تزايد المطالبات داخل مجلس النواب المغربي بإعادة النظر في معاشات البرلمانيين

حجم الخط
1

الرباط – «القدس العربي»: يستمر النقاش في مجلس النواب المغربي حول معاشات البرلمانيين في إثارة الخلافات بين ممثلي الأمة الذين انقسموا ما بين مطالب بإلغائها معتبرا أنها تدخل في خانة «الريع السياسي» وبين مدافع عن بقائها كـ»حق للبرلماني» مع القيام بإصلاحات لصندوق المعاشات، وهو ما تجلى في مباشرة دراسة أربعة مشاريع قوانين من طرف لجنة الاقتصاد والمالية في مجلس النواب يوم اول امس الثلاثاء في نقاش طويل ومحتدم، فشل النواب بعده في تحقيق إجماع حول مقترح واحد من ضمن المقترحات فتقرر تمديد النقاش إلى غاية اليوم الخميس وتشكيل لجنة تقنية لدراسة الموضوع مجددا.
ولم يخل النقاش من مفاجآت وقرارات مباغتة كان أبرزها تراجع حزب العدالة والتنمية (الحزب الئيسي بالحكومة) عن مقترح قانون سابق لتصفية معاشات البرلمانيين وغياب الحكومة عن تقديم ومناقشة موضوع مثير للجدل والحرج السياسي. وأكد عبد الله بوانو، نائب عن حزب العدالة والتنمية ورئيس اللجنة البرلمانية، أن بعد إجراء اتصالات مع الحكومة أكدت أنها لن تحضر تقديم ومناقشة قوانين معاشات البرلمانيين.
وانقسمت المشاريع المطروحة للنقاش بين رأي يتعلق بإلغاء تقاعد البرلمانيين ورأي آخر يطالب بالإبقاء عليه، هذا قبل أن يتراجع حزب العدالة والتنمية عن مقترحه ليبقى مقترح فيدرالية اليسار وحيدا في مقابل مقترحات تقدمت بها الأغلبية والفريق الاستقلالي تطالب بالإبقاء على المعاشات .
وتحدث إدريس الأزمي، رئيس فريق العدالة والتنمية في مجلس النواب، عن وقوف فريقه النيابي على «الوضعية الاجتماعية الصعبة التي يعيشها بعض البرلمانيين الذين غادروا البرلمان»، مشيرا إلى الضرر الذي سيلحقه إلغاء المعاشات في حق بعض البرلمانيين الوطنيين بدون أن يشير إلى أسماء.
وعلمت «القدس العربي» من مصدر برلماني أن من بين الأسماء الوطنية المتداولة التي لمح إليها الأزمي، البرلماني السابق والمقاوم بنسعيد آيت إدير، وهو الأمر الذي رد عليه برلماني فدرالية اليسار الديمقراطي، عمر بلافريج بالقول أثناء تقديمه مقترح قانون لإلغاء المعاشات «الوطنيون في طليعة من يدعمون إلغاء المعاشات، ويعرفون ماذا يعني فقدان الثقة في المؤسسات وهو ما سيخلق كارثة في البلد، لن نكون عدميين، يجب أن نفكر في الساحة السياسية».
وأوضح بلافريج لـ «القدس العربي» أن «مشروع القانون الذي تقدمنا به ينسجم مع برنامجنا الانتخابي الذي كان من ضمن نقاطه إلغاء المعاشات». وقال حول ما أثير عن تضرر شخصيات وطنية «الوطنيون الذين يقصدهم الأزمي يدعمون مقترحنا ويعتبرونه معركة وطنية جديدة «، معتبرا أن «المهمة البرلمانية هي مهمة استثنائية وليست مهنة، حينما تنتهي مهمة البرلماني يجب أن يبحث عن عمل ويساهم في صندوق للتقاعد كي يستفيد من المعاش لاحقا»، موضحا « كي لا نكون شعبويين فالمهمة نعم يجب أن يتقاضى عنها البرلماني تعويضا، وليس أجرا»، مؤكدا أن تشبث الفيدرالية بمقترح الإلغاء هو من أجل استعادة ثقة المواطنين في العمل السياسي وأيضا يندرج ضمن ما أسماه البحث عن «انفراج « في إطاره تم تقديم قبل ذلك قانون «العفو العام» وأيضا مقترح قانون من أجل استعادة 17 مليار درهم التي استفادت منها الشركات بعد تحرير أسعار المحروقات، يقول بلافريج .
وتشبث فيه نور الدين مضيان، رئيس الفريق الاستقلالي (معارض) في مجلس النواب، بضرورة الإبقاء على تقاعد البرلمانيين وإلغاء كل المقترحات السابقة التي تعتبره ريعا سياسيا قائلا إن هناك برلمانيين سحبوا أبناءهم من المدارس الخصوصية ونقلوهم إلى المدارس العمومية بسبب توقف تقاعد البرلمانيين، وأن هناك من يشكو من أمراض مزمنة ولم يجد حتى التغطية الصحية، مقترحا تقليص التعويضات وإلغاء إقامة البرلمانيين، موضحا أن الموضوع لا يستحق كل هذا الجدل، معتبرا أن الريع الحقيقي يوجد في الصفقات العمومية وأعالي البحار وعائدات الفوسفات، متسائلا أين الثروة؟ ومطالبا بالبحث عن الفساد والريع في أماكنهما الحقيقية وليس في تقاعد البرلمانيين في جواب منه على مصطفى الشناوي نائب فدرالية اليسار الذي أثار حفيظة بعض البرلمانيين حين وصف تقاعد البرلمانيين بأنه «ريع سياسي».
واقترح عبد اللطيف وهبي من فريق الأصالة والمعاصرة إنشاء صندوق تضامني يساهم فيه البرلمانيون من مالهم الخاص وتحديد الحالات المستفيدة منه عوض صندوق لتقاعد البرلمانيين ، غير أن الفكرة لم تلاقي ترحابا بل ردا رافضا قويا اعتبر أن المقترح وكأنه «صدقة» و تفضل على البرلمانيين.
و بالرغم من سيادة نقاش خلفي علني وخفي يذهب في اتجاه دعم مقترح الإلغاء إلا أنه من المستبعد أن يتمخض عنه قرار مؤسساتي من خلال قانون ينص على ذلك، و من المنتظر بعد أن تراجع البيجيدي عن مقترحه السابق حول تصفية المعاشات ، أن يتم رفض الإلغاء من باقي الفرق والمجموعات البرلمانية ، و التوافق حول المقترح المشترك لإصلاح نظام معاشات البرلمانيين وهوالمقترح الذي وقعت عليه جميع الفرق البرلمانية و المجموعات في مجلس النواب، باستثاء نواب حزب الأصالة والمعاصرة ، وينص على ألا يتم صرف المعاش إلا بعد بلوغ المعني به 65 سنة، عوض صرفه مباشرة بعد فقدان الصفة النيابية، حسب مصدر برلماني، يقول إن المقترح يخفض المعاش إلى 3500 درهم شهريا عكس المعمول به الآن وهو أن كل برلماني حينما تنتهي مهمته يستفيد بشكل مباشر من معاش يقدر بـ 5000 درهم شهريا قبل بلوغه سن التقاعد وهو ما يثقل ميزانية الدولة حيث يوجد حوالي 1000 برلماني يستحقون المعاش، حسب النظام المعمول به حاليا، فقط 400 منهم يصل عمرهم إلى 65 سنة.

تزايد المطالبات داخل مجلس النواب المغربي بإعادة النظر في معاشات البرلمانيين

سعيدة الكامل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عبد الحميد بناني (المغرب):

    السؤال الجوهري حول الواجب طرحه حول معاشات البرلمانيين كالتالي: هل للبرلمانيين الحق الحق في المعاشات؟ و هل للحكومة الحق في دعم معاشاتهم علما بأن الحكومة تساهم في معاشات الموظفين بصفتها مشغل؟ و إن سلمنا بالحالة المزرية لبعض “البرلمانيين الوطنيين” أمثال البرلماني السابق والمقاوم بنسعيد آيت إدير، فهذا الأخير يرفض المعاشات للبرلمانيين كما انه في طليعة من يطالبون بإلغائه.
    و مع ذلك فلا لا أحد يدعو الى ترك برلمانيين شرفاء يتسولون في الشوارع بل يجب الاعتناء بهم و بكل مواطن مغربي دون أي تمييز و لكن المثير في الأمر هو تبني هذا المعطى كذريعة لتعميم المعاشات على الجميع بل كان الأولى دراسة هذه الحالات.
    هذه الممارسات المفضوحة و السلوكات المخزية لبرلماني وطني ما هي في حقيقة الأمر سوى محاولات لاستغلال هذه الحالات المعزولة و اتخاذها كذريعة للابقاء على معاشات البرلمانيين و تعميمها على الجميع. أليس هذا السلوك ضحك على الذقون و عبثا و استهتارا إن لم نقل جريمة نكراء في حق الوطن المواطنين؟؟

إشترك في قائمتنا البريدية