرة موز …تحيا تونس تحيا الجمهورية و لا ولاء إلا لها
الله يسترنا برشا برشا … من قشور الموز.
@محمد حسين : عن اى أمة تتحدث …؟ ربما تقصد تركيا هى الأجدر بقيادة الأمة التركية ….انا كتونسي من يقودني يجب أن يكون تونسي منتخب من الشعب التونسي نقطة ارجع إلى السطر …. تحيا تونس تحيا الجمهورية و لا ولاء إلا لها
مقال رائع يسعد المحبين ويغيظ المناوئين والحاقدين ، تسلم اليد التي كتبته وزادها الله ابداعا وتوفيقا ورزقها صبرا على الحملات التي تستهدفها
جزاك الله خيراً
اللهم اجعل ميدكم في نحورهم
*ما دام أمريكا تدعم الاكراد لن
تقوم لهم (دولة) ..؟؟
*(تركيا ) تعرف مصلحتها وعندها
أوراق كثيرة تلعب بها.
سلام