تعالوا

بمناسبة خبر مفجع عن جملة إعدامات حدثت في الكويت قبل أيام، ومثلها نسمع أخبارها بين وقت وآخر في بقية الدول العربية، وبشكل أقل في دول غربية، كتبت رداً على سيدة بعثت لي تمتدح القصاص وعدله، أن هذه العقوبة ليست من الإنسانية في شيء، وهي عقوبة نتمنى زوالها في العالم أجمع وإحلالها بعقوبات تأديبية أو حامية للمجتمع من المذنب تكون ذات طبيعة إنسانية لا يلعب فيها بشر دور إله. الحديث يطول حول عقوبة الإعدام، ولربما أهم آثاره التي أعتقدها مخربة جداً هي ليست منعكسة في فقد حياة مجرم، وإن كان فقد الحياة دوماً كارثيا، ولكن أفظع الآثار تتجلى في الصورة المتبقية لدى الأحياء، في تحويل الموت إلى عقوبة بيد إنسان يستخدمها ضد إنسان آخر، في غرز مفهوم العنف عميقاً في المجتمع، فلا عنف أشد من سلب حياة، وإذا ما قُنن هذا السلب وأصبح ممارسة مستحقة وعقوبة مقبولة، أصبح العنف وسيلة مقبولة ومبررة مجتمعياً. إن أشد مخاطر عقوبة الإعدام تتجلى على الأحياء الباقين وليس على المعاقبين الذين انتهت حياتهم. ولكم فقدنا من أبرياء لصالح عقوبة الإعدام البشعة، ومن منطلق مبدأ أن ترك ألف مجرم حيا خير من إعدام إنسان برئ واحد، ولأننا بشر لن ينتهي هامش الخطأ عندنا، ولأننا بشر ولسنا آلهة حاكمين، ولأننا بشر إنسانيتنا أهم ما يميزنا، لابد لهذه العقوبة البشعة أن تنتهي.
المثير ليس الموضوع بحد ذاته على قدر المسار الذي سار فيه الحوار، فبعد أن تبادلنا رأيين، في أحدهما علقت محدثتي بأن هذه عقوبة إلهية وأن «أفي حكم الله الصريح في محكم كتابه شك؟» ورددت عليها أن «في قراءة وتفسير النص اختلافات وتطورا لابد لها أن تحدث» وضربت لها مثلاً ملك اليمين، فهو حلال ومذكور في القرآن في حين أننا لا نمتلك اليوم عبيداً أو جواري ولا نقبل الفكرة أصلاً، لأن القراءة تتغير والمفاهيم تتغير والتفاسير تتغير كذلك، أقول بعد هذا الحوار القصير تحول النقاش مباشرة إلى المسار المعتاد: «احترم رأيك الذي ينطلق من مبادئك العلمانية الليبرالية البعيدة عن الدين» ثم اتبعت ذلك بإشارة إلى تبحرها العلمي (هي حاصلة على الدكتوراه في العلوم الشرعية) وأنها تتكلم من منطلق علم على ما يبدو أنا لا أملكه كما فهمت تضميناً من كلامها. في لحظة أصبح الموضوع شخصيا متعلقا بطريقة تفكيري ومنطلقاتي لا بمنطقية المادة التي يدور حولها النقاش. وهكذا يتحول الحوار مع الكثير من المتدينين عند الإشارة إلى المواضيع الحساسة في الشريعة إلى «منطلقاتنا العلمانية والليبرالية» وإلى «تأثرنا بالغرب» وإلى «مهاجمتنا للدين» وإلى «جهلنا بالشرع» وفي كل ذلك قراءة للنوايا وتخمين ما في عقل الآخر ابتعاداً تاماً عن مضمون النقاش وأصل الموضوع. طبعاً انتهى الحوار لتأسفها من موقفي النفسي وغير الموضوعي وأنها لو علمت «لما صرفت وقتاً له» أي للحوار، وانتهيت أنا بإخبارها بأنني «لست فوق أحد لا بعلمي ولا بوقتي في الحوار».
مذهل هذا المسار الذي لا يتغير في الكثير من النقاشات، فما أن تطرق خطاً دينياً أحمر حتى تتدلى الاتهامات عوضاً عن الردود المنطقية، وتصبح أنت متهماً بالمبادئ الليبرالية والعلمانية التي يحق لك التفاخر بها في الواقع. المثير للإعجاب هي طريق إنهاء الحوارات التي تتم على طريقة لي الذراع، حيث يواجهونك بتهديد مبطن «أتخالف القرآن؟» وهكذا يموت الحوار قبل أن يبدأ، وينتهي عند سؤال له إجابة واحدة، ولا أعرف أي محاور موضوعي يمكن أن يسأل سؤالا له إجابة واحدة التنحي لما عداها أو محاولة تطويرها أو تغيير التفكير فيها يوردك الكوارث ويتهددك في حياتك. تعاني كل نقاشاتنا، حتى البعيدة عن الدين، خطر يتهددها ما أن يأتي ذكر الدين أو ما أن يتم الاقتباس من القرآن، حيث لا مفر من الصمت، ولا مسار سوى الموافقة، فيموت الحوار وهو بعد لم يولد، وينتهي إلى الانتصار المعتاد الفقير.
عقوبة الإعدام بشعة، واجترار حجة أن لو كنت أنا متضررة لرغبت بالقصاص هو اجترار بائد، فلا يمكن تحكيم المصاب في من ارتكب المصيبة، فالأحكام لا يجب أن تكون عاطفية نابعة من الرغبة في الانتقام ولكن يجب أن تكون منطقية إصلاحية. والقرآن الكريم يقوم على تفاسير يجب أن تراجع في عمقها، وهي قابلة، أي القراءات والتفاسير، للتغيير الطبيعي الذي يُحدثه الزمن والتطور العقلي والمبدئي والإنساني. ونعم الليبرالية والعلمانية، رغم قدمهما، مبدآن إنسانيان أنقذا حيوات كثيرة وحررا مجتمعات كثيرة، ورغم نواقصهما الجمة، الا أنهما أفضل ما توصلت له الإنسانية إلى الآن من حيث الأنظمة الفكرية والسياسية، هذا والبشرية لا تزال بانتظار التطور القادم الأفضل. وفي الحوار لا خط أحمر، لا سقف، لا مفهوم قادم من عمق الزمن تتهددني به، لا قداسة تشوح في وجهي بها، لا فكرة فوق النقد، لا اتهام تلويثي للسمعة لربط يدي «العلمانية الليبرالية»، الزمن تغير وأساليب الحوار تطورت، فمتى تأتون هنا وتناقشون من هنا؟

تعالوا

د. ابتهال الخطيب

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد حسنات:

    من يرى مرجعيتة في السماء، يصعب أن تلتقي معة على أرض مشتركة،للوصول بحور ات العقل والمنطق للمشترك الإنساني !.
    ثانيآ..أري أن الأكثر أهمية للحوار والسؤال اليوم ،،لماذا أصبحنا كعرب ومسلمين،مضطهدين في أوطاننا ،وغير مرغوب فينا في بلاد اللة الواسعة ؟!.

  2. يقول محمد الفاتح:

    الد كتورة ابتهال العقوبة وجدت لردع الخاص والردع العام ليس من الاسلام او من العلمانية ولكن لوضع حد لاجرام الدي هو انحراف يضر بمصلحة الجماعة , وتصف العقوبة بحسب خطورة الجريمة من التحظير ومحاولة الاصلاح الى اقصها اي الاعدام والمجرم فرد في المجتمع عرف قواعد الجماعة قبل مخالفته لها فهو مدرك للعقوبة قبل اقتراف الجريم فاين العنف داخل الجماعة يا دكتورة ابتهال .

  3. يقول عبد الكريم البيضاوي . السويد:

    آية قرآنية في الموضوع:

    ‎مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ‫.‬ سورة المائدة ( 32 ).
    ــــــــــــــــــــــــــــــــ

    الآية تبدأ: “مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ .. إلى آخر السورة. الظاهر أن الكلام موجه لبني إسرائيل. الشيوخ والناس في العموم يقولون فقط ” مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ “.
    تساءلت ومن حق الإنسان التساؤل, لماذا لايقرأون الآية من بدايتها ؟.

    ـــــــــــــــــــــــــــ
    عن مبدإ ” أن نترك ألف مجرم حيا خير من إعدام إنسان برئ واحد ” فهذا مبدأ مجتمعات متحضرة قيمت روح الإنسان تقييما عاليا. مجتمعات قد تشعل الحروب من أجل إنقاذ أرواح مواطنيها , أما المجتمعات التي تنادي بالدم والقصاص والبتر من أجل السرقة فصعب زرع بذور كهذه تتعارض مع العقلية والثقافة القبلية القديمة. الكثير من الشوائب يجب إزالتها للوصول لمبدإ إنساني كهذا والذي يطبق على أرض الواقع في مجتمعات أخرى, ليس في عقوبة الإعدام لأنها منعت ولكن في أحكام قضائية , البراءة أولا بعدها الحجج القاطعة لإنزال العقوبة, والعقوبة ليست للثأر بل للتعليم والتدريس والتأهيل من أجل مواطن صالح إن أمكن كي لايعود لإجرامه.

    في موريتانيا مثلا شاب موريتاني قد يعدم في أي لحظة لأن المجتمع أراد قتله, ذنبه دون وكتب وقال كلاما لم يرق للبعض, أهل يجد هذا المبدأ قبولا في بيئة كهاته وموريتانيا ليست وحيدة في الموضوع.

    لننتظر القرون المقبلة وسترى الأجيال القادمة إن حصل ربما شيء, فروح التغيير وإعادة تفسير النصوص وإلباسها لباس العصر صعبة كما تراه العين اليوم , مصلحتي مصلحتك ولنترك الغافل في غفلته إلى أن يثور علينا العالم كي يصلح الأشياء بنفسه.

    1. يقول الكروي داود النرويج:

      حياك الله جاري العزيز عبد الكريم وحيا الله الجميع
      1- شكراً لإسلوبك الراقي في الكتابة والحوار والمناقشة والسؤال
      2- صحيح أن هذه الآية موجهة لبني إسرائيل لكنها ملزمة لنا ! فكلام الله واحد سواء بالتوراة أو الإنجيل أو القرآن ما لم ينسخه بآية أخرى
      3- أما قصة الشاب الموريتاني فأنا ضد إعدامه بسبب توبته, والله غفور كريم, وكل ابن آدم خطاء, وخير الخطائين التوابون
      ولا حول ولا قوة الا بالله

  4. يقول محمد حاج:

    تأييدا لما خطته يدا الأخت عادة وللمعلومات فقط لاخواننا القراء :
    من بين المحكوم عليهم بالإعدام في الكويت – امراة ((- أصدرت محكمة الجنايات الكويتية في عام ٢٠١٠ حكما يقضي بإعدام المواطنة الكويتية المدانة بإشعال حريق بخيمة أعدها زوجها للاحتفال بزواجه من أخرى، مما أسفر عن مقتل نحو 56 امرأة وطفلا في أغسطس/ آب الماضي( ٢٠٠٩)
    ومنحت المحكمة المواطنة المدانة حق الاستئناف وتم تنفيذ حكم الإعدام قبل أسبوعين ، فهل يا ترى هذه المراة تستحق البراءة ام العفو ؟ كانت جريمة القتل بشعة بحق الأبرياء ، رغم ان البعض اعتبرها بريئة ومسكينة بسبب ظلم زوجها لها بالزواج من غيرها .

  5. يقول عبد الكريم البيضاوي . السويد:

    بعد قراءة بعض الردود, أجد أن الإخوة الإسلاميين يجدون صعوبة بالغة في تقبل آراء وأفكار خارج نطاق فكرهم وعلى الجميع أن يفكروا مثلهم وإلا نودي بحلبات الصراع. أرى هنا ” صراع الثقافات ” ثقافة تلزم الكل على معتقد معين وثقافة لاتبالي ولا تبحث ولا تسأل وتتجاهل معتقدات أهلها.
    يحضرني كلام الأديب المصري علاء الأسواني حيث قال عن المجتمع الذي أسماه ( المجتمع الهمجي ):
    ” ‎في المجتمع الهمجي توجد حقيقة واحدة معتمدة دينيا وسياسيا، يفرضها الحكام ورجال الدين. الإنسان الهمجي يعتبر كل من لا يؤمن مثله بالحقيقة المعتمدة كافرا بدينه أو خائنا لوطنه ويمارس ضده أسوأ أنواع القمع الذي يبدأ من الاتهامات الباطلة وتشويه السمعة وقد يصل إلى حد الاغتيال.”

    1. يقول غادة الشاويش -المنفى:

      عندما يتم اعتماد الليبرالية والعلمانية واعطاءها رداء المعاصرة واقصاء الاخر لمجرد ان منبعه ديني مع ان الاديان تحافظ على القيم الاخلاقية الجمعية وتصوغ تشريعات وقاءية واصلاحية وعقابية ايضا لتصون ثقافة الجماعة الدكتورة ابتهال وحضرتك مسيو بيضاوي تفرضان مرجعيتكما العلمانية على الاخرين وتحكمان بالتخلف والرجعية على من يختلف معكما وهذا هو التشدد بعينه ! العلمانية فكرة تقوم على الالغاء وليس لها بنية سوى الغاء اي فكرة ذات اصل ديني ومنح كروت العصرية والقبول لاي فكرة بحجة (اللبرلة ) مهما كانت متوحشة لهذا عندما اقول لك اشرح لي مضمونك العلماني في التشريع لن تجد التشريعات العلمانية لها شخصية محددة ! فدول علمانية تعتمد الاعدام واخرى تلغيه ودول ليبرالية (الولايات المتحدة ) تبقي العقوبة واخرى اوروبية تلغيها اين الشخصية التشريعية ابمنظمة الهادفة ! هذه لا شيءية تجد حضورها من نفي الاخر وشيطنته يا جماعة نحن لسنا دينيين يعني نحن عصريين مع ان الغاء الاعدام هو شريعة غاب وفتح ممنهج لجراءم الثار وبوابة للجريمة المنظمة وتسلسلها وتحويل السجون الى بيوت امنة للمافيات واوكار للقتل والتخطيط الاجرامي
      *الفكرة الفارغة التي ليس لها هدف قيمي محدد وتقوم على النفي ( لا دينية ) وليس على الاثبات لقيم محددة وتشريعات محددة تحفظ هذه القيم هي فكرة متشددة فارغة الغاءية تجد بريقها من شيطنة الاخر والباسه طرابيش على المزاج الايديولوجي المتطرف لليمين الليبرالي العلماني الذي لا يقل احتكارا واستبداداعن كنيسة القرون الوسطى الفرق فقط ان مقدس هؤلاء ديني ومقدس اليمين الليبرالي دين ولكنه دين اللادين ! ويا هيك تعصب ويا بلاش !

  6. يقول Harry/uk:

    عزيزي .. رياض- المانيا
    شارك ملايين البريطانيين بمظاهرات مناهضة لغزو العراق .. لكن كانت تخرج عليا اصوات عراقية تؤيد دك و عزو بلادهم وهم من جعلو بلير يفلت من عقاب … اعدام و جلد و الخ الخ عقوبات يجب ان تذول للابد

    1. يقول رياض- المانيا:

      تقصد ان الحكومة البريطانية اهملت صوت ملايين الانجليز واستمعت الى نداءات العراقيين فغزت العراق، ثم هؤلاء العراقيين ساعدوا بلير على الافلات من العقاب!!! لا اعتقد انك تتحدث عن العراق الذي نعرفه ولا عن بريطانيا التي نعرفها. لعلك تقرأ من صفحة 798 من الف ليلة وليلة. وماذا عن تسليم فلسطين ووعد بلفور؟ هل لديك فانتازيا اخرى لتفسير ذلك؟

  7. يقول ابن الوليد. المانيا.:

    افتراضا، انه لي من السلطة ما يكفي،و طلبت من أحد ان يدبح بقرة كي اصفح عنه، سوف يتوجه الى السوق و يشتري بقرة و يدبحها و ينتهي الأمر. هذا شيئ بسيط للغاية و ربما حتى شاب يافع قد يقوم بالأمر.
    .
    لكن، هذا كان شيئا صعبا عند بني اسرائيل، فلم يستطيعوا التعامل معه بسهولة حيث امطروا الله تعالى بالاسئلة عن أي بقرة يتحدث (سورة البقرة).
    .
    ماذا اريد ان أقول هنا؟ اريد ان أقول، أن القرآن يحدثنا عن تطور الفكر الانساني، حيث كان بدائيا و تطور مع الزمن. رسالة الاسلام التي نزلت على بني إسرائيل كانت عبارة عن قوانين واضحة الى درجة كبيرة تماشيا مع مستوى الفكر آنذاك. ثم تعقدت شيئا ما مع عيسى الى ان تكتمل رسالة الاسلام مع محمد (ص).
    .
    المشكل هنا يكمن في طريقة فهم الاحكام من القرآن الكريم، و تاثير الاسرائليات في بداية نشأة الشريعة عليه. نجد انه نفس طريقة الفهم هي التي اعتمدت، أي حرفيا للنص و ليس مقاصديا و حتى باخطاء واضحة.
    .
    احكام موسى عليه السلام هي احكام عينية كي لا تتكرر قصة البقرة مع الناس. لكن القرآن الكريم نزل باحكام حدودة، اي بمعنى حرية التشريع على ان لا نتعدى حدود الله تعالى. ماذا وقع عند فقهائنا الكرام، عوض ان يشرعوا بدون الاقتراب من حدود الله، وقفوا فوقها. و هكذا نجد القصاص بالقتل، عوض ان يكون اقصى عقاب، صار هو الحكم، قطع يد السارق كذلك. مع العلم ان عمر (ض) قد اضطر الى وقف هذا الشيئ، و انا اجد انه قد احسن فهم كلمة حدود.
    .
    و لا أدري كيف تمكنوا من شرح كلمة حدود. هذا بصراحة لا افهمه و لو ان الكلمة بسيطة، يعني حدود الشيئ ليس هو الشيئ نفسه، بل هي من خاصياته.
    .
    هناك شيئ من فهم متقدم ربما في الفقه المالكي، و ربما ستوافقني الأخت غادة على هذا. و ارى ان تطور هذه الطريقة المالكية في الفهم المقاصدي، ربما سيحدث طفرة في المستقبل القريب، بشرط تكسير اي سقف للتفكير.

    1. يقول غادة الشاويش -المنفى:

      ****ههههههههههه سامحني اخي ابن الوليد لقد غرقت ضحكا لانني وبصراااحة لمحت توسعية مغاربية حااادة ههههههه في موضوع الفقه المالكي طيب لنجلس تحت ظل شجرة واقول بصراحة :
      *نعم الفقه المالكي ذو طبيعة فذة ليس فقط لانه مقاصدي فمن يقرا الفقه الاسلامي ومدارسه الاربعة والاكثر من اربعة سيجد عكس ما (اتهمت به السادة الفقهاء ) انهم مقاصديين جميعا وعلى راسهم ابو حنيفة النعمان وكذلك الشافعي الذي كان له فقه في مصر وفقه اخر في العراق والشام طيب وحتى الفقهاء المعاصرين لم يلتزمو خط القدامى فارجوك اخي ابن الوليد الفقه بما انك تتكرم علي مشكورا بلفظ سيبويه (وانا لسته !) معناه الفهم العميق كانت ميزة الشافعي ومالك وابن تيمية تحديدا من الفقهاء بانهم جمعوا بين النص ومقصده فلم يستنتجوا باسم المقاصد ما يعود على النص بالالغاء ! ولم يطلقوا النص بحرفيته خارج مراميه ومقاصده ولهذا لربما كنت تؤمن مثلي بجدارة الفقه المالكي هههههه وانا نزعتي هنا فقهية محضة واشرك في التقدير والثناء فقه الشافعي والقرضاوي ومحمد ابو زهرة من المعاصرين بوجهة فقهية صرفة ولا يوجد فيها ههههههههه ترويج مغاربي ذو اطماع سيادية مشرووعة (امازحك.يحق للمغاربة والله على جميل فقههم ذلك بس كمان يحق لسواهم اخواتنا المصريين والعراقيين والشوام اسم الله مش مقصرين ولا يشق لهم غبار هم والمغاربة في فقه المقاصد وان كنت لا زلت ارى ان اكثر من ركز على هذه المدرسة العظيمة هم المغاربة وان كان المصريون من بداها ) طيب يا رب تصير المغرب دولة عظمى وسنتبعها هههه
      *اما عن الحدود فهي تعني ما ان تخطيته خرجت عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان فقهه فقها مقاصديا وعدم اقامته الحد.فلان الحدود تدفع بالشبهات وتضيق باقل حيز ممكن ومطلوب من القاضي ان يدرء الحد البدني ما استطاع قال صلى الله عليه وسلم (ادرؤو الحدود عن المسلمين ما استطعتم ) لكن لان الرجل سرق لجوعه فليس عدلا ان يقطع وفي حد السرقة شروط مقاصدية وضعها الفقهاء الذين ظلمتهم اذ ظننتهم محدثين ينقلون النص ويطلقونه ولعمري ثمة فرق بين الفقيه والمحدث وناقل الخبر
      *ثمة احكام تتغير لتغير الازمان والامكنة وهناك احكام لا تتعرض لهذا الاختلاف لتعلقها بالضمير الانساني الذي لا يختلف ان قتلت بسيف او بقنبلة فنفسية القاتل واحدة ولا يؤثر فيها الزمن والتقنية والحدود هي احكام مشخصة لا يجوز تجاوزها ولهذا هي حدود وليست مساحة بين حدين !

  8. يقول مشير الفرا:

    أحسنت ووضعت يدك على الجرح . ما ذكرتيه يتكرر يومياً في مئات النقاشات إن لم يكن آلافها ؛ يلجأون للشخصنة والتعريفات العلمانية واللبرالية وكأنها إنتقاص أن يكون الإنسان علماني ؛ أن ناقشناهم في سياسة ؛ إقتصاد ؛ فن ؛ علوم إلخ ؛ يجيرون النقاش للدين ولحتمية الرجوع للمقدس حتى وإن لم يكن النقاش عن الدين  .  لا يملكون إلا الجملة الشهيرة ” هل نشكك في كلام الله ” وبهذا ينهون النقاش  فهم ربانيين معصومين من الخطأ النقاشي كونهم “كما يعتقدون  يمثلون المقدس  .  استمري في تحريك الميات الراكدة فنحن بحاجة شديدة لهذا . 

  9. يقول منى-الجزائر:

    عجيب منطقك د.ابتهال!
    يعني تجيزين لنفسك ماتحرّمينه على الآخرين…!.
    الآخر أي “المتدين”وما أدراك بخصلة “التدين”في ابجديات فكرك…! يناقشك كما تفضلتي من منطلق أنك”علمانية”و”لاتفقهين في الدين”و”تمثلين فكرا غربيا”كماقلت…
    أود أن أسألك:أنت كدكتورة ابتهال الخطيب؛من أي منطلق “تناقشين ” هذا”المتدين”؟
    “محدثتك”و”السيدة” كما سميتها، والتي تبيّن فيما بعد من خلال تدرجك في كتابة المقال أنّها دكتورة
    ناقشتك او حاورتك من منطلقاتها الاكاديمية “الدينية”التي تؤمن بها….مااستغربته دعوتك لتفسير الآية التي تدعو للقصاص بما يتواكب مع العصر والانسانية واللبرلة التي اثبتت سموها عن باقي الاديولوجيات السماوية وغير السماوية!!؟ -وهنا ادعوك لقراءة مقال الاستاذ صبحي حديدي لليوم-! استغربت توظّيفك للدين اليوم حسب مزاج المقال!!
    لايمكن ان أؤمن بان الدين السماوي خرافة واساطير كتبها بشر،وفي نفس الوقت ،ادعو لقراءة تتناسب مع العصر وو…..يجب ان تححدي زاويتك الفكرية ولا تطالبي غيرك بمالا تستطيعي تطبيقه وفعله انت..
    يعني ؛هل اقنعتكي الدكتورة بحججها وهي صاحبة علم وتخصص فيما تناقشينها فيه؟
    اكيدلا ،والدليل ماكتبتيه عنها”بتواضع شدييد”!
    فلماذا تطالبينها،بالاقتناع بعقيدتك؟
    نعم للقصاص؛نعم لاعدام قاتلي ومغتصبي الاطفال والنساء والرجال،،نعم لاعدام تجار المخدرات.
    اشكر اخي الدكتور أثير والأستاذة غادة الشاويش والدكتور رياض والأستاذ كروي داود على تعليقاتهم العميقة والناقدة بموضوعية وباقي المعلقين الكرام

  10. يقول د. اثير الشيخلي- العراق:

    استغرب جداً ، استغراب البعض من كون الجواب ديني و مقارنته بالمقابل مع المدنية و المعاصرة ، و كأن الدين و انا اقصد هنا الاسلام تحديداً و ليس اي دين اخر ، هو المضاد للمدنية و للمعاصرة او في صراع معهما لا ينقطع !

    في الحقيقة الاسلام هو المدنية و هو الحضارة و هو يدعو اليهما دوماً و هو دين الله الخاتم و الكتالوك الذي يعطي البشرية حلولاً ناجعة في اي زمان ومكان ، فيما لو اتبعته

    لاحظوا ان اول دستور في الاسلام كان الصحيفة التي اطلق عليها بالصحيفة المدنية ، بل ان يثرب المدينة التي هاجر اليها الرسول واقام دولته فيها ،غير اسمها الى المدينة في اشارة الى المدنية وانها لبنة تأسيس الحضارة

    الاسلام يدعو بوضوح ان كل هدف انزال الانسان على هذه الارض هو عمارتها و الاستخلاف فيها بما يحقق هذه العمارة و هو جوهر معنى الحضارة و المدنية!

    ثم ان المقال يخوض في امور دينية بحته و علاقتها بالأمور الحياتية اليومية ، فكيف لا تكون الاجوبة و الحوارات من نفس الطينة؟!

    عجيب امور … غريب قضية.

    1. يقول غادة الشاويش -المنفى:

      الف لايك د اثير لدقة محاورتك التي رسمت حدود النقاش وموضوعه واتجاهه

    2. يقول د. اثير الشيخلي- العراق:

      شكراً اختي العزيزة الفاضلة غادة فلسطين

      كلنا هنا نتعلم من بعضنا البعض
      و لله الأمر من قبل و من بعد.

1 2 3 4 5 6

إشترك في قائمتنا البريدية