القاهرة ـ «القدس العربي»: أبرزت الصحف المصرية الصادرة أمس الثلاثاء 22 أغسطس/آب حضور الرئيس السيسي احتفال الجهاز المركزي للمحاسبات باليوبيل الألماسي له، أي بمرور خمسة وسبعين عاما على إنشائه. والمعروف أنه أنشئ في السابع عشر من شهر أغسطس سنة 1942 باسم ديوان المحاسبة، بقرار من حكومة حزب الوفد، بقيادة الزعيم خالد الذكر مصطفى النحاس باشا وتغير اسمه إلى ديوان المحاسبة عام 1964 في عهد الزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر.
كما استقبل الرئيس وزير الدفاع السوداني، وأكد له أن مصر لا تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة، وأن علاقتها بالسودان علاقة شقيق مع شقيقه.
وكان السودان قد اتهم مصر بأنها قدمت أسلحة للمتمردين في كرافان، وأنها ضبطت لديهم مدرعة صناعة مصرية، وهو ما نفته مصر وقتها، وتحدت السودان بأن يقدم أي دليل.
كما واصلت الصحف نشر تحقيقات عن عودة عمال شركة غزل المحلة للعمل ومضاعفة ساعاته، بعد أن اشترطت الحكومة عليهم العودة أولا للعمل وإنهاء الإضراب، وبعد أسبوع ستحقق مطالبهم.
كما احتلت المقالات والتحقيقات التي ترد على دعوة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي دراسة مساواة المرأة بالرجل في الميراث، وزواجها من غير المسلم مساحات واسعة في صحف أمس. أما الاهتمام الأكثر اجتذابا للأغلبية فلا يزال كما هو بالنسبة للأسعار وإجازة العيد وأسعار اللحوم والأضاحي، وعدم رؤية السعودية هلال ذي الحجة. بينما اهتم ملايين العاملين في قطاع السياحة وأصحاب الشركات السياحية بزيارة وزير الخارجية سامح شكري لروسيا وتصريحات سيرغي لافروف وزير الخارجية بقرب صدور قرار بعودة السياحة وأزمة عقد الجمعية العمومية للنادي الأهلي يوم الجمعة. وإلى ما عندنا أخبار متنوعة..
الدافع الحقيقي
نبدأ تقرير هذا اليوم بالمعارك والخلافات حول المطالبة بتعديل الدستور من جانب أعضاء مجلس النواب، وعلى رأسهم رئيسه الدكتور علي عبد العال، حيث نشرت «البوابة» حديثا مع رئيس لجنة الإعلام والثقافة والآثار في المجلس ووزير الإعلام السابق بعد ثورة يناير/كانون الثاني أسامة هيكل، أجراه معه ياسر التلاوي وأحمد سليمان، كشف فيه عن الدافع الحقيقي وراء المطالبة بالتعديل قال: «الدستور الحالي ناقش تفاصيل التفاصيل، والدستور ليس من سمته مناقشة التفاصيل.
ووضع فيه بعض المواد التي تعد أقل بكثير من المستوى الدستوري، والدستور يجب أن يكون مفاهيم عامة، حتى تكون لدينا الحرية في إصدار القوانين. هذا كان قلقًا ترتب عليه دستور يجب التوازن بين مواده، وهو ما يستغرق وقتًا أكثر وأصعب في إنجاز قانون معين، فعلى سبيل المثال وليس الحصر المادة 241 من الدستور التي تلزم البرلمان في الدورة الأولى بإصدار قانون العدالة الانتقالية، الذي يهدف لعمل المصالحات وتعويض الضحايا.
وإذا ترجمت هذه المادة ستعني تعويض جماعة الإخوان وعمل مصالحة معهم، ولكن «مين هيغفر للبرلمان ذلك». بجانب سقوط شرعية البرلمان إذا بدأ في مناقشة قانون العدالة الانتقالية لأن ثورة 30 يونيو/حزيران كان توصيفها أنها ثورة ضد حكم الإخوان. إذن كيف يطالب الدستور البرلمان بالمصالحة مع الإخوان، وما زالت تلك الجماعة حتى الآن ترتكب حماقاتها ولم تبادر بالمصالحة، رغم أن المادة موجودة في الدستور يجب في أي حال من الأحوال عدم تطبيقها إعمالًا بمقولة «لا ألتزم بالمستحيل».
وهذه المادة تحتاج إلى المراجعة. هناك مادة أخرى وهي المادة 134 الخاصة بالهيئة الوطنية للانتخابات، التي تتضمن عمل الإشراف القضائي لمدة 10 سنوات، بعد إقرار الدستور، والتي تسببت في حالة من الجدل داخل القاعة. كما أن تلك المادة تسببت في تعطيل صدور القانون لشهور، لأن البعض طالب بالإشراف القضائي المستمر، والبعض رفض ذلك. وانتهى هذا الجدل بإقرار القانون في الأيام الأخيرة لدور الانعقاد، وكان لدى النواب الخوف من عدم الإقرار نظرًا لضيق الوقت الذي كان سيترتب عليه تأجيل مناقشة القانون، لدور الانعقاد الجديد في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، مع قرب موعد الانتخابات الرئاسية التي ستبدأ في مايو/أيار المقبل، وسيتم فتح باب الترشح في فبراير/شباط بمعنى أنه لديك 3 أشهر للاستعداد للانتخابات، وتحديد الميزانية المخصصة وتحديد الدوائر الانتخابية، وإذا لم يقم البرلمان بإقراره لن يتم إنجاز انتخابات رئاسة الجمهورية في موعدها طبقًا للنص الدستوري الجديد، وبالتالى علينا ضغوط كثيرة جدًا نمارس فيها عملنا».
شروط التعديل غير متوفرة
وإلى رافضي التعديل ومنهم محمد عصمت في «الشروق» الذي قال في عموده «أوراق»:
« تستند وجهة نظر المطالبين بإجراء تعديلات على بعض مواد الدستور، إلى أنه تم كتابته بـ«حسن نية»، وهو ما يفهم منه أن الكثير من مواده غير صالحة للتطبيق، والت تبين في ما بعد ــ طبقا للنائب إسماعيل نصر الدين ــ أن هذه المواد «حسنة النية» تتعلق بتعديل المادة 140 لمد فترة الرئاسة إلى 6 سنوات بدلا من 4 سنين، والمادة 147 لمنح الرئيس الصلاحية المطلقة فى عزل الوزراء بدون الرجوع للبرلمان، والمادة 107 المتعلقة بحق محكمة النقض في الفصل في صحة عضوية أعضاء البرلمان، مع إضافة مادة جديدة إلى الدستور تتعلق بعودة مجلس الشورى مرة أخرى، بدون أن يكشف لنا نصر الدين والعديد من قيادات ائتلاف دعم مصر، ومن السياسيين والحزبيين والإعلاميين الذين تبنوا موقفه، ما هي بالضبط الضرورة العاجلة التي تدفع بهم للمطالبة بهذه التعديلات في سنة الانتخابات الرئاسية؟ وأين كان النائب ومن معه طوال السنوات الثلاث الماضية؟ ولماذا أقسموا على احترام دستور لا يؤمنون به، ولا أقول يتحينون الفرصة لتعديله؟ كان ينبغي على المؤيدين لهذه التعديلات، أن يطالبوا أولا بتفعيل مواد الدستور المعطلة أو التي يتم انتهاكها، وهي كثيرة ومتنوعة وتنسحب على العديد من المجالات، منها ما يتعلق بالنسب المخصصة للتعليم والصحة من الموازنة العامة، أو سعي الدولة للقضاء على الفقر وتحسين مستوى معيشة محدودي الدخل، أو التي تحمي حقوق وكرامة المساجين والمعتقلين، أو التي تضمن صيانة حرية الرأي والتعبير، أو الحق في التظاهر والإضراب السلمي، أو التوازن بين السلطات ومشاركة رئيس الوزراء مع رئيس الجمهورية في وضع السياسة العامة للدولة، أو احترام أحكام القضاء، وغيرها من المواد. أما الجانب الأخطر ــ أو ربما الكارثي ــ في هذه التعديلات المقترحة فيتمثل في أنها تضرب روح الدستور في مقتل، حيث تعصف هذه التعديلات بمبدأ التوازن بين السلطات، الذي يمثل عصب الدولة الحديثة، وضمان حسن سيرها وسلوكها الديمقراطي، وحتى لا تطغى أو تهيمن سلطة ما على بقية السلطات، فالدستور الذي وضع قيودا على تغول السلطة التنفيذية على كل سلطات ومؤسسات الدولة الأخرى، والذي كان عرفا سائدا منذ ثورة 23 يوليو/تموز 52 وكان من أفدح أخطائها، جاءت هذه التعديلات لتعيدنا إلى المربع الأول وكأن المطالبين بها لا يدركون أن هذا التغول كان وراء هزائمنا في 67 وفي انكساراتنا المتتالية في تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية وعجزنا عن بناء دولة الكرامة والقانون ووقف الفساد وتحقيق التنمية المستدامة».
العبث باستقرار الوطن
كما نشرت «الشروق» أيضا مقالا لعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان جورج إسحق عنوانه «تطبيق الدستور أولى وأهم « قال فيه: «الدستور حصن نفسه بنفسه من أيادي العابثين به، فتعديل المواد الخاصة بإعادة انتخاب الرئيس تسقط الدستور كاملا، فلماذا العبث بالدستور وهو بمثابة القانون الأعلى والعقد الاجتماعي المحدد لعلاقة السلطة بالشعب، واختصاصات السلطات المختلفة، وهو بمثابة وثيقة استقرار الدول، فلماذا العبث باستقرار وطننا في هذه الفترة الحرجة للبلاد؟ أما كان الأولى أن يشكلوا مفوضية منع التمييز التي ينص عليها الدستور المصري لعام 2014 حيث نصت المادة 53: «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم على أساس الدين أو العقيدة أو الجنس، أو الأصل أو العرق أو اللون، أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر. التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على جميع أشكال التمييز وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض».
«يكاد المريب يقول خذوني»
«إنه ليس قرآناً.. وهذا حقيقي لكنه وثيقة تقدست بإرادة شعبية، هذا هو رأي محمود خليل في «الوطن» وعن الدستور يتحدث. أغلب من يتحدثون عن تعديل الدستور، خصوصاً في ما يتعلق بمد فترة الرئاسة إلى 6 سنوات بدلاً من 4 سنوات. يقولون إن الدستور ليس نصاً قرآنياً، وإن في إمكان يد البشر أن تعدل في مواده، كلما شاءت. بلغة الأرقام وبلغة العقل وبلغة السياسة، يحمل الدستور الحالي نوعاً من القداسة الخاصة التي تمنع من النظر إليه بعين التعديل، بعد مرور 3 سنوات فقط على موافقة الشعب عليه.
بلغة العقل تبدو دعوة النواب إلى تعديل الدستور مفتقرة إلى أي نوع من المنطق، يكفي في هذا السياق أن نسترجع حجتهم المدهشة التي يقولون فيها إنهم يريدون مد فترة الرئاسة لست سنوات، ليوفروا على البلاد والعباد تكلفة الانتخابات التي تصل إلى 2 مليار جنيه، في وقت تعاني فيه الموازنة العامة من نسبة عجز محسوس. لست أدري كيف غاب عن بال هؤلاء العباقرة أن الاستفتاء على تعديلاتهم الموقرة سوف يتكلف هذا المبلغ أيضاً؟ كلام عجيب يفتقر إلى أي عقل أو منطق، ويشهد تناقضه على تهافته. وصدق المصري الفصيح الذي قال: «يكاد المريب يقول خذوني». بلغة السياسة تفتقر دعوة بعض النواب لإجراء تعديلات دستورية إلى أي وجاهة سياسية. انتخابات 2018 تكاد تكون نتيجتها محسومة من الآن، والأغلب أنها ستأتي تكراراً لمشهد انتخابات 2014، باستثناء نسبة المشاركة، فمن غير المتوقع أن تكون كبيرة. حتى الآن لا يوجد سوى الرئيس السيسي، مرشحاً محتملاً لها، ولم يظهر له أي منافس، اللهم إلا بعض الأسماء التي تثير الرثاء. الفترة المتبقية على إجراء الانتخابات المقبلة تزيد قليلاً على ستة أشهر، ولن تمنح أحداً فرصة للوجود، اللهم إلا الأشخاص الذين يلعبون في نسبة الـ1٪ والـ2٪. والسؤال طالما كان ذلك كذلك، وكانت نتيجة الانتخابات المقبلة محسومة من اليوم، وكان غرض هؤلاء النواب التعبير عن تمسكهم بالرئيس، فلماذا يسيئون إليه بهذه الطريقة، وكأن نتيجة الانتخابات المقبلة غير مضمونة أو معلومة بالضرورة؟ على أصحاب هذه الدعوات أن يراجعوا حسّهم السياسي، فقد يدركون أنهم يسيئون من حيث أرادوا الإحسان، وأن مثلهم يصدق عليه ما قاله المصري: «أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجب».
كارثة مصرية مبتكرة
وآخر محطة لهذه القضية ستكون في «المصري اليوم» ومقال الدكتور محمد أبو الغار بعنوان «تعديل الدستور كارثة مصرية مبتكرة» وقوله فيه وهو شديد القلق مما يمكن أن يحدث إذا وقع التعديل: «زبانية النظام هم المستفيدون من هذا المهرجان، وهم الذين يزينون لأي رئيس إهدار الدستور ثم يطالبونه بأن يبقى طول عمره في منصبه، ليس حباً فيه، بل حباً في أنفسهم ومناصبهم، والآن هل هناك مصاعب أو مشاكل في تعديل الدستور من الناحية القانونية، أو الشعبية؟ ترزية القوانين لابد يتذكرون ما حدث أيام مبارك حين قام البرلمان بعمل تعديل فضائحي، كان أحد أسباب نهاية حكم مبارك، وهم بلا شك يجب أن يكونوا حذرين وبالتأكيد لا يمكن مقارنة مهارة وخبرة وذكاء فتحي سرور الأستاذ الجامعي المتمرس، والمحامي البارع، بقيادات البرلمان الحالية.
العالم اختلف تماماً في القرن الواحد والعشرين، صحيح أن ظروف الإرهاب في الشرق الأوسط أعطت للنظام المصري حرية حركة واسعة بتأييد أمريكي وأوروبي وخليجي وإسرائيلي، لكن هذه الأمور ليست ثابتة ثم هذا التأييد له ثمن غال جداً يتم دفعه الآن من حرية قرار مصر، وسوف تأتي لحظة لن يستطيع الرئيس فيها دفع الثمن فيتوقف التأييد، ومع الحجم الهائل من الدين الخارجي والداخلي سيكون الموقف مستحيلاً إلا بتماسك مصر ورضا شعبي كبير. التعديلات سوف تحدث شرخاً جديداً يحول شرخ تيران وصنافير إلى برزخ كبير بين الشعب من ناحية والرئيس ومجموعة صغيرة من ناحية أخرى».
برج السيسي
أما عمرو سليم الرسام في «المصري اليوم» فقال لنا إنه زار قريبا له من أعضاء مجلس النواب المؤيدين للتعديلات فوجده يكتب في ورقة: ونعدل كمان أغنية عمرو دياب اللي بيقول فيها أنه بيحب برج الحوت، خاصة أن السيسي من مواليد برج العقرب.
الدولة المصرية
وإلى الدولة المصرية التي قال عنها في «الشروق» الدكتور مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة في مقال عنوانه «التجربة المصرية في إضعاف الدولة»: «الدولة المصرية دولة قادرة، ولكنها تفتقد الفاعلية. أممت قناة السويس وأدارتها بكفاءة، ونفذت في بداية ستينيات القرن الماضي خطة للتصنيع حققت أهدافها، وشيدت السد العالي وشنت حرب أكتوبر/تشرين الأول، التي ألحقت في بدايتها هزيمة مهينة بالعدو الإسرائيلي وقاومت موجات الإرهاب في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وانتصرت عليها ودعت إلى توسيع قناة السويس وأتمت ذلك في عام واحد، ومع ذلك لم تنجح في بلوغ أهداف أخرى لا تقل أهمية، مثل محو الأمية الذي كان شعارا لأول حكومة منتخبة في مصر المستقلة، ولا في إصلاح الجهاز الحكومي، وهو ما شرعت فيه بعد ذلك بسنوات. وهي الآن تخفق إخفاقا صارخا في النهوض بالتعليم وبالمؤسسات الصحية، وطبعا في تأمين سفر عامة المواطنين برا في السكك الحديد، أو على الطرق. كما تحصل الجانب الأكبر من إيراداتها من خلال الضرائب غير المباشرة التي يدفعها محدودو الدخل من المواطنين، بينما تفرض أدنى معدلات الضريبة على الدخل في العالم في الضرائب المباشرة، التي هي مؤشر حقيقي على قوة الدولة. كما فشلت فشلا ذريعا في الحد من الاعتداء على الأراضي الزراعية. ما هو سر هذا التناقض بين القدرة والفاعلية بين امتلاك جيش يقال إنه واحد من أكبر عشرة جيوش في العالم، وجهاز شرطى يتجاوز في حجمه القوات المسلحة، وبيروقراطية تغطى بمكاتبها كل أرجاء الوطن، وكل الأنشطة الجارية فيه، وبين الفشل في إلزام المواطنين باتباع شروط البناء في المدن والريف، أو باحترام قواعد المرور التي يصل انتهاكها إلى حدود لا تعرفها أي دولة في العالم، متقدمة أو متخلفة، مثل ركن السيارات ساعات طويلة على الكباري للتمتع بنسمات النيل طوال الليل مصحوبا بتناول أقداح الشاي أو بعض السندويتشات ممن يكسبون قوتهم على أرصفة الكباري، وعلى مسمع ومشهد رجال الشرطة؟ ما هو سر التناقض بين القوة الصلدة التي تملكها الدولة المصرية وافتقادها للقوة الناعمة في مواجهة مواطنيها؟ وقد أعرب المواطنون المنتظمون في جمعيات ونقابات عن رفضهم للكثير من سياسات الدولة، ولا يجد أغلبية المواطنين سبيلا للتعبير عن مواقفهم. وفسر رئيس الدولة هذا الصمت من جانبهم في ما يتعلق بالسياسات الاقتصادية على أنه علامة على الرضا».
دولة الشلة
وإلى «الأهرام» ومقال الدكتور نصر محمد عارف بعنوان «من دولة الشلة إلى حكم القانون» أشار فيه إلى تحول الدولة ابتداء من عهد السادات إلى دولة الشلة حتى الآن ومما قاله: «مصر هي دولة الشلل ومن ليس له شلة لا مكان له تحت الشمس، مكانه في موضع بعيد لا مكان ولا مكانة فيه، ومن أراد أن ينجح ويحقق مصالحه المادية أو المعنوية فعليه بالشلة، ولكن شلة العصر الحالي لها تركيب آخر، فقد صار الإعلام جوهرها، فالشلة لا تستطيع الاستمرار بدون غطاء إعلامي، لابد من مكون إعلامي فيها، لذلك لجأ رجال أعمال عصر الانفتاح المشؤوم إلى إنشاء قنوات فضائية، وامتلاك صحف وتوظيف كتاب كبار ومثقفين ضمن هذه المؤسسات الإعلامية، التي تخدم الرأسمالية الفاسدة المتوحشة، وأصبح ذلك عرفاً وقانوناً يقبله الجميع ويسعون للالتحاق به وتقبله الدولة التي هي في ذاتها مكونة من منظومة معقدة من الشلل، لم تعد الشلة وصفاً سلبيا في مصر، بل هي حقيقة واقعة لا ينكرها أي باحث محايد يفهم كيف تعمل النظم السياسية، الشلة هي التي تحرك مصر وتحافظ على سيرورة النظام وتحفظ توازنه واستمراره، لذلك سيكون من العبث القضاء عليها أو إلغاؤها وإنما العمل على الانتقال من دولة الشلة إلى دولة حكم القانون وذلك يتم من خلال خطوات أساسية: أولاً: تحديث منظومة القوانين المصرية جميعها من قانون النظافة وعمال تنظيف الشوارع الذين تحولوا إلى شلة من المتسولين، إلى قانون تنظيم الجامعات التي تحول رؤساؤها إلى وضع مزر بعد أن جاءت الانتخابات برؤساء جامعات صغار لا يرقون إلى رئاسة أقسام علمية».
أمل الحرية
أما حمدي رزق فأشار في عموده اليومي في «المصري اليوم» (فصل الخطاب) إلى خبر جعله سعيدا هو: «كنت حسبتها أنهت أعمالها أو تجاوزتها الأحداث، أو أصيبت بالسكتة الدماغية حتى نبهني كريم السقا إلى أن لجنة العفو الرئاسي لاتزال نابضة بالحياة، وتسابق الزمن لإعداد القائمة الرابعة من قوائم العفو الرئاسي وتستقبل أسماء الشباب المسجونين، ممن لم يشاركوا في أعمال إرهابية أو ينتمون إلى جماعة الإخوان الإرهابية. حسناً فما أحوجنا إلى استمرارية عمل هذه اللجنة بعد أن أثبتت نجاحاً طيباً ومشكوراً في إعداد قوائم ثلاث، منحت الكثير من الشباب خلف قضبان السجون أملاً في الحرية وكانت سبباً في الإفراج عن دفعات من الشباب كان قد استبد بهم اليأس وقنطوا فعادوا إلى الحياة من كوة فتحتها اللجنة في حائط السجن. في هذا السياق لا يصح قول «كل تأخيرة وفيها خيرة» ورجاء أن يسارعوا في إنجاز القائمة الرابعة وسارعوا إلى الخيرات وعيد الأضحى يدق الأبواب وننتظر فرحة على العيد فرحة أسرة بعودة ابنها إلى أحضانها الفرحة تبقى فرحتين والعيد عيدين».
إشكاليات الإدارة الحكومية
أما زياد بهاء الدين فكتب مقاله في «الشروق» عن إشكاليات الإدارة الحكومية قائلا: «لم ألتق الدكتور إسماعيل سراج الدين طوال فترة رئاسته لمكتبة الإسكندرية إلا مرات قليلة غلب عليها الطابع الرسمي، وإن كنت تابعت نشاط المكتبة وتطورها منذ تأسيسها وحتى الآن. لذلك أدهشني ــ مثل كثيرين ــ صدور الحكم عليه أخيرا بالحبس ثلاث سنوات بتهمة إهدار المال العام في أثناء رئاسته للمكتبة. وبعيدا عن التعليق على حكم قضائي واجب الاحترام ولا يزال قابلا للطعن عليه، فإن ما استوقفني أكثر من الحكم ذاته هو رد فعل المجتمع الثقافي حياله، وحجم التأييد والمساندة اللذين عبر بهما أصدقاؤه وزملاؤه عن تضامنهم معه، بمن فيهم الرئيس الجديد للمكتبة. فهل سبب هذا الحماس مجرد الاقتناع ببراءة إسماعيل سراج الدين؟ أم أن وراء هذه الانتفاضة الثقافية اعتبارات أخرى؟ في تقديرى الشخصي أن وراء هذه الظاهرة ما يتجاوز مجرد المساندة والتقدير المهني، وهو الشعور السائد في المجتمع بأن هناك خللا جسيما في النظام القانوني الذي يحيط بعمل موظفي الدولة ويضعهم بشكل عشوائي تحت سيف الاتهام بالفساد وإهدار مال الدولة، بما يجعل العمل العام كله محفوفا بالمخاطر وطاردا لمن قد يرغبون يوما ما في التصدى له . وهذا الخلل لا يتعلق بالقضاء. فليست المحاكم هي السبب فيما آلت إليه حالة العدالة في مصر، لأن القضاء في نهاية الأمر لا يملك إلا أن يحكم بما تنص عليه القوانين وما يقدم إليه من تحقيقات. الخلل الذي أشير إليه يأتى من مصدرين مختلفين: المصدر الأول هو فوضى التشريعات التي نعيشها منذ عقود طويلة في مجال الإدارة الحكومية وحماية المال العام، التي تتضمن مساحات هائلة من الغموض والتناقض، وتحد من السلطة التقديرية الضرورية لممارسة أي عمل إداري، وتضع من القيود والعراقيل ما يجعل المسؤول الحكومي إما مضطرا للمخاطرة من أجل القيام بعمله، وإما مفضلا عدم اتخاذ أي قرار، وإما مدفوعا للتودد إلى من يتصور أنهم قادرون على حمايته وقت اللزوم. أما المصدر الثاني للخلل الراهن فهو تراجع السلطة التقديرية لدى جهات تلقي الشكاوى والتفتيش والتحقيق والاتهام، بحيث أصبحت كل مخالفة، ولو كانت غير ذات شأن أو لم يترتب عليها ضرر أو وقعت بحسن نية وبدون تحقيق مكاسب شخصية، قابلة للتحول إلى ملف واتهام ومحاكمة. القانون في كل بلدان العالم يعطي جهات التحقيق والاتهام سلطة أساسية هي سلطة حفظ التحقيق، حينما يتبين لها أن الجريمة ــ حتى ولو وقعت بالفعل ــ كانت قليلة الأثر، عديمة الأهمية، أو لم يترتب عليها ضرر للصالح العام. ولكن ممارسة هذه السلطة التقديرية تحتاج إلى ثقة وشجاعة لدى سلطات التحقيق والاتهام، كما تحتاج إلى وعي من جانب الإعلام والرأي العام بما يساعد على بلوغ القانون غايته الحقيقية، وهي منع الفساد وعقاب الفاسدين لا نشر الشلل والرعب في الدوائر الحكومية. الأهم مما سبق أنه لا هذه التشريعات المتناقضة والفضفاضة، ولا عزوف سلطات التحقيق والاتهام عن حفظ الملفات غير ذات الأهمية، قد ساهم في الحد من الفساد أو ردع الفاسدين أو تحسين أساليب الإدارة الحكومية. الواقع أن خلط الحابل بالنابل، وإغراق النظام القضائي في بحر الشكاوى والتحقيقات والاتهامات، بغض النظر عن جديتها وأهميتها، يساهم في إضعاف منظومة العدالة بأكملها ونجاح العتاة من المجرمين في التعامل معها حينما يتمكنون من فهم مسالكها وإيجاد الوسائل المبتكرة لترتيب وتستيف أوراقهم، بينما من يسقطون في شباكها هم أحيانا الأكثر سذاجة أو الأكثر استعدادا للمخاطرة من أجل تحقيق بعض النتائج المفيدة. قضية الدكتورإسماعيل سراج الدين ليست الأكبر ولا الأخطر فيما صدر من أحكام في السنوات الأخيرة، وهي على أي حال لم تنته. ولكن الأهم أنها تتيح لنا فرصة إعادة النظر فيما آلت إليه منظومة العدالة في مصر، وفي تحديث تشريعات الإدارة الحكومية، وتطوير المفاهيم السائدة لدى الجهات المعنية بتطبيقها، لأن هذا هو ما يساهم في محاربة الفساد وفي تحقيق الشفافية والنزاهة في العمل الحكومي».
الإضراب
أما أبرز ما نشر أمس الثلاثاء عن إضراب عمال شركة غزل المحلة الذي انتهى فكان لعلاء معتمد في «الجمهورية» في بابه «نبض الناس» وكان بعنوان «أزمة المحلة لم ينجح أحد» قال فيه مهاجما الجميع: «العمال الذين هانت عليهم شركتهم وبلدهم وغلبوا مصالحهم الشخصية على المصلحة العامة، وكان هناك أكثر من طريقة ليعرضوا مطالبهم – سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة – غير الإضراب وتعطيل الإنتاج، قيادات الشركة القابضة الذين فشلوا في التعامل مع الأزمة منذ بدايتها، وفقدوا بوصلة التواصل مع العمال وإقناعهم بحقوقهم وواجباتهم، وبما هو قانوني وما هو غير قانوني وزير قطاع الأعمال الذي يتحرك ببطء شديد في ملف تطوير وتحديث الشركات العامة وتحسين مستوى العاملين فيها، خاصة قطاع الغزل والنسيج الذي يعمل فيه آلاف العمال ويكتفي فقط بمتابعة إعداد القوائم المالية، بدلا من تطوير الآلات والمعدات التي أكل عليها الزمن وشرب. الأجهزة الرقابية التي تدرك مدى حساسية الأوضاع في مدينة المحلة ومصانعها، التي يعمل بها آلاف العمال الذين تسهل إثارتهم من جانب الجماعات الإرهابية واصحاب المصالح الخاصة، الذين يعملون ضد الدولة، وكان من المفترض أن تتحرك بسرعة للتنبيه إلى خطورة استمرار الأزمة. الحكومة مازالت عاجزة عن إصلاح ملف الأجور وفشلت في السيطرة على الأسعار وزادت من معاناة الطبقات الفقيرة وغير القادرة من أصحاب الدخول الثابتة، وحولتهم إلى قنابل موقوتة يسهل انفجارها في أي لحظة.
عمرو وكندة
أما بالنسبة لمشكلة الخبر الذي نشرته جريدة «الأخبار المسائي» التي تصدر عن مؤسسة أخبار اليوم بأنه تم القبض على الفنان عمرو يوسف وزوجته الفنانة السورية كندة علوش وبحيازتهما مخدرات، وثبت كذبه لأن عمرو في القاهرة وزوجته في الساحل الشمالي، فإن رئيس تحرير «الأخبار» الأسبق جلال دويدار غضب غضبا شديدا مما اعتبره سقطة مهنية، وطالب المؤسسة بمعاقبة المحرر وقال أمس في عموده «خواطر» بعنوان «عذر أقبح من ذنب»:
«هالني ما كتبه المحرر المسؤول عن الترويج للخبر الكاذب الخاص بالفنان عمرو يوسف وزوجته كندة علوش، دفاعا عن سقطته التي لا تغتفر، والتي يجب ألا تمر بدون عقاب رادع. جاء ذلك في مقال منشور في «الأخبار المسائي» وللأسف ـ وهو أمر يتحمل مسؤوليته المسؤول عن التحرير في هذه الجريدة التابعة لمؤسسة أخبار اليوم العريقة، ذكر هذا المحرر أن هذا الخبر الكارثة تلقاه عن طريق مكالمة قال إن صاحبها ادعى أنه ضابط شرطة وأن هذا الرقم مسجل على الموبايل الخاص به. إذا كان هذا صحيحا فإن المصيبة وللأسف أكبر حول هذا الأمر، يتبادر إلى ذهني كصحافي مخضرم التساؤل حول كيفية السماح بنشر مثل هذا الخبر الجريمة، دون التأكد من صحته من خلال مصادره في الشرطة. ما أقوله هو ألف باء ما تعلمناه في الصحافة خاصة العمل مخبرا في قسم الحوادث، الذي يعد أولى خطوات بناء مستقبل أي صحافي مهما علا شأنه. هذه حقيقة مررت بها وعشتها مع بداية أولي خطواتي في مسيرتي الصحافية التي بدأتها محررا في قسم الحوادث، مشاركتي وتغطيتي في العديد من الحوادث فتحت الباب أمامي للانتقال بعد ذلك إلى باقي اقسام «الأخبار» إلى أن شرفت برئاسة تحريرها. ليس جديدا أن اقول أن هذا السقوط المهني سوف يكلف الوسيلة الإعلامية التي تورطت في نشر هذا الخبر المزيف ثمنا باهظا، إنه يكشف عدم وجود برامج تدريبية وتربوية ومهنية للوافدين الجدد على بلاط صاحبة الجلالة، هذه المسؤولية وبشكل أساسي تتحملها الهيئة الوطنية للإعلام والصحافة، وكذلك المجلس الوطني للصحافة والإعلام، حيث يستوجب عليهما إعداد برامج تأهيلية للصحافيين».
وما كتبه جلال شجاعة وأمانة مهنية منه ومن الجريدة أيضا.
حسنين كروم
احترام الدستور و الشعب الذى استفتى عليه هو الذى ترسو بمصر بر الامان لا للعبث بالدستور