تزامناً مع مقال الأسبوع الماضي، كان هناك حوار دائر على حسابي وحسابات أخرى في تويتر حول العلمانية ومدنية الدولة والديمقـــــراطية الحقة وتعليم التربية الإسلامية في المدارس وغيرها من المواضيع الملحة. وما لفت نظري ليس الحجج المساقة ولا الناتج عنها، فتلك ذاتها تتكـــــرر ومن الطرفين دون إمكانية الوصول إلى قاعدة صلبة مشتركة والتي هي عصية لأسباب عدة ليست هي موضوع مقال اليوم.
ما لفتني فعلاً هو الأسلوب المتشابه، في معظمه وليس مجمله، للدفاع الديني وخصوصاً من «مسلمي الإعلام» عامة. نشاهدهم على القنوات المرئية، نقرأ لهم في الجرائد، نتابعهم في وسائل التواصل وهم يرغون ويزبدون غضباً حارقاً ومع أول بداية الحوار، تثور كراماتهم و«غيرتهم على دينهم» وهي الجملة المحببة لديهم، قبل حتى البدء في نقد التوجه الديني، هذا إن كان من المستطاع تقديم نقد أصلاً لمنظومة فكرية محرمة على التساؤل دع عنك النقد الصريح. لطالما استثارتني هذه الظاهرة، لماذا يبدأ الغضب وتتطاول الألسن وتترامى الاتهامات حتى قبل أن يبدأ الحوار؟
إن فكرة الحق المطلق وحرمة مساءلة هذا الحق تبدو أحد أهم أسباب تكميم الأفواه واستثارة المخاوف في القلوب. فأصحاب عقيدة ما إذا شعروا أنهم أصحاب حقيقة مطلقة وأنهم «على صواب لا يحتمل الخطأ» فإنهم بالتالي يشعرون أن واجبهم هو الذود عن هذه الحقيقة وذاك الصواب ولو بقمع الناس وتكميم الأفواه والتهديد، وهذه مفضلة لديهم، برمي الآخرين بالجهل في الدين وتسخيف أفكارهم وتحقير نقدهم دون حتى محاولة الرد الواضح عليهم.
وفي حين أن أدياناً أخرى كالمسيحية قد هبطت من عليائها «المطلق» الى رحاب الإنسانية «النسبية» فأصبحت تتقبل وترحب بل وتدني الثوب للنقد مهما قسا وللرفض مهما تعاظم، فإن أصحاب الدين الإسلامي، وهم فعلاً يعتقدون بملكيته، لازالوا في عليائهم، يرون كل نقد لفكرهم على أنه نقد لله، يعتقدون كل رفض أو تساؤل هو خروج عن حقيقة لا نعلم تحديداً من كلفهم بالدفاع عنها، بل، وتلك في حد ذاتها ظاهرة مثيرة للاهتمام، يغضبون بحرقة إذا ما رفض أحدهم الاعتقاد بالله، وكأن الخالق يخصهم وحدهم وهم المنوطون بالدفاع عنه.
كما أن ضعف الحجة مدعاة غضب عادة، فمن يشعر أنه وضع في زاوية لا مفر منها، سيكون ضحية الغضب وعرضة لأسوأ مظاهرها لفظاً وفعلاً. لا يتأتى ضعف الحجة من نقص في المتحدث أو من قصور في العقيدة، أي عقيدة، بحد ذاتها، إنما يتأتى ضعف الحجة من نقاط الاختراق التراثية، من المسيء المكتوب في الكتب القديمة، من المؤسف المنطوق في الفتاوى والأحكام، من الخوف من التغيير والتطوير والتنقيح والإصلاح، من تقديس كلام وآراء ورؤى لا منطق لها ولا مفر من الدفاع عنها، فرفض تنقيحها أو تأويلها أو إلغائها يترك خياراً واحداً مؤلماً لا مفر منه هو احتواؤها ومحاولة الدفاع عنها، وفي هذه اللحظة التي يستحيل فيها الدفاع، يثور الغضب.
الدين الإسلامي هو محل اتهام في العالم اليوم، هو وضع مؤلم بلا شك ويثير الحفيظة ويستدعي الدفاع الشرس غير المنطقي أحياناً، هذا كله مفهوم، إلا أن دور الضحية الذي يلعبه المسلمون ما عاد مجدياً ولا مقنعاً، والثورة على النقد تخويفاً للناس ما عادت مؤثرة. اليوم لا بد من مواجهة المشوِه الأول لصورة الدين والمؤثر الأول في وضعيته الإتهامية، لا بد من مواجهة المرض لعلاجه، والأهم، لا بد من النزول من العلياء الوهمية للأرض الحقيقية، لمعرفة أنه لا توجد هناك حقيقة ولكن حقائق ولا مطلق ولكن نسبيات ولا طريق واحد بل طرق متعددة لربما تتعدد بتعدد أنفاس البشر.
للخوف حدود ولتأثير الأذى اللفظي حدود، ومن يعتقد أنه بالتخويف أو الإهانة أو الاستهانة أو التحقير أو الاتهام هو يكمم الأفواه أو يرفع حرج النقد عن الدين، فهو بكل بساطة مخطئ، والدليل الحوار الدائر والمتصاعد حولنا الآن.
تريدون، أيها الغاضبون، رد الاعتبار للمنظومة العقائدية، خذوا نفساً، ضعوا أمامكم كوب شاي، استهدوا بالله واهدأوا، ثم وسعوا صدوركم وطولوا بالكم، احترموا كل فكرة تطرح وكل سؤال ينطلق وإن لم تروهم محل اهتمام أو حتى احترام، خذوا وقتكم بالمجادلة بالتي هي أحسن ولا تستصغروا أي إنسان أو أي حجة أو تساؤل. وقبل كل ذلك، إفتحوا الباب لتنقيح التراث المرعب ونفض المفاهيم المخيفة وتعالوا معاً لمستقبل سواء.
د. ابتهال الخطيب
لا جديد تحت الشمس …!
لا جديد يذكر و القديم هو..كما هو يعاد !
.
الذي اراه و تقريباً بات يتكرر في كل اسبوع و بعد ان نفدت الحجج و افحمت الاستشهادات ، بات الخطاب يصدر عن برج عاجي و من علياء من يرى الآخرين دونه !
,
المفارقة الرهيبة ، ان الكلام و النهي و الموجه للآخرين ، ينطبق تماماً على صاحب الدعوة نفسها و يأتي النهي بالضبط عما يتم ارتكابه فعلاً.
.
لو كان الاستصغار حاصلاً ، لما كلف الكثير انفسهم عناء المناقشة والرد و الجدال الذي اراه هنا بالتي هي احسن و لم يتطاول احد ، لأنه ببساطة للمشرفين الكرام على الصحيفة سياستهم التي تمنع ذلك ، بل حتى تمنع ما دون التطاول في الكثير من الاحيان !
.
في حين ان هناك الكثير من الأسئلة التي توجه بشكل مباشر الى صاحبة الشأن ، و الكثير من طلبات التوضيح ، فلم تكلف السيدة الكاتبة الفاضلة نفسها يوماً، عناء الرد او التفاعل البتة ،أي بما معناه ، اتأمرون الناس بالبر و تنسون انفسكم ؟!
.
و كم من الاساتذة الذين لهم باع اطول و عمر اكبر و شهرة اعمق لا يتوانوا عن التفاعل الديناميكي المنتج مع قراءهم في نموذج مبهر للتواضع ، و اذكر على سبيل المثال لا الحصر ، و من باب الشكر و العرفان الاستاذة ، ايقونة الادب العربي غادة السمان ، و الاستاذ محمد كريشان ، و السيدة الشاعرة الاديبة لينا ابو بكر ، و في مكان آخر ، تفاعل غاية في الإنتاج ، من الدكتور المخضرم محي الدين عميمور ، و القائمة تطول ..!
.
الغريب لا احد من هؤلاء الاساتذة ، رأيته يغضب (و لا ارغب باستخدام كلمة اقسى) يوماً على قراءه و يتهمهم هم بالغضب و الخوف والتطاول وضعف الحجة و غيرها من التهم هكذا كحزمة واحدة !
.
ما اراه بين السطور و اشعره بوضوح هو غضب مفسر بسبب تفنيد الحجج المستمر فأنعكس تشنج غير مبرر، عبّر عن نفسه من خلال تحويل نفس هذه المشاعر الى اتهامات بحق القراء و المتابعين من خلال تعليقها على شماعة بعنوان مطاطي عريض اسمه “مسلمو الاعلام”
.
تحية للكاتبة المحترمة
كنت اتمنى من الكاتبة المحترمة ان تنزل من عليائها وتجيب على اسئلة واستفسارات بعض قراء القدس العربي .
معضلة اغلب مثقفينا هو الخلط بين الدين واتباعه وكذلك عدم ضبط المصطلحات كمصطلح الارهاب والعلمانية .
بعد شرب كاس شاي اسال الكاتبة المحترمة
لماذا تستنكر غضب بعض المسلمين دفاعا عما يعتقدونه ولا تربط جرائم ابادة والقتل لملايين البشر ارتكبها جورج بوش الابن في حربه الصليبية على العراق وافغانستان بالمسيحية مثلا.
لماذا لا تربطون جرائم متطرفي اسرائيل والدين اليهودي .
هل يجرا بنو جلدتنا من علمانيين ان يوجهوا نقدهم لكتب الانجيل والثوراة لما تحتويه من صريح الايات التي تحض على قتل وابادة الاغيار .
لان البعض لا ينظر الا الى نصف الكاس الفارغ فاليك ما لن تجديه في اي دين اخر حتى الدين العلماني الذي يحتكر اتباعه الحقيقة
يقول تعالى. : فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ
تتمة
وبنفس حجج المقال نقول
اغلب المثقفين العرب من العلمانيين تجدهم يلعبون دور المحلل في انتخابات الحكام كما تجدهم من اشد المدافعين عن الانظمة القمعية ولكم في زمرة بشار والسيسي الاف الامثلة
فهل معنى هذا ان العلمانية فكرة لا تعتاش الا في ارضية مبنية على القمع والاقصاء
سؤال لاتباع محتكري الحقيقة الجدد
فهل من مجيب ؟؟؟؟؟
د.ابتهال المحترمة
هذا الجدال لا ينفع فيه كوب شاي ولا اطاله البال ، النصوص و الافعال و الحروب في كتب التراث موجوده وغير قابله للتفسير ولا يمكن محوها من الكتب ،،،،
نحن مجبرون الاقتداء بها حتى لو لم نقتنع بها ،
و نبقى ملتصقين بتراثنا مهما يكون اجرامي ولا انساني ،، بل و نفعل مثله ايضا الان
و نريد تكراره ، لاننا نعتقد بصحته ، نحن قوم نعيش في الماضي ، و نترك الحاضر و المستقبل للاخرين
تحياتي لك
بداية ارى ان البناء الهش اصلا، بدأ فعلا يدك من القواعد، وانا لا اعلم ما الذي دار على تويتر وغيره، ما يهمني هو ما حدث هنا! انا اتفهم المرارة والغضب ومحاولة الهروب الى الامام للخروج من الزاوية. حسنا لنضع النقاط على الحروف، اعتقد ان سبب الغضب الواضح، الذي يحتاج على ما يبدو الى مهدئات وليس فقط الى كوب من الشاي، هو ما قام به الاخوة الافاضل وبمنتهى الهدوء عبر استخدام القواعد العلمية في البحث والاستنباط من خلال تسمية الاشياء باسمائها الحقيقية وبذلك تم فضح التلاعب والتدليس. اني اتفهم ان يشعر اي انسان بالغضب واليأس، اذا رآى بيتا بناه ولسنوات يتهاوى أمام ناظريه في لحظات. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل بني هذا البيت اساسا على قواعد سليمة وارضية صلبة؟ ام انه بيت من ورق، مهدد بالهدم في كل لحظة حتى من نسيم الصباح؟ اين القواعد العلمية السليمة اذا كان القوم مثلا يدلسون حتى في معنى كلمة علمانية، على اساس انها مشتقة من العلم؟ ثم لماذا الغضب اذا طلبنا اتباع القواعد العلمية كاسس لا بد منها للنقاش؟ اليست هذه الضمانة الوحيدة للوصول الى الحق؟ من قال اننا نغضب بسرعة، اذا رفض احدهم الاعتقاد بالله؟؟ اذا كانت القاعدة الواضحة هنا وبمنتهى الهدوء ( لكم دينكم ولي دين)؟ اما موضوع تقديس الفتاوى والاشخاص؟ الاسلام لا يوجد فيه تقديس لا للاشخاص ولا للفتاوى، فلا بابوية ولا رهبانية في الاسلام، وهو بذلك يختلف عن المسيحية، التي اصبحت تنال المدح بسبب ( هبوطها من عليائها) مع ان هذا الهبوط كان متوقعا ، بسبب تحريف من كلفوا بحماية النص المقدس للنص نفسه، ارضاء لاهوائهم واهواء من يمدحونهم اليوم من اعداء الديانات، تكريما لهم على خيانتهم لدينهم، ناظرين نظرة اليائس الطامع نحو الجهة الاخرى؛ لعل اهل الاسلام يفعلون كفعل غيرهم، فيهبطون من علياء توحيد الله والايمان به، الى وحل التشكيك في وجوده! اشكاليتهم هنا انهم يصطدمون بنص تكفل الله بحفظه وبمؤمنين يحملون في صدورهم عقيدة راسخة كالجبال، فيزداد الغضب!!
يتبع طلفا…
تتمة التعليق… لطفا:
ان من يدعون ان الاسلام متهم، هم انفسهم من يحاولون وضع الاسلام في قفص الاتهام، عبر التدليس والتزوير والكذب الاعلامي. لا يوجد في الاسلام خطوط حمر للنقاش، فنحن نتعبد وتلوا قرانا فيه اقوال فرعون التي ادعى فيها عدم وجود الله!! فيأتي موسى عليه السلام وكذلك الرجل المؤمن من ال فرعون، كما في سورة غافر ليقارع فرعون بالحجة والمنطق والفكرة والتاريخ وكل وسائل المعرفة والاقناع، ليثبت له ان الله موجود. فاذا كان الموضوع هو الاصلاح والتجديد كما ورد في المقال، فالاسلام عبر مصادر التشريع التي منها الاجتهاد والقياس متجدد في ذاته. ولكن الذي يبدو لكل ذي لب ، هو محاولة اثبات ان الاسلام اختراع بشري وانه لا وجود للخالق!! لا اشكالية ابدا في هذا الطرح كمادة للنقاش، خاصة ان طرح بجرئة ووضوح دون لف ودوران، اما ادعاء الحاجة الى التجديد وخلافه مع عدم الاعتقاد بصحة (الدين/ الفكرة)من الاساس فهذا يؤدي الى تناقض ومغالطات كبرى وقفزات بهلوانية لا معنى لها جمعتكم مباركة.
هناك فرق ومسافة بين نقد الفكر الديني الواجب والمباح وبين نقد الدين نفسه كشريعة مقدسة ولا مجال للمقارنة بين الاسلام والمسيحية او بين اي دين وآخر كما ذهبت اللهم ان كان الهدف ابتكار واختراع دين جديد
أليس من حقي كمسلم أن يتعلم إبني المسلم في مدرسته التربية الإسلامية؟؟
أعتقد ان الموضوع مهم جدا ـ لكن العنوان غير متوافق ـ وخاصة في ظل ظهور حركات لا تمت بالاسلام بصلة تدعي دفاعها عن الاسلام، وهذا الجدال في مسألة تستحق الجدال لاحقت المرحوم الفيلسوف السوري صادق جلال العظم صاحب كتاب نقد الفكر الديني وبقي مطاردا حتى الموت، وقتلت المفكر المصري فرج فودة الذي اغتيل بسبب هذا الجدال، وهوجم محمد الطالبي التونسي هجوما عنيفا رحمه الله لكتاباته الغزيرة في نفس الموضوع، ومئات المفكرين صمتوا كي لا تصيبهم سهام المغالين، ونعود دائما إلى فكرة الثابت والمتحول لأدونيس، إن البحث والجدال في الدين لا ينتقص منه شيئا بل يضيف عليه، وينقيه من شوائب علقت به بسبب أفكار وتناقضات وترسبات تاريخية، ولكن هذه المسألة لا تدار حول كأس شاي، فالمتشنجون، والمتعصبون، والمدافعون عن عمى لا تهديء أعصابهم كأس شاي.
شرب الينسون أفضل!
مقولة مضحكة حقا: “فكرة الحق المطلق وحرمة مساءلة هذا الحق تبدو أحد أهم أسباب تكميم الأفواه واستثارة المخاوف في القلوب”!
فالساحة الفكرية والثقافية متاحة للفريق المسمى بالعلماني أو المعادي للوحي، ونادرا ما يتسرب مقال أو موضوع يدافع عن الإسلام اللهم من خلال بريد القراء وتعليقاتهم ووسائل التواصل الاجتماعي التي تظل محدودة الانتشار بصورة ما. الإذاعة والتلفزة تتاح فيها الفرصة لمن يقولون كلاما إنشائيا فارغا لا يمس صلب الموضوعات، فضلا عن صنائع الأجهزة الأمنية.
بوصفي كاتبا وعضوا مؤسسا لاتحاد الكتاب عام 76 وتجاوزت السبعين لا أستطيع نشر مقال في جريدة يومية يهيمن عليها النظام أو الأنظمة. ولا أتمكن من نشر كتاب في الهيئة الرسمية مع أني نشرت زهاء ثمانين كتابا. الذريعة هي الانتماء للإسلام بالمعنى غير الأميركي!
ومن الأمور الطريفة أن أحد أقاربي يراسل جريدة مهاجرة مشهورة – لم يزل- حين طلبت منه نشر بعض المقالات في جريدته اقترح على ببساطة متناهية أن أنشر في بريد القراء بهذه الجريدة، في الوقت نفسه يستكتب من هم أقل فكرا وثقافة، وينشر مقالاتهم الضحلة، ويكافئهم عليها لأنهم لا يتفاعلون مع الإسلام وقيمه!
لست غاضبا من قريبي أو من المسئولين عن النشر هنا أو هناك، ولكن تكميم الأفواه هو منهج السادة الذين يزعمون أنهم علمانيون متحررون يرفعون شعار السيد فولتير الشهير بالدفاع عن حق الآخر ولو كان الثمن هو حياة المدافع البطل!
عقب الانقلاب العسكري الدموي الفاشي في يونيو 2013 كانت أول خطوة له إغلاق نوافذ التعبير الإسلامية جميعا؛ استثنى من ذلك منابر أصحاب اللحى التايواني الموالين لما يسمى السلفية المدخلية الجامية الأمنية! هل هؤلاء هم من يطلق عليهم «مسلمي الإعلام» عامة؟
منذ منتصف الخمسينيات كان المجال مفتوحا على آخره للشيوعيين والليبراليين والقوميين ومرتزقة كل العصور لينتقدوا الإسلام وحده، ويهينوا الإسلام وحده، ويتهموا الإسلام وحده. هل نذكر مثلا بما كتبه الشيوعي الراحل صادق جلال العظم وكتابه “نقد الفكر الديني” الذي روجت له دوائر الأنظمة الثورية، وما زال يطبع حتى الآن، في الوقت الذي يتم فيه تحريم “في ظلال القرآن”، وإحراقه وإحراق الكتب الشبيهة.
هذا هو تسامح من يشربون الشاي بالنعناع! الإسلام لم يحرم النقد أبدا، وسجل ما قاله الشيطان وفرعون والمنافقين وغيرهم اعتراضا ورفضا ونقدا، وجعله قرآنا يتعبد به قراءة وصلاة. الدفاع عن الإسلام ضرورة تفتضيها المروءة والغيرة، وتفرض على الآخرين أن يسمعوا لهذا الدفاع وهم يشربون الينسون بالياسمين.
المسيحية لم تهبط من عليائها «المطلق» الى رحاب الإنسانية «النسبية» لتتقبل النقد مهما قسا، ونذكر بأن نقد المسيحية يأتي من أبناء الديانة وليس ممن هم خارجها لأن من يتجرأ من الخارج يعلم مصيره جيدا، هل سمعتم عن سالم عبد الجليل ابن النظام العسكري وما جرى له؟ ليت للدين الإسلامي أصحاب يمتلكونه وينافحون عنه في أجهزة إعلام قوية، ثم إن تراثنا ليس مرعبا وليس به مفاهيم مخيفة (هل يمكن تقديم مثال واحد؟)، ونقول تعالوا معاً لمستقبل سواء دون تجريح للإسلام وتقديس للعلمانية الظالمة.