عمان ـ «القدس العربي» ـ من بسام البدارين: يلتقط وزير التربية والتعليم الأردني الجديد الدكتور عمر الرزاز اللحظة الاحتفالية بدخوله الوزارة وهو يقف عند استفسار زواره ومهنئيه عن الخلفية والدوافع لهذه المفاجأة الوزارية على حدود الإشارة، لأنه «سيحاول» تنفيذ رؤية أكثر استنارة في مجال الإصلاح التربوي.
معنى ذلك أن الرزاز نفسه والذي احتفى به الليبراليون، وعلى رأسهم وزير البلاط الأسبق مروان المعشر علنا، يعرف أن مهمته ستكون «صعبة للغاية» إن لم تكن مستحيلة، وعليه يحذر ضمنيا من حوله من ضرورة عدم الإغراق في الحديث عن «انقلاب تنويري».
تعيين الرزاز وهو مفكر اقتصادي يعتد به وبخلفية البنك الدولي، بقي في ظل القرار والدولة وزيرا للتربية والتعليم شكل عنصر الغموض الأهم في حسابات التعديل الوزاري المنجز ظهر أمس الأحد، الأمر الذي يظهر وجود «أجندة سياسية» مجهولة ببعد تربوي له علاقة بـ«تمدين المناهج» وراء التعديل المهم في فريق الرئيس هاني الملقي، وهو ما ستكشفه بكل الأحوال الأيام المقبلة.
وزير الخارجية الجديد والشاب أيمن الصفدي جلس في محطة المفاجأة الثانية عمليا بعدما ترجل المخضرم ناصر جودة، وسط حالة هوس في الوسطين السياسي والإعلامي تريد أن تجيب عن السؤال التالي: ما الذي قفز برجلين محسوبين على القصر الملكي مثل الصفدي والرزاز إلى عمق معادلة التربية والإدارة الدبلوماسية على نحو مفاجىء.
الإسراع في وتيرة تعديل المناهج وتنقيتها من مظاهر التشدد وتسويق المسألة دوليا من الأسباب المرجحة، كذلك وجود صلات بين هوية معظم الوزراء الجدد وآخر نشاط ملكي مهم واستثنائي دوليا، تمثل في الوقوف على محطة التواصل والاستشعار مع طاقم الإدارة الجمهورية في الإدارة الأمريكية وبمعنى آخر التفاهم مع جماعة الرئيس الجديد دونالد ترامب.
طبعا الوزير الصفدي لا يؤمن بالتوسع في الاستنتاجات وخلال اتصال «مجاملة» أولي مع «القدس العربي» قال انه يحتاج لعدة أيام للتعرف على زملائه في وزارة الخارجية قبل الانتقال إلى رؤية مختلفة في الأداء الدبلوماسي وعلى أساس الانفتاح والشفافية.
الاستثمار في وزير شاب من وزن الصفدي في ثاني أهم وزارة سيادية في الأردن طويل الأمد ومرسوم بشكل مرجح على أساس بوصلة المصالح السياسية مع إدارة ترامب التي تتهيأ للصدارة، خصوصا وأن سلفه ناصر جودة محسوب على مجموعة هيلاري كلينتون حسب انطباع الجميع.
المحطة الثالثة في التعديل الوزاري «محلية بامتياز» ولأغراض استرخاء رئيس الوزراء الملقي الذي تمكن عبر التعديل من ضرب «ديناصورين» وليس عصفورين بحجر واحد هما إضافة لجودة وزير الداخلية الصلب والمشاكس المغادر سلامه حماد.
هنا حصريا أسس الملقي مطبخا وزاريا مصغرا على المقياس السياسي المحلي لغرض «إدامة» استراتيجية التعاون مع البرلمان، تحقيقا لشرط ملكي معلن قال إن الحكومة ستبقى ما دامت حاصلة على ثقة البرلمان.
أركان المطبخ المستجد مرسومون بدقة على معيار»الخيار البرلماني»، فوزير الداخلية الجديد غالب الزعبي شخصية قانونية برلمانية بخلفية أمنية وبعد دستوري .والرجل الثاني في الحكومة المعدلة وزير شؤون الرئاسة الجديد الدكتور ممدوح العبادي أحد ابرز «الطهاة» عندما يتعلق الأمر بالبرلمان والنقابات والمؤسسات المدنية وتأسيس المسافة ضد التيار الإسلامي .
قبل انضمامه للحكومة بساعات كان العبادي يتحدث مع «القدس العربي» عن أولوية الاقتصاد وضرورة التوسع في مسار «الخدمات» لتنويع مصادر الدخل وكذلك عن الحيوية المطلوبة في السياسة الداخلية.
خلافا لذلك احتفظ الملقي بغالبية وزرائه القدامى، وأطاح بنوابه الثلاثة وعين البرلماني السابق حديثة الخريشا وزيرا للشباب، وألغى وزارة شؤون البرلمان ونقل وزيرها بشر الخصاونة للشؤون القانونية حتى ينفرد المستشار سابقا للملك الصفدي بمساحة الخارجية والإدارة الدبلوماسية .
الشارع استقبل التعديل الوزاري بفتور وبكثير من التساؤلات حول القفزة الكبيرة المباغتة للوزيرين الصفدي والرزاز، وردة فعل الإسلاميين كانت «غير مرحبة»، فالشيخ زكي بني إرشيد سارع للإعلان عن أن «مسارات الإنتاج السياسي معطوبة» والنائب صالح العرموطي تحدث عن تعديل وزاري «مخيب للآمال».
بسرعة ولإظهار التقشف المالي أمر الملقي بإغلاق دار ضيافة الحكومة لترشيد النفقات، وأصدر تعميما لجميع المؤسسات بأن تستعد لاستضافة القمة العربية، وتعديلاته أظهرت أنه لا يحتفظ ولا يخطط لأوراق جديدة اقتصاديا بعدما احتفظ عمليا بطاقمه الاقتصادي القديم .