تونس – «القدس العربي»: تزايدت حدة الانتقادات الموجهة لـ «هيئة الحقيقية والكرامة» المكلفة بالإشراف على مسار العدالة الانتقالية في تونس، مع تواصل نزيف الاستقالات داخلها، في وقت قرر فيه عضو سابق في الهيئة مقاضاة رئيستها بتهمة «الفساد المالي وإهدار المال العام».
وكان مجلس الهيئة أعلن مؤخرا قبوله استقالة عضو الهيئة محمد العيادي، بعد عدة محاولات فاشلة لثنيه عن قراره.
وتأتي استقالة العيادي بعد أيام من استقالة زهير مخلوف من الهيئة وتأكيده رفع دعوة قضائية ضد رئيسه الهيئة الناشطة الحقوقية سهام بن سدرين، التي اتهتمها بـ»الفساد المالي وإهدار المال العام».
وقال مخلوف في تصريح إذاعي إن بن سدرين عينت عددا من الموظفين الخاصين بها (خارج إطار عمل الهيئة)، فضلا عن اقتنائها لعدة سيارات خاصة على حساب الهيئة.
كما تحدث عن جملة من التجاوزات الأخرى على غرار «شراء الذمم من خلال التمكين من السفرات والطرد التعسفي لبعض الموظفين والاستعانة بسفراء من أجل إقصاء بعض الأعضاء ومنعهم من الحضور في مواعيد و لقاءات رسمية».
ولم يصدر رد رسمي من بن سدرين أو مجلس الهيئة حول تصريحات مخلوف، التي تأتي بعد نجاحه بإلغاء قرار إعفائه من الهيئة، إثر حصوله على حكم قضائي بهذا الشأن، قبل أن يقرر مجلس الهيئة تحويله على مجلس تأديبي وإيقافه مؤقتا وحرمانه من منصب نائب الرئيس وبقية المسؤولية داخل الهيئة عن العمل، بعد «ارتكابه لخروقات خطيرة من بينها: خرق واجب التحفظ والإساءة للضحايا والمس في هيبـة الهيئة واعتبارها والافتراء عليها» وفق البـلاغ الصاـدر عن المجلس مؤخـرا.
الصراع داخل الهيئة دفع عددا من السياسيين والنشطاء إلى انتقاد عمل الهيئة، حيث دعا القيادي في الجبهة الشعبية رياض بن فضل في حوار سابق مع «القدس العربي» إلى تعديل جذري لمسار العدالة الانتقالية في تونس، منتقدا «الأداء الضعيف» لهيئة الحقيقة والكرامة، والذي قال إنه غير كافٍ لتكريس العدالة الانتقالية في البلاد.
فيما دعا رئيس حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي إلى إصلاح الهيئة كي تقوم بتفعيل العدالة الانتقالية، لكنه أكد بالمقابل أن عملية الإصلاح يجب أن تقوم بها الهيئة من الدخل باعتبارها «هيئة منتخبة وأعضاءها مستقلين».
وتشير الهيئة إلى أنها استقبلت من بداية عملها في كانون الأول/ديسمبر الماضي 17 ألف ملف تتعلق بانتهاكات سابقة، إضافة إلى تنظيمها لـ800 جلسة استماع لعدد من المتضررين.
يُذكر أن المجلس التأسيسي التونسي صادق العام الماضي على تشكيل «هيئة الحقيقة والكرامة» التي تعتبر اولى خطوات تفعيل قانون العدالة الانتقالية المختص بكشف انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد ومحاسبة المسؤولين عنها.
وتتألف الهيئة من 15 عضوا، ويستمر عملها أربع سنوات (قابلة للتمديد) وستقوم بتوثيق الجرائم والانتهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان في الفترة الممتدة من عام 1955 وحتى تاريخ صدور قانون العدالة الانتقالية في كانون الأول/ديسمبر الماضي.
حسن سلمان
أن يشهد شاهد من أهلها،هيئة الحقيقة والكرامة، على وجود فساد مالي داخل تلك الهيئة ولا وجود لأي رقيب ولا حسيب. إقرار الجرم بالجرم من مكون للجرم مع تستر ممن وكل على وضع حد للجرم فيه مدعاة للشك والريبة حول وجود تلك الهيئة أصلا. كما يدعو للإستغراب تواكل المصاريف العمومية وغض بصر المراقبة عن مبالغ لا وجود لها في سوق المنافسة. وعن دائرة تقدم سنويا تقرير المحاسبة كيف سيكون فيه ذكر هيئة الحقيقة والكرامة أم أن غبار الفساد المالي قد وقع ذره على من يهمهم الأمر لتعطيل مصالحة قاسمها المشترك مع هيئة الحقيقة والكرامة هو الفساد فلا حقيقة ولا غيرها.